أربعون مترًا فقط، هذا كل ما يحلمون به، فلم يحلموا بالقصور أو بالمنازل الواسعة، فقط أربعة جدران تحميهم من البرد والمطر، تحفظ ماء وجوههم من التطفل على أحد غرف منزل شقيق أو جار، تحميهم من النوم كأسرة كاملة في بئر سلم أحد المنازل، تحميهم من مجابهة مخاطر النوم تحت كوبري، وهكذا أصبحت الأربعون مترًا الحلم المستحيل في محافظة القليوبية. ديوان المظالم ب "المصريون" ذهبت لتسمع شكواهم.. خليل عبد المجيد عمر، الذي يمشي على عكاز ويحارب للحصول على شقة من المحافظة منذ عهد المخلوع مبارك، وكان غضبه لأن أصحاب الأملاك والعمارات هم الذين حصلوا على الشقق في القرعة، وكأنه لم تقم ثورة، فمازال الفساد والإهمال في العمل موجودًا، وأعلن أنه سيدخل في اعتصام مفتوح وإضراب عن الطعام حتى يستلم شقته أو يموت. وحسني حنفي محمود قال بصوت مرتفع شاهرًا عقد إيجار "عقد الإيجار الذي أملكه دليل كاف"، وكان عقد الإيجار من مالك يدعى حسن فتحي محمد حسن، قائلًا: "هذا أحد من حصلوا على شقق المحافظة رغم أنه يملك عمارة أسكن فيها ب300 جنيه في الشهر"، موضحًا أن صاحب العقار طرده في الشارع عندما علم أنه يعتصم أمام منازل المحافظة اعتراضًا على حصوله على شقة. وأكد حسني حنفي محمود، أحد المعتصمين، أن جارة مدير بنك حصل على شقة، وحتى تاجر الملابس في شارعه حصل على شقة، مشيرًا إلى أن تليفونًا واحدًا من محافظ القليوبية تم ضم 49 شخصًا كانوا مستبعدين من القرعة. أما سوسن فهي حالة مأساوية فهذه السيدة التي طُلقت ثلاث مرات ولديها طفلان أحدهما أصبح معاقًا إثر حادث سيارة، لا تجد مكانًا يأويها وطفليها سوى تحت كبري، قائلة إن الحكومة تعتبرهم بلطجية. أما المعاقون المتقدمون لقرعة إسكان المحافظة وعددهم 25 معاقًا، فلم يهتموا بذكر اسمائهم، ولكنهم قالوا: "نحن أكثر المستحقين فلدينا عجز كامل ورغم ذلك حصل أصحاب الأملاك على شقق يقوموا بتأجيرها وأكد لنا المهندس نور فرج، عضو لجنة سحب القرعة، كشاهد عيان كم المخالفات التي حدثت يوم القرعة، واجتمع مع المعتصمين في دار مناسبات أحد المساجد، وأكد لهم عدم وجود أحد من المسئولين على منصة سحب أسامي الأشخاص الفائزة، وأنه لم يحضر سوى رئيس اللجنة ولمدة خمس دقائق فقط. توجهنا بالمشكلة للمسئولين لنرى إمكانية حلها.. فأكد المهندس محمد طنطاوي، سكرتير عام المحافظة، أن ثمن الاستمارات التي بيعت للمتقدمين لطلب وحدة سكنية بلغت ألف جنيه، يسترد في حالة عدم نزول اسم المتقدم في كشف القرعة، فهي مجرد ثمن تأكيد جدية الطلب، مشيرًا إلى أن هذه الأموال لا تدخل في وديعة أو أي حساب بنكي يمكن أن يخرج من ورائه أي فوائد، إنما توضع في حساب دائرة، وهذا الحساب ليس له فوائد، ففي حالة مطالبة أحد المواطنين لاسترداد نقوده يستردها على الفور.
كما نفى طنطاوي ما ذكر في أحد الجرائد القومية عن أن مجلس مدينة القليوبية أعلن عن فوز 480 مستحقًا من بين 500 وحدة سكنية، مبينًا أن عدد الوحدات السكنية محددة ب267 وحدة، يخصم منها 13 وحدة وهي بنسبة 5% المخصصة لذوي الاحتياجات الخاصة وعددهم 25 معاقًا، مشيرًا إلى أن وزارة الأوقاف هي الجهة التي قامت بالتنفيذ، وأن دور المحافظة ومجلس المدينة مقتصر على بحث الحالات وتوزيع الوحدات التي أكدت عليها وزارة الأوقاف على المستحقين من أهالي القليوبية. وقال طنطاوي إن الأمر المباشر الذي أصدره المهندس محمد عبد الظاهر، محافظ القليوبية، بتليفون لوضع 49 اسمًا داخل صندوق القرعة ليس به أي تجاوز، لأن البحوث الاجتماعية التي أجريت عليهم من وزارة الشئون الاجتماعية تؤكد أحقيتهم في القرعة، ولكن مقدم ضدهم طعون من المتقدمين الآخرين، ودور المحافظة هو مراجعة القراءات التي قامت بها الشئون الاجتماعية لتحدد من المستحق من غير المستحق، وفي النهاية لن يستلم أي شخص يمتلك أي ممتلكات حتى إذا كان ذكر اسمه في القرعة. وأوضح طنطاوي أن العدد المذكور في كشف القرعة والبالغ 815 متقدمًا عدد كبير بالنسبة لمركز قليوب، فيوجد بالمحافظة سبعة مراكز وثلاث مدن وحيان، وهذه المراكز تحتاج إلى 15 ألف وحدة سكنية إذا قام كل مركز بتسليم هذا العدد من الوحدات السكنية. وأكد طنطاوي أن المحافظ أمر بتشكيل لجنة لإعادة بحث ودراسة ملفات المواطنين المتقدمين للقرعة، للتأكد من استحقاقهم من عدمه، مشيرًا إلى أنه لحين البت في هذا الأمر تقرر وقف تسليم الشقق للفائزين، مضيفًا أن المحافظة أرسلت رسالة إلى وزارة الأوقاف تناشدها تخصيص الدور الأول والثاني من كل منشأة اقتصادية إلى الوحدات السكنية المخصصة للقرعة، فهي وحدها المسئولة عن إقرار ذلك، إلا إنه استبعد أن تتخذ المحافظة أي إجراءات عقابية على خطأ لجنة البحث الاجتماعي، قائلًا إن رئيس المدينة عرض مذكرة على المحافظ بخصوص ما شابه أعمال اللجنة من مخالفة.