مجلس الوزراء : السندات المصرية فى الأسواق الدولية تحقق أداء جيدا    البيت الأبيض: ويتكوف يتوجه لغزة غدا وترامب سيوافق على خطة مساعدات جديدة    رسميا، البرتغالي هيليو سوزا مديرا فنيا ل منتخب الكويت    موندو ديبورتيفو: نيكولاس جاكسون مرشح للانتقال إلى برشلونة    دياز: كومباني أخبرني بأنني سألعب على الجناح الأيسر.. وهذه تفاصيل محادثتي مع فيرتز    مصرع سائق توك توك على يد 3 أشخاص بالقليوبية    ضبط فني ينتحل صفة أخصائي تحاليل ويدير معملًا غير مرخص بجرجا في سوهاج    أحمد كرارة يوجه رسالة لشقيقه بسبب "الشاطر"    تكريم ذوي الهمم بالصلعا في سوهاج.. مصحف ناطق و3 رحلات عمرة (صور)    سفير المغرب في حفل الذكرى 26 لعيد العرش: علاقتنا مع مصر أخوة ضاربة في عمق التاريخ    أمريكا تحظر منح تأشيراتها لأعضاء منظمة التحرير ومسئولى السلطة الفلسطينية    مسؤول أمريكي: شروط ترامب عدم وجود حماس للاعتراف بالدولة الفلسطينية    رئيس الوطنية للانتخابات يدعو المصريين للمشاركة فى انتخابات مجلس الشيوخ    عودة نوستالجيا 90/80 اليوم وغدا على مسرح محمد عبدالوهاب    الداخلية: مصرع عنصر إجرامي شديد الخطورة خلال مداهمة أمنية بالطالبية    القليوبية تحتفي بنُخبَتها التعليمية وتكرّم 44 من المتفوقين (صور)    واشنطن تبلغ مجلس الأمن بتطلع ترامب لإنهاء حرب أوكرانيا 8 أغسطس    وزير الخارجية اللبناني يبحث مع مسئولة أممية سبل تحقيق التهدئة في المنطقة    محافظ سوهاج يشهد تكريم أوائل الشهادات والحاصلين على المراكز الأولى عالميا    معاقبة شقيق المجني عليه "أدهم الظابط" بالسجن المشدد في واقعة شارع السنترال بالفيوم    وزارة الداخلية تضبط طفلا يقود سيارة ميكروباص فى الشرقية    وزير البترول يبحث مع "السويدى إليكتريك" مستجدات مجمع الصناعات الفوسفاتية بالعين السخنة    وزير الكهرباء والطاقة المتجددة يشهد توقيع مذكرة تفاهم لتطوير وتحديث مركز أبحاث الجهد الفائق (EHVRC)    وزير الثقافة يشارك باحتفالية سفارة المملكة المغربية بمناسبة عيد العرش    الخميس 7 أغسطس.. مكتبة الإسكندرية تُطلق فعاليات "مهرجان الصيف الدولى"    محافظ سوهاج يبحث استعدادات انتخابات مجلس الشيوخ ويؤكد ضرورة حسم ملفات التصالح والتقنين    الشيخ خالد الجندى: من يرحم زوجته أو زوجها فى الحر الشديد له أجر عظيم عند الله    ريبيرو يستقر على مهاجم الأهلي الأساسي.. شوبير يكشف التفاصيل    طريقة عمل الدونتس في البيت زي الجاهز وبأقل التكاليف    "قريب من الزمالك إزاي؟".. شوبير يفجر مفاجأة حول وجهة عبدالقادر الجديدة    انطلاق المرحلة الثانية لمنظومة التأمين الصحي الشامل من محافظة مطروح    17 برنامجًا.. دليل شامل لبرامج وكليات جامعة بني سويف الأهلية -صور    مصرع مسن أسفل عجلات اتوبيس على طريق بركة السبع بالمنوفية    بدء الدورة ال17 من الملتقى الدولي للتعليم العالي"اديوجيت 2025" الأحد المقبل    تعرف على كليات جامعة المنيا الأهلية ومصروفاتها في العام الدراسي الجديد    SN أوتوموتيف تطلق السيارة ڤويا Free الفاخرة الجديدة في مصر.. أسعار ومواصفات    القنوات الناقلة لمباراة برشلونة وسيول الودية استعدادًا للموسم الجديد 2025-2026    منظمة التحرير الفلسطينية: استمرار سيطرة حماس على غزة يكرس الانقسام    "يحاول يبقى زيهم".. هشام يكن يعلق على ظهوره في إعلان صفقة الزمالك الجديدة    محافظ المنوفية: تكريم الدفعة الرابعة لمتدربي "المرأة تقود في المحافظات المصرية"    البورصة: تغطية الطرح العام للشركة الوطنية للطباعة 23.60 مرة    تعليقا على دعوات التظاهر أمام السفارات المصرية.. رئيس حزب العدل: ليس غريبا على الإخوان التحالف مع الشيطان من أجل مصالحها    محافظ المنيا: تشغيل عدد من المجمعات الحكومية بالقرى يوم السبت 2 أغسطس لصرف المعاشات من خلال مكاتب البريد    4 تحذيرات جديدة من أدوية مغشوشة.. بينها "أوبلكس" و"بيتادين"    يديعوت أحرونوت: نتنياهو وعد بن غفير بتهجير الفلسطينيين من غزة في حال عدم التوصل لصفقة مع الفصائل الفلسطينية    الصحة: المرور على 1032 منشأة صحية وتدريب أكثر من 22 ألف متدرب    حرام أم حلال؟.. ما حكم شراء شقة ب التمويل العقاري؟    بالأسماء إصابة 8 أشخاص فى حادث انقلاب سيارة بصحراوى المنيا    الشيخ أحمد خليل: من اتُّهم زورا فليبشر فالله يدافع عنه    النتيجة ليست نهاية المطاف.. 5 نصائح للطلاب من وزارة الأوقاف    البابا تواضروس يشارك في ندوة ملتقى لوجوس الخامس لشباب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية    وزير الصحة يعلن تفاصيل زيادة تعويضات صندوق مخاطر المهن الطبية    أمانة الاتصال السياسي ب"المؤتمر" تتابع تصويت المصريين بالخارج في انتخابات الشيوخ    "الأكثر تاريخيا".. ميسي يواصل تسجيل الأرقام القياسية في كرة القدم    المهرجان القومي للمسرح يكرم روح الناقدين أحمد هاشم ويوسف مسلم    حالة الطقس ودرجات الحرارة المتوقعة اليوم الخميس 31-7-2025    حنان مطاوع تودع لطفي لبيب: مع السلامة يا ألطف خلق الله    فوضى في العرض الخاص لفيلم "روكي الغلابة".. والمنظم يتجاهل الصحفيين ويختار المواقع حسب أهوائه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إنكار السُنّة إنكار للقرآن
نشر في المصريون يوم 02 - 08 - 2010

أشرنا فى مقال الاسبوع الماضى إلى ظاهرة إنكار سنة النبى صلى الله عليه ،ويأتى ذلك أساسا ممن يسمون أنفسهم "القرآنيون " ، وكذلك من تابعوهم تحت شعارات برّاقة مثل تجديد الخطاب الدينى والإسلام المستنير أو الليبرالية وما إلى ذلك.
هم يقرون أنهم يؤمنون بالقرآن الكريم فقط ويفسرون آيات القرآن تفسيرا ما أنزل الله به من سلطان حسب هواهم دون حاجة إلى الرجوع للأئمة المتخصصين فى التفسير، وينكرون السنة النبوية ويستهزؤن بها، وحسبنا أننا فى مقالنا الماضى حذرناهم ونصحناهم لوجه الله تعالى، لعلهم - قبل فوات الأوان- يرجعون، دون أن نقصد الإساءة إلى أحد بعينه ، وربما أغضب كلامنا بعضهم ولكننى أقول لهم (وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3) ، " إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ "هود(88) " ( فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ ) .غافر44
والحق أنهم منكرون للقرآن الكريم قبل إنكار السنة؛ فمنكر السنة منكر للقرآن بلا ريب؛ إذ كيف يصلي وكم صلاة يصليها، وما أركان الصلاة، وما سننها ومبطلاتها؟ وكيف يزكي وكيف يصوم وكيف يحج؟
والرسول الكريم قد تنبأ بهذا فقال صلى الله عليه وسلم :
" يوشك أن يقعد الرجل متكئًا على أريكته، يحدث بحديث من حديثي، فيقول: بيننا وبينكم كتاب الله، فما وجدنا فيه من حلال استحللناه، وما وجدنا فيه من حرام حرمناه."
أخرجه أحمد وأبو داود والحاكم وصححه الألباني.
وأنكر بعض المعاصرين السنة القولية، وأقر السنة العملية. وأنكر بعضهم ممن ليس لهم اختصاص بالسنة الكثير من الأحاديث ، والبعض الآخر يتكئ على أريكته وينفخ أوداجه ثم يضعف أحاديث الشيخين البخاري ومسلم التي أجمعت الأمة على صحتها .
و القول برد السنة ، وأن القرآن يكفي وحده ولا حاجة إلى السنة هومن الدعاوى الباطلة والشبهات الضالة التي أثارها أعداء الإسلام ، والغرض من هذه الدعوة الضالة الخبيثة هدم الشريعة وتقويض الإسلام، فالسنة هي المفسرة والمبينة للقرآن، فالطعن فيها طعن في القرآن وترك للعمل بنصوصه التي تحتاج إلى بيان.
وكان بداية هذه الدعوة الخبيثة والانحراف الخطير في أواخر عهد الصحابة –رضي الله عنهم-، ثم تطور مع الزمن حتى جاء الاستعمار الغربي وذلك عبر طلائعه من المبشرين والمستشرقين وأتباعهم من أشباه العلماء وأبواق الاستعمار الذين قصدوا القضاء على الإسلام وهدم الشريعة فأحيوا ما اندثر من هذه البدع والآراء المنحرفة.
كيف عرفنا العبادات لولا السنة؟ وقد تصدى الصحابة –رضي الله عنهم- لهذا الانحراف، فعن الحسن البصري أن عمران بن حصين- رضي الله عنه- كان جالساً ومعه أصحابه، فقال رجل من القوم: لا تحدثونا إلا بالقرآن، قال فقال له: أدنه فدنا، فقال:
"أرأيت لو وكلت أنت وأصحابك إلى القرآن، أكنت تجد فيه صلاة الظهر أربعاً، وصلاة العصر أربعا،ً وصلاة المغرب ثلاثاً تقرأ في اثنتين؟ أرأيت لو وكلت أنت وأصحابك إلى القرآن، أكنت تجد الطواف بالبيت سبعاً، والطواف بالصفا والمروة؟ ثم قال:
" أي قوم خذوا عنا فإنكم والله إن لا تفعلوا لتضلن" .
حجية السنة: ثم ما زال العلماء يردون على هذه الشبهات ويوضحوا الأدلة الدالة على حجية السنة ومنهم الإمام الشافعي فقد بسط القول في الرد على هذه الشبهة في كتاب (جماع العلم)، حيث قال: "باب حكاية قول الطائفة التي ردت الأخبار كلها" ثم شرع في الرد عليهم، والمقام لا يتسع لبسط الأدلة في الرد على هذه الدعوة الخبيثة لكن حسبنا أن نذكر بعض الأدلة وفيها كفاية لمن وفقه الله وأراد الحق،لبيان أن السنة المطهرة حجة باتفاق العلماء سواء منها ما كان على سبيل البيان للقرآن أو على سبيل الاستقلال.
وقد دلت الأدلة المستفيضة من القرآن والسنة على وجوب اتباع النبي- صلى الله عليه وسلم- والتحذير من مخالفة أمره ونهيه عليه الصلاة والسلام، قال الله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً"[النساء:59].قال ميمون بن مهران: "الرد إلى الله هو الرجوع إلى كتابه، والرد إلى الرسول – صلى الله عليه وسلم- هو الرجوع إليه في حياته وإلى سنته بعد مماته"، وقال تعالى: "قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ..."[آل عمران: من الآية31]، وقال تعالى: "مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ..."[النساء: من الآية80]، فقد جعل طاعة رسوله – صلى الله عليه وسلم- من طاعته سبحانه، وحذر من مخالفته فقال: "فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ..."[النور: من الآية63]، فلولا أن أمره حجة ولازم لما توعد على مخالفته بالنار، وقال سبحانه وتعالى:
"لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ..."[الأحزاب:من الآية21]، وقال سبحانه: "فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً"[النساء:65]، وقال سبحانه: "وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا"[الحشر: من الآية7]
فهم الصحابة لهذه الآيات :
لقد فهم الصحابة – رضوان الله عليهم- من هذه الآيات وجوب الرجوع إلى السنة والاحتجاج بها، روى البخاري في صحيحه(4886) عن عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه- قال: "لعن الله الواشمات والمستوشمات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله، فقالت أم يعقوب: ما هذا؟ قال عبد الله – رضي الله عنه- وما لي لا ألعن من لعن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- وفي كتاب الله، قالت: والله لقد قرأت ما بين اللوحين فما وجدته، فقال: والله لئن قرأتيه لقد وجدتيه، قال الله تعالى: "وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا"[الحشر: من الآية7].
وكما سبق القول ،فإن الرسول صلى الله عليه وسلم قد تنبأ بهذه الشبهة، فحينما بعث معاذاً– رضي الله عنه- إلى اليمن قال له: "بم تقضي إذا عرض لك قضاء؟ قال: بكتاب الله، قال: فإن لم تجد؟، قال: بسنة رسول الله –، قال: فإن لم تجد؟ قال: أجتهد رأي ولا آلو فضرب رسول الله –صلى الله عليه وسلم- في صدره، وقال: الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضي الله ورسوله" أخرجه أبو داود(3592).
وأما الأحاديث الدالة على وجوب اتباع السنة فكثيرة منها ما رواه أبو داود في سننه(4604) عن المقدام بن معد يكرب – رضي الله عنه- أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم- قال:
"ألا إنني أوتيت الكتاب ومثله معه، ألا يوشك رجل شبعان متكئ على أريكته يقول: عليكم بالقرآن فما وجدتم فيه من حلال فأحلوا وما وجدتم فيه من حرام فحرموه، ألا لا يحل لكم الحمار الأهلي، ولا كل ذي ناب من السباع، ولا لقطة معاهد إلا أن يستغني عنها صاحبها، ومن نزل بقوم فعليهم أن يقروه، فإن لم يقروه فعليه أن يعقبهم بمثل قراه"، قال الخطابي: وقوله: "يوشك رجل شبعان..."يحذر بهذا القول من مخالفة السنن التي سنها مما ليس له من القرآن ذكر على ما ذهبت إليه الفرق الضالة فإنهم تمثلوا بظاهر القرآن وتركوا السنن التي قد ضمنت بيان الكتاب فتحيروا وضلوا، وأراد بقوله متكئ على أريكته أنه من أصحاب الترفه والدعة الذين لزموا البيوت ولم يطلبوا العلم من مظانه" معالم السنن(4/298)، وفي حديث العرباض بن سارية – رضي الله عنه- مرفوعاً: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ" رواه أبو داود(4607)، والترمذي(2676)، وقال: حديث حسن صحيح، وعن ابن عباس – رضي الله عنهما- أن النبي –صلى الله عليه وسلم- خطب في حجة الوداع فقال: "إن الشيطان قد يئس أن يعبد بأرضكم ولكن رضي أن يطاع فيما سوى ذلك مما تحقرون من أمركم، فاحذروا، إني تركت فيكم ما إن اعتصمتم به فلن تضلوا أبداً كتاب الله وسنة نبيه" أخرجه مالك في الموطأ(2/899)، والحاكم(318)، واللفظ له.
رد شبهة أن القرآن يحوي كل شيء ووصف القرآن بأنه تفصيل لكل شيء:
هذا لا يفهم منه أنه ليس بحاجة إلى البيان الذي أخبر الله -سبحانه وتعالى- عنه بقوله: "وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ..."[النحل: من الآية44]، لأن التفصيل والبيان الوارد في القرآن على نوعين:
أ- ما جاء في القرآن مفصلاً ومبيناً بحيث لا يحتاج معه إلى غيره.
ب- ما جاء في القرآن مفصلاً ومبيناً من حيث بيان وجوبه وافتراضه ونحو ذلك وهو بحاجة إلى البيان والتفسير والإيضاح من وجوه أخرى.
فعلى سبيل المثال: ورد في القرآن ذكر العبادات مفصلة من صلاة وزكاة وصيام وحج واعتكاف، وهذه العبادات تحتاج إلى بيان وإيضاح، فالصلاة تحتاج إلى بيان أوقاتها وكيفيتها،ونحو ذلك، وقد جاءت السنة ببيان ذلك على وجه التمام والكمال، قال النبي –صلى الله عليه وسلم-: "صلوا كما رأيتموني أصلي" رواه البخاري(631) من حديث مالك بن الحويرث –رضي الله عنه-، ولو اكتفينا بالقرآن فإنه فلا يمكن أن نقيم الصلاة التي أمر الله بها في كتابه، وهذا أمر ظاهر، وكذلك الزكاة فقد بين الله عز وجل وجوبها وافتراضها على عباده وهي بحاجة إلى التفصيل والبيان من وجوه أخرى من حيث: الأموال التي يجب فيها الزكاة، ومقدار الواجب، ومقدار النصاب، وهكذا ولو اكتفينا بالقرآن لم نستطع أن نؤدي الزكاة التي أمر الله بها في القرآن، وهكذا الصيام والحج، ولهذا قال النبي –صلى الله عليه وسلم- في حجة الوداع: "لتأخذوا مناسككم..." رواه مسلم(1297) من حديث جابر –رضي الله عنه.
السنة وظيفتها البيان: قال الشافعي – رحمه الله-:
"البيان في الفرائض المنصوصة في كتاب الله منها ما أتى الكتاب به على غاية البيان فيه فلا يحتاج مع التنزيل فيه إلى غيره ،ومنها ما أتى على غاية البيان في فرضه، وافترض طاعة رسوله، فبين رسول الله عن الله: كيف فرضه؟ وعلى من فرض؟ ومتى يزول بعضه ويثبت ويجب..
.ومنها: ما سن رسول الله – صلى الله عليه وسلم- مما ليس فيه نص:
وقد فرض الله في كتابه طاعة رسوله – صلى الله عليه وسلم- والانتهاء إلى حكمه، فمن قبل عن رسول الله فبفرض الله قبل، قال الخطابي: بعد أن ذكر الله سبحانه وتعالى أنزل الكتاب تبياناً لكل شيء فأخبر سبحانه أنه لم يغادر شيئاً من أمر الدين لم يتضمن بيانه الكتاب، إلا أن البيان على ضربين:
أ- بيان جلي تناوله الذكر نصاً.
ب- بيان خفي اشتمل عليه معنى التلاوة ضمناً، فما كان من هذا الضرب كان تفصيل بيانه موكولاً إلى النبي – صلى الله عليه وسلم- وهو معنى قوله سبحانه: "وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ"[النحل: من الآية44]، فمن جمع بين الكتاب والسنة فقد استوفى وجهي البيان.
وصنف الإمام أحمد كتاباً في طاعة الرسول – صلى الله عليه وسلم- رد فيه على من احتج بظاهر القرآن في معارضة سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم وترك الاحتجاج بها وقال في أثناء خطبته :
" إن الله جل ثناؤه وتقدست أسماؤه بعث محمد – صلى الله عليه وسلم- بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، وأنزل عليه كتابه الهدى والنور لمن اتبعه، وجعل رسوله الدال على ما أراد من ظاهره وباطنه، وخاصه وعامه، وناسخه ومنسوخه، وما قصد له الكتاب، فكان رسول الله – صلى الله عليه وسلم- هو المعبر عن كتاب الله الدال على معانيه، شاهده في ذلك أصحابه الذين ارتضاهم الله لنبيه – صلى الله علي وسلم- واصطفاهم له، ونقلوا ذلك عنه، فكانوا هم أعلم الناس برسول الله –صلى الله عليه وسلم- ، وبما أراد الله من كتابه بمشاهدتهم، وما قصد له الكتاب فكانوا هم المعبرين عن ذلك بعد رسول الله –صلى الله عليه وسلم-، قال جابر –رضي الله عنه- ورسول الله – صلى الله عليه وسلم- بين أظهرنا عليه ينزل القرآن وهو يعرف تأويله وما عمل به من شيء علمنا به، ثم ساق الآيات الدالة على طاعة الرسول – صلى الله عليه وسلم-
والخلاصة أن السنة حكمها مع القرآن على ثلاثة أوجه كما قال ابن القيم رحمه الله تعالى فى (أعلام "2/290 " الموقعين .) :
"الوجه الأول: أن تأتي السنة مؤكدة لما جاء به القرآن وهذا من باب تضافر الأدلة.
الوجه الثانى: أن تأتي السنة مبينة وموضحة لما أجمله القرآن. قال تعالى: "وأقيموا الصلاة" لكن لم يذكر عدد الصلوات، ولا أركان الصلاة، ولا كيفية الصلاة ولا مواقيت الصلاة، فجاء الحبيب المصطفى لكي يبين لنا عددها وأركانها وكيفيتها ومواقيتها وهكذا.
الوجه الثالث: أن تأتي السنة موجبة أو محرمة لما سكت عنه القرآن. قال المصطفى : ((ألا إن ما حرم الله كما حرم رسول الله)).
هذا.. والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.
[email protected]
مصدر هذه الدراسة www.hayran.info


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.