ها نحن في موسم اوكازيون سقوط الأنظمة الدكتاتورية المستبدة في العالم العربي والإسلامي شعاره واحد وواحد مجاني على غرار اوكازيونات السلع الغذائية خذ سلعة وسلعة مجاناً خذ قطعة وقطعة مجاناً آمل ذلك فبالأمس سقط شين الهاربين وولى هارباً ولم يعقب واليوم خُلع مبارك وسيتبعهم القذافي، وعلي صالح على الطريق إن شاء الله والبقية تأتي والمسألة مسألة وقت وأكاد أجزم أن بعض الحكام المستبدين في هذه الآونة أكثر ما يستعيرون على ألسنتهم اليوم دعاء المطر ويلهجون به في الليل والنهار، في الصباح والمساء، في النوم واليقظة ،في القيام والقعود، في البر والبحر، في كل ساعة ودقيقة يرددون ((اللهم حوالينا ولا علينا )) بات كل نظام مستبد يتحسس رأسه عملاً بالمثل المصري السائر ((اللي على راسه بطحه يحسس عليها)) وامتدت خشية الأنظمة على نفسها من امتداد الثورتين التونسية والمصرية ففي أوغندة والصين حجبت مواقع الإنترنت التي اشتملت على أي كلمة فيها اسم تونس أو مصر وصرح حكام روسيا ميدفيدف وبوتن وغيرهما من خشيتهم اندلاع ثورات تؤدي إلى تفكيك روسيا في القوقاز وغيرها ولكن الحقيقة ماضية والشمس ساطعة لا يستطيع أن يحجبها أحد بكفه لذا رأينا بعضهم في منطقتنا يسارع إلى رشوة مقنعة لشعبه بصرف مرتبات ومكافآت والإعلان عن وظائف شاغرات وطرح روية لإصلاحات خشية هجوم قطار الثورات و بالأمس القريب كان أحدهم يخاطب شعبه من أين آتي لكم بمال؟ إمكاناتنا محدودة ،مواردنا ضعيفة،الإنتاج لايفي، والنفقات باهظة ،العجز في الميزانية كبير 0000الخ الخ وكأنه يعطيهم من ماله ومن مال أبيه وفي الوقت نفسه تكشف المصادر الثروة الهائلة التي هربها لحسابه من دم وقوت الناس فأين كانت هذه المكافآت والوظائف والإصلاحات من ذي قبل ؟ فهل آن للحكام أن يستمعوا لشعوبهم ويلبوا مطالبها ؟مشكلة الحكام في عالمنا أنهم لايستمعون وإذا سمعوا لايفهمون وإذا فهموا لا يعقلون ،لقد فاجأت الثورات في العالم العربي الغرب وأفريقيا وأرعب الأنظمة المستبدة السقوط المريع لأكبر نظامين مستبدين في المنطقة العربية في مصر وتونس مشكلة الحكام في منطقتنا العربية والإسلامية أنهم إذا جلسوا على كراسي الحكم لمدة طويلة اعتقدوا أنهم باقون للأبد وذكّرني هذا بلافتة في أيام انتخاب الأسد مكتوب عليها ((الأسد للأبد)) وهكذا فلا يفرْق بينهم وبين كرسي الحكم إلا اغتيال أو انقلاب أو موت سريري تُفقد معه الحواس والأعضاء أو توريث لأحد الأبناء وربما يحكم أحدهم وهو مقعد على كرسي متحرك ويظل نصف قرن أو أكثر حتى يصاب بالزهايمر ولا يدري يمينه من يساره ولا يفرّق بين الشحم والورم ومع ذلك يتشبث بالحكم على حد قول الشاعر القديم : لنا الصدر دون العالمين أو القبر ما سمعنا أن حاكماً عربياً تنازل في يوم من الأيام عن سدة الحكم وتخلى عن الكرسي بمحض إرادته وقال كفاني ما حكمت وما تكررهذا في علمي القاصر إلا مرتين في التاريخ الأولى : في أيام معاوية رضي الله عنه فقد تنازل له الحسن بن على رضي الله عنه مؤثراً حقن الدماء وسلامة أرواح المؤمنين وأين هؤلاء الحكام من الحسن ومعاوية رضي الله عنهما؟ والثانية: عندما وفىّ الفريق سوار الذهب بوعده في السودان للشعب السوداني بتسليم السلطة لحكومة مدنية تحكم البلاد ونعم ما فعل في نموذج فريد أذهل الغرب قبل العرب والمسلمين وتساءل الناس معقول أن يترك حاكم عربي الحكم والسلطة بهذه السهولة واليسر!!!! ولايزال الفريق سوار الذهب يحظى باحترام الجميع في داخل عالمنا الإسلامي وخارجه لموقفه الشجاع والنبيل لم يتشبث بكرسي الرئاسة كما يفعل القذافي اليوم الذي حول ليبيا جمراً كما أراد فقصف أهلها ومساجدها وشوارعها (( دار دار وبيت بيت وزنقة زنقة وفرد فرد )) على حد قوله فهو على استعداد أن يبقي زعيماً وقائداً ورئيساً وملكاً بل ملك ملوك كما يحلو له أن يُلقّب على استعداد أن يحكم هذا المعتوه ليبيا بعد أن يحولها إلى أطلال وقبور وأشباح ينعق فيها البوم وكمنحن بحاجة إلى عيادات فحص نفسي وعقلي وعمل كونسولتو لفحص عقلية ونفسية الحكام في منطقتنا لقد أدرك الغرب والمؤسسات المعنية والقائمة على اختيار الرؤساء عندهم أنه لابد من الكشف الدوري على قوى الرئيس العقلية والنفسية كل فترة للتأكد من سلامتها لأنهم يدركون الحاجة الماسة والحرص الشديد على قدرة الرئيس العقلية والنفسية على اتخاذ القرارات حتى تخرج من رأسه متزنة وسليمة ولأنهم يدركون ما يترتب على هذه القرارات من مفاسد قد تضر بمصلحة الشعب أو تكون في صالحه مشكلة الحكام في منطقتنا أنهم يكذبون على شعوبهم ، ويعاهدون ولا يوفون، ويقولون مالا يفعلون ،ويفعلون مالا يؤمرون،قدموا مصالحهم الخاصة على مصالح شعوبهم، شربوا صفو الماء وتركون الكدر لشعوبهم على حد قول الشاعر العربي: ونشرب إن وردنا الماء صفواً ويشرب غيرنا كدراً وطيناً تصرفوا في شعوبهم على غرار تصرف السيد بمملوكه، وبمنطق أنا والطوفان بعدي، فقد أذاقوا شعوبهم وجرّعوهم مرارة الذل، وجعلوهم يسبحون بهم ويشيدون ويمدحون ،عوّدوهم على الاستعباد لغير الله كما قال الشاعر : إذا بلغ الرضيع لنا فطاماً تخر له الجبابر ساجدينا استأثروا بالمال ، وعاشوا حياة الترف والبذخ والدعة ،احتقروا شعوبهم،في منطقتنا العربية والإسلامية ثمة دول لاينقص شعوبها الخبز والحاجات الضرورية في الأعم الأغلب لكن ينقصها أن تتنفس الحرية وتتوق إلى الحرية حيث تشعر أنها مكبلة لاتعبرعما في صدرها ولا يقدر أحدهم على فتح فمه إلا عند طبيب الأسنان كما يقال ولا يسمح فيها بانتقاد أمير أو وزير تجاوز الحدود وأخطأ ومن فعل ذلك فلا يأمن الزج به وراء القضبان ولا أعني بالحرية ما شاع في بلاد الغرب من تفلت من زمام القيم والأخلاق وتخطي حدود الشريعة بل أعني بالحرية أن يشعر المواطن بمساهمة في قطار الإصلاح بكشف الفساد والمفسدين ولو كانوا في أعلى المناصب وفضح شأنهم وانتقادهم دون خوف من جلاد أو مداهمة زائر الفجر فهل يأتي اليوم الذي يشعر فيه المواطن بهذا آمل أن يكون قريباً