أظنك تنبهت منذ مدة أننا نحن معشر الكُتّاب حين نتحدث عن مصر الرائعة الخصبة الطيبة الولودة الموهوبة المبدعة الكريمة فإننا نتحدث عنها بصيغة "كانت" ، ونتمنى أن نتحدث عنها بفخر بصيغة "الحاضر" ، ومابين كانت والحاضر تقبع مصر حاليا وكأنها مكبلة بالأغلال فلا هي "أصبحت" ولا هي "أشرقت" ولكنها مع الأسف " أمست " إلا أنها تظل في أمانينا جوهرة أغلى من عيوننا ، وأظن أن قلمي سيتمرد على اكتئابي ذات يوم وسيكتب ما وجده مسطرا في فؤادي ، سيكتب عبارة فيها إصرار ، بدايتها تتكون من كلمة وحيدة هي كلمة "ستكون" ، ثم من كلمتين هما " ستكون مصر " ، ومن بعدهما ستكون كلمة وحيدة هي "ستعود " ثم من كلمتين فيهما دلالات عديدة هما " ستعود مصر " وسيسترسل القلم في أحلامه ، وما بين الحلم والواقع يتمزق فؤادي ، فقلمي يحلم ، وألمي ينمو ، وعلى حين غفوة من قلمي ويقظة من فؤادي يطاردني هاجس ، هل الوطنية وحب الوطن ضد الإسلام ؟! كيف يظن أحدهما أن الوطنية ضد الإسلام وأنا أكاد من فرط شوقي لسيدي وحبيبي سيد الخلق أجمعين أسمعه وهو يقول لبلده مكة ودموعه الطاهرة تنير الطريق من مكة للمدينة : والله إنك لأحب البلاد إليّ ولولا أن أهلك أخرجوني ما خرجت . يبدو أن هذه المقدمة حزينة نوعا ما مع أنني حينما جلست لأكتب كان في ظني أن أبعث قدرا من السرور في نفسك عزيزي القارئ ، الحقيقة أنا ساخر بطبعي والسخرية محمودة في بعض الأحيان ومذمومة في أحيان أخرى ، ولكن ماذا أفعل وقد خلقني الله ساخرا ؟ ورغما عن أنفي وأنف سخريتي وقعت صيدا ثمينا للاكتئاب !! هل تعرف لماذا اكتئبت ؟ نظرت من حولي وتصفحت الواقع وأنا أتمنى أن أجد شيئا سعيدا يمر بالوطن فلم أجد ، قلت لنفسي فليتحدث قلمي بصيغة المستقبل ، وليكتب " ستعود مصر " ، قلت لها ولكي تعود يجب أن تعرف أنها في حاضر سيئ وقد يكون القادم ليس في " جمال " السيئ ، وكأنني رأيت مصر تحاول أن تحتفظ بحسنها ولو لبرهة ، وكأنني أسمعها وهي تقول : لا فائدة سيغادرني حسني وإن غادرني سيغادرني أيضا كل قبحي ، فالزمن لا يُبقي على الحسن والقبح . وعلى حين غفلة من عقلي ووعيي رأيت مصر وقد أصبحت "جمهورية شعبان عبد الرحيم" أو " مملكة روبي " وما أدراك ما روبي ؟ وإذا أردت خبرها فاسأل عنها بيرلسكوني ، أما جمهورية شعبان عبد الرحيم أو مملكة روبي فعنهما أتحدث لاحظ أنني لا أتحدث عن مصر وسأقول لك إن جمهورية شعبان عبد الرحيم وتابعتها روبي وقعت صيدا ثمينا لاستعمار أو بالأحرى لاستخراب ثقافي واجتماعي واقتصادي ، وإذا بأسراب من الجراد تمتطى قمة البلاد وتستولي عليها ، رافعة لواء الجهل معبرة بفهلوتها عن الثقافة التى تحكمت فى عقول الناس ، ثقافة شعبان عبد الرحيم وروبى ، تلك الثقافة التى شعبلت المؤسسات والنقابات والأحزاب والتجمعات السياسية والفكرية ، فأصبح على كل مؤسسة أو نقابة أو حزب شعبان عبد الرحيم الخاص بها يقودها ويشعبلها ويضرب بسطحيته فى جذورها ، فكان أن وجدنا الحزب الاشتراكي الفلاني يصبح قائده وزعيمه الروحي الرفيق شعبان عبد الرحيم والذي يزين معصم الحزب الأيسر بساعة تقدمية ومعصم الحزب الأيمن بساعة وحدوية ويضع فى عنق الحزب سلسلة تسلقية انتهازية ، وإذا بالرفيق شعبان عبد الرحيم يحارب الرجعية فى الصباح ويخطب ودها عند الظهيرة ويرجع إليها فى المساء ، ثم إذا به يكتب شعراً فى صحيفته عن التقدمية والاشتراكية مادحاً إياها فى العلن فى الوقت الذى يقوم فيه بهري بدن الاشتراكية سباً وقذفاً عندما يراها جالسة وحدها فى غرفة مغلقة ، ثم ينهال عليها ضرباً كما يقول المثل البلدي "فين يوجعك" !! وبعد أن ينتهي من هذه العلقة يسارع إلى كأسه كي يلقى محتواه فى جوفه دفعة واحدة عاقداً العزم – سراً وليس وجهراً – على أن يعقد زواجاً عرفياً بين الرجعية والإمبريالية ذات الدولارات والاشتراكية الوحدوية ذات الروبلات... وهيييييييييييييييييييييييييييه....... وفى ذات الوقت ننظر لمعالي الباشا شعبان عبد الرحيم زعيم حزب الباشاوات وقد وضع على رأسه طرطوراً بدلاً من الطربوش من باب تحديث أفكار الحزب وأمسك منشة الأبهة كي يهش بها على أعضاء حزبه فمن رضي عنه ووجده غنيا أو كما يقولون " مريشا " أدخله فى "عشة" الحزب قائلاً له وفقا "للعرف" الذي يسير عليه الحزب "بيتك بيتك" .... ومن غضب عليه طرده بالمنشة إياها قائلاً له هش هش ... ولأن الباشا شعبان عبد الرحيم يحب البهرجة والمنظرة فلا مانع من كتابة تصريحاته الصحفية فى صحيفته على أنها تخطيط لمستقبل الأمة بأسرها ولا مانع من اعتبار شخبطة أبناء جنابه هي "دستور" "للحياة" في أمته ، كما أنه لا مانع لشعبان باشا أن يعقد إتفاقاً أبدياً لا تنفصم عراه مع بعض الشيوخ الطيبين أصحاب اللحى من أمثالي حتى يحصل على بعض مقاعد برلمانية ثم يقوم بعد تحقيق مصلحته بنتف لحى هؤلاء الشيوخ شعرة شعرة..... وهيييييييييييييييييييييييييييه....... كما لم يفت الأستاذ شعبان عبد الرحيم الوصولي أن يتقلد الأمور فى حزب آخر ديمقراطي ولأن الديمقراطية هى من حقوق المواطن – الأوروبي – فلا خير من الحديث عنها ومعنا فى بلادنا ،حيث نجلس حول الأستاذ شعبان عبد الرحيم فى ليالي الشتاء الباردة أمام الدفايات المعطلة – إذ انقطعت الكهرباء – نسمع الحكاوي الجميلة عن الغول والعنقاء والخل الوفي – وفي رواية أخرى الغول والعنقاء وديمقراطية البلهاء – ثم نذهب بعد الاستماع لهذه الحكاوي الجميلة إلى نهر النيل كي نغسل وجوهنا – إذ أن المياه مقطوعة فى الصنابير – فنجد أن الديمقراطية استولت فجأة على السيد الوزير / شعبان عبد الرحيم فسارع إلى ردم جزء من النيل إذ أنه اكتشف بعد أن استيقظ مبكراً ، ونظر إليه من وراء زجاج قصره ، فوجد أن التلوث قد أفسد الماء فأراد أن يخلصنا بديمقراطيته من هذا التلوث المقيت ، فما كان من الناس إلا أن قالوا الذي لا يعرف فى الديمقراطية يقول : إن هذا هو النيل ... وفى قول آخر نيلة ....... وهيييييييييييييييييييييييييييه...... ثم إذا بالطامة الكبرى تحل بنا وعلينا إذ تقلدت عائلة شعبان عبد الرحيم بأكملها مقاليد الأمور فى كافة الوزارات من أعلى رأسها إلى أخمص قدمها ، ظهرت الوعود وتحدثوا عن البرامج الاقتصادية وليس التليفزيونية وانتهى المولد الأول مولد سيدي " أبو كارثة " وبعد انتهاء المولد نام شعبان عبد الرحيم وترك المولد بعد أن أخذ كل "الحمص" أما الأخوة وزراء حكومة شعبان عبد الرحيم – وفى قول آخر الأخوة كرامازوف – فقد تربعوا على كراسي الوزارات ، فأصبح الأخ شعبان عبد الرحيم وزيرا إعلامياً نظراً لفصاحته وبلاغته وقدرته على التمييز وشبهه العجيب بالممثل الراحل عبد الفتاح القصري ويحكى أنه جلس يقرأ فى إحدى كتب الفلسفة العميقة فقرأ " ث فتحة ثاء .... ع سكون أع ... ب فتحة باء أ سكون آء ن ضمة نون " وعندما نظر إلى الصورة وأراد أن يقرأ هذه الحروف فنطقها " حنش " . أما قرينه الأخ شعبان عبد الرحيم فرجل متقد الذكاء لامع العينين قوى الملاحظة لا تفوته شاردة أو واردة ويحكى أنه استطاع عندما ذهب إلى حديقة الحيوان لأول مرة عندما أصبح وزيرا للزراعة أن يلاحظ من تلقاء نفسه ودون معاونة من آخرين أن هذا الحيوان الضخم صاحب الزلومة هو " الزرافة " وقال لمعاونيه وهو يقلب حروف اللغة : هذه "ظرافة " وعندما قيل له :كيف عرفت هذا يا سيادة "الو زير" ؟ قال لأنه حيوان " ظريف " والكارثة أن كل الأخوة شعبان الذين يجثمون على صدور المواطنين في جمهورية شعبان عبد الرحيم ويكتمون أنفاسهم على ذات شاكلة الأخوين السابقين. ألا يحق لنا ونحن نتحدث بصيغة الحاضر أن نقول ماذا ننتظر من جمهورية تشكلت بثقافة الشعبلة إلا كل إرتباك وكعبلة. وهيييييييييييييييييييييييييييه...... [email protected]