التقينا معاً أنا والشيخ الغزالي والشيخ القرضاوي والدكتور محمد سعيد رمضان البوطي عدة سنوات، وكان الشيخ الغزالي هو أريج العطر الذي نشم منه الروائح الطيبة في ملتقيات الفكر الإسلامي بالجزائر. كان هناك سوق عكاظ الإسلامية حيث يأتي ألف أستاذ وطالب من الجزائر ليحضروا أيام الملتقي، وكان من حقهم أن يستمعوا وأن يحاورا وأن يسافروا إلي الأقاليم الجزائرية المحيطة بالمدينة التي يُعقد فيها الملتقي ليعرفوا آثار الجرائم الفرنسية الجماعية والكهوف التي دفن فيها الناس أحياءًا. وفي أثناء الرحلة كان الأساتذة البارزون الوافدون يركبون الحافلات مع الطلاب والطالبات ليتناقشوا معهم حول آفاق المستقبل الجزائري بعد هذه المحنة التي أبيد فيها ثمانية ملايين جزائري. وفي قاعة المحاضرات أيضاً وأثناء الراحة كان النقاش يقع بين الأساتذه وبين المدرسين الجزائرين والطلاب. وكانت الأخت (أسماء بنت قادة) من أنشط الطلاب ومن أكثرهم حواراً مع الأساتذة الكبار من خارج الجزائر ، وكنا جميعاً نشعر بأن الأخت أسماء مسلمة متحمسة ومثقفة كبيرة، فلقيت منا بالتالي الاحترام الكامل. *** وجاء يوم أنهي فيه الشيخ الغزالي عمله في الجزائر فخلفه الدكتور يوسف القرضاوي مشرفاً علي جامعة الأمير عبد القادر الجزائري الإسلامية بقسنطينة، وهنا أحس الشيخ القرضاوي بفراغ كبير..دفعه ليطلب الأخت أسماء ، وليقول لها ما يقوله كل الخاطبين: إني راغب فيك، محب لأخلاقك وثقافتك وشخصك الكريم، وظلت الأمور تتأرجح علي هذا النحو لا سيما أن أسرة الشيخ في قطر قد علمت فأظهرت تبرمها، وأيضاً لم تستقم الريح للشيخ القرضاوي في العمل فعاد لأولاده في قطر. وتلك قصة تقع في كل يوم ،وقد حملتُ أنا رسالة في هذه الظروف من معالي الشيخ الوزيرعبد الرحمن شيبان رئيس جمعية العلماء الجزائريين الآن، وهذه الرسالة كما فهمت كانت تقول للشيخ القرضاوي: إحسم الأمر علي أي طريق شئت، لأن والد الأخت أسماء قلق، وأظن أن الشيخ القرضاوي استجاب للأمر وأرضى الأخت أسماء بما يرضيها علي طريقة القرآن (فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان). *** لكننا فوجئنا بالأمور تتطور كأن الشيخ القرضاوي ارتكب كبيرة مع أن الشيخ من أفضل الناس وأعرفهم بالله، لدرجة أن الصحفي العلماني الأستاذ (عادل حمودة) رئيس تحرير جريدة (الفجر) دافع عن الشيخ القرضاوي،قائلاً:ماذا عليه أن يتزوج ؟إن هذا حق الشيخ القرضاوي الطبيعي . ثم تطورت الأمور نتيجه ضغوط معينة، فتزوج الشيخ من الأخت أسماء ، وظلت الأمور تتأرجح من خلال حرصها علي أن تكون علماً بارزاً يكتب للجزيرة ، وينشط في كثير من الميادين، فكان أن إنفرطت العلاقة، وبدأت الأخت أسماء تتحدث عن أشياء نهي الله عن إفشائها عن طريق أحد من الزوجين ، و كان أولي بالأخت أسماء أن تستر زوجها وما كان لها أن تقع في ما يشبه الكبائر لأن الرجل أو المرأة يفضيان إلي بعضهما فيظهران ما كان بينهما فيتعرضان لغضب الله سبحانه وتعالي. وأذكر أن أحد الصالحين علم الناس بخلافه مع زوجته ، فسألوه عن الأمر، فقال:كيف أتحدث عن إمرأة هي زوجتي، فلما انفصل ، سألوه عن الأمر، فقال: كيف أتحث عن إمرأة صارت غريبة عني، ولم تعد زوجتي... وأصر الرجل الصالح علي ستر زوجته قبل الطلاق وبعد الطلاق. فأرجو الله من الأخت العزيزة أسماء بنت قادة أن تتأسى بهذا الرجل الصالح ، وأن تسحب ما قالته عن الشيخ الذي أحبها يوماً ما ووثق فيها وأرادها زوجة كريمة ، لكن الله شاء أمراً آخر. ومن ستر مسلماً في الدنيا ستره الله في الدنيا والآخرة. ولله عاقبه الأمور • أستاذ التاريخ والحضارة الإسلامية • رئيس تحرير مجلة التبيان