أدانت كل القوى الإسلامية ما جري ليلة رأس السنة الميلادية الجديدة من تفجير خسيس أمام كنيسة القديسين في منطقة سيدي بشر بالإسكندرية ، الشعب المصري مع كل ما يجري له ومنه لا يحب العنف ، ولا يميل إلى العدوان ، ويكره الدم ، ويرفض التعامل بمنطق النبوت ضد خصومه من أهله أو أقاربه أو جيرانه ؛ أيا كان معتقدهم أو مذهبهم ، ولم يكن غريبا أن يتأذّي الناس العاديون مما جرى ، ويجمعون أن الحادث صناعة غير مصرية ، وغير إسلامية ، وأن ما جرى غريب على شعبنا ، وبعيد عن طبائعنا ، مثله مثل حادث نجع حمادي الذي جرى في ليلة عيد الميلاد ، وجاء بطريقة غامضة غريبة يلفها الشك والريبة نتيجة علاقات سابقة بين أسقف الكنيسة والذين وُضعوا في قفص الاتهام ! الحادث بعيد عن الدين ، لأن الدين لا يقر ذلك ، ولا يجيزه ، ولا يسمح به ، ومهما صدر عن المتمردين الطائفيين من تجاوزات وانتهاكات ، فإن الإسلام لا يدعو إلى القصاص منهم عن طريق الأفراد أو الجماعات ، بل الأمر متروك للسلطة الحاكمة ، حتى لو تراخت ، وجاء تراخيها على حساب الإسلام والمسلمين ! ونرجو أن لا يُغلق التحقيق ، بتقديم أشخاص للقضاء قد لا تكون لهم صلة بالتفجير ، سعيا لإسكات أصوات المتمردين في الداخل والخارج ، بل يجب أن تُعالج الأسباب الحقيقية التي تتيح فرصة لأعداء الإسلام ومصر ، كي يقوموا بمثل هذه التفجيرات ، وأعتقد أن أهم هذه الأسباب على الإطلاق هو تفجير القانون من جانب الكنيسة الأرثوذكسية ، وسكوت السلطة على هذا التفجير ، بل استرضاء من يفجّرون القانون والطبطبة عليهم بحجة حماية الوحدة الوطنية ، وأذكّر القراء ببعض ملامح تفجير القانون والصمت عليه: • التحرش بالإسلام من خلال المطالبة بإلغاء المادة الثانية من الدستور ، عن طريق المتمردين الطائفيين والعلمانيين الذين يحملون أسماء إسلامية ، ويبيعون إسلامهم بثمن بخس . • تحول الكنيسة إلى دولة داخل الدولة ، تتحكم في الطائفة اجتماعيا واقتصاديا ، وثقافيا ، وإقناع أفرادها أنهم شعب مستقل بذاته لا علاقة له بالأغلبية التي تمنحه نسغ الحياة ، وتمده بالثروة والسلطة . • ازدراء القانون المتمثل في حكم القضاء ، وأبرز الأمثلة على ذلك حكم الإدارية العليا في موضوع الزواج الثاني ، حيث أعلن رئيس دولة الكنيسة أنه لن يخضع له أو لأي حكم يخالف الإنجيل وفق تفسيره الشخصي ، ووصل الأمر بالسلطة المنبطحة إلى إصدار قرار من المحكمة الدستورية بإيقاف الحكم حماية للتمرد الطائفي المتعجرف ، مع أن الحكم الذي أصدرته المحكمة الإدارية العليا كان يعتمد على قانون 1938 الذي صنعه أساقفة فضلاء وباحثون محترمون ، فسروا الإنجيل تفسيرا يتواءم مع الطبيعة البشرية .. أضف إلى ذلك ما صرح به الأساقفة المتمردون عن ضيافة المسلمين في مصر على النصارى ، وعدم الرضوخ للقانون ، وإعلان أن الرضوخ للقانون معناه الدم والشهادة ! • إن إطلاق سراح المعتدين الطائفيين المجرمين في أحداث العمرانية الذين قاموا بقطع الطريق العام ، وتدمير سيارات المواطنين الأبرياء ، والاعتداء على حي العمرانية ومبني المحافظة وتكسير واجهاته الزجاجية ، وإصابة لواءات الأمن والضباط والجنود ، بأسلحتهم البيضاء والمولوتوف ، دون تطبيق القانون عليهم والمحاكمة العاجلة لهم ، كان من أبشع صور تفجير القانون التي تشحن النفوس والقلوب بالغضب وعدم الرضا . • ما جرى من إقامة سجن خاص تسيطر عليه الكنيسة لتحبس فيه من يقدم على الانتقال إلى الإسلام ، هو تجاوز صارخ للقانون ، خاصة حين يقال لمن يستنكرون ذلك : وانتم مالكم؟ فالقانون لا يجيز لشيخ الأزهر مثلا أن يقيم سجنا يحبس فيه من يتحول عن الإسلام أو من لم يتحول . فالحبس لا يأتي إلا بحكم محكمة ووفقا لنظام يحدده الدستور ، ولكن الكنيسة تفجر القانون بمؤازرة بعض أجنحة السلطة التي باعت دينها وإسلامها من أجل مكاسب رخيصة . إن إسلام الشخص أو عدم إسلامه لا يسمح للكنيسة أو غيرها أن تحبس شخصا ما أو تحرمه من حياته العادية . هناك أمثلة كثيرة ونماذج متعددة لتفجير القانون مارستها الكنيسة معتمدة على حماية أميركا والغرب ، وابتزازا للظروف التي يعيشها النظام ؛ وهو أمر لا يجوز مهما كانت الظروف السياسية التي تمر بها البلاد صعبة ، وغير مؤاتية ، ولا يجوز للإمبراطورية الإعلامية التي تملكها الكنيسة وتستخدم فيها من باعوا دينهم ووطنهم أن يقلبوا الحقائق ويميعوا المواقف ، ويحجبوا المعلومات الصحيحة عن الناس . إني أعجب كيف ركزت وسائل الدعاية الطائفية والحكومية على ما جرى في الكنيسة دون أن تشير إلى ما قامت به المجموعات المتعصبة التابعة للتمرد الطائفي ، وهي تهاجم رجال الأمن ، وتصيب أفراده ، ثم تنتقل إلى المسجد المقابل أو القريب من كنيسة القديسين فتهاجمه ، وتحدث به خسائر غير مبررة ، فضلا عما يقال من عدوان على المسلمين البسطاء الذين لا حول لهم ولا طول ؟ غريب أمر الإعلام المصري البائس الذي يركز على ما يسمى التطرف الإسلامي دوت أن يشير إلى ممارسات المتمردين الطائفيين الذين لا يكفون عن إهانة الإسلام ورسوله - صلى الله عليه وسلم – في المواقع الطائفية التي تغذي التمرد وتمده بأساليب العدوان والإجرام .. إننا نطالب السلطة أن تطبق القانون على جميع الناس ، وأن تتكلم أبواقها التي تصدع رءوسنا عن الدولة المدنية والمجتمع المدني من أجل تطبيق القانون على الكنيسة وأتباعها ، مثلما تطبقه استثنائيا على المسلمين ، ويا عقلاء النصارى قفوا ضد المتمردين الذي يلعبون بالوطن وبالنصارى لعبة خاسرة ، لن يستفيد منها غير أعداء مصر ، وأعداء النصرانية في الشرق