سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
عبد المنعم سعيد يبرر حجج المنهزمين عن الجدار الفولاذي، وحسين عبد الرازق يسقط في نفس المعركة، وهويدي يرى أن القوم يستخفون بعقولنا، بينما يرى جلال أمين أن الأمور ليست على ما يرام، ومايكل منير يؤكد تنسيقه الكامل مع الكنيسة
في جولة الصحافة المصرية ليوم السبت، جاء مقال د. عبد المنعم سعيد، رئيس مجلس إدارة الأهرام، بعنوان "الدفاع عن مصر.. تلك هي القضية"، يتناول فيه كارثة الجدار الفولاذي الذي تنفذه مصر بتعليمات أمريكا وإسرائيل، يقول عبد المنعم سعيد: هذه القضية لا ينبغي، الاختلاف عليها، ولا الهجوم عليها والتهكم بشأنها، كما جري خلال الأيام الماضية في صحف وإذاعات ومحطات تليفزيونية وبطريقة يغلب عليها التلاعب بالألفاظ، وإجراء ما لا يجوز من المقارنات، وتحويل مسألة غزة والحدود معها إلي واحدة من المسائل الخلافية التي يجوز فيها الغمز واللمز، والتعريض بالإخلاص الوطني للقيادة المصرية. ومثل ذلك كان معتادا من قبل أن يأتي من خلال' التيار الإسلامي' الأصولي، لأسباب سوف نعرض لها توا، ولكن الجديد هذه المرة أن جماعات شتي من الليبراليين والناصريين واليسار المصري بدأت تستدرج لهوة سحيقة تعرض الأمن القومي المصري لتهديدات بالغة. لدي تيار الإسلام الأصولي بأنواعه المختلفة في العنف والراديكالية مشكلة رئيسية فيما يتعلق بفكرة الدولة وحدودها، فمادام كان الدين الإسلامي عابرا للحدود فإن السياسة والعلاقات الدولية والسياسات الخارجية لا بد وأن تسير وراءه، فتصبح حدود الدول وسيادتها مجرد خطوط علي الأرض لا يمنحها الإسلاميون أي قداسة ولا تعني لهم شيئا. وفقا لهذا المنطق تصرفت حركات' إسلامية' كثيرة في دول شتي. فعندما بدا لجماعة الإخوان المسلمين في السودان أن الجنوب يمكنه أن يقف ضد مشروعهم' الإسلامي' تحمس الإسلاميون في السودان للانفصال، ظنا منهم أنه يتيح لهم تأسيس الدولة الإسلامية الخالصة، فزاد حماس الإسلاميين السودانيين لانفصال الجنوب عن حماس الجنوبيين له، حتى بات السودان لا يبعد أكثر من اثني عشر شهرا عن استفتاء يمنح الجنوب استقلالا يصعب توقع آثاره علي السودان والبلاد المحيطة به. ويستطرد عبد المنعم سعيد قائلاً: هذا المنطق ذائع بشدة داخل التيار السياسي الإسلامي، فطالما كنا أمة إسلامية واحدة، فإن هناك حقا طبيعيا للراديكاليين منا خاصة أن يتحركوا بين الحدود بالطريقة التي يرونها. وعندما يتم تطبيق ذلك المنهج علي قضية الحدود المصرية مع غزة فإن الأمر يبدو مفهوما، حيث يصير من حق جماعة حماس أن تخترق الحدود المصرية كما تشاء، ومهما تكن النتائج، وسواء أرادت مصر شعبا أو حكومة ذلك أم لم ترده. المدهش هنا أن هذا المنطق لم يعد حكرا علي' الإسلاميين' وحدهم، حيث انسحقت أمامه جماعات سياسية أخري بدأت تردد مثل الببغاء القضية كما صورتها جماعات إسلامية تروج لحماس، وكأنها تسعي لتحرير فلسطين والمسجد الأقصى بهدف إعطاء المسألة كلها حرارة وقداسة دينية، وحتى تفعل ذلك فإن عليها تهريب السلاح وأدوات العنف والصمود الاقتصادي من مصر عبر الأنفاق، وما علي القاهرة إلا أن تغض البصر عن الموضوع كله وتنظر إلي الناحية الأخرى. ويضيف سعيد: مثل ذلك لا تستطيع دولة محترمة في العالم أن تقبله أو تتسامح معه، ليس فقط لأنه يضر بمصالحها الاقتصادية ضررا بالغا تهديدا للسياحة و تجريفا لسيناء كلها من السلع والبضائع، ولكن لأنه أيضا يضر بمصالحها الأمنية عندما تتكون شبكات للتهريب، ومناطق للتخزين والتطوير، ومعها تدريب وتصدير إرهابيين يقومون بعمليات إرهابية كما حدث في طابا وشرم الشيخ ودهب، ويبنون شبكات إرهابية يعدها حزب الله لكي تكون رصيدا استراتيجيا للحزب، ومعه إيران، يتم استخدامها وقت الحاجة. كيف يمكن لجماعات فكرية وسياسية وإعلامية مصرية أن تنسحق هذا الانسحاق الفكري تحت اسم القضية الفلسطينية، التي لا يوجد بشأنها لا تفاوض ولا مقاومة وإنما تنازع واختلاف ورفض للمصالحة والاتفاق، ولا تجد غضاضة في تسليم حدود مصر لمن يعرضها للخطر البالغ؟. (لم ينته المقال الانهزامي التبريري الذي يدافع فيه عبد المنعم سعيد عن حظه من الغنائم والذي يتجاوز مليون وربع مليون جنيه شهريًا، فهو يلوذ بجملة من القواعد الميكيافيلية السيئة في السياسة لكي تحكم رابطة الأخوة والدين بين الأشقاء، وكلامه لا يقنع طفلاً صغيرًا، فلم يقل أحد، لا حماس ولا غيرها، بأنه لا بد من اختراق سيادة مصر على أرضها، ولكن أن تقف مصر ضد أخوة محاصرين ترتكب ضدهم كل أنواع الجرائم، ويتم تحريضها على هذا الدور من أعداء المصريين والعرب والإنسانية، ثم تنفذ راغمة وهي مساقة إلى حتفها ومنعدمة الإرادة ... هذا هو الذي لا نرضاه لمصر ودورها الذي قزمته أنت وأولياء أمرك يا دكتور عبد المنعم، لكننا نذكرك أن ساسة مصر المنهزمين، والذين شاخوا في مواقعهم، لن يقودوا مصر إلا إلى المزيد من الضعف والهوان بهذه السياسات التي تبرر أنت لها، ومحاولاتهم أن يصنعوا منك "هيكل" جديد لهم لن تفلح، لأنهم ليسوا عبد الناصر ولا يملكون روحه ومشروعه ورؤيته، ولا أنت بإمكانات وثقافة هيكل). ويستمر سقوط الكتاب في كارثة الجدار الفولاذي، فيكتب الكاتب اليساري البارز حسين عبد الرازق مقالاً في "الوفد" تحت عنوان "أنفاق غزة.. والأمن المصري"، لا يملك الإنسان إلا أن يضرب كفًا بكف بعد قراءته، فهذا الكاتب والمثقف الكبير الذي يعد رمزًا يساريًا ورئيس تحرير لغالبية الإصدارات الشيوعية أو اليسارية، كان دوره في المقال أن يعد تقريرًا ليس فيه أي جانب تحليلي، ولكنه أتى فقط بحجج وبراهين الأمن والخارجية المصرية، ولا لأكثر من ذلك، وبعد هذا التجميع أنهى مقاله، بما يعني أنه موافق على هذه الحجج ومقتنع بها، وهذه كارثة توضح لنا مدى التطابق والتماهي الذي أصبح موجودًا بين سياسات وأفكار حكومة الحزب الوطني وبين أفكار التيار الشيوعي السابق. يقول حسين عبد الرازق في مقاله: في البداية نفي مصدر أمني مصري "المزاعم الإسرائيلية بإنشاء جدار فولاذي علي طول الحدود المصرية مع قطاع غزة"، وعندما سئل أحمد أبو الغيط حول هذا الجدار، أجاب إجابة غامضة قائلا: إن الإجراءات التي تقوم بها مصر علي حدودها مهما كان شكلها تتم داخل الأراضي المصرية وهي حق للدولة، وأي تحركات أو تصرفات لمصر داخل أراضيها هي حق أصيل لها، وأن مصر لديها مسئولية كاملة لتأمين أمنها القومي وتأمين شعبها، وعاد بعد أيام ليقول بنفس الغموض "مسألة الجدار أو معدات الجس أو وسائل تنصت كلها أمور تتردد، ولكن المهم أن الأرض المصرية يجب أن تكون مصانة، ويجب ألا يسمح أي مصري بأن تنتهك أرضه بهذا الشكل أو ذاك"، واتخذ حسام زكي المتحدث الرسمي باسم الخارجية المصرية نفس المنهج فقال "إن الحديث عن بناء الجدار مصدره الأساسي جريدة إسرائيلية، ثم تناقلت الخبر عنها بعض وسائل الإعلام دون أن يكون لدي هؤلاء معلومات واضحة حول الإجراءات التي تقوم بها مصر" وشدد حسام زكي علي أن "الخوض في هذه الأمور هو مساس بالأمن القومي لمصر، ومصر تختار من الإجراءات ما يحمي أمنها"! ورغم عدم صدور أي بيان مصري رسمي حول الموضوع وأسبابه فقد بدأت أخيراً الصحف القومية في تناول الموضوع مدافعة عن القرار المصري ومقدمة الأسباب والمبررات، فنشر "أحمد موسي" نائب رئيس تحرير الأهرام واحد الصحفيين المهتمين والخبراء في القضايا الأمنية والمطلعين علي رؤية أجهزة الأمن السياسي، تحليلا إخباريا في الأهرام في 21 ديسمبر الماضي يتضمن مبررات إقامة هذا الجدار الفولاذي من وجهة النظر المصرية - دون أن يسميه - لخصها في بعدين أساسيين: 1- غزة أصبحت مكان جذب واجتذاب لتهريب الأسلحة والذخيرة والمتفجرات. 2- ما هو اخطر علي الأمن القومي أن غزة واستخدامها لتخزين السلاح وتكديسه بها، قد يدفع لاستخدام تلك الأسلحة في عمليات خارج غزة، وبالتالي سيناء والأزهر مثلاً ليسا بعيدين عن ذلك، وفي ظل انتشار السلفيين والمرتبطين بالقاعدة في قطاع غزة والذين قتلت حماس منهم 35 شخصاً قبل عدة أشهر، وغزة والتي اصطبحت الآن بمثابة القنبلة الموقوتة بفعل تصرفات وأفعال الذين يديرونها من حركة حماس، فهؤلاء لديهم مصالح خاصة لا علاقة لها بالوضع الإنساني لمواطني غزة". ويضيف أحمد موسي "لا يمكن لمصر دفع ثمن وتحمل خطايا حماس، فهؤلاء لا يريدون حلا ولا مصالحة ولا قيام دولتهم، هم مرتاحون لوضعهم غير الشرعي ويبحثون عن تصدير مشاكلهم إلى مصر، فتارة نجدهم يطلقون الرصاص علي جنودنا، وأخري يوجهون كوادرهم باقتحام حدودنا، وثالثة مهاجمة كل ما هو مصري يقوم بواجبه داخل أراضينا، وأصبحت رصاصات حماس توجه للمكان الخاطئ، وكأن المقاومة الآن تستهدف أفراد الأمن المصريين وليس قوات الاحتلال الإسرائيلية". ويقول السفير سليمان عواد المتحدث الرسمي المصري إن "ما يتم علي حدود مصر الشرقية يهدف لمنع تدفق السلاح وما يهدد أمن مصر عبر الأنفاق.. إن كثيراً من الأحداث التي وقعت أخيراً سواء في سيناء أو داخل مصر، وما تم كشفه بالفعل من عناصر إرهابية تحمل السلاح كما حدث في بني سويف إنما تسللت من خارج سيناء إلى داخل الأراضي المصرية، وكانت تحمل معها أسلحة وذخائر وأحزمة ناسفة.. ومصر من حقها مواجهة كل ما يهدد أمنها وأمن شعبها، ومن ثم فمن حقها اتخاذ كل الإجراءات اللازمة ومن بينها ما يحدث علي حدودها الشرقية لمنع تسلل السلاح والعناصر الإرهابية إلى داخل مصر". ويقدم مصدر أمني وجهة النظر الرسمية لأجهزة الأمن قائلا: "ظاهرة التهريب عبر الأنفاق ظاهرة خطيرة تؤثر سلباً علي المجتمع المصري واستقراره، وأدت إلى ظهور طبقات جديدة من الأثرياء وتولد لديهم إحساسا بالقدرة علي فرض مشروعية ظاهرة التهريب حتى وإن كان ذلك بمواجهة الشرطة ورجال الأمن". (وفي النهاية نقول للأستاذ حسين عبد الرازق أنه من العيب لكاتب كبير مثلك أن يكون مجرد ناقل ومبرر لوجهة نظر الأمن وحسام زكي ورجال الخارجية أعوان أحمد أبو الغيط الذين انهار سقفهم القومي وأصبحوا يسيرون في العراء الفكري البارد، ونذكرك بأيام النضال ضد اليهود والصهيونية والإمبريالية، أيها المناضل القديم والرفيق السابق). ولنخرج نحن من المشكلة، ونسلم عبد المنعم سعيد وحسين عبد الرازق لكاتبنا فهمي هويدي، لنرى كيف سيتصرف مع حجج تيارهم المنهزم، فقد كتب عن نفس الموضوع في "الشروق" تحت عنوان "كلام فارغ!"، يقول فهمي هويدي: لا يكفى أن يقول المتحدث الرسمي باسم الخارجية المصرية إن ما نشر عن الجدار الفولاذى المزمع إقامته في باطن الأرض على الحدود مع قطاع غزة «كلام فارغ». ولا يقنعنا أن يقول في أحد البرامج الرئيسية في التليفزيون إنه ليس جدارا ولا هو فولاذى، ثم يحاول التشكيك في المعلومة عن طريق الإشارة إلى أنها خرجت من إسرائيل. في إيحاء ضمني إلى أنها جاءت من مصدر خبيث وسيئ النية ولا يجوز لأحد منا أن نصدقه. هذه اللغة التي تستخف بعقل المشاهد شائعة بين عدد غير قليل من المسئولين في مصر والعالم العربي أيضا للأسف. وهم الذين اعتادوا على ألا يرد لهم أحد كلاما أو يناقشهم فيه. إذ المطلوب منا في الحالة التي نحن بصددها أن نصدق أن كل المعلومات التي وردت حول موضوع الجدار مجرد خيالات لا أصل لها من الحقيقة. تماما كما أن المطلوب منا أن نقتنع بأن هناك خطرا داهما يهدد الأمن الوطني للبلد. وذهب في ذلك أحد الخبراء العسكريين الذين تكرر ظهورهم في البرامج التليفزيونية المصرية إلى القول بأنه في الوقت الراهن فإن الخطر الذي يهدد أمن مصر مصدره غزة وليس إسرائيل. (القناة الثانية مساء الاثنين 28/12). وفي الشروق أيضًا، كتب د. جلال أمين، تحت عنوان "كل شيء ليس على ما يرام"، يقول المفكر اليساري، الذي فرض احترامه على الناس بعلمه ووطنيته: كنت في إنجلترا خلال العام الأخير من حياة أمي، وقد توفيت وأنا بعيد عنها، فلم أعلم بخبر وفاتها إلا من خطاب أرسله لي أخي حسين من مصر. كنت شديد القلق عليها خلال ذلك العام الأخير، إذ تركتها وهى مقتولة الصحة. ومن ثم كنت ألح عليها في خطاباتي أن تكتب إلى ولو خطابات قصيرة تطمئنني فيها على صحتها. كانت تكتب لي من حين لآخر بخط مرتعش، ولكنها كانت تختم خطاباتها دائما بعبارة. «كل شيء على ما يرام». تبين لي بالطبع عندما جاءني خبر وفاتها بأنه «كل شيء لم يكن على ما يرام». ولكن أمي لم تكن تقصد إخفاء أشياء مهمة عنى، بل كانت فقط غير قادرة، وسط التفاصيل الصغيرة للأحداث اليومية أن ترى المغزى الأعمق لما يجرى. ثم يصل الكاتب إلى ما يريده بقوله: هكذا، فيما أظن، تمر بنا الأيام، ولا يبدو لنا من التغيرات الصغيرة أنها لابد أن تنتهي بنهايات مهمة، فنظن أن كل شيء على ما يرام، مع أن كل شيء ليس على ما يرام بالمرة. عندما استعرضت في ذهني، أهم ما أذكره من أحداث عام 2009، وجدت أنه مليء بالمعارك الصغيرة، ولكنها في الحقيقة، بعد قليل من التأكد، كبيرة المغزى. لا يتضح لنا المغزى الحقيقي لمجرد أن العام قد بلغ نهايته «إذا لا يحدث في نهاية العام إلا احتفالات رأس السنة» ولكن لابد أن يتضح المغزى الحقيقي بالتدريج في العام التالي أو الذي يليه، أو حتى بعد أعوام كثيرة. ومع ذلك من المفيد أن نحاول استخلاص هذا المغزى، حتى ونحن قريبو العهد بالحديث حتى نقلل من حجم الصدقة أو المفاجأة. ويدلل الكاتب بمأساة «معركة اليونسكو» ثم مأساة كرة القدم مع الجزائر، كما شهد عام 2009 أيضا مباراة بين نجل الرئيس مبارك والدكتور محمد البرادعى لم تتخذ شكل مباراة حقيقية ولكنها كانت كذلك في حقيقة الأمر. ثم نصل إلى مقال من "العجائب" في الصحف القومية، ليس لسوئه ولكن لجودته التي كادت تختفي في مؤسسات الدولة الصحفية، ففي صحيفة الجمهورية، التي ناقشنا فيها يوم أمس المقال الكارثي لمحمد على إبراهيم، نجد اليوم افتتاحية الصحيفة، تحت عنوان "القنابل.. هدية أمريكا للعام الجديد"، تفاجئنا بالآتي: افتتحت الولاياتالمتحدةالأمريكية العام الجديد بسلسلة من الغارات الجوية شنتها طائراتها بدون طيار في الساعات الأولي من فجر أمس علي منطقة "وزيرستان" الباكستانية أدت لمقتل مدنيين سبقتها غارات علي مناطق أفغانية قصفت فيها طائرات الحلف الأطلسي مواقع مفترضة لتنظيم القاعدة راح ضحيتها مدنيون معظمهم أطفال لا علاقة لهم بما تسميه الولاياتالمتحدةالأمريكية الحرب علي الإرهاب. أعطت الولاياتالمتحدةالأمريكية منذ عهد بوش الصغير نفسها حق التدخل العسكري في أي مكان في العالم دون اكتراث بسيادة الدول وحول الخسائر البشرية والمادية التي تتكبدها الشعوب. ومنها الشعب الأمريكي نفسه الذي يخسر شبابه في حروب غير مشروعة يسئ إلي صورة الأمريكيين في أنظار العالم. لقد أملت الشعوب وخاصة في العالمين العربي والإسلامي أن تتنبه الإدارة الأمريكيةالجديدة برئاسة أوباما إلي الأسباب الحقيقية بما تسمي الحرب علي الإرهاب. ومنها علاقة التحالف الوثيقة بين واشنطن وتل أبيب علي حساب الحقوق المغتصبة والأرض المحتلة. والتدخل الأمريكي الفج في الشئون الداخلية للشعوب الأخرى لقهر قوي المقاومة للمخططات الإسرائيلية والأمريكية لفرض الهيمنة علي المنطقة. (وطبعًا المقال وأسلوبه وثقافة وروح كاتبه .. كل ذلك يؤكد أنه ليس من أسلوب رئيس التحرير، وإنما كتبه أحد الصحفيين الغلابة ذوي الأسلوب الحسن، كما هي العادة في كتابة الافتتاحيات، وهي افتتاحية كتبها صحفي مصري عادي، ولكنه ذو ضمير لم يتلوث). وإلى صحيفة "المصري اليوم" والحوار الذي أجراه عمرو بيومي مع مايكل منير أحد متطرفي أقباط المهجر، والذي يؤكد فيه على الآتي: - بالنسبة لي أنا شخصياً هوية مصر معروفة، مصر دولة فرعونية ربنا خصها بأشياء فريدة عن أي دولة أخرى، يعنى العرب مثلا جمعوا بعضهم وعملوا القومية العربية لأنهم أناس بلا أي هوية ولا تاريخ. - أعتقد أن الانفصال عن القومية العربية هو بداية النهضة لمصر الجديدة سواء اقتصاديا أو سياسياً. لأننا ندفع تبعات- خصوصا سياسياً- المشاكل العربية التي أوقعتنا فيها القومية العربية. - الناس نفسها انقسمت بعد أحداث فرشوط والواحد بقى محرج من نفسه، وبيطلع يقول كرامة المواطن المصري وأنا عارف إنه بيتهان في بلده، والناس في قنا بتصرخ وبتقولى البيوت بتولع ويستغيثوا بنا ومش عارفين يوصلوا لحد من الأمن ولم نسمع أن أي حاجه حصلت منهم. - القانون الموحد لبناء دور العبادة لا يجوز معه النسب لعدم وجود تعداد معلن للأقباط، إضافة إلى أن بعض الأماكن لا توجد بها كنائس من سنين، ويجب أن تحل مشاكل الطائفية، والاعتداءات على الأقباط. - «إيد فى إيد» أنشئت لتكون جسراً حضارياً وثقافياً للشعب المصري كله ولم تنشأ من أجل فرقعة إعلامية أو شهرة، ولكنها أنشئت من أجل تغيير ولو جزء صغير جداً من الأشياء التي يجب أن تتغير. ونعد حاليا لمشروع كبير وضخم نهدف به لإحداث تغيير فى الحياة العامة كلها وهذا المشروع تكلفته كبيرة وهو «مشروع تدريب المجموعات العازفة عن الحياة العامة.. بصفة عامة، سواء كانت سياسية أو اجتماعية، مثل المرأة، المعاقين، الشباب، بعض أعضاء الأحزاب السياسية الصغيرة. - الاتحاد القبطي الدولي مازال قائماً، وأنا هنا من أجل الترتيب لمؤتمر دولي يستفيد منه العمل القبطي، وتستفيد منه مصر والمواطنة كلها، وسوف يقام في مصر، وأبحث أثناء وجودي في مصر حاليا عن الشراكة المناسبة والاهتمام المناسب من الدولة والأجهزة المعنية ومنظمات المجتمع الدولي والشعب كله، حتى لا يتحول إلى مكلمة. - القضايا التي سوف تناقش في هذا المؤتمر كلها قضايا مواطنة.. التمييز والمشاركة السياسية وقانون دور العبادة الموحد، هذه هي القضايا الرئيسية، ولكن حتى الآن لم يتم تحديد موعده. -لا أعتقد أن الإخوان سيحصلون على المقاعد التي حصلوا عليها في الانتخابات السابقة، ومن الواضح أن اتجاه الدولة لن يسمح بتكرار التجربة الماضية، إضافة إلى أن الناس بدأت تفهم أن برامج الإخوان مجرد شعارات ولا توجد لديهم خطة عمل، ولم يقدموا أي شيء إيجابي في مصر، والشيء الوحيد الذي نجحوا فيه هو إعدام الخنازير في مصر. - أتمنى أن يخرج الحزب الوطني من قوقعته، ويتخذ مخاطرة إنزال 10% من الأقباط في الانتخابات، ويكون جاداً في ذلك وسيجد أماكن تقبل ترشيح الأقباط ولو عاوز ينجحهم هينجحهم ولو معملش كده هتبقى أسوأ خطوة في تاريخ الحزب وهيفقد ثقة الناس كتير حوالي 12 أو 15 مليوناً في مصر. - يوجد نوع من التواصل بيننا وبين الكنيسة، ولكن هذا يتوقف على الشخص لأن الكنيسة طوائف مختلفة وأنا أختلف وأتفق مع البعض الآخر ولى علاقات جيدة بالبعض في الكنيسة وبأقابل البابا والأنبا يؤانس سكرتيره الشخصي وكانت المرة الأخيرة خلال زيارة الرئيس وفى لقاءاتي نتحدث في كل شيء ولا يوجد أي تعارض بيننا وبين الكنيسة، وهذا ما كان يفتقده الأقباط العلمانيون الحقوقيون في علاقتهم مع الكنيسة ولابد للكنيسة أن تفتح الباب للقيادات العلمانية وهذه القيادات موجودة في مصر وأن تكبر هذه القيادات لتنسلخ العملية السياسية للقيادات العلمانية. (الحوار طويل، وهو بتفاصيله مثالي في معرفة طريقة تفكير متطرفي أقباط المهجر وثوابتهم، وأهم جزء فيه هو الجزء الذي أوردناه في المؤخرة، وهو يؤكد أن التنسيق كامل بين شنودة وكنيسته وبين هؤلاء المتطرفين، وأن الأمر لا يعدو أكثر من توزيع الأدوار، ثم التصريحات التي تضحك على العقول لتشعر الناس بالخلاف مع متطرفي المهجر الذين يخونون وطنهم ويرمونه بكل نقيصة ويتعاونون مع الأمريكان والغربيين والمنظمات المشبوهة للإساءة لهذا الوطن). وفي "المصري اليوم" أيضًا، يكتب أسامة هيكل بعنوان "سب الدين «رسمياً».. ليس زلة لسان"، ليعيد الأمور إلى نصابها، وليقف في صف الناقدين للوزير الغلاط الشتام الذي انفلت عياره وراح يسب بالدين، في سابقة لم تحدث في تاريخ وزراء مصر، وتعكس حجم الكارثة السياسية التي نحياها، يقول أسامة هيكل: الدكتور يوسف بطرس غالى لديه كل الحق في أن يفعل ما يريد.. فمهما فعل لا يحاسبه أحد.. فحينما ورط شعباً بأكمله في ضريبة جائرة لم يحاسبه أحد، وحتى حينما سب الدين في مجلس الشعب أثناء جلسة لجنة برلمانية رسمية على مرأى ومسمع من الجميع، لم ولن يحاسبه أحد . وتوعد غالى «مرتكبي مخالفات عزبة الهجانة»، مؤكدا أنه «هايطلع دين اللى جابوهم»، يعد نقلة نوعية فى الخطاب الإعلامي والسياسي الرسمي، وهو خطاب لا يمسه فقط، ولكنه يمس نظاماً سياسياً بأكمله.. ولو كان لسان الدكتور غالى قد زل بهذه الكلمة كما حاول البعض أن يدافع عنه، لكان مفروضا عليه أن يعتذر رسمياً وفورياً، لأن زلة اللسان تعنى أنه خطأ غير مقصود، وطالما أنه لا يقصد، فلا عيب أن يعتذر. ولكنه أبى أن يعتذر، واستكبر، وبلغ من العناد منتهاه.. وهذا يعنى العمد، وهنا يكون الخطأ مركباً.. فهو وزير في الحكومة ارتكب خطأ فادحاً، وخرج عن حدود الأدب.. وهذا يستوجب تدخلاً عاجلاً من الدكتور أحمد نظيف رئيس مجلس الوزراء.. فمسؤولية الحكومة تضامنية، والوزير لا يعبر عن نفسه فقط.. وسكوت الحكومة على خطأ غالى الفادح يعنى موافقة ضمنية من الحكومة المصرية على سب الدين للمواطنين. وهذا غير مقبول على الإطلاق حتى لو كانوا خارجين عن القانون.. فالخارج عن القانون يعاقب بالقانون وليس بسب الدين.. ولو استمر الصمت الحكومي لكان واجباً على رئيس الدولة أن يتدخل، وعليه أن يلوم غالى والحكومة علنا على هذا الخطاب الفريد مع الشعب، إن لم يعزله من منصبه جزاء على فعلته النكراء، وتدليلا على احترام الشعب وصيانة للقيم والأصول. (ونحن نطمئن الأستاذ أسامة هيكل إلى أنه لا الدكتور نظيف ولا الرئيس مبارك سيتدخلان لتأديب الوزير الغلاط الشتام، لأنه من خصائص عهد مبارك الميمون عدم الاقتراب من الوزراء الذين يغيظون المصريين ويسبونهم، وكلنا يتذكر زكي بدر وما فعله، قبل أن يتم ضبطه متلبسًا يشتم الناس بمختلف مواقعهم واتجاهاتهم، كما أن الدولة بحاجة إلى الوزير الجابي بأفكاره السوداء حتى يمول لها فشلها ويغطي لها إسرافها من دم المصريين). وفي "اليوم السابع" كتب حمدي الحسيني، بعنوان "توكيلات.. سعد والبرادعى!!"، يربط فيه بين توكيلات المصريين لسعد زغلول وبين توكيلاتهم للبرادعي، يقول المقال: أترقب بشغف شديد رد فعل الحزب الوطني، ودراويشه على سيل التوكيلات التي بدأت تنهمر على مكاتب التوثيق لتفويض الدكتور محمد البرادعي المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، لتأييد دعوته بتشكيل لجنة تأسيسية لوضع دستور عصري لمصر يواكب التطورات العالمية وينقلها إلى عهد جديد من الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة. بديهي أن كل المنتفعين من استمرار الواقع الحالي سيهبون لإجهاض هذه الخطوة، ويتفننون في ابتكار شتى الوسائل لمحاصرتها، سواء بالطعن في قانونية التوكيلات أو تشويه الفكرة والتشكيك في نوايا أصحابها. المناخ السياسي الذي تعيشه مصر حاليا يساهم في تصاعد الرغبة الوطنية الملحة في التحرر من أغلال الحزب الوطني، ولعل ما أثير من جدل حول إعلان الدكتور البرادعي عن رغبته في خوض الانتخابات الرئاسية القادمة، وهو ما يعيد إلى الأذهان مساعي النخبة المصرية للتحرر من قيود المحتل البريطاني في أعقاب الحرب العالمية الأولى، وما أحاطها من ملابسات وأحداث هامة.. بالتأكيد هناك من يغضب لتشبيه حزب يضم طائفة من المصريين بالمحتل الأجنبي.. لكن الذي يعود حوالي تسعة عقود بذاكرته للوراء سيجد تشابها كبيرا بين الأجواء المشحونة بالغضب التي تعيشها مصر حاليا وميلاد الحركة الوطنية عندما اشتدت قسوة الاحتلال البريطاني، الذي شدد من قبضته الأمنية وفرض العمل بالأحكام العرفية، والزج بالأحرار والوطنيين، إلى غياهب السجون والمعتقلات.. في تلك اللحظة شق الظلام زعيم وطني التفت حوله الأمة بأسرها فصار بين عشية وضحاها أملها في التحرر والانتقال من مرحلة يعيش فيها المصري مغتربا في وطنه إلى مرحلة جديدة عناوينها الحرية والعدل والمساواة. ما أشبه الليلة بالبارحة، فهناك أوجه شبه عديدة بين اللحظة التاريخية التي ظهر فيها الزعيم سعد زغلول، وإعلان الدكتور البرادعى النزول إلى الحلبة السياسية ودعوته إلى وضع دستور جديد.. وكأن التاريخ يعيد نفسه. ولعل نقطة التلاقي بين سعد والبرادعى أن كلاهما ينطلق من قاعدة قانونية، فالأول أفرزته ظروف الاحتلال البريطاني الغاصب، بينما ظهر الثاني في وقت تئن فيه مصر من وطأة الفساد والنهب. (ورغم جودة الفكرة والربط الذي قام به الكاتب، غلا إننا نختلف معه، ونقول له إن التاريخ لا يعيد نفسه والظرف ليس واحدًا أو متشابهًا، فأيام سعد زغلول، ورغم وجود الاحتلال البريطاني والملكية، إلا إن المجتمع كانت قواه الفاعلة حية، وحينما تحركت هذه القوى استطاعت أن تقوم بالثورة وأن تغير الدستور وتفرض حكمًا ديمقراطيًا، أما اليوم .. فإن حكومات ثورة يوليو وآخرها حكومات مبارك المتتالية، قتلت كل قوى المجتمع المصري الفاعلة، وفككت تنظيماته ونقاباته ومؤسساته، وسجنت عقوله، وأخافت مبدعيه الحقيقيين وأفقرتهم وأبعدتهم، وأفسدت كل شيء ..).