تتوالى عمليات سقوط وتفكيك قطع الميكانو فى هرم النظام الفاسد ، ومع كل سقوط نسمع كلمة ( أوامر عليا ) من الواضح ان كل رموز الفساد سيستخدمونها للحصول على ( صك البراءة ) عن ممارساتهم الدنيئة ، فالصحف ووكالات الانباء المختلفة تحدثت عن اتهام مبارك لزوجته وابنه جمال بأنهم هم من ورطوه ومسحوا تاريخه العسكرى ، وهذا كذب بين لأن من ورطه هو عقليته الاستبدادية ، وطمعه وجشعه ، وعمالته وخيانته لمصر عندما استند فى شرعية وجوده فى السلطة على رضا الكيان الصهيونى ورضا الامريكان حتى آخر لحظة من لحظات وجوده فى السلطة ، لم يستمع يوما لصرخات شعبه ، ولم يلتفت لمعاناته ، ولم ترعيناه يوما ما فعله فى شعوب الامة كلها نتيجة انحيازه اللامحدود للكيان الصهيونى ( الذى كان أمنه وتعزيز وجوده فى المنطقة شغله الشاغل ) لم يكن لمبارك ضمير حى يحاسبه على ما أرتكبه بحق ملايين من شعبه يتضورون جوعا ولا يجدون قوت يومهم بينما يتنعم هو واسرته فى ثراء فج وفاحش ويعيش عيشة الملوك والسلاطين ، لم يراجع نفسه وضميره يوما وهو يرى العراق يتم تدميره بالكامل على يد الغزاة ويموت الملايين على أرضه ، لم يسمح له غروره وغطرسته برؤية معاناة الشعب الفلسطينى المحاصر والمشرد خارج أوطانه بسبب تخليه عن اهم قضية تهدد امن مصر كلها والمنطقة ، كان مبارك دوما يتلقى ( الاوامر العليا ) من الكنيست والبيت الابيض ، وكان يظن بتنفيذه تلك الاوامر سينال الرضا السامى ويتم تنصيب ابنه حاكما لمصر ، واذا به يتخلى عنه الجميع ( بإعترافه لبن اليعازر ) ، ورفضه الرد على مكالمة اوباما دليل دامغ على اصابته بخيبة الامل فى اوباما الذى تركه نهشا للثوار...وللأسف مبارك صور له خياله المريض ان بإستطاعة أوباما أو من هو أعلى من أوباما نجدته وتحدى إرادة شعب خرج زاحفا بالملايين ..!! تصور سخيف يهيمن على عقلية كل حاكم ظالم ومستبد . السيد حبيب العادلى الذى يخضع للاقامة الجبرية والتحقيقات لا يختلف عن رئيسه فى ممارساته وعقليته المستبدة وجد نفسه سيكون ( كبش فداء ) على حد تعبيره ، فأعترف بان ممارساته فى معظمها كانت ( بأوامر عليا ) من مبارك ، وانه يجب سؤال مبارك أولا عن الجرائم التى نسبت للعادلى ، كما اعترف بوجود ما أسماها ( غرفة جهنم السرية فى مقر الحزب الوطنى الديمقراطى الرئيسى بميدان التحرير) التى كانت مخصصة لرصد جرائم المسئولين وكبار رجال الدولة وأفراد البعثات الدبلوماسية لإستغلالها وقت اللزوم ، مشبرا الى تورط جمال مبارك وصفوت الشريف فى الإشراف على الغرفة ( وهذا له دلالة واضحة على الاطراف التى كان لها مصلحة فى حرق مقر الحزب الوطنى بميدان التحرير واتهام الثوار بتلك الجريمة ) ودليل على أن هؤلاء الذين كانوا يرفعون شعار الوطنية والديمقراطية وشعار ( من أجل أولادك ) و( الانحياز لمحدودى الدخل ) كلها مجرد شعارات خادعة وكاذبة ، فلم يكن لدى هؤلاء الوقت لتنفيذ تلك الشعارات ، لان وقتهم كانوا يستثمرونه فى رقابة بعضهم البعض ، وكتابة التقارير القذرة ، وفضح كل من يحاول الخروج من تحت عباءتهم ، أو تجهيز ملفات فضائحية تكون جاهزة للخروج فى أى وقت سواء من أجل الإبتزاز أو تطويع الكل لرغباتهم .. للاسف كانت البلاد تدار من قبل عصابة ، واعتراف العادلى بأنه كان عضوا من أعضاء الحكومة ( أقصد العصابة ) وليس كل شىء بها وانه لم يكن الآمر الناهى الوحيد فى وزارة الداخلية ، بل كان ينفذ فى أغلب الأحيان تعليمات عليا كانت تأتيه عبر الهاتف من قيادات بارزة فى الحزب الحاكم ..إعتراف لن يعفيه من المسئولية ، ولن يمنحه صك الغفران ، لأنه أرتضى لنفسه ان يكون (عبدا للأوامر العليا ) وشريكا لعصابة دمرت البلاد والعباد ، وكاذب ومخادع لأن تصريحاته وتحركاته كانت ( ستر وغطاء ) على أفراد تلك العصابة ، بينما من المفترض ان يكون حامى حمى الشعب والبلاد من هؤلاء اللصوص ، وتلك مهمة لا يستطيع القيام بها الا الشرفاء من أبناء مصر . أوامر عليا .. ستسمعها كثيرا أيها الشعب المسكين ، يا من تحملت مالا تطيق تحمله الجبال .. وصبرت صبرا فاق صبر الجمال .. اوامر عليا ..حكمك بها وتحكم بك رئيس جعل منها سيفا مسلطا على رقاب المصريين ، وحرمتك تلك الاوامر من أموالك ، وأرضك ، ثم لم يكتف بذلك بل سلط عليك من ينتزع منك كرامتك وعرضك .. أوامر عليا بقتلك يا شعب مصر ، ويا أحرارها ، كانت بمثابة طلقة الرصاص التى اخترقت أجساد الشهداء ، أوامر عليا غيبت الضمير الانسانى وقتلت النخوة والرجولة فى نفوس هؤلاء المجرمون ، أوامر عليا .. أباحت واستباحت كل شىء . عبيد الاوامر العليا الآن يدفعون ثمن تنفيذهم لتلك الأوامر ، ويدفعون ثمن بيع ضميرهم ( هذا ان كان لديهم ضمير ) ولكن هناك من أصحاب الضمائر الذين لم يلتفتوا لأى أوامر عليا ، الا أوامر خالقهم ، وأوامر ضمائرهم اليقظة ، وخوفهم على بلادهم وانحيازهم لشعوب تلك الامة ، وسيكتب أسماء هؤلاء الأحرار الشرفاء فى صفحات التاريخ ولوحات الشرف بحروف من نور .. فتحية لهم جميعا ..هؤلاء الذين كشفوا فساد تلك العصابات ، وتحية لمن كشف للمصريين صفقات المبيدات المسرطنة الصهيونية ، وتحية لمن وقف فى وجه مبارك يوما صارخا ( انت صهيونى بالمعنى الحرفى للصهيونية ) و ( عار على ان تكون رئيسى ) ، وتحية لمن تصدى لمشروع التوريث ، تحية خالصة لمن كشف اكبر عمليات الفساد التى قامت بها حكومات مبارك ، تحية لكل الشرفاء أى ان كانت انتماءاتهم الذين لم يلتفتوا للأوامر العليا ورفضوا ان يكونوا عبيدا لعصابات مصر .. وأجمل وأرق تحية لكل شعب مصر الذى رفض العبودية .. حقا اننى أفتخر بكم وبعروبتى .. لقد توجتم رؤوسنا جميعا من المحيط الى الخليج . وفاء اسماعيل