لا أعلم ما هي العلاقة تحديدا بين سياسة التطهير التي يجب أن تتبع بعد قيام ثورة 25 يناير لإجتثاث الخبيث من الأرض المصرية ، وبين نغمة الإنتقام والتشفي اللي بدأ أذناب الحزب الوطني الساقط ترديدها والترويج لها الأيام الأخيرة من خلال إعلامهم الذي لا يستحي كأمثال سيد علي وهناء السمري !! البعض منهم يحاول الآن أن يعزف علي وتر العاطفة والدين الذي يمثل حجر الأساس في الشخصية المصرية لأجل الإفلات بجرائمه التي لا تغتفر ، تماما كخطاب مبارك الثاني ، والذي حاول فيه التلاعب بمشاعر المصريين وإحداث إنقسام فيما بينهم .. فبدأت نغمات من نوعية أن التشفي و الإنتقام ليس من الدين في شيئ وأن المصري لا يعرف تلك الطريقة في التعامل مع خصومه ، وكأن العملية لا تعدو أن تكون مجرد ثأر شخصي لا هي ثورة شعب وهبة أبطال لإعادة ما كان يجب أن يسود منذ خمسة عقود أو أكثر .. و ظني أن محاولة مطاردة الفاسدين وتقديمهم للمحاكمة إن هي فسرت بالتشفي فأهلا به وسهلا وما أحلاه ، خاصة أن هؤلاء الفاسدون لم يرق قلبهم يوما وهم ينهبون ثروة شعب ومقدرات أمة بل ويحطمون أجيال وشباب دون أدني شفقة أو رحمه ، فلماذا يطالب البعض الآن بتلك الرحمة ..؟؟ لست من قساة القلوب ، ولكن الجزاء من جنس العمل ، والرحمه قد يستحقها من عرفها يوما أو عمل بها ذات ليلة ، وهو ما لا ينطبق علي طغاة مصرالمطلوب لهم المحاكمة الرادعه .. بل أنني أطالب المجلس العسكري بألا ينتظر تقديم هؤلاء للمحاكمة لأن كل شيئ سيكون علي الأوراق قانوني تماما ، وسيخرج كل منهم ( صاغ سليم ) ، فهم لصوص مهرة ويسرقون بالقانون ، لذا أطالبهم بأن يفعلوا مثلما فعل عبد الناصر يوما بتأميم ثروات هؤلاء لصالح شباب مصر ، هذا هو ما يتناسب مع أفعالهم القميئة ، أما ما دون ذلك فهو مجرد لغو أو هي فرصة لإفلات اللصوص والناهبين لثروات البلد ، سيما أنه من الواضح أن كل ما يدور حاليا من تحقيقات ينحصر أغلبه فيما حدث خلال أيام الثورة فقط من تآمر فج علي الثوار ومحاولة تقويض ثورتهم وإخمادها بوسائل خبيثة وغير إنسانية .. كما ان المطلوب ألا تقف المحاكمة عند حدود عدد محدود من الوزراء ولواءات الشرطة فقط كما يدور حاليا ، بل يجب أن يحتوي كشف الحساب علي كل وزراء النظام السابق ، فلا أتصور مثلا أن يخرج وزير مثل سامح فهمي وأخيه هادي فهمي كالشعرة من العجين بعد كل الفساد والتخريب الذي أحدثاه في وزراة البترول وتحويلها لعزبة خاصة يرتعا فيها كما عن لهما .. لا يعقل أن وزير مثل مفيد شهاب قد يخرج بلا حساب ، أو أن فتحي سرور قد يحال إلي الإستيداع دون مساءلة بعد كل ما أحدثاه من خراب وخرق للقانون دمر الحياة السياسية في مصر. ولا يجب أن يقف الأمر عند حدود هؤلاء ، فكل وزير أو مسؤول وصم بعار الوزارة في عهد مبارك يجب أن يحاكم ، سواء سابق أو حالي ، كل إعلامي باع ضميره المهني يجب أن يحاكم سواء سابق أو حالي ، كل محافظ سابق أو حالي يجب أن يحاكم ، كل موظف عام كبير أو وكيل وزراة أو رئيس شركة أو رئيس جامعة مصرية أو مدير أمن أو عضو مجلس شعب أو شوري وطني سابق أو حالي خلال فترة العشرين عام الأخيرة يجب أن يقدم للمحاكمة فورا ، لتطهير البلاد من رجسهم .. هكذا يكون العمل الجاد .. والعبد لله علي علم تام بأن مجلس القيادة العسكري لم يأت لتصفية حسابات بل لقيادة مرحلة إنتقالية فقط ، خاصة أن الثورة في الأساس لم تكن إنقلاب عسكري كسابقتها عام 52 ، لذلك أطالب شباب ثورة 25 يناير بإعداد كشوف بأسماء كل المسؤولين ، خلال السنوات العشرون الماضية ، وتقديمها للحكومة القادمة للنظر في أمر هؤلاء الفاسدين ، فما المانع أن يحدث ذلك ..؟ [email protected]