الثورة المضادة الفعلية هي ترك الشارع محتجاً ثائرا معتصما بلا نهاية خصوصا في الفترة الانتقالية التي ينبغي أن تعبرها مصر بعد تغيير نظام سلطوي فاشستي اقصائي جلس على تلها أكثر من 30 عاما. كان من الصواب صدور قانون مؤقت لتجريم الاحتجاجات والمظاهرات التي تعطل العمل وتخلق حالة مستمرة من الفوضى، حتى نمر من عنق الزجاجة ونستطيع توفير الأمن والمعيشة الكريمة. لابد من الحسم والحزم، فالثورة المضادة هي تعطيل العمل ومنع الحكومة من أداء دورها لدرجة أن معظم وقت عصام شرف يستنزفه في الخروج للمتظاهرين الفئويين، ولم يبق له في قادم الأيام سوى أن يخرج لمحتجين على زوجاتهم ولراغبات في الطلاق أو الخلع إذا ما اعتصموا وهتفوا أمام مكتبه كما جرت العادة من آخرين.. "واحد اتنين، عصام شرف فين"؟! الثورة المضادة تعني قتل هيبة الدولة وترويع وتخويف الناس، وجعلهم يتمنون العودة لأيام مبارك ونجله وزوجته والعادلي وأحمد عز! الشدة والقوة في مواجهة الفوضويين ليسا عيباً ولا مدعاة لأن يهاجم البعض بسببه عصام شرف أو المجلس العسكري. بدون قانون رادع لهؤلاء الذين يتركون وظائفهم وأعمالهم للتظاهر وحرق المباني، فإن الثورة في خطر حقيقي. نطالب بما هو أشد. إعدام البلطجية الذين يروعون الشارع في ميدان عام ليكونوا عبرة للآخرين. توجيه انذارات حازمة بالفصل لهؤلاء المتظاهرين الذين يتركون أعمالهم ويعطلون الانتاج.. نحن نثق في عصام شرف ووطنيته، وعشمنا فيه أن يكون حازما حاسما قويا من أجل مصر، وليس متساهلا بأي حال. لا نريده أن يعتذر عن قانون نحن نحتاجه بالفعل لحماية الثورة البيضاء التي صارت نموذجا يضرب به المثل بين الأمم المتحضرة. نثق أيضا في المجلس العسكري ولكننا نطلب منه الحسم السريع للملفات الهامة التي يتسبب تأخيرها في دعم أعداء الثورة، ولعل الملف الأهم هو الخماسي حسني مبارك ونجله جمال وزوجته، وزكريا عزمي وصفوت الشريف. عندما يمثل هؤلاء أمام القضاء سترتاح النفوس وتقبل على دوران عجلة الانتاج، فهو خماسي متخم بالفساد السياسي قبل الاقتصادي، ولعلنا قرأنا أن بريطانيا سترفض تجميد أموال مبارك وأسرته و18 مسئولا بسبب تأخر مصر في تقديم طلبها، حتى بدا الأمر كأنها خضعت أخيرا لضغوط الرأي العام بدون أدلة دامغة. ملف الاعلام أيضا لا يجوز تأجيله. لا يوجد سبب واحد لذلك. كيف يمكن للرأي العام أن يرتاح ويطمئن وهو يسمع ويشاهد ويقرأ لنفس الوجوه التي كان يستخدمها النظام السابق لتشويه خصومه ومعارضيه.. كيف يمكنه أن يقتنع بأن الذي ظل يهاجم الثورة ويتهمها بأحط الأوصاف والاتهامات حتى لحظة تنحي حسني مبارك، هو الآن من يزعم أنه يدافع عنها ويحمل لواءها الإعلامي؟!.. لقد أعلن رئيس اتحاد الإذاعة والتلفزيون أن برنامج "مصر النهارده" سيتوقف بنهاية هذا الأسبوع. إنه قرار متأخر جدا لبرنامج استخدمه أنس الفقي بواسطة خيري رمضان وتامر بسيوني لتشويه شباب الثورة الذين كانوا معتصمين ومتظاهرين في ميدان التحرير، وليته يتبع بقرارات أخرى تريح العاملين في ذلك الجهاز الحكومي. الثورة يعني أن تتغير كل وجوه النظام السابق التي كانت تواليه وتنتفع منه. [email protected]