أن عقيدة الحروب الصليبية التي بدأها البابا أوربانوس و تابعه عليها بطرس الناسك صاحب شعار " احمل صليبيك علي كتفك و اتبعني " لم و لن تنتهي . إن الغزو التتاري الذي قام به مجموعة من الهمج الأوربيين و الذين حملوا الصليب شعار لهم ما زالت عقيدتهم تتوارثها الأجيال . و ها هي الأخبار تذيع علينا كل يوم بما يثبت و لا يدع مجالا لقول قائل , إن الحروب الصليبية التي بدأت في القرن الرابع الهجري لن تضع أوزارها إلا عند قيام الساعة , هكذا التاريخ يحكي , و هكذا الأحداث تسير , و كانت الحملات العسكرية التي بدأت في القرن التاسع عشر ما هي إلا امتداد للحروب التي بدأت في القرن الرابع الهجري , و ما كانت إلا للسيطرة علي بلاد المسلمين و بدأت الحملة الصليبية الشرسة علي بلاد المسلمين , فاحتلت فرنساالجزائر ثم تونس و المغرب و الانجليز علي مصر و الهند التي كان المسلمين هم المسيطرين علي الحكم فيها و هولندا علي أندونيسيا , و قامت ايطاليا بغزو ليبيا و غير ذلك . و استمرت الحملة علي بلاد العرب و المسلمين حتى سقطت الخلافة الإسلامية في تركيا , و من ورائها سقطت كل بلاد المسلمين , سواء تحت الاحتلال المباشر ,او الغير مباشر ,فقد اكتفت في بعض البلاد بتعيين حاكم علي البلاد بدرجة موظف في دائرة الخارجية البريطانية , و من الدول من وقع تحت الاحتلال الفكري بشكل أصبح الغرب قبلة لحفنة من مواطنيها , و تم تغيير كل نظم الحكم و الإدارة و الثقافة في البلد طبقاً لأفكارهم . ثم كانت الهجمة الصهيونية علي فلسطين . و باقي الدول العربية و كان من وراء إسرائيل كل الدول الصليبية في العالم , هذه الهجمة التي كانت تحت اشراف الكنسية الكثولوكية التي قامت بتبرأه اليهود من دم المسيح و التي قامت معظم كنائسها في العالم بنشر المسيحية الصهيونية و هي العقيدة التي تتبني أن إسرائيل هي الارض التي سوف تكون فيها عودة المسيح و علي ذلك لابد من مساعدة إسرائيل في قيامها و العمل علي الحيلولة دون تدميرها لأنها الأرض التي سوف يحكم منها المسيح العالم في المبعث الثاني . إن الفاتيكان لا يتواني برهة في ضرب الإسلام أو في إنشاء كتائب التنصير للقيام بتحركات تبشرية داخل العالم الإسلامي , و العمل علي نشر النصرانية في ربوع العالم الإسلامي , و لا يكتفي بذلك بل يقوم بمهاجمة الإسلام فقد تطاول بابا الفاتيكان بنديكتوس السادس عشر مرة ثانية على الإسلام بعد تطاوله من قبل على الدين الإسلامي وعلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم في محاضرة صليبية ألقاها في جامعة ألمانية قبل مدة. وفي هذه المرة لمز هذا البابا وغمز بالدين الإسلامي وبحمَلَته عندما صنَّفه ضمن ما ادعاه بالديانات الزائفة التي "تجعل الإنسان عبداً وتتحكم به بدلاً من أن يتحكم بها". واستخف البابا الصليبي بالمشاق والصعوبات والتضحية التي يكابدها المسلمون في سبيل دينهم عندما زعم أن: "الإنسان يعاني من أجل [الأديان الزائفة ومنها الإسلام] وأحياناً يموت" وذلك في إشارة لا تخفى على أحد أن القصد منها الاستشهاديون والمقاتلون في سبيل الله. وربط بنديكتوس السادس عشر بكل خبث وتعسف بين الإسلام وبين المخدرات وذلك عندما عطف الحديث عنها مباشرة بعد الحديث عن الإسلام فوضعهما في نفس الخانة فقال: "المخدرات التي تدمر الأرض بكاملها". ثم تحدث الباب بصراحة أكثر عن الإسلام عندما أشار إلى ما اسماه "سلطة الأيديولوجية الإرهابية" فقال: "على ما يبدو ترتكب أعمال العنف باسم الله، لكنها في الواقع هي ديانات زائفة يجب كشفها". وجاءت أقوال هذا الصليبي خلال افتتاحه لمجمع (سينودس الشرق الأوسط) الذي يُدرس فيه أوضاع النصارى في الشرق. وتباكى البابا في كلمته على نصارى الشرق الأوسط محذراً من اختفائهم كلياً من المنطقة التي وصفها بالمضطربة وهاجم بشكل صريح ما اعتبره (خطر الإسلام السياسي) ودعا إلى ابتعاد المسلمين عن نصوص الشريعة التي وسمها بالتطرف على حد وصفه. وانعقد هذا التجمع الصليبي برعاية البابا بعد صدور تقارير دولية تثبت أن الإسلام هو أسرع الأديان انتشاراً في العالم. إن إنتشار الإسلام داخل المجتمعات الأوربية سوف يسفر في الأيام القادمة علي ما هو أكبر من التصريحات و الشعارات التي يرفعها الساسة الآن , و لا أستطيع أن أصل إلي تصورات يمكن من خلالها التنبوء بما يمكن أن تفعله الحكومات الأوربية و معها الأحزاب و الحركات الشعبية الغربية المتطرفة في عدائها الشديد نحو الإسلام , و لكن نار الحقد الصليبي التي أشعلها البابابوات في القرن الرابع الهجري لن تهدأ و ستستمر , و سنعاني في الأيام القادمة من التطرف الغربي , و ما الحملة المستعرة علي النقاب و الحجاب في العالم الغربي إلا بداية لن تنتهي من جملة من التصرفات و السلوكيات التي سوف تصل بنا إلي ميدان الحروب الدينية التي لن يكون هناك مفر منها أمام المسلمون لكي يدوافعوا عند دينهم و معتقداتهم أما الحملة الشرسة التي لا تختلف فيها الملل المسيحية بينها و بين بعضها .