يذكرني مشهد الانسحاب المفاجئ لقوات الأمن المصري – في يوم الجمعة الغاضب 28/1/2011 – بما حدث بالعراق في أبريل 2003، حينما استيقظنا لنجد ساحة المعركة وقد خلت تماماً من قوات الأمن العراقي، ممهدةً الطريق للقوات الأمريكية لكي تحتل البلاد في ثوانٍ معدودات. العامل المشترك بين الحادثتين هو الخيانة...خيانة الشعب. فكما خانت قوات الأمن العراقي المسئولية، حينما تركت بلاد الرافدين لقمةً سائغةً للمحتلين الأمريكيين والبلطجية من بقايا النظام العراقي القديم، قامت قوات الأمن المصري بخيانة المسئولية حينما اختفت فجأة من ساحة الانتفاضة لكي تُسلِم المنتفضين للسارقين والمعتدين والرعاع الذين أشاعوا الرعب في وسط الشعب. إن هذه القوات الأمنية – التي من المفترض أن تحمي الشعب – لم تقم بحمايته سواءً في المظاهرات أو في غيرها. ففي المظاهرات تقوم بقمعه بالرصاص المطاطي، وفي غيرها تتركه فريسةً للبلطجة والنهب. فحينما كان المنتفضون يطالبون سلمياً بحقوقهم في الحرية والكرامة والعدالة لم يكونوا بحاجة إلى تواجد الأمن؛ وحينما أضحوا بحاجة إلى الأمن في وسط عمليات السلب والبلطجة، لم يروا الأمن حولهم. وهنا أتذكر كلمة لأستاذي الدكتور سيف الدين عبد الفتاح حينما أشار إلى النظام العربي باعتباره متواجداً حيث لا يجب تواجده، وغير متواجد حيث يجب أن يكون متواجداً.