أعطني إعلاما بلا ضمير أعطك شعبا بلا وعي.. كلمة مأثورة قالها صاحب آلة الدعاية النازية ،والذي صور أدولف هتلر للألمانيين على أنه المنقذ لهم ولألمانيا. إنه جوزيف جوبلز (وزير الدعاية النازي) ورفيق أدولف هتلر حتى الدقائق الأخيرة من حياته . ويعتبر إحدى الأساطير في مجال الحرب النفسية، وهو أحد أبرز من وظفوا واستثمروا وسائل الإعلام في هذه الحرب، وهو صاحب شعار شهير يقول: «اكذب حتى يصدقك الناس» غير أنه كان صاحب الكذب الممنهج والمبرمج يعتمد الترويج لمنهج النازية وتطلعاتها، ويهدف لتحطيم خصومها. ومن المدهش أنه استطاع بدعايته السوداء،وكذبه الممنهج أن يصنع من النكرة رمزا،ومن التافه قدوة وزعيما،ومن الطاغوت القاتل الفاشي نجما،بل شبيها بالأنبياء! ولقد صار لجوبلز تلامذة تفوقوا عليه في الكذب والتضليل. فمقولاته هذه أصبحت مبدأً تعمل بموجبه وسائل الإعلام العربية عامة والمصرية خاصة المعادية للثورة المصرية بعامة وللفكرة الإسلامية بخاصة . وفي مقدمتها بعض وسائل الإعلام الممولة من بعض الطائفيين،ورجال أعمال نظام مبارك،وأعداء المشروع الإسلامي، والتي تفوقت على إعلام جوبلز في حملتها المتواصلة بنشر الأكاذيب والاتهامات الباطلة ضد الشرفاء والوطنيين، لا لشيء إلا حقدا وكراهية على هذا الوطن الذي قاسى مرارة الظلم والطغيان سنين عددا،فكيف يأتي اليوم الذي يكون فيه من حق جميع أبناء الشعب المصري المشاركة في الحكم، بحسب ما تفرزه صناديق الاقتراع. وهذا النظام يرفضه أعداء الديمقراطية، وبالأخص الذين أدمنوا حكم الاستبداد واحتكار السلطة والنفوذ لعشرات السنين. وفي خضم هذا القصف الإعلامي الهائل على عقول ووعي الشعب المصري،إذا هم يزيفون وعي البسطاء ،بل يسرقون عقولهم،ويلعبون بمشاعرهم،ويعبثون بأحلامهم،فيكذبون ويلحون في كذبهم،حتى يصنعوا للشعب مخلصا ومنقذا كرتونيا،فيخدرون الشعب عن الحقائق،ويعدوهم بمستقبل وردي. فيسلطون الضوء على ذلك الفرعون الجديد وينسبون له كل فضيلة،مع أنه لايعرف عن الفضائل شيئا. وينسبون للأحرار الأطهار كل نقيصة،وهذا مذهب فرعوني مصري قديم،فتأمل كيف قلب فرعون الحقيقة،وصور للمصريين موسى ومن معه بالإرهاب المحتمل،بل صدر إلى عقولهم أن موسى خطر على دينهم ومعتقداتهم:" وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ". والمدهش أن المصريين صدقوه،بل وأطاعوه،وساروا معه في محاربة المؤمنين والتشنيع عليهم فاستحقوا حكم الله فيهم:" فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ ". وإمعانا في سرقة وتزييف وعي الجماهير يستخدم إعلام فرعون وجوبلز إناسا يتدثرون بدثار العلماء والحكماء،فقام عرابو الاستبداد بالطعن في دين المؤمنين،واتهامهم بأحط النقائص،بل والتحريض على دمائهم وأعراضهم وأموالهم،بل لم يستح هؤلاء العرابون من خلع ألقاب القداسة على هؤلاء الطواغيت،حتى وصفوهم بالأنبياء والأولياء،وأن الملائكة تدافع عنهم ومعهم. بل وصل الأمر بإعلام جوبلز وعرابيه أن طالبوا بطرد الأحرار من أوطانهم،متخذين من قوم لوط قدوة لهم في حربهم للفضيلة والطهارة:" أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِّن قَرْيَتِكُمْ إنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ" فالطهارة عدوتهم والشرف ألد أعدائهم . ومع كل هذا الكذب الصراح والتلفيق والتشويه ،إلا أن الحق في نهاية الأمر هو المنتصر،وسل التاريخ أين كانت نهاية فرعون؟ فلا تيأسوا أيها الأحرار فسنة الله ماضية:" فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْض ..".