المصريون .. اليوم تنشر المقال الذي رفضت "المصري اليوم" نشره للدكتور محمد سليم العوا.. والمقال يعتبر درسا رفيعا في طريقة التعاطي مع الملف الطائفي.. فالعوا كعادته كان ممتلئا وثريا، وقد كنت مندهشا أن يلقن "محرر" في "المصري اليوم" للفقية الدستوري الكبير دروسا في "الوطنية" ويضع له الخطوط الفاصلة بين ما هو "طائفي" وما هو "وطني".. ولكنه زمن التوريث وثمن الاحتفاظ على "سبوبة" تقدر ب 50 ألف جنيه كراتب شهري، لم تكن تخطر بباله يوما ما.. ولا زالت بيد حامل الشيكات القبطي .. الذي يملك حق "الفيتو" على أي قرار داخل الجريدة. مصر.. في خطر حقيقي.. والدولة المدنية على محك أخطر، وتدليع الكنيسة والطبطبة على كتف قيادتها الدينية، وفرض حصانة صحفية عليهما ومصادرة أي رأي ينتقدهما .. فيما هما يلعبان بالنار قرب براميل الفتنة المكتظة بالبنزين.. يعتبر تواطؤا على "حرق البلد" ولا يمكن السكوت عليه أو اتباع سبيل المجاملة مع "المتواطئين" حتى لو كانوا ذوي قربى مهنية أو فكرية. من هنا فإن فضح هذا التواطؤ يظل مهمة وطنية سامية، وكل من يتخلف عنها، يبقى جزءا من هذا التواطؤ الأقرب إلى المؤامرة على أمن البلد ووحدته وصيانته من مخططات التفتيت واللبننة. ما يجري اليوم.. يعتبر أهم مرحلة "فرز" حقيقي لكل من يتصدر المشهد الصحفي والفكري والسياسي في مصر.. وقد أثمر هذا الفرز نتائج مدهشة، حيث كشف عن اللوبي الذي لا يتورع في التخلي عن البلد في أحلك ظروفه الداخلية نظير الاحتفاظ بجيبه منتعشا وكرشه منتفحا وحساباته البنكية مكتظة بكل أنواع أوراق البنكنوت.. نظير أن يبقى "النجم" الأوحد في "لعبة الكوتشينة" المنتشرة الآن على الفضائيات المخصصة في توصيل القبول بفكرة التوريث "دليفيري" إلى منازل المصريين! ظهرت اليوم نخبة.. كل دورها هو التجارة في "اغشية البكارة الصحفية" للتستر على الفضائح.. ورجال أعمال ينفقون بسخاء على مشاغبي الصحافة ممن يجيدون الشوشرة واطلاق قنابل الدخان لاخفاء جرائم كبرى ترتكب في حق البلد.. ولكل وجهته وأجندته سواء كانت خاصة أو مرتبطة بمشروع سياسي أو طائفي خبيث.. والأخطر في المشهد اجمالا ان "البغايا" ورواد "علب الليل" وراقصي "الاستربتيز" يمثلون علينا اليوم دور "الشرفاء" والأيادي المتوضئة وينزلون أنفسهم منزلة من هم ازكى واطهر من دون العالمين! مشكلة مصر الحقيقية أنها لا تدري ولا تعلم بحجم مصيبتها.. ولا تشعر بأنها بلد مخطوف.. اختطفه النصابون .. أثرياء النصب باسم الوطن والوطنية والمهنية والليبرالية والتنوير والعقلانية والاصلاح وكل تلك الأفيهات المعلبة والجاهزة والتي باتت من لوازم أدوات النصب على الرأي العام. ما يجري اليوم .. قد يبدو وكأنه شر كله.. والحال أنه ليس كذلك بل ربما يكون محنة للفرز والتمحيص وتصنيف المعادن وإعادة رسم خريطة القوى الوطنية المصرية من جديد على نحو واضح وجلي لا تختلط فيه "خنادق" المناضلين الوطنيين الحقيقيين مع قلاع وقصور وفلل النصابين الجدد. [email protected]