أقر وأعترف بأني أكتب هذه الكلمات ودموعي تغرق عيني، لم أجد ما أفعله في هذه اللحظة سوى أن أمسك قلمي وأبدأ في الكتابة، وأطلب من الأستاذ محمود سلطان تأجيل نشر موضوع النوبة الذي بدأته الأسبوع الماضي. من حق دموعي أن تبلل أوراقي بعد مشهد الأمس، كنت أتمنى أن أكون في وسطكم أيها الرجال، ولكن ما باليد حيلة.. فقد منعتني ظروف سفري في مهمة عمل خارج البلاد أن أكون معكم، في هذه اللحظة بالذات تتملكني رغبة قوية في أن أنزع علم مصر الذي يزين جدار غرفتي بالمنزل، وأن أنزل للشارع أرفعه عاليًا، أجري في كل مكان، وأهتف (تحيا مصر)، شعور لا أستطيع وصفه، وأنا أشاهد جزءًا من الحلم يتحقق، أعذروني أن أكتب اليوم -على غير العادة- مقالاً عاطفيًا فقط، أكتب هذه الكلمات وأنا أجوب بين تقارير المراسلين، والاتصالات بالمواقع المختلفة للتظاهرات في محافظات مصر، بين رسائل المحمول، وتقارير الفيس بوك، كنت ألهث وراء كل معلومة جديدة، ويرقص قلبي طربًا وأنا أشاهد عشرات الآلاف من الشباب وقد كسروا حاجز الخوف، وقرروا التعبير عن غضبهم، كان جسدي يرتجف وأنا أسمع هدير الجماهير وهي تهتف مطالبة بالتغيير.." تغيير، حرية، عدالة اجتماعية". "جدع.. جدع.. والله راجل" كانت هذه هي الكلمات التي خرجت مني، ومن كل من شاهد ذلك المشهد للشاب الذي يقف في المظاهرة أمام الآلية العسكرية الضخمة، ويرفض أن يتحرك، يفتح صدره أمام السيارة القادمة، بل ويغير بقبضة يده ماسورة المياه التي تغرق المتظاهرين ليبعدها عنهم، مشهد يستحق أن ينال جائزة الأوسكار في مصر لهذا العام وكل عام، يستحق أن تعيده مرارًا وتكرارًا، وتصفق له من كل قلبك، وأنا أضع أسفل المقال الرابط الخاص بتلك اللقطة، لإثبات أننا كسبنا التحدي. نعم كسبت الرهان أمام العشرات وفزت بالتحدي، وأثبت الشباب المصري، والشعب الأصيل، أن فيه قلب ينبض، كان الكثيرون يعتبرونني واهمًا عندما أظل أحدثهم أن الأمل لا زال موجودًا، وأن فرصة التغيير يمكن أن تتحقق، وجدت الكثير من السخرية واللامبالاة، وحتى عندما فعلها الشعب التونسي العظيم، وقدم أفضل النماذج في الإصرار على التغيير، وتمكن من قلب كل المعايير، وقدم نموذج أول ثورة معاصرة في تاريخ الدول العربية، عندها وجدت نفس النغمة التي تتحدث عن أن طبيعة الشعب التونسي تختلف جذريًا عن طبيعة الشعب المصري، وأن الشخصية المصرية تتسم بالعجز، والرضا بالقضاء والقدر، وأنه لم تحدث أي ثورة في تاريخ مصر، وخذ من هذا الكلام الكثير، ولكني الآن أقولها وبكل ثقة... لقد كسبنا التحدي، كسبناه منذ سنتين عندما تراجعت الحكومة عن بناء مصنع "أجريوم" في دمياط بعد أن توحدت الإرادة الشعبية، وكسبناه منذ 3 سنوات في المحلة بعد الصمود الأسطوري لعمال غزل المحلة وثباتهم على مطالبهم حتى حصلوا عليها، ونحن اليوم في طريقنا لنكسب جولة جديدة، لا بد أن نعتبر ما حدث انتصارًا متميزًا، عندما تخرج هذه الأعداد الغفيرة من الشباب التي لا ينتمي أغلبها لأي تيار سياسي، لماذا ننكر أننا يمكن أن ننجح؟ لماذا يشكك البعض في إمكانياتنا؟ نعم نحن نستطيع. أنتم يا شباب من غيرتم المعادلة وقلبتم الطاولة على الجميع، أنتم يا شباب من يمكن أن يحقق الحلم الذي ننتظره.. حلم التغيير، بالأمس كانت الخطوة الأولى والأهم في كسر حاجز الخوف، ولكن المهم هو الاستمرارية، أرجوكم يجب أن تعلموا بأن الفرص المواتية لا تتكرر كثيرًا، يمكنكم أن تصنعوا تاريخًا جديدًا لمصر، لقد بدأت كرة الثلج تتدحرج ولن يستطيع أحد إيقافها. رابط المشهد http://m.youtube.com/watch?desktop_uri=http%3A%2F%2Fwww.youtube.com%2Fwatch%3Fv%3DkWr6MypZ-JU&v=kWr6MypZ-JU&gl=US [email protected]