بدعوة كريمة من معرض الشارقة الدولي للكتاب 6 16 نوفمبر 2013 تم دعوة الكاتب الروائي خليل الجيزاوي لاقاء ورقة بحثية تحت عنوان (حب القراءة .. حب الكتاب) وذلك بملقى الكتاب الساعة 7 9 مساء السبت 9 نوفمبر 2013 وشارك في الندوة الكاتبة الأمريكية أليس لابانت والكاتبة الكندية ميلاني واط وأدارت الندوة الكاتبة الاماراتية فتحية النمر و قال الروائي خليل الجيزاوي في كلمته: "إن فعل القراءة يتطلب وجوبًا فعل الكتابة حيث تتحول القراءة من فعل استهلاك النص إلي فعل إعادة إنتاج النص ولا يتحقق هذا الشرط إلا متى وجدت علاقة ما تنشأ بين القارئ والنص، علاقة حميمة، علاقة رغبة واشتهاء متبادلة تمامًا مثل علاقة الإنسان بحاجته للطعام أو الجنس. فمفهوم حب القراءة من خلال هذا التصور هو ما اصطلح عليه في نظرية الأدب ب لذة القراءة إن لذة القراءة عند بارت تجعل النص لا يكشف عن مفاتنه إلا لقارئ ملحاح في معاشرة النص معاشرة تامة، تعيد قراءة النص حتى يتعرف القارئ علي خصوصية النص. ولفت إلى أن مستويات القراءةتكون كالتالي: أولا القارئ العجول: وهو قارئ لا يبحث عن الإفادة الحقيقية بمتعة القراءة وإنما يكتفي بمطالعة العناوين الرئيسة حتى يأخذ فكرة عن الموضوع، هذه القراءة السطحية لا تنتج إلا ثقافة ضحلة، تمامًا مثل ثقافة الفيشار، والفيشار مهما تأكل منه لا تشبع أبدًا، تمامًا مثل هذه القراءة التي لا تنتج ثقافة أبدًا. ثانيًا القارئ التفاعلي: هو قارئ يبحث عن الإفادة والمتعة الحقيقية وهذا النوع من القراءة يتطلب نوعًا من الدُربة علي ممارسة فعل القراءة بطريقة يومية تجعل هدف المتلقي هو البحث عن الإفادة والمتعة، وهذا وهو القارئ التفاعلي الذي لابد أن يكون لديه مهارات متعددة مثل: 1 أن تكون لديه القدرة علي الاستيعاب الجيد والنفس الطويل للقراءة. 2 أن تكون لديه القدرة علي تجميع المعنى الإجمالي للنص. 3 أن تكون لديه الرغبة لتكرار فعل القراءة أكثر من مرة للنص الواحد. وهنا يشير إلى قول العقاد: (إنني أفضل قراءة الكتاب الواحد ثلاث مرات علي أن أقرأ ثلاثة كتب كل كتاب مرة واحدة). ثالثا القارئ المثالي: قدمت نظرية جماليات التلقي والتواصل الافتراضي والسميائيات ونظرية الأدب تصنيفات كثيرة في مفهوم القارئ المثالي كسلطة نصية أو كقارئ مشارك في بناء المعنى وبالتالي يصبح هذا القارئ قارئًا تفاعليًا وجزءًا أساسيًا في عملية الإنتاج الأدبي. إن القارئ المثالي يُنظر إليه كذات تمتلك وعيًا عميقًا بالجنس الأدبي المقروء يعرف مكونات النص الداخلية وهو ما يعرف بجماليات التلقي. إشكالية التلقي: هناك أبحاث كثيرة في إشكالية التلقي مثل سيكولوجية القراءة، وسوسيولوجية القراءة، وفي جماليات التلقي، وكلها تهدف إلي التوقف حول رصد هذه الظاهرة. مشيرا إلى أن المشكلة الأساسية التي واجهت دكتور طه حسين عند دراسته بالأزهر هي إشكالية التلقي، فالشيوخ كانوا يطالبونه بحفظ النص، وهو ظل يناقشهم ويجادلهم رافضًا حفظ النصوص كالببغاء. إنه يتمنى أن يفهم النص أولا، وهم يطالبونه أن يحفظ النص أولا وأخيرًا. ومن هنا كان الخلاف ثم الصراع، وكانت النتيجة أن هجر طه حسين الدراسة بالأزهر والتحق بالجامعة الأهلية منذ العام الأول لنشأتها (كلية الآداب جامعة القاهرة)؛ ليصبح طالبًا ثم أستاذًا ثم عميًا لكلية الآداب ثم وزيرًا للمعارف، وهكذا حقق طه حسين كل هذا لأنه تغلب علي إشكالية التلقي العقيمة التي كانت تسود الدراسة بالأزهر وقتها، وهي التي كانت تعتمد علي التلقين والحفظ، ولا تجنح إلي الشرح أو الفهم أو الاستيعاب. وتحدث عن حب القراءة فقال: هنا نجد نموذج الكاتب الكبير يحيى حقي ماثلا وحاضرًا متى سمعنا جملة (حب القراءة) يقول يحيى حقي: "عاهدت نفسي منذ الصبا علي أن أكون دودة كتب، ألتهم كل ما تقع عليه عيني ويدي، حتى لو كانت ورقة ملقاة في عرض الشارع". وهنا يتجلى مفهوم يحي حقي في حب القراءة وهو الشغف بالقراءة؛ ليصل إلي آفاق المعرفة الحقيقية، وهو نموذج أحاول مجتهدًا أن أتلمس الطريق نحو تحقيق الهدف منه. وتساءل الجيزاوي في ختام ورقته: هل نحن كأمة عربية تحب القراءة؟ ليفاجئ جمهوره بقوله: لا؛ معللا أن لدينا 97 مليون عربي أميّ لا يعرفون مبادئ القراءة والكتابة. إن ناشر روايات نجيب محفوظ (قبل حصول محفوظ علي جائزة نوبل عام 1988) ظل لسنوات طويلة يشتكي دومًا أن طباعة أفضل رواياته (ثلاثة آلاف نسخة) يظل يوزعها خلال ثلاث سنوات، بواقع ألف نسخة كل عام ... ثم تساءل: وهل هذا يليق بأمة اقرأ؟ مؤكدا أن فعل القراءة يُضيف إليك عزيزي القارئ أضعاف عمرك، عندما تقرأ كتب طه حسين والعقاد ونجيب محفوظ ساعتها ستضيف عُمر هؤلاء الأدباء العظماء إلي عمرك؛ لأن عُمر الأديب يُختزل فيما تركه من كتب. فمتى .. متى نضيف أعمار طه حسين وتوفيق الحكيم وعباس محمود العقاد ونجيب محفوظ إلي أعمارنا ... متى؟