لا تجهد نفسك كثيرا في تمعن ما أقول، ويكفيك أن تحرك بأصبعك محرك البحث (للعم google) وانظر برهة في وزرائنا ووزرائهم.. تلحظ فرقا ليس كبيرا – ولكنه فارق – فستقرأ خبرا يقول ( وزير التعليم الياباني يستقيل بعد أن مزق طلاب المدارس اليابانية الكتب مع نهاية العام الدراسي)، وكان على ما أظن قد حمل نفسه المسئولية، وأنه فشل إذ لم يستطع جعل الطلاب يحترمون الكتاب. وتقرأ (في 2006 استقال وزير التعليم الكوري الجنوبي بسبب حالات تسمم طلاب، تناولوا وجبات إفطار لم تكن صحية «بقدرٍ كافٍ)، وتقرأ (في 2008 قدم وزير الزراعة الياباني استقالته بسبب سماح وزارته باستيراد أرز ملوث)، (وفي 2011 استقال وزير الداخلية البريطاني بعد العثور على رسالة بريد إلكتروني أثبتت أن طلبه استقدام مربية قد لقي «عناية خاصة")، ( وفي 2011 استقال وزير الاقتصاد الياباني بعد وصفه المناطق المهجورة المحيطة بمحطة فوكوشيما النووية المنكوبة بأنها تشبه (مدينة الموت)، حيث «آذى» هذا الوصف مشاعر السكان)، (وفي 2012 استقال وزير الطاقة والمناخ البريطاني بسبب «تحايله على النظام» بتسجيله غرامة تجاوزه السرعة على رخصة القيادة الخاصة بزوجته). فقل: إن هؤلاء مثاليون ويعيشون في المدن الفاضلة.. لكننا في بلادنا نعيش واقعنا وننظر إلى المسؤولية والمنصب بمنظار مختلف.. فوزراؤنا أكبر من هذه الترهات والسخافات فهم يقدرون حجم الحوادث والكوارث ويضعونها في موضعها ولا يأبهون بمثل هذه التفاهات، مثل: (تسمم مئات الطلاب في المدارس والجامعات فيحيلون الطباخ للتحقيق)، (واقتحام المدرعات وحراس الفضيلة للحرم الجامعي وقتل الطلاب وإهانة الأساتذة والطالبات بل وسحلهن ثم ينفي معالي الوزير بأن الشرطة ضربتهم بطلقات تلسع ولا تقتل فقط "تلسع")، وعندما (يسجن طلاب 17 سنة وفتيات 11 سنة لأنهم رفعوا إشارة، وطالب يحاكم لأنه يحمل مسطرة عليها شعار، ويفصل عشرات الطلاب في كل جامعة لأنهم تظاهروا) وعندما: (تدهس عجلات القطارات السيارات والمارة وتحول أجسادهم أشلاء ثم يكون الجواب أن هؤلاء المارة أغبياء وجهلة)، وفي المقابل (الرفق الإنساني الراقي لفنانة ضبطت سكرانة مع رجال ليسوا من بلدها)، (ومنتهى التعاطف مع ظروف فنانة ضبطت متلبسة بتجارة الهروين ..) واقرأ.. واقرأ.. واقرأ.. عن تحليل وزرائنا لمصائبنا لتعلم أن قبل 14 قرناً، ما قاله عمر بن الخطاب رضي الله عنه في استشعار استباقي للمسؤولية، حتى تجاه الحيوان: (والله لو عثرت بغلة في العراق لسألني الله عنها، لمَ لمْ تمهد لها الطريق يا عمر)! كان موجها للغرب وليس لنا، ولوزراء مثاليون لا يعيشون واقعنا الذي لا فرق فيه بين البشر وغير البشر. وإن كان عمر سبقهم إلى التاريخ ، ووزراء الغرب تحركت فيهم عقلية عمر وحملوا الفكرة فسبقونا إلى المستقبل. فيا وزراءنا إما أن تقتفوا أثر عمر، أو تلحقوا بنظرائكم.....