وصف الرئيس العراقي جلال طالباني تصريحات الرئيس مبارك التي أكد فيها أن ولاء الشيعة العرب هو لإيران وليس لدولهم ب " التهمة الظالمة وليس لها أي أساس" ، فيما اعتبر رئيس الوزراء المنتهية ولايته إبراهيم الجعفري أن " الإشارة إلى ولاء الشيعة لإيران .. يفهم على انه طعن في وطنيتهم وحضارتهم وان عن غير قصد" ، لكن المتحدث باسم رئاسة الجمهورية أكد أن " ما قصده الرئيس مبارك هو التعاطف الشيعي مع إيران " . وكان الرئيس مبارك قد أكد في مقابلة مع قناة "العربية " أمس الأول أن "الحرب ليست على الأبواب ، هناك حرب أهلية تقريبا بدأت ، شيعة وسنة وكرد والأصناف التي جاءت من آسيا ، العراق مدمر تقريبا حاليا". وأضاف مبارك أن ولاء اغلب الشيعة في المنطقة هو "لإيران وليس لدولهم" ، ومضى مضيفا " بالقطع إيران لها ضلع في الشيعة.. الشيعة 65 بالمائة من العراقيين وهناك شيعة في كل هذه الدول وبنسب كبيرة والشيعة دائما ولاؤهم لإيران. اغلبهم ولاؤهم لإيران وليس لدولهم". وقال طالباني ، في مؤتمر صحفي مشترك أمس مع الجعفري ، إن " أول حزب قومي عراقي تأسس بعد الاستقلال كان رئيسه المرحوم محمد مهدي كبة وهو شيعي ، وقبل ذلك أول حركة وطنية واسعة في الثلاثينات تعمل من اجل التحرير والديموقراطية وكان قائدها جعفر أبو التمن وهو شيعي". وأضاف طالباني "يعز علينا الاختلاف مع أشقائنا في مصر. فشعب مصر العظيم له الكثير من الأفضال علينا ونحن نكن كل الاحترام والتقدير لمصر باعتبارها الشقيقة الكبرى واكبر دولة عربية وحاضنة الجامعة العربية". من جانبه ، أكد رئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته إبراهيم الجعفري أن تصريحات مبارك أزعجت " شعبنا العراقي من مختلف الخلفيات الدينية والمذهبية والقومية والسياسية وأثارت أيضا استغراب واستياء الحكومة العراقية". وأضاف أن "الحكومة العراقية وجهت بهذا الخصوص وزير خارجيتها (هوشيار زيباري) لطلب الإيضاح عبر القنوات الدبلوماسية". وتابع الجعفري أن "ما أثار استغرابنا أيضا توصيف المشاكل الأمنية في العراق بأنها حرب أهلية في الوقت الذي اثبت فيه شعبنا انه بعيد كل البعد عن الحرب الطائفية فضلا عن الحرب الأهلية". ورأى الجعفري أن "أحداث سامراء وما سبقها وما تلاها لم تكن إلا اختبارات مهمة خرج منها أبناء الشعب العراقي على اختلاف مذاهبهم منتصرين على أعدائهم ومجسدين للوحدة الوطنية". في المقابل ، أوضح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية المصرية السفير سليمان عواد أن ما تضمنه حديث الرئيس مبارك عن تأثير إيران على شيعة العراق حول العراق إنما يعكس قلقه البالغ من استمرار تدهور الوضع الراهن وحرصه على وحدة العراق وشعبه وعلى استعادة الهدوء والاستقرار وتحقيق الوفاق الوطني بين كافة أبناء الشعب العراقي الواحد الذي تتعامل مصر مع جميع فئاته وأطيافه دون تفرقة أو تمييز . وقال السفير عواد ، ردا على تساؤلات الصحفيين حول ما ذكره مبارك عن تأثير إيران على شيعة العراق ، إن " ما قصده الرئيس مبارك هو التعاطف الشيعي مع إيران " . من جانبه ، توقعت مصادر دبلوماسية أن يكون التصعيد المصري المفاجئ تجاه إيران جزءا من الحملة النفسية التي تشنها الولاياتالمتحدة ضد إيران بهدف كسر حدة التعاطف العربي والإسلامي مع حق إيران في امتلاك برنامج نووي سلمي ، مشيرة إلى أن تصريحات مبارك ربما تكون الطلقة الأولى في سلسة خطوات قادمة ، تشارك فيها عدة دول عربية ، من أجل الترويج لإيران كخطر وشيك على الأمن القومي العربي . ولم تستبعد المصادر أن تشهد العلاقات المصرية الإيرانية مزيدا من التوتر في المرحلة المقبلة علي خلفية هذه التصريحات ، كما رجحت أن تلقي التصريحات بظلالها على الاجتماع التي سينعقد بالقاهرة بعد غدا الأربعاء ويضم دول الجوار العربي العراقي بالإضافة إلى مصر . وأوضحت المصادر أن توقيت هذه التصريحات كان محسوبا بدقة ، كما أن إطلاقها عبر قناة " العربية " ، لم يكن أيضا مجرد صدفة ، ويشير إلى تنسيق مصري سعودي للتصعيد مع إيران ، على الأقل فيما يتعلق بالملف العراقي . واعتبر الدكتور محمد السعيد عبد المؤمن الخبير في الشئون الإيرانية أن هذه التصريحات التي خرجت عن القيادة السياسية لا تخدم بأي شكل من الأشكال المساعي لإيجاد دور عربي في عراق ما بعد الحرب كما أنها ستلقي بظلالها على الاجتماع القادم لمجلس وزراء خارجية دول الجوار العراقي كما ستزيد من التوتر في العلاقات المصرية الإيرانية. ولفت عبد المؤمن إلى أن هذه التصريحات ستخلق صعوبات أمنية ضد المصالح العربية في العراق وستزيد من المعارضة الشيعية لأي دور عربي في العراق . فيما أوضح السفير عبد الله الأشعل المحلل السياسي أن هذه التصريحات تأتي في سياق التخبط الذي يحكم الدبلوماسية والسياسة الخارجية المصرية فلم يكن من الموفق أبدا إطلاق هذه التصريحات في هذا التوقيت رغم أنها تكشف عن تعاظم النفوذ الإيراني واقتراب العراق من الحرب الأهلية إلا أنها تضر بأي دور عربي متوقع في العراق كما أنها تشير إلى افتقاد السياسة الخارجية المصرية لاستراتيجية واضحة في الدفاع عن مصالحها ، معتبرا أن هذه التصريحات سوف تسهم في خلق حالة البعاد بين العراق والدول العربية وستكرس النفوذ الإيراني. وأشار الأشعل إلى أن مبارك قد هدف من وراء هذه التصريحات إلى إيصال رسالة إلى واشنطن بأن القاهرة ستبقى الحليف الأقوى في المنطقة وأن رهانها على أي دور إقليمي هو رهان خاسر كما أن مبارك قد سعى لكسب دور واشنطن وتأييدها للتوريث الذي أصبح يشكل الهم الأول لدوائر صناعة القرار في مصر.