الأكاديمية الوطنية للتدريب ووزارة الصحة تضعان أسس شراكة استراتيجية لتطوير الكوادر (صور)    رئيس التنظيم والإدارة: الإعلان عن أكثر من 130 ألف وظيفة خلال 2025    لتطوير الكوادر الصحية.. تعاون يجمع الأكاديمية الوطنية للتدريب ووزارة الصحة    "خطر على الصحة".. العثور على كم كبير من الحشرات داخل مطعم بدمنهور    تداول 9 آلاف طن بضائع و600 شاحنة بموانئ البحر الأحمر    رئيس الوزراء يشهد توقيع مذكرتي تفاهم بين "التعليم" و"حكومة طوكيو" لدعم ذوي الاحتياجات الخاصة    ارتفاع أسعار النفط مع تجدد المخاوف بشأن إمدادات الخام الروسي    تيسيرًا للمواطنين.. تصميم وتنفيذ بوابة جديدة لمدينة الشروق    وزير الري: إزالة 13.5 ألف حالة تعدٍ على نهر النيل والترع والمصارف    تغيير اسم مطار برج العرب إلى مطار الإسكندرية الدولي    800 طن يوميا مخلفات صلبة.. تطوير وتحسن جودة مصنع تدوير المحلة    وزير البترول يتفقد مصفاة تكرير ميدور لمتابعة أعمال التطوير والتوسعات الجديدة    جيش الاحتلال يخطط لاستدعاء 130 ألف جندي احتياط    مستوطنون يقتحمون قرية يبرود شرق رام الله    «مدبولي»: مصر تستضيف النسخة ال5 من «منتدى أسوان» خلال أكتوبر    «سي إن إن» تبرز جهود مصر الإغاثية التى تبذلها لدعم الأشقاء في غزة    مصر ترحب بالجهود الدولية لإحلال السلام في أوكرانيا    الخارجية الفلسطينية تستنكر هجوم نتنياهو على فرنسا وأستراليا    رئيس التنظيم والإدارة: إنشاء مركز لتقييم اختبارات المتقدمين للوظائف في الوادي الجديد    الدقائق الأخيرة قبل دفن جثمان والد الشناوي    قرار حاسم بحل أزمة نادي الزمالك ووزارة الإسكان، اعرف التفاصيل    محمد صلاح يوجه رسالة بعد حصد جائزة لاعب العام في إنجلترا    انهيار عقار مكون من 4 طوابق بالزقازيق، وأنباء عن وفيات ومصابين ومفقودين    ضبط المتهمين بقيادة سيارتين بطريقة استعراضية بالشرقية    الأرصاد: انخفاض طفيف في درجات الحرارة على أغلب الأنحاء    ضبط المتهمين بالتنقيب عن الآثار داخل عقار بالخليفة    إصابة 5 أشخاص في حادث انقلاب تروسيكل بالشرقية    أسرة شيماء جمال تستعد لإقامة عزاء رسمي الثلاثاء المقبل    ما بين إلغاءه واستئناف تصويره.. القصة الكاملة لأزمة فيلم «طلقني»    انطلاق المهرجان الختامي لشرائح ونوادي مسرح الطفل في دورته الأولى    أزمات نجوم الفن.. تطورات حالة أنغام الصحية واستغاثة نجوى فؤاد    كيف يكون بر الوالدين بعد وفاتهما؟.. الإفتاء تجيب    هل اتباع النساء للجنائز جائز أم مكروه شرعًا؟.. الإفتاء تجيب    أمين الفتوى يحذر من ال"فيمينست المغشوشة": تقدم صورة مشوَّهة عن المرأة المصرية    جامعة الإسكندرية شريك استراتيجي في إنجاح منظومة التأمين الصحي الشامل    العقارب تلدغ طفلين في الوادي الجديد    تفاصيل زيارة وزير الشئون النيابية لمستشفى الناس    طريقة عمل الناجتس، أكلة مميزة وتوفر في الميزانية    صلاح: التتويج بجائزة أفضل لاعب في البريميرليج بعمر 33 إنجاز مذهل    ضبط قضايا إتجار بالنقد الأجنبي بقيمة 10 ملايين جنيه خلال 24 ساعة    إصابة 16 شخصًا في تصادم سيارتين بسفاجا    موعد إجازة المولد النبوي الشريف 2025 وعدد الإجازات الرسمية المتبقية في العام    وزير الدفاع يلتقي مقاتلي المنطقة الشمالية.. ويطالب بالاستعداد القتالي الدائم والتدريب الجاد    محافظ القاهرة يقرر النزول بالحد الأدنى لتنسيق القبول بالثانوي العام    وزير الخارجية يؤكد لرئيس الوزراء اللبناني دعم مصر الكامل لاستقرار لبنان    الاحتلال الإسرائيلي يقتل نجم كرة السلة الفلسطينى محمد شعلان أثناء محاولته الحصول على المساعدات    رئيس الوزراء: أدعو الطلاب اليابانيين للدراسة في مصر    بعد تداعيات الجراحة الثانية.. شقيق أنغام يدعو لها بالشفاء    الموعد والقناة الناقلة لمباراة الأهلي والقادسية في كأس السوبر السعودي    اليوم.. افتتاح معرض السويس الثالث للكتاب بمشاركة دور النشر المصرية    حمزة نمرة: حلمي بالكمال كان بيرهقني جدًا    فانتازي يلا كورة.. انخفاض سعر عمر مرموش    "حياة كريمة" تقدم خدماتها الطبية المجانية ل 1200 مواطن بالمنيا    رعاية القلوب    ذات يوم 20 أغسطس 1953.. إذاعة صوت العرب تحرض المغاربة ضد نفى الاحتلال الفرنسى للسلطان محمد الخامس.. و«علال الفاسى» يبكى أثناء تسجيل كورال أطفال نشيد «يا مليك المغرب»    طلاب الثانوية العامة بالنظام الجديد يؤدون امتحان الدور الثاني في الرياضيات البحتة    ويجز يحيي حفلا بمهرجان العلمين الجمعة 22 أغسطس (اعرف شروط الدخول)    "مكانش بيسيب فرض"..جيران والد حارس الأهلي في كفر الشيخ يكشفون اللحظات الأخيرة في حياته    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تخطيط القيم وبناء مجتمع التغيير والإصلاح
نشر في المصريون يوم 26 - 08 - 2010

تحدثنا في المقال السابق والمعنون ماذا يعنى غياب مشروع قومي للقيم والمحافظة على الهوية عن ضرورة وجود مشروع قومي لتخطيط وبناء القيم للمحافظة على ما تبقى من هويتنا العربية والإسلامية الخاصة وإعادة إحيائها وتفعيلها من جديد حتى نتمكن من إنتاج إنسان ومجتمع وجيل النهضة المنشود ، والذي يمتلك المقومات البشرية القادرة على الوفاء باستحقاقات التنمية والنهوض خاصة في محطة تاريخية مفصلية من التخلف إلى التقدم ، ومن الضعف إلى القوة ، والتي تتطلب مواصفات بشرية قياسية خاصة فيما يطلق عليه جيل النهوض ، تتمايز بامتلاك منظومة قيميه نوعية عالية الخصوصية والجودة من طبقة ومستوى القيم التأسيسية الحاكمة ، والتي ينبع ويمتد ويتفرع منها العديد والمتنوع من القيم الفرعية الأخرى .
مثل قوة الانتماء والاعتزاز بالذات والهوية الخاصة ، والنظام والجدية والانضباط ، بالإضافة إلى القوة النفسية والذهنية والعلمية والتكنولوجية العالية ، والهمة العالية والطموح الكبير والإرادة الحديدية القادرة على مجابهة تحديات الحياة المعاصرة وتحقيق التنمية والنهوض من جديد .
وقد سقت لذلك العديد من الدوافع والأسباب الذاتية والمحلية والعالمية .
وقد أصبح من الضروري عرض الملامح الأساسية لهذا المشروع الذي أطالب به وأدعو الجميع للمشاركة في إنضاجه وتنفيذه ، وقد وجدت من التسلسل المنطقي والعلمي أن أبدا أولا ببناء مفهوم تخطيط القيم وخاصة انه مفهوم جديد ولوعلي البعض .
نود التأكيد مسبقا على فكرة أن تخطيط القيم يحتاج إلى بواعث وأسباب دافعة للقيام به وأهمها هو إدراك أهمية القيم وحاكميتها في إنتاج وإدارة وتطوير السلوك البشرى الفردي والمؤسسي والمجتمعي ، فالقيم التي يتبناها الإنسان بمعنى انه يؤمن بها ويفهمها جيدا ويدرك تطبيقاتها السلوكية في حياته الخاصة والعامة والمهنية
ويجيد تطبيق هذه السلوكيات في جوهرها هي المصدر الأساسي لكل ما يمكن ان يصدر عن الفرد من مشاعر وعواطف وأقوال وأفعال وانجازات ، فإذا أردت ان تستشرف قدرة فرد ما على العمل والانجاز ابحث فيما يمتلكه من قيم ومدى قدرته على تطبيقها سلوكا عمليا على أرض الواقع.
فمحمد صلى الله عليه وسلم النموذج الأمثل والأعلى للبشرية كانت قيمه وسلوكه القرآن الكريم فكان خير رسول ومبلغ وقائد ومربى ومرشد للتربية والإصلاح والتغيير ، وهكذا تتفاوت وتتباين قدرات البشر على الفعل والانجاز بقدر ما يمتلكون ويجيدون تنفيذ القيم وخاصة قيم القرآن الكريم .
تخطيط القيم يعنى الإجابة على ثلاثة أسئلة كبرى هي على الترتيب :
السؤال الأول : ما هي صفات وملامح ومعايير جودة الموارد البشرية المطلوبة للمرحلة القادمة ؟
السؤال الثاني ما هي منظومة القيم القادرة على انتاج هذه الموارد البشرية المطلوبة؟
السؤال الثالث : كيف نتمكن من بناء وتعزيز وتمكين هذه القيم في نفوس هذه الموارد البشرية ( الجماهير) ؟
والتي يمكننا الإجابة عليها من خلال هذين المحورين :
المحور الأول : صف منظومة القيم اللازمة لإنتاج الموارد البشرية المطلوبة
بمعنى القراءة التحليلية الدقيقة للواقع السلوكي الحالي للمجتمع وما يعنيه من قيم حاضرة وحاكمة له ، وقيم غائبة عنه ، كذلك الاستشراف المستقبلي لطبيعة المرحلة التاريخية المقبلة وما تتطلبه من مهام وأعمال وانجازات محددة ، وما تحتاجه من استحقاقات بشرية قادرة على تنفيذ والوفاء بهذه المهام والأعمال والانجازات وفق شروط ومعايير الجودة المطلوبة .
يتبعها توصيف السمات والملامح الأساسية معايير وشروط الجودة الواجب توافرها في الموارد البشرية المطلوبة .
يتبعها تحديد مجموعة القيم اللازمة لتحقيق كل صفة من هذه الصفات المطلوبة في الموارد البشرية.
يتبعها جمع وتنظيم وتبويب هذه القيم في مصفوفة قيميه منظمة ومبوبة أولويات
المحور الثاني : تصميم الاستراتيجيات التربوية والإدارية والقانونية
اللازمة لبناء وتمكين وتعزيز هذه القيم في نفوس الموارد البشرية المستهدفة ، بما تتضمنه من مسارات وطرق ووسائل وأدوات ومعايير لازمة لتحقيق الاستراتيجية.
وليتضح المقال يمكن طرح بعض الأمثلة التاريخية والواقعية ، حيث نتناول
بإيجاز شديد تجربة التخطيط الاستراتيجي القيمي عند صلاح الدين الأيوبي
والذى تعاطى مع الواقع السلوكي المتردي للمجتمع العربي و الإسلامي حينئذ واعلاؤه لقيم الفردية والانا والعصبية القومية ، والميل الى الدنيا ...الخ فأحسن توصيف الواقع ، في سياق المهام المحددة للمرحلة بضرورة توحيد الأمة و طرد الفرنجة من ارض العرب وتحرير المسجد الأقصى ، بالإضافة إلى استشرافه للمستقبل أيضا في سياق المهام المحددة للمرحلة المقبلة ، وتمكن بمعاونة مستشارية من اهل الحل والعقد في مجال تربية النفوس وادارة السلوك المجتمعي من صف منظومة قيم محددة تتضمن ( قيمة المواطنة والتي جمعت ووحدت كافة الطوائف الاسلامية اولا وغير الإسلامية في سياق عام واحد اسمه الامة ، قيمة التقوى ، قيمة الجهاد والتضحية ، قيمة الثقة والاعتزاز بالذات ، وحدة الهدف والغاية الكبرى نحو تحرير القدس ) وكلف كافة العلماء والدعاة والمربين ببث واعلاء وشرح وبيان وتمكين هذه القيم في نفوس الجماهير حتى استعادت هذه القيم حيوتها وفاعليتها في سلوك الجماهير بعدها جمع الجيش وتوجه به نحو الغاية المنشودة وكان له ما خطط وأراد .
كذلك الحال بالنسبة للنهضة اليابانية الحديثة في منتصف القرن الماضي والتي
أرساها مفكرو النهضة وخبراء بناء وتربية وإدارة السلوك الانسانى والجماهير حين تمكنوا من ترجمة رؤية وأهداف إمبراطور اليابان بضرورة استعادة الدولة اليابانية العالمية خلال خمسون عاما فقط ، وترجموا هذه الرؤية إلى مهام ثم إلى مواصفات محددة للموارد البشرية والتي فرضت ضرورة وجود جيل ياباني جديد جيل نوعى يختلف تماما عن الجيل الحالي في مواصفاته وشروط جودته ، جيل يعمل اثني عشر ساعة يوميا ويبدع بشكل مستمر جيل التعلم والتكنولوجيا والتحدي والعمل المؤسسي المنظم ، فكانت الخطة القومية للقيم اليابانية والتي ترجمت في شكل منظومة قيم النهضة اليابانية من قيم العمل والإبداع والابتكار وحب العلم وإعلاء الذات اليابانية والتحدي والعمل بمؤسسية منظمة وجادة وحاسمة .
وكان لهم ما أرادوا فكان المنتج والمخرج النهائي البشري الذي تمنوه ، والذي تمكن من تحقيق الإنتاج والانجاز المبهر ، ونقل اليابان إلى مصاف الدول العظمى في اقل من أربعون عاما .
والآن ماذا نريد نحن وكيف نستفيد من هذه التجارب ؟ وكيف نخطط للقيم بمنطق استراتيجي فاعل ؟ هذا ما سنتناوله في المقال القادم إن شاء الله .
د ابراهيم الديب
استشاري تخطيط وبناء القيم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.