البيان الختامي لقمة بغداد: إطلاق مبادرات عربية في الذكاء الاصطناعي وتعزيز العمل التكنولوجي المشترك    القمة العربية تدعو للحوار في سوريا ووقف الحرب بغزة وحكومة سودانية مستقلة    ترامب يطالب الفيدرالي الأمريكي بخفض الفائدة عاجلاً وليس آجلاً    اتحاد السلة يعلن عقوبات قمة الأهلي والزمالك    صحة الدقهلية: إغلاق 2100 منشأة غذائية مخالفة وإعدام 31 طنًا خلال 3 أشهر    عيد ميلاده ال85| عادل إمام.. رحلة نجم خلد نفسه في تاريخ المسرح العربي    جناح مهرجان القاهرة السينمائي الدولي يفوز بجائزة أفضل جناح في سوق مهرجان كان السينمائي متفوقا على 150 دولة    بحضور وزير الشباب والرياضة.. مركز شباب الرملة يتوج ببطولة القليوبية    احتفالاً باليوم العالمي للمتاحف.. المنيا تحتضن الملتقى العلمي الخامس لتعزيز الوعي الثقافي والتاريخي (صور)    رابط جدول امتحانات الشهادة الإعدادية 2025 في محافظات الوجه البحري    بعد قرار النيابة العامة بإحالة أوراق المتهم للجنايات.. تفاصيل جديدة يكشفها دفاع المتهم ل "الفجر " في القضية    وزير الدفاع يشهد مناقشة البحث الرئيسى لهيئة البحوث العسكرية.. شاهد    بنك saib ينظم ندوة تثقيفية بمحافظة الأقصر ضمن فعاليات اليوم العربى للشمول المالى    بعد جدل «جواب» حبيبة العندليب.. كيف تحدثت سعاد حسني عن عبدالحليم حافظ؟    باحث: القمة العربية المنعقدة في بغداد تأتي في لحظة فارقة    موجة حارة تضرب البلاد.. درجات الحرارة تصل إلى ذروتها في بعض المناطق    انتشال جثمان شاب غرق أثناء استحمامه بترعة البحر الصغير في الدقهلية    حبس عامل بمغسلة متهم بالتعدي على طفلة في بولاق الدكرور    بسبب عدادات الكهرباء..آخر فرصة لتظلمات سكن لكل المصريين 5    جدول مواعيد الصلوات الخمس في محافظات مصر غدًا الأحد 18 مايو 2025    الزمالك يتوصل لاتفاق مع لاعب أنجيه الفرنسي    المخرجة مي عودة: الوضع يزداد صعوبة أمام صناع السينما الفلسطينية    فيلم فار ب 7 أرواح يفرض نفسه على دُور العرض المصرية (تفاصيل)    بمناسبة مرور 80 عامًا على تأسيسه.. «قسم جراحة المسالك البولية بقصر العيني» يعقد مؤتمره العلمي    تُربك صادرات الدواجن عالميًا.. أول تفشٍ لإنفلونزا الطيور يضرب مزرعة تجارية بالبرازيل    "إلى من شكك في موقفنا".. عضو مجلس إدارة الزمالك يكشف تطورًا في أزمتهم مع الراحل بوبيندزا    كلية التجارة بجامعة القاهرة تعقد مؤتمرها الطلابي السنوي الثاني تحت شعار "كن مستعدا" لتمكين الطلاب    المشروعات الصغيرة والمتوسطة ب"مستقبل وطن" تناقش خطة عمل الفترة المقبلة    لبيك اللهم لبيك.. محافظ المنيا يسلم ملابس الإحرام لحجاج القرعة.. فيديو    هل يجوز سفر المرأة للحج بدون محرم؟.. الأزهر للفتوى يجيب    آخر تحديث للحصيلة.. إصابة 46 طالبة بإغماء في جامعة طنطا بسبب ارتفاع الحرارة -فيديو    فليك: نريد مواصلة عدم الهزائم في 2025.. وعانينا بدنيا بالموسم الحالي    جراحة دقيقة لتحرير مفصل الفك الصدغي باستخدام الذكاء الاصطناعي في مستشفى العامرية    هل يجوز توزيع العقيقة لحومًا بدلًا من إخراجها طعامًا؟.. أمين الفتوى يجيب    بالأسماء، ارتفاع عدد المصابات بإغماء وإجهاد حراري بتربية رياضية طنطا ل 46    عيد ميلاده ال 85.. ماذا قال عادل إمام عن كونه مهندسا زراعيا وموقفا لصلاح السعدني؟    وزارة الزراعة تعلن تمديد معرض زهور الربيع حتى نهاية مايو    "الزراعة" تطلق حملات بيطرية وقائية لدعم المربين وتعزيز منظومة الإنتاج الداجنى    إطلاق قافلة بيطرية لتحسين صحة الثروة الحيوانية في الشيخ زويد ورفح    الأوقاف: الطبيب البيطري صاحب رسالة إنسانية.. ومن رحم الحيوان رحمه الرحمن    أكاديمية الشرطة تنظم ندوة حول الترابط الأسري وتأثيره علي الأمن المجتمعي (فيديو)    «أم كلثوم من الميلاد إلى الأسطورة» في مناقشات الصالون الثقافي بقصر الإبداع    وفاة ابن شقيقة الفنان عبد الوهاب خليل.. وتشييع الجنازة في كفر الشيخ    قرار هام من التعليم ينهي الجدل حول «عهدة التابلت»    «فتراحموا».. الأوقاف تحدد موضوع خطبة الجمعة المقبلة    باسل رحمي: جهاز تنمية المشروعات يحرص على إعداد جيل واعد من صغار رواد الأعمال و تشجيع المبتكرين منهم    وزير التعليم العالي: المترولوجيا أحد ركائز دعم قطاعي الصناعة والبحث العلمي لتحقيق التنمية المستدامة    مستقبل وطن: القمة العربية ببغداد فرصة لتعزيز الجهود وتوحيد الصفوف    فتح ترحب ببيان دول أوروبية وتدعو لإلغاء اتفاقية الشراكة مع إسرائيل    تحرير 143 مخالفة للمحال غير الملتزمة بقرار مجلس الوزراء بالغلق    فص ملح وداب، هروب 10 مجرمين خطرين من السجن يصيب الأمريكان بالفزع    الرقصة الأخيرة.. إيفرتون يودع ملعب "السيدة العجوز الكبرى"    أسعار ومواصفات شيفرولية أوبترا موديل 2026 في مصر    حكم من نسي قراءة الفاتحة وقرأها بعد السورة؟.. أمين الفتوى يوضح    زعيم كوريا الشمالية يشرف على تدريبات جوية ويدعو لتكثيف الاستعداد للحرب    مسودة "إعلان بغداد" تشمل 8 بنود منها فلسطين والأمن العربي والمخدرات والمناخ    تشيلسي ينعش آماله الأوروبية بالفوز على يونايتد    أكرم عبدالمجيد: تأخير قرار التظلمات تسبب في فقدان الزمالك وبيراميدز التركيز في الدوري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فلسفة الموت والحياة
نشر في المصريون يوم 02 - 11 - 2010

قضايا الوجود والعدم وفلسفة الموت والحياة والحكمة من الخلق وما بعد البعث والنشور، قضايا حيرت العلماء والفلاسفة ووقف الخلق أمامها مشدوهين وجلين، تقتلهم الأسئلة الوجودية:
أين المفر وإلى أين المسير وكيف المصير؟
ما جدوى الحياة إذا طحنت المخلوقين بأزماتها، وأهلكتهم بصراعاتها؟
ما غاية الخلق إذا كان الفناء مسيره و مصيره؟
أهي فعلا تلك الدار ذات البابين، والخلق داخلين من أحدهما وخارجين من الآخر، علام البذل والجهد إذا تساوت كل الحقائق أمام هذا الأمر العظيم الجلل.
كثيرا ما كنت أعجب لمقولة الإمام علي رضي الله عنه: "ما رأيت حقيقة الناس منها في شك كالموت، كأنه على غيرنا كُتِب".
ليس ثمة حقيقة في الدنيا أجمع عليها الناس على اختلاف أديانهم ومذاهبهم وفلسفاتهم ومشاربهم ومللهم ونحلهم كالموت، تلك الحقيقة المطلقة، صارخة البيان، زاعقة الصوت، مجللة الدوي، تأخذ بتلابيب الإنسان: عقلا وجسدا، نفسا وروحا حتى لا تدع له مفر، ولا مهرب، الموت كأس وكل الناس شاربه.
وما رأينا شيئا أسرع نسيانه على الإنسان من الموت كأنه على غيرنا كُتب، وكأنه لغيرنا خُلق، وما خلق الله الموت والحياة إلا ليبلونا أيّنا أحسن عملا، وكما قيل إن أحسن العمل أخلصه وأصوبه.
ما هذا القطار الكبير بحجم البشر أجمعين، السريع بسرعة انقضاء الدنيا وزوالها، هذا القطار الذي يركبه البشر جميعا، ثم في صمت وسكون يغادر كل من جاءت لحظة نزوله، يغادر بلا استئذان، وبلا وداع، وبلا تردد، وبلا مقدمات.
الموت: حقيقة كسرت هام الجبابرة وأزلت الطواغيت وقهرت الملوك وهزمت من جعلوا أنفسهم أربابا للخلق من دون الله.
الموت: كتبه الله على الصالحين والطالحين، على الأشرار والخيرين، على أهل الدنيا وأهل الآخرة.
يأخذ أحبابنا وصداقات عمر مضى وعلاقات تراكمت على مر السنين، ويظل التعلّق بمن فارقونا ولا زالت ذكراهم باقية لا يزيدها كرّ السنين ومرور الأيام إلا رسوخا، وما أصدق ما قال صلاح عبد الصبور:
يا موتانا ذكراكم قوت القلوب **** في زمن عزّت فيه الأقوات
قتل التشاؤم والحزن رهين المحبسين الشاعر أبا العلاء المعري ولسنا مثله، ساوى بين نوح الباكي وترنّم الشادي وليسوا سواء، وأعلن في وضوح وحزم:
رُب لحد قد صار لحدا مرارا ***** ضاحك من تزاحم الأضداد
ولسنا نرى قبورنا تملأ الرحب، وقد جُعِلَت لنا الأرض مسجدا وطهروا.
ونعلم أين القبور من عهد عاد، فهي عند رب العالمين؛ إلى الله مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين.
والخلق أجمعين تفرحهم ضحكة الصغار وألعابهم ويقتلهم الخوف عليهم، والتفكير في مستقبلهم، رغم رفع أغلبهم شعار: للكون مدبّر، إلا أن الخوف على الأبناء أمر مركوز في فِطَر البشر، ولولا زغب القطا، لا يعرفون لمن يتركونهم.
حزنا مترعا بالدهشة، ممزوجا بالألم على من فارقونا فأقفرت الدنيا منهم.
إخوانا ما ظننا لحظة أن الدنيا تخلو منهم.
أه منهما ... طول الأمد، وطول الأمل، كم ضيع على الناس من فرص مع من لا تضيع عنده الودائع، ومرت سنين وأعمار، وما أنت إلا أياما مجموعة كلما مر يوم مر بعضك.
كم ودعنا أحباء أقفرت الدنيا من بعدهم وخلت من واحات الظل في هياجير صحراوات وعلاقات مادية ميكانيكية أقفرت الروح من وطأتها.
أهذا الذي سماه عمر الفاروق "ظمأ الهواجر" وما كان يقصد إلا الصوم في حرّ صحراء الجزيرة.
أما نحن فنعيش ظمأ حقيقيا ونحن يقتلنا هواء أجهزة التكيف البارد المصطنع.
نودع أحبابنا ونعلم يقينا أن الدنيا لن تجود بمثلهم، ولم يعد في الأعمار متسع حتى تبنى صداقات تثمر بعد عقدين من الزمان، ولم يعد في قوس الصبر منزع.
أهذا الذي سماه الحديث إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فإن استطاع أن يزرعها فليزرعها، تزرع نخلا تعلم يقينا انك لن تأكل منه، لكن ربما أكل منه أولادك.
أهذا معنى الآية وكان أبوهما صالحا، فيعقّب الخير حتى الولد السابع وليس الأولاد المباشرين.
ما أعجب فلسفة الموت والحياة
كان الموت يمثل انقطاعا في التصور البشري فجاء الدين (وختام شرائعه الإسلام) وجعل من الحياة الدنيا مزرعة للآخرة، وقال أعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا وأعمل لآخرتك كأنك تموت غدا، فخلق التواصل والانسجام بين الحياتين وليس ثمة أثرا لصراع أو تناقض وجعل بينهما الحياة البرزخية في القبر إما حفرة من حفر النيران أو روضة من رياض الجنان. والقبر كما قال الحبيب محمد: أول منازل الآخرة.
لهذا لا يكره المؤمن الموت ولا يخشاه ولا يقتله النظر إلى المجهول ولا يحيره سؤال المسير والمصير، فهو يعلم مبدأه ومنتهاه يعلم الغاية من خلقه وإلى أين المصير، يعلم أنه موقوف ومحاسب ومسائل، فيعد للسؤال جوابا، ويعد للحساب بيانا يقيه لفحة الهجير: هجير الصراط وهجير العَرْض وهجير الموقف بين يدي حكم عدل لا يظلم عنده أحد، ويعد للرحلة زادها وزوّادها، يعلم علم اليقين أن الدنيا استراحة مسافر، دار ممر وليست دار مستقر، وأن موته هو انتقال من منزل إلى آخر وهي منازل السائرين إلى رب العالمين، أو كما قال عبد الله بن عمرو t: "إنما مثل المؤمن حين تخرج نفسه أو روحه مثل رجل بات في سجن فأخرج منه فهو يتفسح في الأرض ويتقلب فيها".
وقد أجاد أبو حامد الغزالي التعبير عن هذا المعنى في إحياءه حين قال: "واعلم أن المؤمن ينكشف له عقيب الموت من سعة جلال الله ما تكون الدنيا بالإضافة إليه كالسجن والمضيق، ويكون مثاله كالمحبوس في بيت مظلم فتح له باب إلى بستان واسع الأكناف لا يبلغ طرفه أقصاه، فيه أنواع الأشجار والأنهار والثمار والطيور، فلا يشتهي العود إلى السجن المظلم".
وأجود منه قول الغزالي قول الحبيب محمد r: ما أنا إلا كراكب استظل بظل شجرة ثم راح وتركها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.