مثل فاروق حسنى وزير الثقافة أمس الأربعاء لمدة نصف ساعة أمام المستشار عبد المجيد محمود النائب العام للإدلاء بأقواله في فضيحة سرقة زهرة الخشخاش من متحف محمد محمود خليل يوم السبت الماضي. وأخلى الوزير مسئوليته عن الحادث، وقال إنه كان على استعداد لإغلاق المتحف إذا طلب منه محسن شعلان وكيل أول الوزارة لقطاع الفنون التشكيلية – المحبوس حاليا - ذلك، إلا أن هذا لم يحدث، مضيفًا انه أعطى تفويضا كاملا باختصاصاته المالية والإدارية لرئيس قطاع الفنون التشكيلية. وكان قاضي المعارضات بمحكمة جنح الدقي قد أمر يوم بتجديد حبس شعلان، وأربعة آخرين من مسئولي الأمن بالمتحف 15 يوما بعد أن أكدت ألفت الجندي مدير الإدارة المركزية للشئون المالية والإدارية في أقوالها أمام النيابة العامة أن محسن خصص ميزانية 40 مليون جنيه في السنوات الأربع الماضية لتطوير متحف سراي الجزيرة، ومتحف حسين صبحي بالإسكندرية، متجاهلا تخصيص أي مبالغ مالية لتطوير متحف محمد محمود خليل علي الرغم من إقرار شعلان بضرورة تطوير المتحف ضد السرقة والحريق، وتغيير جميع الأجهزة والكاميرات الخاصة بالمراقبة والإنذار. ونفي شعلان وباقي المتهمين الاتهامات المنسوبة إليهم، وطالب محامي المتهم الأول بإخلاء سبيله نظرا لكبر سنه، وقدم الدفاع حافظة مستندات مهمة، وطلب إرفاقها بملف التحقيقات، وتتضمن مخاطبته لوزير الثقافة وبعض المسئولين في مكاتبات رسمية طالبا سرعة اعتماد المبالغ اللازمة لتطوير المتحف، واستبدال نظم التأمين والمراقبة به، لإصابتها بالعطل منذ سنوات، ولم يستجب أحد، وأشار إلي مسئولية وزير الثقافة في هذا الشأن، وطالب بسماع شهادته أمام النيابة ومواجهته بالمستندات. وقال إن الوزير يسعي جاهدا إلي إلصاق التهم به وتحميله المسئولية عن الإهمال والقصور، مشيرا إلى أن الوزير كان قد زار المتحف خلال ترشيحه ل "اليونسكو"، وعلق علي سوء حالة ستائر المتحف، ولكنه لم يهتم بمطالبتنا باستبدال نظم التأمين والإنذار. وطعن سمير صبري محامي أمام بمجلس الدولة للطعن على قرار وزير الثقافة الذي صدر تحت رقم 897 لسنة 2010 والذي تضمن وقف محمد محسن شعلان – رئيس قطاع الفنون التشكيلية بمتحف محمود خليل وصبحي محمد إبراهيم شحات مدير عام الأمن وثلاثة من أمناء المتحف وخمس أفراد أمن، وذلك وقفًا احتياطيًا لحين انتهاء التحقيقات معهم في النيابة العامة التي قررت حبسهم احتياطياً علي ذمة التحقيقات. وجاء بالطعن أن النيابة العامة لا نزال تجري التحقيقات مع شعلان ولم توجه له تهمه حتى الآن ولم تحيله لأيه محاكمه وليس من حق الوزير إصدار القرار في ذلك التوقيت، خاصة وأن شعلان طلب من النيابة استدعاء وزير الثقافة وسماع أقواله، حيث ورد على لسان شعلان في التحقيقات أنه سبق وان قدم مذكرة للوزير بتعطل أجهزة الإنذار وكاميرات المراقبة منذ أكثر من عامين إلا أنه لم يستجيب ولم يصرف ميزانيه لتحديثها أو استبدالها. يأتي هذا فيما تواصل الأجهزة المعنية جهود البحث لكشف غموض اختفاء اللوحة الفريدة بإعادة استجواب 18 من العاملين بمتحف محمد محمود خليل, واستبعاد الباقين, للاشتباه في أن سرقة اللوحة تمت بمعونة داخلية. وعلمت "المصريون" أن اللواء حبيب العادلي وزير الداخلية عقد اجتماعا صباح أمس مع قيادات الوزارة، وشكل فريق بحث تحت قيادته، ووضع خط أمنية تستهدف خاصة جمع التحريات عن السياح الأجانب المتواجدين بالقاهرة من الروس والإيطاليين. وأعطى تعليمات إلى شرطة السياحة بتشديد الإجراءات الأمنية على المتاحف والمزارات السياحية، ونشر صورة للوحة زهرة الخشخاش بجميع البازارات السياحية، وفنادق القاهرة، كما أعطى أوامر إلى سلطات الأمن بمطار القاهرة لتشديد الإجراءات الأمنية على الركاب الأجانب المغادرين القاهرة وتفتيش الحقائب يدويًا، وتشمل التعليمات جميع المنافذ البرية والبحرية. في غضون ذلك، حملت جماعة "الإخوان المسلمين" الحكومة مسئولية سرقة لوحة زهرة الخشخاش من متحف محمود خليل، واعتبرت أن ما حدث ترجمة للفساد الذي تفشى في مختلف القطاعات الحكومية. وطالبت الجماعة في رسالتها الأسبوعية محاكمة كل المسئولين المعنيين في وزارة الثقافة بدءا من الوزير نفسه وحتى أصغر مسئول، والضرب بيد من حديد لحماية الآثار والتحف والفنون التي بدأت تتسرب للخارج دون رقيب أو حسيب، كما حملت الجهات الأمنية المعنية مسئولية سرقة هذه اللوحة لغياب الرقابة والحماية الأمنية لمثل هذه المنشآت التي تعج بالكنوز. من ناحية أخرى، أغلق المجلس الأعلى للآثار المصرية الأربعاء متحف النوبة بأسوان لمدة أسبوعين لتطوير نظم التامين والمراقبة فيه، وذلك في أول رد فعل بعد سرقة لوحة "زهرة الخشخاش" للفنان الهولندي فنسنت فان جوخ. وقال زاهي حواس الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار والذي يتولى أيضا رئاسة لجنة متابعة ومراقبة أمن المتاحف التي شكلها وزير الثقافة قبل يومين إنه "كلف إحدى الشركات المتخصصة تنفيذ مشروع متكامل لتطوير نظم التامين والمراقبة والإنذار بداخل متحف النوبة بأسوان نظرا لانتهاء العمر الافتراضي لتلك الأجهزة التي تعمل منذ افتتاح المتحف عام 1997 وكثرة أعطالها وعدم توافر قطع الغيار الخاصة بها". وأوضح حواس أن "الإغلاق سيستمر لمدة أسبوعين حتى يتم الانتهاء من مشروع التطوير كما قرر تكثيف الوجود الأمني لمراقبي الأمن التابعين للمجلس داخل قاعات المتحف وحوله لحين الانتهاء من المشروع". وأضاف أنه "تم إبلاغ الشرطة لاتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية المتحف مع تبليغ شركات السياحة بالإغلاق لتغيير خطتها" في زيارات السياح للمناطق الأثرية جنوبي مصر. ويعتبر هذا المتحف هو الأهم من نوعه في جنوب مصر في مدينة أسوان، ويضم جزءا مهما من آثار النوبة التي غرقت تحت مياه بحيرة ناصر وراء السد العالي وقد تم تشيده بالتعاون مع منظمة الأممالمتحدة للتعليم والعلوم والثقافة (يونيسكو). وكانت تحقيقات نيابة شمال الجيزة الكلية كشفت أن 16 متحفا على مستوى الجمهورية تفتقد إلى نظام لإطفاء الحريق، وهو ما يعنى أن متاحف وثروة مصر الثقافية في خطر، كما أن 7 متاحف أخرى كاميراتها لا تعمل بكفاءة وبعضها معطل.