جماعة الحوثي تنفي استهداف رئيس أركانها محمد الغماري بغارة إسرائيلية    10 أهداف.. بايرن ميونخ يحقق رقما قياسيا في تاريخ مونديال الأندية    بمجموع 280 درجة.. الطالبة أسماء رضا بالإسكندرية تروي ل "الفجر" أسرار تفوقها بالمرحلة الإعدادية    العمليات العسكرية الإسرائيلية وتوجيهات رئاسية جديدة تتصدر نشاط السيسي اليوم    رسمياً.. جينارو جاتوزو مديراً فنياً لمنتخب إيطاليا    تعرف على تكلفة استخراج أو تجديد جواز السفر المصري    محافظ المنيا: الانتهاء من المخططات الاستراتيجية والتفصيلية ل9 مدن و352 قرية    جبل القلالي يحتفل بتجليس الأنبا باخوميوس أسقفًا ورئيسًا للدير (صور)    بسبب عدوان إسرائيل على إيران.. حجاج سوريون يعودون عبر تركيا    إيران تمتلك ورقة خطيرة.. مصطفى بكري: إسرائيل في حالة انهيار والملايين ينتظرون الموت بالملاجئ    جلسة برلمانية موسعة لمناقشة قانون ملكية الدولة وخطة التنمية بالإسكندرية    تنسيقية شباب الأحزاب تحتفل بمرور 7 سنوات على تأسيسها.. وتؤكد: مستمرين كركيزة سياسية في الجمهورية الجديدة    التعليم: تدريب مجاني لمعلمي الإنجليزية بالتنسيق مع السفارة الأمريكية -(مستند)    «جزار الوراق» ينكر التعدي على تلميذة: «ردت علىَّ بقلة ذوق فضربتها بس» (خاص)    صراع مع آلة لا تعرف الرحمة.. «نيويورك تايمز»: الذكاء الاصطناعي يدفع البشر للجنون    ضبط المتهمين بقتل سائق توك توك وإلقاء جثته بمقابر أسوان    عرض «صورة الكوكب» و«الطينة» على مسرح قصر ثقافة قنا الليلة    سماح الحريري: مسلسل حرب الجبالي لا يقدم صورة مثالية للحارة المصرية.. والدراما غير مطالبة بنقل الواقع    طرح البوستر الرسمي لمسلسل "220 يوم" استعدادًا لعرضه    رامي جمال يوجه رسالة لجمهور جدة بعد حفله الأخير    بوستات تهنئة برأس السنة الهجرية للفيس بوك    10 سلوكيات خاطئة ابتعدى عنهم مع أطفالك حفاظا على صحتهم    التنظيم والإدارة يعلن ترتيب امتحانات مسابقات التوظيف بالجهاز الإداري للدولة    رابطة الدوري الإنجليزي تعلن موعد الكشف عن جدول مباريات موسم 2025-2026    رئيس جامعة المنوفية يرأس لجنة مقابلات لتجديد مناصب مديري العموم وأمناء الكليات    إيران تنفي إرسال أيّ طلب إلى قبرص لنقل «رسائل» إلى إسرائيل    رئيس مجلس الدولة يفتتح فرع توثيق مجمع المحاكم بالأقصر    محافظ الغربية يجرى جولة مفاجئة داخل مبنى الوحدة المحلية بسبرباى بمركز طنطا    احذر عند التعامل معهم.. أكثر 3 أبراج غضبًا    لطيفة تؤجل طرح ألبومها الجديد بعد صدمة وفاة شقيقها نور الدين    مكتبة الإسكندرية تطلق أحدث جوائزها للمبدعين الشباب    خالي قتل أمي بكوريك.. القصة الكاملة لجريمة بالغربية سببها علبة سجائر    الجريدة الرسمية تنشر قرارا جديدا ل رئيس الوزراء (تفاصيل)    طب قصر العيني تُحقق انجازًا في الكشف المبكر عن مضاعفات فقر الدم المنجلي لدى الأطفال    طريقة عمل فطيرة السكر باللبن في خطوات بسيطة    تعليم الأقصر: غرفة العمليات لم تتلقَ أي شكاوى بشأن امتحاني مادتي التربية الوطنية والدين للثانوية العامة    توتنهام يضم الفرنسي ماتيل تيل بشكل نهائي من بايرن ميونخ    في عيد ميلاده ال33.. محمد صلاح يخلد اسمه في سجلات المجد    قرارات إزالة لمخالفات بناء وتعديات بالقاهرة وبورسعيد والساحل الشمالي    خمسة جوائز لقرية قرب الجنة من جوائز الفيلم النمساوي بڤيينا    "لا للملوك": شعار الاحتجاجات الرافضة لترامب بالتزامن مع احتفال ذكرى تأسيس الجيش الأمريكي    يسري جبر يوضح تفسير الرؤيا في تعذيب العصاة    استمرار استقبال محصول القمح المحلي للمواقع التخزينية بالشرقية    "طوارئ" بشركات الكهرباء تزامنًا مع امتحانات الثانوية العامة    حسين لبيب يعود إلى نادي الزمالك لأول مرة بعد الوعكة الصحية    رئيس مجلس النواب يدين العدوان الإسرائيلي على إيران    محافظ أسيوط يشهد فعاليات اليوم العلمي الأول للتوعية بمرض الديمنشيا    تحرير 146 مخالفة للمحلات لعدم الالتزام بقرار ترشيد استهلاك الكهرباء    «خلافات أسرية».. «الداخلية» تكشف ملابسات مشاجرة بالأسلحة البيضاء في البحيرة    تداول امتحان التربية الدينية بجروبات الغش بعد توزيعه في لجان الثانوية العامة    104 لجان عامة بالقليوبية تستقبل 50213 طالبا فى امتحانات الثانوية العامة    الأهلي أوقفه.. ميسي يتعطل لأول مرة في كأس العالم للأندية    بمناسبة العام الهجري الجديد 1447.. عبارات تعليمية وإيمانية بسيطة للأطفال    الغارات الإسرائيلية على طهران تستهدف مستودعا للنفط    اليوم.. الأزهر الشريف يفتح باب التقديم "لمسابقة السنة النبوية"    أصل التقويم الهجري.. لماذا بدأ من الهجرة النبوية؟    تعليق ساخر من مجدي عبد الغني على مدرب الأهلي قبل مواجهة إنتر ميامي    هاني رمزي: خبرات لاعبي الأهلي كلمة السر أمام إنتر ميامي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إنكار السُنّة إنكار للقرآن
نشر في المصريون يوم 02 - 08 - 2010

أشرنا فى مقال الاسبوع الماضى إلى ظاهرة إنكار سنة النبى صلى الله عليه ،ويأتى ذلك أساسا ممن يسمون أنفسهم "القرآنيون " ، وكذلك من تابعوهم تحت شعارات برّاقة مثل تجديد الخطاب الدينى والإسلام المستنير أو الليبرالية وما إلى ذلك.
هم يقرون أنهم يؤمنون بالقرآن الكريم فقط ويفسرون آيات القرآن تفسيرا ما أنزل الله به من سلطان حسب هواهم دون حاجة إلى الرجوع للأئمة المتخصصين فى التفسير، وينكرون السنة النبوية ويستهزؤن بها، وحسبنا أننا فى مقالنا الماضى حذرناهم ونصحناهم لوجه الله تعالى، لعلهم - قبل فوات الأوان- يرجعون، دون أن نقصد الإساءة إلى أحد بعينه ، وربما أغضب كلامنا بعضهم ولكننى أقول لهم (وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3) ، " إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ "هود(88) " ( فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ ) .غافر44
والحق أنهم منكرون للقرآن الكريم قبل إنكار السنة؛ فمنكر السنة منكر للقرآن بلا ريب؛ إذ كيف يصلي وكم صلاة يصليها، وما أركان الصلاة، وما سننها ومبطلاتها؟ وكيف يزكي وكيف يصوم وكيف يحج؟
والرسول الكريم قد تنبأ بهذا فقال صلى الله عليه وسلم :
" يوشك أن يقعد الرجل متكئًا على أريكته، يحدث بحديث من حديثي، فيقول: بيننا وبينكم كتاب الله، فما وجدنا فيه من حلال استحللناه، وما وجدنا فيه من حرام حرمناه."
أخرجه أحمد وأبو داود والحاكم وصححه الألباني.
وأنكر بعض المعاصرين السنة القولية، وأقر السنة العملية. وأنكر بعضهم ممن ليس لهم اختصاص بالسنة الكثير من الأحاديث ، والبعض الآخر يتكئ على أريكته وينفخ أوداجه ثم يضعف أحاديث الشيخين البخاري ومسلم التي أجمعت الأمة على صحتها .
و القول برد السنة ، وأن القرآن يكفي وحده ولا حاجة إلى السنة هومن الدعاوى الباطلة والشبهات الضالة التي أثارها أعداء الإسلام ، والغرض من هذه الدعوة الضالة الخبيثة هدم الشريعة وتقويض الإسلام، فالسنة هي المفسرة والمبينة للقرآن، فالطعن فيها طعن في القرآن وترك للعمل بنصوصه التي تحتاج إلى بيان.
وكان بداية هذه الدعوة الخبيثة والانحراف الخطير في أواخر عهد الصحابة –رضي الله عنهم-، ثم تطور مع الزمن حتى جاء الاستعمار الغربي وذلك عبر طلائعه من المبشرين والمستشرقين وأتباعهم من أشباه العلماء وأبواق الاستعمار الذين قصدوا القضاء على الإسلام وهدم الشريعة فأحيوا ما اندثر من هذه البدع والآراء المنحرفة.
كيف عرفنا العبادات لولا السنة؟ وقد تصدى الصحابة –رضي الله عنهم- لهذا الانحراف، فعن الحسن البصري أن عمران بن حصين- رضي الله عنه- كان جالساً ومعه أصحابه، فقال رجل من القوم: لا تحدثونا إلا بالقرآن، قال فقال له: أدنه فدنا، فقال:
"أرأيت لو وكلت أنت وأصحابك إلى القرآن، أكنت تجد فيه صلاة الظهر أربعاً، وصلاة العصر أربعا،ً وصلاة المغرب ثلاثاً تقرأ في اثنتين؟ أرأيت لو وكلت أنت وأصحابك إلى القرآن، أكنت تجد الطواف بالبيت سبعاً، والطواف بالصفا والمروة؟ ثم قال:
" أي قوم خذوا عنا فإنكم والله إن لا تفعلوا لتضلن" .
حجية السنة: ثم ما زال العلماء يردون على هذه الشبهات ويوضحوا الأدلة الدالة على حجية السنة ومنهم الإمام الشافعي فقد بسط القول في الرد على هذه الشبهة في كتاب (جماع العلم)، حيث قال: "باب حكاية قول الطائفة التي ردت الأخبار كلها" ثم شرع في الرد عليهم، والمقام لا يتسع لبسط الأدلة في الرد على هذه الدعوة الخبيثة لكن حسبنا أن نذكر بعض الأدلة وفيها كفاية لمن وفقه الله وأراد الحق،لبيان أن السنة المطهرة حجة باتفاق العلماء سواء منها ما كان على سبيل البيان للقرآن أو على سبيل الاستقلال.
وقد دلت الأدلة المستفيضة من القرآن والسنة على وجوب اتباع النبي- صلى الله عليه وسلم- والتحذير من مخالفة أمره ونهيه عليه الصلاة والسلام، قال الله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً"[النساء:59].قال ميمون بن مهران: "الرد إلى الله هو الرجوع إلى كتابه، والرد إلى الرسول – صلى الله عليه وسلم- هو الرجوع إليه في حياته وإلى سنته بعد مماته"، وقال تعالى: "قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ..."[آل عمران: من الآية31]، وقال تعالى: "مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ..."[النساء: من الآية80]، فقد جعل طاعة رسوله – صلى الله عليه وسلم- من طاعته سبحانه، وحذر من مخالفته فقال: "فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ..."[النور: من الآية63]، فلولا أن أمره حجة ولازم لما توعد على مخالفته بالنار، وقال سبحانه وتعالى:
"لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ..."[الأحزاب:من الآية21]، وقال سبحانه: "فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً"[النساء:65]، وقال سبحانه: "وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا"[الحشر: من الآية7]
فهم الصحابة لهذه الآيات :
لقد فهم الصحابة – رضوان الله عليهم- من هذه الآيات وجوب الرجوع إلى السنة والاحتجاج بها، روى البخاري في صحيحه(4886) عن عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه- قال: "لعن الله الواشمات والمستوشمات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله، فقالت أم يعقوب: ما هذا؟ قال عبد الله – رضي الله عنه- وما لي لا ألعن من لعن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- وفي كتاب الله، قالت: والله لقد قرأت ما بين اللوحين فما وجدته، فقال: والله لئن قرأتيه لقد وجدتيه، قال الله تعالى: "وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا"[الحشر: من الآية7].
وكما سبق القول ،فإن الرسول صلى الله عليه وسلم قد تنبأ بهذه الشبهة، فحينما بعث معاذاً– رضي الله عنه- إلى اليمن قال له: "بم تقضي إذا عرض لك قضاء؟ قال: بكتاب الله، قال: فإن لم تجد؟، قال: بسنة رسول الله –، قال: فإن لم تجد؟ قال: أجتهد رأي ولا آلو فضرب رسول الله –صلى الله عليه وسلم- في صدره، وقال: الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضي الله ورسوله" أخرجه أبو داود(3592).
وأما الأحاديث الدالة على وجوب اتباع السنة فكثيرة منها ما رواه أبو داود في سننه(4604) عن المقدام بن معد يكرب – رضي الله عنه- أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم- قال:
"ألا إنني أوتيت الكتاب ومثله معه، ألا يوشك رجل شبعان متكئ على أريكته يقول: عليكم بالقرآن فما وجدتم فيه من حلال فأحلوا وما وجدتم فيه من حرام فحرموه، ألا لا يحل لكم الحمار الأهلي، ولا كل ذي ناب من السباع، ولا لقطة معاهد إلا أن يستغني عنها صاحبها، ومن نزل بقوم فعليهم أن يقروه، فإن لم يقروه فعليه أن يعقبهم بمثل قراه"، قال الخطابي: وقوله: "يوشك رجل شبعان..."يحذر بهذا القول من مخالفة السنن التي سنها مما ليس له من القرآن ذكر على ما ذهبت إليه الفرق الضالة فإنهم تمثلوا بظاهر القرآن وتركوا السنن التي قد ضمنت بيان الكتاب فتحيروا وضلوا، وأراد بقوله متكئ على أريكته أنه من أصحاب الترفه والدعة الذين لزموا البيوت ولم يطلبوا العلم من مظانه" معالم السنن(4/298)، وفي حديث العرباض بن سارية – رضي الله عنه- مرفوعاً: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ" رواه أبو داود(4607)، والترمذي(2676)، وقال: حديث حسن صحيح، وعن ابن عباس – رضي الله عنهما- أن النبي –صلى الله عليه وسلم- خطب في حجة الوداع فقال: "إن الشيطان قد يئس أن يعبد بأرضكم ولكن رضي أن يطاع فيما سوى ذلك مما تحقرون من أمركم، فاحذروا، إني تركت فيكم ما إن اعتصمتم به فلن تضلوا أبداً كتاب الله وسنة نبيه" أخرجه مالك في الموطأ(2/899)، والحاكم(318)، واللفظ له.
رد شبهة أن القرآن يحوي كل شيء ووصف القرآن بأنه تفصيل لكل شيء:
هذا لا يفهم منه أنه ليس بحاجة إلى البيان الذي أخبر الله -سبحانه وتعالى- عنه بقوله: "وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ..."[النحل: من الآية44]، لأن التفصيل والبيان الوارد في القرآن على نوعين:
أ- ما جاء في القرآن مفصلاً ومبيناً بحيث لا يحتاج معه إلى غيره.
ب- ما جاء في القرآن مفصلاً ومبيناً من حيث بيان وجوبه وافتراضه ونحو ذلك وهو بحاجة إلى البيان والتفسير والإيضاح من وجوه أخرى.
فعلى سبيل المثال: ورد في القرآن ذكر العبادات مفصلة من صلاة وزكاة وصيام وحج واعتكاف، وهذه العبادات تحتاج إلى بيان وإيضاح، فالصلاة تحتاج إلى بيان أوقاتها وكيفيتها،ونحو ذلك، وقد جاءت السنة ببيان ذلك على وجه التمام والكمال، قال النبي –صلى الله عليه وسلم-: "صلوا كما رأيتموني أصلي" رواه البخاري(631) من حديث مالك بن الحويرث –رضي الله عنه-، ولو اكتفينا بالقرآن فإنه فلا يمكن أن نقيم الصلاة التي أمر الله بها في كتابه، وهذا أمر ظاهر، وكذلك الزكاة فقد بين الله عز وجل وجوبها وافتراضها على عباده وهي بحاجة إلى التفصيل والبيان من وجوه أخرى من حيث: الأموال التي يجب فيها الزكاة، ومقدار الواجب، ومقدار النصاب، وهكذا ولو اكتفينا بالقرآن لم نستطع أن نؤدي الزكاة التي أمر الله بها في القرآن، وهكذا الصيام والحج، ولهذا قال النبي –صلى الله عليه وسلم- في حجة الوداع: "لتأخذوا مناسككم..." رواه مسلم(1297) من حديث جابر –رضي الله عنه.
السنة وظيفتها البيان: قال الشافعي – رحمه الله-:
"البيان في الفرائض المنصوصة في كتاب الله منها ما أتى الكتاب به على غاية البيان فيه فلا يحتاج مع التنزيل فيه إلى غيره ،ومنها ما أتى على غاية البيان في فرضه، وافترض طاعة رسوله، فبين رسول الله عن الله: كيف فرضه؟ وعلى من فرض؟ ومتى يزول بعضه ويثبت ويجب..
.ومنها: ما سن رسول الله – صلى الله عليه وسلم- مما ليس فيه نص:
وقد فرض الله في كتابه طاعة رسوله – صلى الله عليه وسلم- والانتهاء إلى حكمه، فمن قبل عن رسول الله فبفرض الله قبل، قال الخطابي: بعد أن ذكر الله سبحانه وتعالى أنزل الكتاب تبياناً لكل شيء فأخبر سبحانه أنه لم يغادر شيئاً من أمر الدين لم يتضمن بيانه الكتاب، إلا أن البيان على ضربين:
أ- بيان جلي تناوله الذكر نصاً.
ب- بيان خفي اشتمل عليه معنى التلاوة ضمناً، فما كان من هذا الضرب كان تفصيل بيانه موكولاً إلى النبي – صلى الله عليه وسلم- وهو معنى قوله سبحانه: "وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ"[النحل: من الآية44]، فمن جمع بين الكتاب والسنة فقد استوفى وجهي البيان.
وصنف الإمام أحمد كتاباً في طاعة الرسول – صلى الله عليه وسلم- رد فيه على من احتج بظاهر القرآن في معارضة سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم وترك الاحتجاج بها وقال في أثناء خطبته :
" إن الله جل ثناؤه وتقدست أسماؤه بعث محمد – صلى الله عليه وسلم- بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، وأنزل عليه كتابه الهدى والنور لمن اتبعه، وجعل رسوله الدال على ما أراد من ظاهره وباطنه، وخاصه وعامه، وناسخه ومنسوخه، وما قصد له الكتاب، فكان رسول الله – صلى الله عليه وسلم- هو المعبر عن كتاب الله الدال على معانيه، شاهده في ذلك أصحابه الذين ارتضاهم الله لنبيه – صلى الله علي وسلم- واصطفاهم له، ونقلوا ذلك عنه، فكانوا هم أعلم الناس برسول الله –صلى الله عليه وسلم- ، وبما أراد الله من كتابه بمشاهدتهم، وما قصد له الكتاب فكانوا هم المعبرين عن ذلك بعد رسول الله –صلى الله عليه وسلم-، قال جابر –رضي الله عنه- ورسول الله – صلى الله عليه وسلم- بين أظهرنا عليه ينزل القرآن وهو يعرف تأويله وما عمل به من شيء علمنا به، ثم ساق الآيات الدالة على طاعة الرسول – صلى الله عليه وسلم-
والخلاصة أن السنة حكمها مع القرآن على ثلاثة أوجه كما قال ابن القيم رحمه الله تعالى فى (أعلام "2/290 " الموقعين .) :
"الوجه الأول: أن تأتي السنة مؤكدة لما جاء به القرآن وهذا من باب تضافر الأدلة.
الوجه الثانى: أن تأتي السنة مبينة وموضحة لما أجمله القرآن. قال تعالى: "وأقيموا الصلاة" لكن لم يذكر عدد الصلوات، ولا أركان الصلاة، ولا كيفية الصلاة ولا مواقيت الصلاة، فجاء الحبيب المصطفى لكي يبين لنا عددها وأركانها وكيفيتها ومواقيتها وهكذا.
الوجه الثالث: أن تأتي السنة موجبة أو محرمة لما سكت عنه القرآن. قال المصطفى : ((ألا إن ما حرم الله كما حرم رسول الله)).
هذا.. والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.
[email protected]
مصدر هذه الدراسة www.hayran.info


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.