تأثرت كثيرا بالكلمات المشحونة حزنا وأسى التي كتبها الدكتور أيمن نور معلنا فيها طلاقه رسميا من زوجته السيدة جميلة إسماعيل. الطلاق حق مشروع، ومنغصات البيوت الزوجية فاكهة مرة لابد منها وليست مدعاة للخجل أو الإنكار، فمن منا لا يختلف مع زوجته، ومن لا تصل الأمور بينهما أحيانا إلى نقطة اللا عودة، يذهب كل منهما لحال سبيله وفي ذاكرته الذكريات الحلوة أو الحزينة، وبينهما وشائج وحبال لا تنقطع من البنين والبنات. لكن الأسى في ما وصلت إليه الأمور بين أيمن وسنده القوي طوال سنوات سجنه، السيدة طليقته حاليا، تلك الاستنتاجات التي نستخلصها من بين سطور مقال الطلاق الحزين الذي كتبه نور يوم الخميس الماضي على صفحته الشخصية في موقعي الفيسبوك وتويتر. ثمة مؤامرة قذرة وإغتيال سياسي وضيع أطاحا بالتحالف العائلي بين نور وجميلة. إلى أي حد وصل ذلك؟!.. الله وحده أعلم، فلا أريد الخوض في الأسرار والأعراض وحياة شخصية تخص الاثنين وأبنائهما ولا يجوز لنا أن ندخل فيها أكثر مما دخلنا كصحفيين وأكثر مما تورطنا، لا سيما أن الحديث عن ملابسات إنفصالهما لم ينقطع إعلاميا منذ أبريل 2009. اغتيال سياسي لأسرة كانت مستقرة قام به النظام بكل وقاحة ووضاعة وقذارة متحالفا مع صحيفة "المصري اليوم" أو تحديدا رئيس تحريرها الزميل مجدي الجلاد. خرج نبأ الانفصال لأول مرة مفاجئا للجميع من هذه الصحيفة وعلى لسان جميلة ومحاميها خالد علي. وعندما انبرى أيمن نور مدافعا ونافيا وقائلا على حق إن طلاقا بدون علمه لا يمكن حدوثه لأنه الفاعل الأصلي فيه، دخل الجلاد على الخط مواجها ومؤكدا ومستندا على لسان الزوجة والمحامي ورادحا له خلال برنامج "القاهرة اليوم" في ذلك الوقت من عام 2009. لا أدرى مدى مسئولية هذه السيدة الصلبة العتيدة العنيدة عن ذلك، وما هي الضغوط التي تعرضت لها، وهل خشيت على شئ ما أخطر من كل الشدائد التي مرت بها منفردة وهو في السجن أو مرا بها معاً؟! في يقيني أن الاغتيال السياسي للتحالف الزوجي كان مبرمجا ومستمرا لم يهدأ دقيقة واحدة حتى مساء الثلاثاء الماضي حين تمت إجراءات الطلاق الرسمية، فكما قال أيمن في مقال الرثاء الذي قرأناه الخميس، إن النظام كان يشعر بأن "جميلة" بمثابة شعر شمشون الذي يمنحه القوة والصمود. كيف تم اقتلاع شعر شمشون.. وما الدور الذي لعبه الإعلام الخاص، خصوصا الزميل مجدي الجلاد في ذلك.. وكيف يمكن أن نثق في إعلام تقول لنا رسائله المستمرة أنه مقاوم للفساد والتوريث والظلم؟! حتى الآن أحاول الابتعاد عن استنتاج أسباب الطلاق الذي وقع بعد نحو عام ونصف من الإنفصال الواقعي بين الاثنين.. فهي حياة شخصية، وقد آليت على نفسي أن ابتعد عنها خصوصا أن كلمات الرجل ظلت مقدرة لجميلة حتى آخر حرف. بالطبع تستطيع أن تستخرج من تلك الكلمات أن هناك مؤامرة نجحت أخيرا.. وأن القذارة وصلت حد المساس بالأعراض أو حسب قوله "شائعات وضيعة واختلاق تسجيلات تليفونية ملفقة وممنتجة بصورة فاضحة كانت تصلني في سجني وقبله، والطرف الآخر فيها ضابط بوزارة الداخلية". "تحملت لعام ونصف عام، حياة باردة ووحدة قاتلة، وتصريحات صحفية غير مبررة، عن حياة إجتماعية انتهت، والحقيقة أنها لم تنته إلا من طرف واحد، انفرد والإعلام بهذا القرار". لابد أن الطرف الواحد هو جميلة.. والإعلام هو "المصري اليوم".. الواقع أنه لم يقل اسم الصحيفة تحديدا.. لكنها الحقيقة.. ولنكمل معه "هكذا فعل الإعلام في حياتي "الخاصة" وكلما كانت المسافات تقترب كان الإعلام يلعب لعبته، بتصريح منها أو لشقيقتها، يعيد الأمور للمربع صفر". أيادي النظام المغتالة المدنسة كانت متوحشة جدا ووضيعة جدا جدا فلم تحتمل جميلة البقاء في عش أيمن، ربما خوفا عليه وربما هربا من الضغوط التي لا تحتمل. تذكرت هنا ما حدث مع فضيلة الدكتور عمر عبدالكافي، وكيف اختلقوا تسجيلا مزورا لاغتياله معنويا وشخصيا وإجباره على التوقف عن محاضراته في نادي الصيد ثم في المسجد، والدورالذي لعبته الصحافة في ذلك، وانتهى أمره بالخروج من مصر نهائيا. يقول أيمن في رثائه "لم يكتف النظام بمنعها من عملها في ماسبيرو وكافة الفضائيات المصرية وغير المصرية، بل امتد الأمر لأسرتها، حيث أغلقت القناة السياحية التي تمتلكها والدتها المخرجة فريدة عرمان، وهدد شقيقاها في رزقهما وحياتهما، حتى ابتعد الكبير، واستسلم الصغير مؤخرا لسلسلة من الأدوار المدارة من جهات معلومة". الزوج المكلوم باقتلاع رفيقة دربه وسنده في رحلته لا ينسى فضلها ولا يتهمها بشئ. يودعها قائلا "كانت جميلة، زوجة وأماً وصديقة ورفيقة نضال، وكانت سيفا بألف، وسكناً لحب كبير دام (24 عاما) وباتت منذ (24 ساعة) أماً وصديقة ورفيقة نضال وسكناّ لذكريات رائعة لا تُنسى". [email protected]