العديد من الزوجات في عالمنا العربي يلبسن أثناء الخلافات الزوجية النظارات السوداء، فلا يرين الأمور على حقيقتها، ويخفين ما هو حسن ويظهرن كل قبيح، كما ينسين بسرعة كل معروف وجَميل ويتذكرن أي مواقف سلبية أو سيئة بدرت من أزواجهن نتيجة سهو أو تقصير!، الأمر الذي يؤذي مشاعر هؤلاء الأزواج ويجعلهم يشعرون دائمًا وأبدًا باليأس والإحباط وخيبة الأمل لعدم قدرتهم على إرضائهن رغم ما يقدمون لهن من خير ومعروف في معظم الوقت!..
فترى الواحدة منهن تتهم زوجها بالبخل لمجرد أنه لم يلبِ لها طلبًا واحدًا!، إما لأنه غير مقتنع به أو ليست لديه القدرة المادية لتحقيقه في حينه، وأخرى تصف زوجها بالعصبي والانفعالي لأنه بدا ضيق الأفق والصدر، وعلا صوته في أحد المواقف دون أن تقدر حالته النفسية وكثرة الضغوط التي يتعرض لها أثناء العمل!!..
كانت "البرمكية" جارية، تُباع وتشترى، فاشتراها المعتمد ابن عباد ملك المغرب فأعتقها وتزوجها وجعلها ملكة، وحين رأت الجواري يلعبن في الطين حنت لماضيها، فاشتهت أن تلعب في الطين مثلهن، فأمر أن يوضع لها طيب لا يحصى على شكل طين، فخاضت فيه ولعبت، فكانت إذا غضبت منه تقول: "إني لم أرَ منك خيرًا قط"!، فيبتسم ويقول لها: "ولا يوم الطين"؟!!.. فتخجل وتعتذر له!!!.
مما لا رَيبَ فيه أن كفران الزوج ونكران جميله وإحسانه أعظم وأشد من غيره لِمَ جاء من التحذير والتغليظ في شأنه..
عن عبدالله بن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أُريتُ النارَ فلم أرَ منظرًا كاليوم قط أفظع، ورأيت أكثر أهلها النساء، قالوا: بِمَ يا رسول الله، قال: بكفرهن، قيل: يكفرن بالله؟، قال: يكفرن العشير ويكفرن الإحسان، لو أحسنت إلى إحداهن الدهر كله ثم رأت منك شيئًا قالت: ما رأيت منك خيرًا قط)، متفق عليه.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا معشر النساء تصدقن فإني رأيتكن أكثر أهل النار، قلن: وبِمَ يا رسول الله؟ قال: تسرعن اللعن وتكثرن الطعن وتكفرن العشير
وحتى لا تكوني أيتها الزوجة ممن ينكرون الجميل ويهجرون الشكر ويضيعون المعروف والإحسان ولا يدفعون بالتي هي أحسن، أُوصيكِ باتباع ما يلي:
- في البداية يجب أن تعلمي أن نكران الجميل من أسباب زوال النعمة ويجلب الشقاء وسوء الحال ونكد البال، وهو دليل على خِسة ولؤم النفس، فقد قال بعض الفضلاء: الكريم شكور أو مشكور واللئيم كفور - أو مكفور..
فالنفس البشرية السوية تحب وتقدر من أحسن إليها، بل وإن الإحسان يقلب مشاعرها العدوانية إلى موالاة حميمة كما أخبرنا عز وجل في كتابه العزيز في سورة فصلت آية 34:
قال تعالى: {ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه وليٌ حميم}.
وزوجك أولى الناس بالوفاء وشكر معروفه ودفعك بالتي هي أحسن في حال أساء إليكِ أو قصر في أداء واجب معين تجاهك.
- اشكري زوجك دائمًا على أفعاله الطيبة وذَكِّريه ممتنة بما صدر عنه سابقًا من معروف وإحسان فمن لا يشكر الناس لا يشكر الله، كما قال سيد الخلق أجمعين وخاتم الأنبياء والمرسلين.
- ابتعدي عن كثرة الجدال أثناء الخلافات الزوجية حتى إن كنتِ محقة، لأن هذا يؤدي بكِ إلى الوقوع في أخطاء كثيرة ومنها الجحود ونكران المعروف، مما يثير حفيظة الزوج ويدفعه آسفًا إلى تصرف غير محمود العواقب.
- لا توهمي نفسك بأن في تحقير معروف الزوج استفزازًا وتأديبًا له كي لا يعصي لكِ أمرًا ولا يرفض لكِ طلبًا بعد ذلك، ويشعر دائمًا بالتقصير تجاهك فيبذل المزيد والمزيد من أجل إسعادك وإرضائك – وليتك ترضين-
- كوني صالحة عادلة وتجنبي الظلم لأنه ظلمات يوم القيامة، واقنعي بالقليل يأتيكِ الكثير، وإياكِ والضغط على مشاعره وأعصابه، حتى لا ينفجر فيدمر كل شيء في لحظة، فحينئذ لا ينفعكِ الندم.
- استغفري الله وتوبي إليه قبل فوات الأوان، وقدمي الخير وانتظري الجزاء من رب العالمين، فحسرة لمن كانت النار مسكنًا ومستقرًا لها بسبب كفران العشير. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.