من المبالغة أن نعتبر الإخوان المسلمين "بديلا" لنظام الحكم، فالقيادة السياسية بالجماعة، قدرت في تصريحات صحفية أن وزنها يقارب 25% من قوة الشارع المصري، وهي نسبة بالتأكيد كبيرة، لأننا نتحدث عن "تنظيم" وليس عن نسبة فضفاضة وغير منظمة.. غير أنها لا تكفي وحدها لادراج الحركة كقوة موازية لسلطة الدولة. الجماعة قد تكون "شريكا" في النضال الوطني، "وقوة" من مصلحتها انتصار مشروع الإصلاح السياسي الذي تتبناه المعارضة، واعتقد أنها على قناعة بأن طموحها السياسي، لن يتجاوز هذا السقف، لأنها في النهاية حركة اجتماعية إصلاحية، يهمها في المقام الأول الإصلاح وليس السلطة. هذه القناعة في تقديري من المفترض أن تظل حاضرة، كلما داعبت "الأحلام الكبيرة" مكتب الإرشاد، لأنها "الحصانة" الآمنة لكي تبقى مقبولة من معارضة علمانية تداهنها ولا تقبلها ولديها الاستعداد للتآمرعليها وبيعها لخصومها من السياسيين الرسميين .. وفي بيئة دولية متوجسة وغير مستعدة لأية تطورات في مصر تقرب الجماعة من قصور الرئاسة. وضع الجماعة داخليا وخارجيا، لا يسمح لها إلا بالحركة في أفق محدود، حيث تستقر صورتها "المغلوطة" في الوعي الغربي العام، باعتبارها مشروعا لاعادة إحياء "الفاشية الدينية"، هذا على أقل تقدير في ظاهر التصريحات المعلنة، غير أنه لا يخفي قلقه من أن يتمكن الإخوان من الدفع بقيادة ثورية إلى سدة الحكم، تتبنى مطالب المعارضة خاصة فيما يتعلق بالصراع العربي الإسرائيلي. أعلم إذن بأن استقواء الجماعة بالمعارضة المصرية في نسختها الانتهازية الحالية، يعتبر رهانا لا يستند إلى أية ركائز أخلاقية تحميها من التواطؤ عليها، فيما يبقى الخارج هو الطرف الذي لن يقبل مطلقا أية تسوية داخلية تعطي للجماعة الحق في مشاطرة أية قوة اخرى السلطة مستقبلا. المسألة ربما تتعلق في المحصلة النهائية بظاهرة "فوبيا الإخوان".. فالكل قلق من الجماعة حال باتت بيدها مقاليد الحكم .. فالمعارضة تلعب في المربع "المضمون" والذي بيده توزيع الحقائب البرلمانية ومعها مغارة "على بابا" بالاضافة إلى توجسها المتوارث من أية مشروع سياسي يعتمد على الفرز الديني والطائفي.. والخارج سيظل مؤسسا لعلاقته مع الشرق المسلم، مثقلا بعبء الحروب الدينية التي خاضتها المسيحية السياسية الغربية من جهة وتجربة التوسع الامبراطوري الإسلامي والذي استمر حتى سقوط الخلافة عام 1924 من جهة أخرى. على الجماعة أن تدرك بأنها "وحيدة" في هذا العالم.. وهو ما يضيف إليها الكثير من الأعباء التي تحتاج إلى مراجعات جادة وابداع آليات جديدة ربما تكون التجربة التركية هي الأقرب إليها رحما. [email protected]