نزع مجلس السلم والأمن الأفريقي فتيل الحرب بين السودان وجنوب السودان، بقراره السريع بإيقاف استفتاء "أبيى" من جانب واحد، والذي كان مقررا له شهر أكتوبر الجاري، ورفض المجلس اتخاذ أي إجراءات أحادية تعيق تقدم تنفيذ الالتزامات السابقة لحكومتي السودان وجنوب السودان، تجاه قضية أبيي (المتنازع عليها بين الدولتين) فضلا عن تقريب وجهات النظر بين الآليات الثنائية المشتركة بينهما. وتسلم رئيس لجنة إشراف أبيى (جانب السودان) الخير الفهيم المكى، بيان المجلس رقم (397) بواسطة مندوب السودان الدائم لدى الأممالمتحدة، الذي يتعلق بالوضع في المنطقة المتنازع عليها بين دولتي السودان. وأشار الفهيم، إلى أن بيان المجلس حث الحكومتين، على تسهيل عودة اللاجئين والنازحين للمنطقة وتكوين مشاريع التنمية في وحول منطقة أبيى، بجانب تكوين مفوضية للاستفتاء ومراجعة قانون الاستفتاء. ويؤكد المراقبون، أن هذا القرار يعتبر إشارة الخطورة التي استشعرها مجلس السلم الأفريقي مما سيترتب على إجراء الاستفتاء من جانب واحد، ويكون بذلك قد حقق نصرا وحقن الدماء التي كان من الممكن أن تسيل بين طرفي النزاع قبيلتي "المسيرية والدينكا"، خاصة إن تهديدات المسيرية كانت واضحة، بأن هذا الاستفتاء ستراق فيه دماء كثيرة. وعلى الرغم من اعتبار أكاديميين سودانيين، إن اللجنة رفيعة المستوى برئاسة ثامبو امبيكى، هي السبب في المأزق الذي دخلت فيه منطقة أبيى عبر المقترح بأحقية "الدينكا نوك" فقط في التصويت على تبعية المنطقة، واعتبار المسيرية "عرب رحل" إلا أن هناك كثيرا من الشكوك حامت حول جدية الاتحاد الأفريقي في المضي إلى نهايات هذا المقترح وتحقيق الاستفتاء فعليا. وكانت زيارة الرئيس الجنوبي سلفاكير ميارديت، بدايات سبتمبر الماضي للخرطوم ووصوله إلى اتفاقات مع الخرطوم أهمها الموافقة بعبور نفط الجنوب عبر الأراضي السودانية، قلب موازين المعادلة خاصة في ظل الظروف التي يعيشها جنوب السودان وحاجته الماسة لتنفيذ جميع الاتفاقيات مع الخرطوم، وكان محصلة ذلك إعلان سلفا - في وقت سابق - أن بلاده وافقت على مقترح الإتحاد الأفريقي بشأن قيام استفتاء أبيي لكنها تنتظر الخرطوم لتنفيذ المقترح، وفى هذا إشارة واضحة أن جوبا لا تريد تجاوز الخرطوم، وبالتالي لن تخلق أزمة جديدة بسبب أبيى على الأقل في الوقت الحالي. ويؤكد العديد من المراقبين السياسيين، أن قضية أبيي ستظل "كالقنبلة الموقوتة" بين دولتي السودان، يجب الإسراع في إيجاد حلول واقعية لها ترضي الطرفين، وعدم فتح الطريق للتدخلات الخارجية، وأن يحتكم الاتحاد الأفريقي لآلياته المتاحة لإنهاء هذا الوضع المعقد الذي ينذر بنشوب حرب بين شعب السودان الواحد الذي تم تقسيمه ولا يزال، بفعل فاعل.