يتصرف الدكتور محمود حمدي زقزوق ، وزير أوقاف الحزب الوطني ، بعصبية شديدة في أي موقف فكري أو سياسي يختلف معه ، ولا يطيق تعددية في الرؤية والرأي ، ولا يطيق سماع الرأي الآخر ، ولا يطيق أن يقول له أحد أخطأت ، رغم أنه أكثر الناس حديثا عن القبول بالآخر والحوار وما شابه من كلمات محفوظة ونمطية يبدو أنها للتسويق الخارجي وليست في إطار الاستخدام المحلي ، وزقزوق يتصرف أيضا في معظم مواقفه الفكرية والدينية وكأنه مبعوث العناية الإلهية لإنقاذ الأمة الإسلامية من التخلف والأخذ بيدها إلى مضمار الحضارة والتطور ، رغم أنه أحد أدوات التخلف الذي نعيشه وكهنته ، وهو مجرد أداة في يد مؤسسة قمعية ومستبدة تعطي أسوأ صورة عن العالم الإسلامي ، وهو وزير في حكومة تقوم على تزوير إرادة الأمة وعبادة الفرعون وإهدار الحريات العامة ، وهو لا يجرؤ على أن يتحدث في قضايا تتعلق بالحريات العامة أو حقوق الإنسان أو الشفافية والنزاهة في الانتخابات العامة ، فقط هو مشغول دائما بتوافه الأمور والأفكار مثل استبدال جهاز تسجيل ينقل الآذان بدلا من المؤذنين ، وكأن إنقاذ الأمة من التخلف ونهضتها ستتم بهذه "الألعاب" المستفزة ، وحديثه السطحي الساذج باستمرار في نقد اللحية والحجاب ، المهم أن حمدي زقزوق أطلق دعوة سخيفة وسوداوية لزيارة مزعومة للمسجد الأقصى بالتأشيرة الإسرائيلية ، وهو ما يمثل تطبيعا مجانيا وفاجرا ، هو بطبيعة الحال يعرف أن هذه الدعوى تحظى بقبول كبير في الدوائر الأمريكية والغربية بشكل عام ، وفي إسرائيل أيضا بشكل خاص ، ولكنه يحاول تسويقها محليا بوصفها دعوة للتواصل مع القدس والمسجد الأقصى ووقف تهويد المدينة ، ورغم الانتقادات الواسعة من قيادات دينية وعلمية من كافة أنحاء العالم لدعوة زقزوق التطبيعية ، إلا أنه لا يترك مناسبة ولا خطبة ولا موقف ولا حوار إلا ويرددها بإصرار مثير للريبة ، وكان شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب قد فند هذه الدعوى في حوار له مع مجلة "آخر ساعة" بشكل منطقي بسيط جدا ، يعرفه الصبي الصغير ولا يحتاج إلى "دكتور" ودكترة ، قال الطيب أنه إذا كانت إسرائيل تمنع أهل القدس أنفسهم من زيارة الأقصى وتضيق عليهم وتمنع الفلسطينيين من أبناء الضفة من زيارة الأقصى وتتحكم بشكل تام في هذا الموضوع ، فهل يتصور أحد أنها ستفتح الباب على مصراعيه لملايين المسلمين من كل أنحاء العالم لكي يزوروا الأقصى وينقذوا القدس من "التهويد" ، أم أنها ستفتح لبعض الشخصيات من أجل الدعاية لها بأنها دولة متحضرة ومتسامحة ومنفتحة على الجميع وتحترم أصحاب الديانات المختلفة ، بمعنى أنها ستستخدم مثل هذه الزيارات "المقننة" والمحدودة للتغطية على قمع الفلسطينيين والتعتيم على مشروعاتها المستمرة لتهويد المدينة وحصار المسجد الأقصى ، ففي النهاية نحن نقدم خدمة جليلة للكيان الغاصب بتجميل وجهه أمام العالم بمثل هذا "التطبيع" المجاني دون أي فائدة عملية تعود على فلسطين وأهلها ومقدسات المسلمين فيها ، هذه هي الرؤية التي طرحها شيخ الأزهر ، وهي منطقية ووطنية وشرعية ، فخرج وزير الأوقاف ليرد عليه في حوار بصحيفة الشرق الأوسط ويغمز فيه بقوله "ما يسميه (البعض) تطبيعا" ، وبكل تأكيد فحمدي زقزوق يعرف ما هو الطريق لحماية القدس والأقصى وما هو السبيل لردع المغتصبين ووقف مخططاتهم الإجرامية ، ولكنه لا يستطيع أن ينطق بذلك ، وإلا ألقي به في سلة المهملات السياسية في أقرب تعديل وزاري ، زقزوق أجبن من أن يقول الحقيقة هنا ، وأضعف من أن يكون له موقف لله وللأمة من أجل فلسطين ، ولكنه "يهجص" بالكلام المجاني والأفكار المجانية ، ولو تذكر فضيلة "الصمت" إن لم يجد خيرا يقوله لأراح واستراح . [email protected]