«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مطالبة مبارك بالاستقالة من الوطني لمسئوليته عن هزيمة الحزب بالانتخابات .. وتأكيدات بأن الحزب بات في حاجة لرصاصة الرحمة .. وانتقادات عنيفة لتفشي الفساد وشراء الأقلام بين الصحفيين بمصر .. ومرشد الإخوان يؤكد أنه لا أمل في مبارك ولا ابنه
نشر في المصريون يوم 14 - 12 - 2005

واصلت صحف القاهرة تعليقاها على نتائج الانتخابات البرلمانية وطرح تصوراتها لملامح الحياة السياسية في مصر خلال المرحلة المقبلة ، كما استمرت هذه الصحف في طرح التساؤلات والاقتراحات حول مستقبل جماعة الإخوان المسلمين ، وفي المقابل يبدو أن الجماعة قد استفادت كثيرا من هذا الجو ، وتبارى قادتها في طرح رؤى وأفكار الجماعة ، بصورة لم يكن من المتخيل حدوثها . وتجلت هذه الصورة في الحوار الذي أجرته صحيفة الدستور مع مرشد الإخوان ، والذي شغل نحو ثلاث صفحات كاملة ، فضلا عن أن الحوار أجري في مقر الجريدة ، في سابقة غير معهودة بالنسبة لعاكف ، وهو ما يشير إلى رغبة الجماعة في مكافأة الصحيفة ورئيس تحريرها إبراهيم عيسى على مواقفها المحايدة خلال تغطية الانتخابات الأخيرة . صحف اليوم ، طرحت رؤيتها لمستقبل جماعة الإخوان المسلمين ، حيث طرح البعض اقتراحا بمنح الجماعة حزبا سياسيا ، لكنه في المقابل وضع شروطا ، أشبه بما تكون بإعلان استسلام من الجماعة ، حتى أنه يمكن القول إنه إذا استجابة الجماعة لهذه الشروط ، فعلى أعضائها أن ينضموا للحزب الوطني بدلا من تأسيس حزب جديد . صحف اليوم ، عاودت الحديث عن تفشي الفساد بين الصحفيين المصريين ، وكان الطرح مباشرا في الإشارة لنجاح رجال الأعمال في شراء ذمم وأقلام العديد من الصحفيين ، فضلا عن الرشاوى التي يتلقاها صحفيون آخرون من جهات حكومية وسفارات أجنبية . وننتقل إلى التفاصيل حيث المزيد من الرؤى والتعليقات نبدأ جولتنا من صحيفة " الدستور " المستقلة ، والحوار الموسع الذي أجرته مع محمد مهدي عاكف المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين ، والذي شغل نحو ثلاث صفحات كاملة ، فضلا عن أن الحوار أجري في مقر الجريدة ، في سابقة غير معهودة بالنسبة لعاكف ، وهو ما يشير إلى رغبة الجماعة في مكافأة الصحيفة ورئيس تحريرها إبراهيم عيسى على مواقفها المحايدة خلال تغطية الانتخابات البرلمانية الأخيرة ، وإن كان نشر الحوار باللغة العامية قد أضعف من الحوار ، رغم عمق ودقة القضايا التي ناقشها . ورفض عاكف خلال الحوار ما يقال عن أن الإخوان سوف ينقلبون على الديمقراطية فور وصولهم للحكم ، قائلا " دا تدخل في النيات .. لما تيجي تشوف حياتهم اللي عايشين فيها ، عايشين فيها أزاي واللي هيطبقوه على غيرهم ، إش عرفك أنني لما أبقى حاكم هتقلب على الديمقراطية .. إذا أنا كنت لا أقبل أن أكون حاكما إلا عن طريق صندوق الاقتراع ، ولن أكون حزبا إلا إذا اتلغت كل القوانين الاستثنائية واحترم الدستور لأن من حق كل مواطن أن ينشىء حزبا وينشئ جمعية وفي الوقت ده أنشئ حزبا وأنشئ جمعية واللي يفصل بيني وبين أي واحد هو القضاء ، لأن فيه مقومات أساسية للمجتمع ، لما يشوفوا الحزب بتاعي خارج عن هذه الأمور يقفلوه إنما بجنة الأحزاب عي اللي تقول يقفلوه أم يفتحوه " . وكشف عاكف أنه سوف يقدم اقتراحا لمجلس الشورى بالجماعة لجعل فترة ولاية المرشد لمدة أربع سنوات وأن لا يزيد بقائه في منصبه عن فترتين ، كما نفى ما تردد عن أن الجماعة سوف تتخلى عن شعار الإسلام هو الحل في حال تحولها إلى حزب سياسي ، مشيرا إلى أن الشعارات الأخرى مثل الديمقراطية هي الحل أو الحرية هي الحل أو الأخلاقيات هي الحل ، سوف تكون عناوين عريضة تحت هذا الشعار . وأشار مرشد الإخوان إلى أنه طلب لقاء الرئيس مبارك كي " أقول له أنت رايح فين ، وأرجوك أن تنفذ ما وعدت به من الديمقراطية والحريات وإلغاء قانون الطواريء والإصلاحات (..) لا أمل لي في مبارك ولا ابن مبارك وبقولها علنا وأظن قبل كده لما جريدة الحياة سألتني قلت مستحيل أن نعطي لمبارك " . ننتقل إلى صحيفة "المصري اليوم " المستقلة ، حيث انتقد سليمان جودة غياب الأقباط والقوى السياسية المعارضة عن البرلمان الجديد ، قائلا " إذا كان الهدف من وراء تعيين خمسة أقباط ضمن الأعضاء العشرة المعينين في مجلس الشعب ، أمس الأول هو تحقيق نوع من التوازن في تمثيل مختلف تيارات المجتمع وقطاعاته فلا أظن أن شيئا من هذا التوازن قد تحقق بأي درجة . فلا يزال الخلل في تقديري هو سيد الموقف وهو المسيطر ، سواء بالنسبة للأقباط أو لغير الأقباط ، فلا جدال في أن حجم الأقباط ومساحتهم بيننا أكبر من مجرد خمس نواب يمثلونهم في البرلمان ، كما أن من الخطأ ، وأكاد أقول الخطيئة ، من جانب الدولة في هذه المسالة ، تحديدا كان منذ البداية بداية الترشيح والاختيار من خلال المجمع الانتخابي بل ومن خلال نظام الانتخاب نفسه .. ولابد أن خطأ أو حتى خطيئة من هذا النوع ، لا تجوز مواجهتها بتعيين عدد من النواب يمثلونهم ، ثم نتصور أننا أدينا وجبنا وانتهى الأمر عن هذا الحد ". وإذا كانت الحكاية حكاية تمثيل مناسب تحت قبة المجلس ، فمن الضروري أن نسأل السيد الرئيس عما كان يرى تمثيل الوفد بستة نواب يوازي حجم الوفد وتاريخه وتراثه بصرف النظر عن أي أسباب أو أي تفسيرات أخرى قد تقال في هذا المقام ؟ّ! . ومن حقنا أيضا أن نسأل الرئيس عما إذا كان يرى أنه من اللائق أن يكون تمثيل الحزب الناصري في المجلس صفر ؟! إنني أختلف مع الناصريين كثيراً ولكن الاختلاف معهم لا يمكن أن يؤدي إلى إنكار وجودهم ، أو إلى إنكار أن هناك تيار بيننا يؤمن بأفكار عبد الناصر، الذي يره الأستاذ هيكل ، قرينا لشارل ديجول . وإذا كان هناك تيار ناصري في موريتانيا نفسها ، في أقصى غرب أفريقيا فلابد أن يكون التيار الناصري عندنا له وجود نسبي ". وأضاف جودة " نعود إلى أصل الداء ، لنقول : إن السبب وراء كل هذا الارتباك في حياتنا السياسية بوجه عام وفي مجلس الشعب بوجه خاص هو نظام الانتخاب الفردي الذي جرت وفقا له الانتخابات الخيرة . وقد كنا نتصور أن يكون خطاب الرئيس مبارك أمام الهيئة البرلمانية لحزب الوطني قبل يومين متضمنا الإشارة إلى أن هناك إعداد لنظام انتخاب بالقائمة ، وان مهمة نواب الحزب الوطني ، هي إنجاز هذا النظام الانتهاء منه ، في ظروف عامين من الآن .. غير أن سطرا في هذا الشأن لم يظهر في خطاب الرئيس ونتمنى أن يتحقق كذلك في خطابه أمام مجلس الشعب والشورى ، السبت المقبل لأن البديل الوحيد هو تعيين 400 نائب من بين 454 نائبا ، هم إجمالي عدد نواب البرلمان ، إذا كنا نتحدث حقا عن تمثيل لائق لشتى الأحزاب ، والأفكار ، والرؤى ، التيارات ، والقطاعات .. أما النواب العشرة فهم أضعف من حيث العدد من أن يعوضوا خلل تمثيل المرأة . بين نواب الأمة كما أن تخصيص خمسة من بينهم للأقباط ، شئ يكشفنا أكثر مما يسترنا !! " . ننتقل إلى صحيفة " الوفد " ، حيث استعرض عماد الغزالي عددا من المشاهدات التي صاحبت الانتخابات ، قائلا " بين مئات الصور التي بثتها وكالات الأنباء والتقطتها عدسات المصورين عن الانتخابات البرلمانية الأخيرة.. فإن صورة واحدة لسيدة تتسلق سلما خشبيا وضع في الجانب الخلفي لأحدي لجان التصويت بقيت عالقة في الذاكرة. كانت السيدة الخمسينية تحاول أن تدلي بصوتها.. وحين منعتها قوات الأمن التي أحكمت حصارها حول اللجنة لم تستسلم.. أصرت علي التصويت لمرشحها.. وساعدها آخرون لديهم الرغبة ذاتها.. تسلقوا السلم الخشبي ووصلوا إلي اللجنة وانجحوا مرشحهم.. الذي لم يكن بالتأكيد من الحزب الوطني. لماذا كانت السيدة حريصة علي التصويت إلي هذا الحد.. حد المغامرة بحياتها.. وتحدي قسوة السلطة وغشامتها وانفلاتها الغاضب العاصف عند الضرورة.. لا شيء سوي الإيمان بفكرة.. الثقة في أن لحظة التغيير قد حانت.. وأنها تستحق البذل والتضحية. هذا هو الدرس بالغ الأهمية الذي لا ينبغي نسيانه: حانت لحظة التغيير. يدرك النظام الذي شاخ وترهل وتكلست أطرافه تلك الحقيقة.. لكنه يتحايل عليها بأساليب شتي لم تعد تنطلي علي أحد كي يمد في أجله ويقصف عمرنا.. بزعم أننا مازلنا نعيش مرحلة انتقالية.. تصوروا ربع قرن كامل ومصر تنتظر قرارات حاكمها الأوحد لتتجاوز ما أسموه ب "التعددية المقيدة" إلي الديمقراطية الكاملة؟ . سنوات طوال.. وضع فيها البلد في الثلاجة.. وبدا واضحاً أن ثمة فجوة واسعة بين الجمود الذي أصاب النظام السياسي المصري يسميه الخطاب الرسمي "استقراراً" والوتيرة المتسارعة التي تجري بها الأحداث في الداخل والخارج. يدرك الناس الآن أن التغيير ضرورة حياة لا خطاب نخبة.. وهذا هو مغزي الصورة.. صورة السيدة تتسلق سلما خشبياً لتدلي بصوتها مخترقة سياج الأمن وهراوات العساكر " . وأضاف الغزالي " المشهد التالي يتضمن عشرات الصور عن بلطجية أمسكوا سيوفاً وعصياً وخناجر وأوسعوا الناس ضرباً وترويعاً، ودماء غزيرة تتدفق ناخبين شاءت حظوظهم العثرة أن تطالهم أيادي البلطجية الذين استخدموا بغزارة في الانتخابات.. من قبل جميع المرشحين.. وقد كانوا من قبل حكراً علي مرشحي الوطني. البلطجة هي الاستهانة بالقواعد الحاكمة للنظام العام.. وخرق النواميس المنظمة للعلاقات بين الأفراد والمؤسسات.. وتغييب القوانين لصالح فئات من المنتفعين والانتهازيين. البلطجة بهذا المعني تتجاوز السياق الفردي لتتخذ طابعاً مؤسسياً.. وفق هذا التصور فإن إبقاء النظام علي وجوه كريهة فاسدة مفسدة متحدياً مشاعر الناس ورغباتهم هو نوع من البلطجة.. التضييق علي القوي السياسية المعارضة ومحاصرتها وتقزيمها وانفراد الحزب الحاكم بالساحة بأغلبية كاسحة كاذبة بلطجة.. إطلاق أيادي الفاسدين والمفسدين في مرافق الدولة ومؤسساتها بلطجة.. فتح كل الأبواب للمنافقين والانتهازيين وأصحاب الحظوة وإغلاقها أمام أصحاب المواهب والمجتهدين بلطجة.. تزييف إرادة الناس لصالح حزب الرئيس بلطجة.. الإصرار علي سياسات خاطئة أدت إلي إفقار البلد والإطاحة به في ذيل الأمم وإهدار مكانته الحضارية بلطجة.. مباركة شبكات المصالح والمنافع المنتشرة مثل كائنات سرطانية في كل موقع بلطجة.. الإفساد المنظم الذي تخضع له كافة مؤسسات الدولة بلطجة.. تفصيل القوانين لصالح حفنة من ذوي النفوذ علي حساب أغلبية الناس بلطجة.. هذه هي بعض مشاهد البلطجة التي غابت عمداً عن الصورة.. فيما حضرت صور حاملي السيوف والخناجر ليكونوا قرباناً علي مذبح نظام بلطجي " . أنا فأظن أن حكاية الحرس القديم والفكر الجديد ليست سوي مزحة ثقيلة.. والمسألة تذكرني بماكينة السجق.. التي تعطيك "سجق" من الناحية الأخرى أيا كان نوع اللحم الذي ستضعه فيها.. بقر أو جاموس أو ماعز أو خنزير.. النتيجة المؤكدة أنك ستحصل علي سجق.. أي أن الماكينة هي التي تشكل المنتج النهائي. ويذكرني هذا الصراع أيضاً بما كتبه "فوكوياما" في كتابه "نهاية الإنسان". قال صاحب "نهاية التاريخ" إن إنسان أوروبا لم يكن أشقر ولا أزرق العينين.. لقد هاجر بسماته المعروفة من موطنه الأصلي بإفريقيا.. لكنه اكتسب مظهره الجديد عبر آلاف السنين كي يلائم بيئته الجديدة .. مرة أخري: العيب في الماكينة ". نعود مجددا إلى صحيفة "الدستور" ، حيث واصل رئيس تحريرها إبراهيم عيسى هجومه القاسي واللاذع على الرئيس مبارك والحزب الوطني الحاكم ، وكتب عيسى يقول " لن يتغير حسني مبارك ثم أنه وهذا هو الأهم لن يغير ، لا شيء غير أفكار الرئيس وسياسته وطريقته نفسها منذ ثلاثين عاما ، يا للهول شخص لا يتغير ثلاثين عاما هو بالتأكيد شخص لا يمكن أن يغير وطنا ، مفهوم مبارك عن الثبات هو فهمنا عن الجمود ، تصوره عن الاستقرار هو تصورنا عن الركود ، ومن ثم شيء يفاجئنا ولا يدهشنا أنه يعلن أن لا أحد يعرف متي التغيير الوزاري ، والحقيقة أن التغيير الوزاري نفسه كلام لا يودي ولا يجيب ، فمن هم هؤلاء الذين سيأتي بهم مبارك غير من أتوا وكلهم صنف واحد ولا بضاعة غيرهم في سوق الحكومة والحكم المصري ، الوزارة في مصر هي سكرتارية للرئيس وهي مجرد حشم في بلاط الرئاسة ، موظفون لا يعرفون من السياسة شيئا ولم يمارسوا منها أمرا بل ظلوا حياتهم كلها في خدمة أوامر الأمن وحرس الجامعة ، فمعظمهم أساتذة جامعة لم يدخلوا يوما انتخابات نادي أعضاء هيئة التدريس . فلا هذه وزارة حقيقية ولا هؤلاء رجال سياسية حقا ، ولا يملكون شيئا سوى تنفيذ تعليمات وطبقا لتوجيهات السيد الرئيس ، وتغرق مصر بالتوجهات نفسها في نسبة بطالة مروعة وديون متضخمة وفساد منتفخ وعشرات الألوف من المعتقلين وتلفيق لقضايا واعتداء على صحفيين وانتهاك لاستقلال الفضاء والجامعة والإعلام ، ومع ذلك يجد الرئيس من يفرعنه ويتحدث عنه
ومعه كأنه ولي النعم في القرون الوسطى ، أو لعله فرعون مصر في القرون الأولى ، من هنا تواطؤ الصمت المزري في الحديث عن مسئولية رئيس الحزب الوطني السيد محمد حسني مبارك عن مصاب ومصيبة الحزب في الانتخابات الأخيرة ، فقد فشل الحزب في الحصول على أكثر من 32 % من مقاعد البرلمان ، ومع ذلك لم يوجه إصبع واحد ولا سبابة كف في هذا البلد ليلوم رئيس الحزب على نتيجة حزبه " . وأضاف عيسى " كل هذا الجاه والسلطان والصولجان والإعلام الطاغي وصحافة وتليفزيون الطغيان وكل هذه الأجهزة الإدارية والمحلية الغاطسة في النفاق والموالسة والمداهنة للحزب الوطني ، وهذا العدد الهائل من الموظفين المرتجفين والمرتعبين والجالسين على حجر السلطة أو تحت نعل أحذية الحكم ، ينفذون أوامره ويعبدون أسيادهم ، ومع ذلك لم ينجح الحزب الوطني في الحصول على 68 % من مقاعد مجلس الشعب فمن الذي نحاسبه ، أهو الحرس القديم الذي يلصق به أصحاب جمال مبارك السبب أم هو الحرس الجديد الذي يرمي عليه رجال صفوت الشريف السبب ؟ أم قبل هذا وذلك رئيس هذا الحزب نفسه ، أليس كل رئيس مسئولا بالضرورة عن حزبه ورجاله ونجاحه وفشله ؟ . يلف الجميع ويدور ولا يقترب أحد من رئيس الحزب ، فإذا كنا نطالب نعمان جمعة رئيس حزب الوفد بالاستقالة لنتيجة حزبه وذلك نطالب رفعت السعيد رئيس حزب التجمع بالاستقالة إزاء انهيار نتيجة حزب التجمع ، فمالنا لا نطالب مبارك رئيس الحزب الحاكم بالاستقالة نظرا لفشل حزبه في الحفاظ على أغلبيته بل ولحصوله على نسبة لا تؤهله لتشكيل حكومة محترمة " . ومضى عيسى في هجومه " لم نشهد الرئيس مبارك وهو يقول لنا إنه مهتم بالقتلى الذين راحوا شهداء الانتخابات الأخيرة ، كما لم يتحدث مفسرا ولا شارحا ( لن أقول معتذرا فهو لا يخطئ كي يعتذر كما هو أوضح ) عن العربات المصفحة وموقف الأمن المزري الذي جعل مصر فضيحة بين كافة دول العالم وعن الاعتداء على القضاة وانتهاك هيبتهم ومكانتهم وعن ضرب ضياء الدين داود رئيس الحزب الناصري ، وهو في الثمانين من عمره ، وعن وقائع التزوير الفاجر التي كشفتها تقارير القضاة ، لم يتحدث ولن يتحدث مبارك عن هذا كله ، وهو في قلب مسئوليته وسيدعي من يدعي أن الرئيس لا يعرف تفاصيل ما جري والرد أنه لو كان يعلم فهي مصيبة ولو كان لا يعلم فالمصبية أعظم ، أقر يقرأ التقارير الدولية ، ألا يطلع على تقارير منظمات حقوق الإنسان ومراقبة الانتخابات وبيانات القضاة وتقارير الفضائيات والصور والشهود والشهادات . الأغرب أنني أؤكد أنه في الأغلب ، الرئيس مبارك يعرف بل ومعجب بما فعله حبيب العادلي إلى حد يمكنني أن أراهن عنده على أن العادلي باق في التشكيل الوزاري القادم ، فهو موضع ثقة الرئيس وإعجابه ، وأنا كذلك يعجبني جدا الوزير العادلي لأنه لا يهمه سوى إعجاب الرئيس مبارك " . نبقى مع موضوع المحاسبة ، لكن نتحول إلى صحيفة " الأهرام " الحكومية ، حيث كتب سيد على يقول " لا معني للمراجعة إن لم تمارس كل الأطراف أقسي أنواع النقد الذاتي‏,‏ والبحث بأكبر قدر من الصراحة عمن أخطأ وعمن تجاوز‏ ، وأول دروس المراجعة أن يسأل الحزب الوطني نفسه‏:‏ ماذا لو لم ينضم المنشقون‏,‏ وماذا لو كانت المعارضة هي التي فازت بالمقاعد التي زاحم فيها المستقلون أو المنشقون بأربعة أمثال مرشحي الحزب؟‏!‏ . والإجابة السريعة هي أن الحزب الوطني كان سيحتل مقاعد المعارضة‏,‏ أو علي أحسن تقدير سيسعى للدخول في ائتلاف مع من فاز سواء من المعارضة أو من المستقلين المنشقين‏,‏ وليت هذا حدث أولا لصالح التجربة الديمقراطية‏,‏ وثانيا لتأكيد فكرة التداول‏,‏ وثالثا لصالح الحزب الوطني نفسه‏,‏ وبقية الأحزاب التي ظن قادتها أن الحزب الحاكم هو قدر ومكتوب ومخلد‏,‏ وان المعارضة هي كومبارس أو احدي قطع الديكور ليكتمل المشهد الديمقراطي‏.‏ والذي لا يريد البعض أن يعترف به أن أركان الحزب الوطني ظنوا أن الحملة الانتخابية للرئيس مبارك تكفيهم‏,‏ وأن قاطرة الرئيس ستظل طوال الوقت تجر الحزب‏,‏ ونسوا أن هناك فارقا بين الرئيس وأي عضو آخر في الحزب مهما علا قدره وشأنه‏,‏ وان المصريين حينما انتخبوا مبارك انتخبوا رجلا عاقلا نظيفا يمثل لهم صمام الأمان والملاذ الأخير بعد الله الذي يلجأون إليه‏,‏ ثم إن الانتخابات الرئاسية تختلف شكلا وموضوعا ومنهجا عن الانتخابات البرلمانية الفردية‏,‏ والأهم هو أن كثيرين من الحزب الوطني بدوا وكأنهم فوجئوا بأن الانتخابات هذه المرة مختلفة تماما‏,‏ وبدا أكثر وكأنهم يخوضون الانتخابات لأول مرة‏,‏ هذه باختصار أعراض المرض الذي أظهرته الانتخابات ولا يزال الوقت ملائما للتطهير والذهاب للطبيب وتناول الدواء حتى وان كان مرا قبل أن تتطور الأعراض ويدخل الحزب غرفة الإنعاش في انتظار رصاصة الرحمة "‏.‏ نبقى مع صحيفة " الدستور" ، حيث وجه نبيل عبد الفتاح انتقادات حادة للقوى المعارضة وبعض المثقفين الأقباط ، الذين حولوا الفوز الذي حققه الإخوان في الانتخابات إلى فزاعة لإخافة الشعب من الديمقراطية ، قائلا " لماذا لم يقف البعض مليا وموضوعيا أمام ظاهرة الصعود السياسي والانتخابي للإخوان كقوة سياسية ذات قاعدة تأييد شعبي ، ودراسة تجربتهم السياسية وقدراتهم على التعبئة والحشد والتنظيم الصارم على الرغم من الضغوط والضربات الأمنية الوقائية ، والمحاكمات والملاحقات العديدة لكوادرهم ، لماذا لا تدرس أساليب الجماعة في التجنيد السياسي واستراتيجياتها في العمل وأنماط التنشئة للكادر الإخواني ، بديلا عن التمتع بأداء وجاب الهجاء السياسي للجماعة وتحويلها إلى أسطورة سياسية غير قابلة للمنافسة السياسية في الواقع . لماذا لم يتوقف بعض وجهاء الحياة العامة القبطية أمام ظاهرة الضعف السياسي للأقباط ، من زاوية العوامل الداخلية في الوسط القبطي الاجتماعي – الديني ، التي ساهمت في ظاهرة تنامي الضعف السياسي للأقباط في الأسواق الحزبية والانتخابية ، بالإضافة إلى ما بات مألوفا من أسباب أخرى متداولة كالتمييز ضدهم من قبل النظام الشمولي الحاكم ، ولماذا لا يساءل بعض هؤلاء الذين يريدون الهجرة لنجاح الإخوان أنفسهم ، لماذا يتحالفون مع السلطة والأمن والحزب الوطني الذي يمارس التمييز ضدهم . وأضاف عبد الفتاح " هل يخشى بعض الأقباط أو غالبيتهم وعلى رأسهم القيادات الدينية من صناديق الاقتراع ونتائجها ، ولماذا لا يتأمل بعض الوجوه القبطية النمطية والجديدة ، مع استثناء عناصر ليبرالية وإصلاحية جادة – في نتائج تركيزهم على خطابهم القبطي ، إلى أنهم حولوا الأقباط إلى كتلة دينية وطائفية ومذهبية يريدون أن ينطقوا باسمها ، أن التركيز على هموم ومطالب الأقباط وعزلهم في مجال حقوق المواطنة ومسئولياتها عن أخواتهم في الوطن وهو إنتاج للنزعة الانقسامية بامتياز " . نعود إلى صحيفة " المصري اليوم ، حيث حاول حسنين كروم الرد على الحملات التي أثارها البعض ضد جماعة الإخوان المسلمين ، قائلا " الأمر المثير للسخرية أن الحملات ضد الإخوان لتخويف الشعب منهم تمحورت في أنهم لو وصلوا إلى الحكم فسيغلون التعددية ويضطهدون أصحاب الأفكار المخالفة لهم ، بينما لم يتطرق واحد من المشاركين فيها إلى عمليات التعذيب التي تحدث منذ مدة وتم توثيقها واستمرار اعتقال ما لا يقل عن خمسة عشر ألف شاب منذ أكثر من عشرات سنوات دون أي اتهامات لمجرد الشك في أن لهم ميولا دينية متطرفة ، وتدمير مستقبلهم وأسرهم وعدم تنفيذ أحكام القضاء بإعادة حزب العمل وجريدته الشعب واستمرار القوانين المقيدة للحريات والاعتداءات المروعة التي تعرض لها كتاب وصحفيون وهتك عرض البنات والسيدات علنا في الشارع ، أي أن النظام الذي يخوفنا مما سيفعله الإخوان لو وصلوا إلى الحكم يقوم بارتكاب الجرائم المحتملة منهم منذ أكثر من عشرين سنة دون توقف " . وأضاف كروم " ومن مساخر الحملة ضد الإخوان القول بأنهم يرسمون على شعارهم سيفين ، في القوت الذي نشرت فيه الصحف وجميع الفضائيات الصور التي لن تنسى في تاريخ مصر ، عن بلطجية تابعين للحزب الوطني الحاكم ، وهو يحملون سيوفا للاعتداء بها على الناخبين وخلفهم مباشرة صفوف من الأمن ، كان بإمكانها أن تلتقطهم كالذباب وتلقيهم في سياراتها ومنها للتحقيق ثم السجن . ومن مساخر الحملة على الإخوان ، أن عددا من الذين شاركوا فيها أخذوا يخوفوننا بأن يتكرر في مصر ما حدث في الجزائر ويضطر الجيش للتدخل ، وتسيل الدماء أنهارا ، ومعلومات هؤلاء مثل معلومات عبد العظيم رمضان عن الشيخ عمر والإخوان والجماعات الإسلامية واغتيال السادات ، جهل لا مثل له وكذب بدون حدود ، لأن ما حدث في الجزائر مخالف لما يدعونه ، فالجبهة الإسلامية للإنقاذ هي التي اكتسحت الانتخابات النيابية والبلدية وسقط حزب الإخوان المسلمين بزعامة المرحوم محفوظ نحناح ، وعندما قام العسكريون بانقلابهم ليمنعوا تولي الجبهة الحكم ، أيدهم الإخوان بشدة وشاركوا العسكريين الحكم بعدد من الوزارات ، وقام نحناح بجولات مكوكية في أمريكا ودول أوروبا ليقنعها بعدم الضغط على النظام لإعادة الجبهة لنشاطها ، وقام الإخوان المسلمون في مصر بالدعاية لزملائهم في الجزائر ، وتصور نحناح وحزبه " حركة المجتمع الإسلامي " أنهم ممثلو التيار الإسلامي ، دون إشارة للجبهة ، والتعميم على جريمة الإخوان بتأييد الانقلاب العسكري ولم يوجهوا إليهم أي انتقاد ، فمن أين جاء هؤلاء الجهابذة بمعلوماتهم عن الإخوان والحرب الأهلية في الجزائر " . نبقى مع الإخوان ، لكن نتحول إلى صحيفة " الأهرام " الحكومية ، ومع واحدة من المساخر التي تحدث عنها حسنين كروم ، حيث استعرض الدكتور عبد اللطيف الحنفي الخيارات المطروحة أمام جماعة الإخوان في المرحلة المقبلة ، قائلا " إن نواب الإخوان لن يمكنهم التحدث باسم جماعة محظورة تحت قبة البرلمان‏.‏ كما انه ليس من الصالح بقاء هذه الازدواجية المزرية بين إخواني منتخب من أبناء دائرته لتمثيل الأمة في البرلمان بينما هو لا يستطيع الإفصاح عن هويته لأن الجماعة التي ينتمي إليها محظورة قانونا ومشكوك فيها من جانب أغلب أبناء النخبة المصرية‏..‏ وليس هناك من حل لهذه الإشكالية في تقديري سوي ذوبان جماعة الإخوان المسلمين في حزب مدني ولكننا للأسف جربنا هذه الصيغة من قبل وفشلت لأن الجماعة كانت ترفض الذوبان أو ربما تستعصي علي الذوبان في كيان آخر وكان هذا الكيان هو حزب العمل مرة وحزب الوفد مرة أخري‏..‏ ولما كان من غير الممكن تحويل الجماعة إلي حزب لأن قيام الأحزاب علي أساس ديني هو كما قلنا أمر محظور فلم يعد باقيا إذن سوي أن تتحرك قيادة الإخوان من أجل إنشاء حزب مدني له كل مواصفات الأحزاب المدنية تذوب فيه الجماعة طواعية واختيارا وتصطبغ بصبغته التي رخصته الدولة علي أساسها لا أن تصبغه هي بصبغتها المحظورة قانونيا وسياسيا‏.‏ والسؤال الكبير الآن هو هل ستغتنم الجماعة هذه الفرصة التاريخية أم ستهدرها‏..‏ وهل سترحب النخبة والنظام السياسي بنشوء هذا الحزب أم سيرفضان قيامه؟‏!‏ واقع الأمر إذا بدأنا بمحاولة الإجابة عن الجزء الأول من السؤال هو أن نجاح الجماعة في اغتنام الفرصة القائمة يتطلب توافر رغبة حقيقية من الجماعة كلها أو أغلبها في التصالح مع المجتمع وأود أن أحذر هنا من توهم أن دخول الإخوان إلي البرلمان الجديد بهذا العدد الكبير نسبيا قد أكسب جماعتهم شرعية سياسية أو حتى شعبية فالبرلمان سبق أن دخله تجار المخدرات ونواب القروض وغيرهم من الأشخاص الذين تحوم حولهم الشبهات ثم لوحقوا قانونيا وفصلوا وسجنوا‏..‏ كذلك فإن الشرعية السياسية والشعبية عملية معقدة وطويلة الأمد ويجب التعبير عنها باطراد لكي تكتسب الحجية اللازمة‏..‏ دعونا اذن من هذا التوهم وابحثوا عن سبيل آخر للتصالح مع المجتمع‏..‏ و تصوري مثلا أن تقوم الجماعة بعملية نقذ ذاتي لمسيرتها التاريخية يحدد مدي مسئوليتها عن تكفير المجتمع وتفريخ الجماعات الإرهابية المختلفة واحتكار حق الدفاع عن الإسلام وموقفها من الدولة والحكم تتخلي فيه بوضوح عن فكرة الدولة الدينية وتعلن التزامها بالدولة المدنية وتعالج فيه كل القضايا الخلافية وبالذات موقفها من الأقليات الدينية وتطرح هذا النقد الذاتي علي كوادرها وعلي الناس من مختلف الفعاليات السياسية وتعلن حل نفسها تماما ونهائيا والتبرؤ ممن يقيم أية جماعة سياسية علي أساس ديني
أيا كان دينه وتتقدم قيادتها في ذات الوقت إلي السلطة المختصة طالبة تشكيل حزب سياسي مدني دون أن تربط بين قرار حل الجماعة وقرار الموافقة علي إنشاء الحزب وان تقدم للجهات المعنية فور إعلان قرار الحل كشوفا كاملة بأسماء أعضاء خلاياها السرية ومصادر تمويل أنشطتها ومالها من ارتباطات خارجية وغير ذلك من متطلبات إبراء الذمة واثبات صدق النوايا " .‏ وأضاف الحنفي " يبقي الجزء الثاني من السؤال‏..‏ هل سترحب النخبة ويقبل النظام السياسي بنشوء هذا الحزب؟‏!‏ صحيح أن معظم النخبة إن لم تكن كلها تري في جماعة الإخوان المسلمين كيانا مثيرا للفزع‏(‏ فزاعة‏)‏ وصحيح أن النظام السياسي لن يعطي الشرعية أبدا لهذه الجماعة لا كجماعة دعوية ولا كحزب سياسي‏..‏ ولكن لاحظوا أننا نتحدث عن حزب مدني تذوب فيه الجماعة بعد حلها ويمارس من خلاله كوادرها وغيرهم من الكوادر التي قد تري الانضمام إلي هذا الحزب حقهم في العمل السياسي السلمي والعلني طبقا لدستور الدولة المصرية وقوانينها‏,‏ ولذلك فتصوري أن قيام مثل هذا الحزب لن يكون معضلة لا للنخبة ولا للنظام إذا توافرت فيه الشروط القانونية والسياسية اللازمة‏.‏ واختتم رؤيتي الموجزة قائلا‏:‏ إن الانفراجة التي يشعر بها الإخوان ستتحول حتما إلي مأزق عندما تبدأ الممارسات تحت قبة البرلمان وإذا كان خير البر عاجله فمن المأمول أن تبدأ الجماعة خطواتها نحو تشكيل الحزب المدني بسرعة وعلانية وشفافية خصوصا وان الطريق أمام ظهور هذا الحزب لن يكون معبدا ولا سهلا لا من جانب الجماعة ذاتها ولا من جانب النخبة والنظام السياسي أيضا وان كان قيامه علي أي حالة ليس ضربا من ضروب المستحيل‏!!‏ " . نبقى مع " الأهرام " ، حيث عاود صلاح الدين حافظ الدخول مجددا في عش الدبابير ، وفتح ملف الفساد في الصحافة المصرية ، قائلا " لا ندري بدقة من أفسد من‏,‏ من اخترق الآخر أولا‏,‏ لكننا نعرف أن اختراق الصحافة قد أصبح شائعا ذائعا عبر صور وأشكال مختلفة‏,‏ إن كان السياسيون وأصحاب القرار يمارسونه بقوة‏,‏ فإن آخرين دخلوا المنافسة‏,‏ خصوصا رجال المال والإعلان والأعمال‏. ولا ندري بدقة أيضا من أفسد من‏,‏ ومن نقل العدوي القاتلة للآخر‏..‏ هل نحن الذين نقلنا عدوي اختراق الصحافة وانتهاك قيمها إلي البلاد الديمقراطية‏,‏ وخصوصا إلي أمريكا‏,‏ أم أن أمريكا ذات القوة والتأثير هي التي نقلت إلينا تلك العدوي اللعينة‏...‏؟‏!‏ وفي المحصلة نري اليوم أمامنا صورا سوداء‏,‏ تقول باختصار شديد إن اختراق الصحافة إفساد للسياسة والعكس صحيح‏!‏ " . وأضاف حافظ " لقد أصبح معروفا أن قدرا هائلا من المال‏,‏ يعد بمئات الملايين‏,‏ قد انفق علي الحملة الانتخابية لأعضاء البرلمان عام‏2005,‏ تجاوز كل الأرقام السابقة التي كنا في الماضي نعتبرها خيالية‏,‏ ولقد ذهب جزء كبير من هذا المال المراق تنافسا علي مقعد البرلمان في بلد فقير‏,‏ إلي الصحف ووسائل الإعلام المختلفة‏,‏ التي أصبحت سلاحا قويا في مناخ المنافسة‏.‏ فإذا كان مقبولا مهنيا وماليا وسياسيا‏,‏ أن يدخل هذا المال عبر مسالكه الشرعية‏,‏ ونعني الإعلانات الصريحة‏,‏ فمن غير المقبول مهنيا وأخلاقيا وماليا وسياسيا‏,‏ أن يتسرب هذا المال عبر مسالك أخري غير شرعية‏,‏ مثل خلط الإعلان بالإعلام‏,‏ لخداع القارئ أو المشاهد والتدليس عليه‏,‏ فلا يعرف إن كان ما يقرأ مقالا للرأي أو خبرا أو معلومة‏,‏ أو هو إعلان غير صريح وفضاح‏,‏ والنماذج لا تعد ولا تحصي‏..‏ فإن أضفت إلي ذلك نماذج أخري‏,‏ من نوع الرشاوى الخفية والمكافآت العلنية التي تعودت وزارات وأجهزة وأحزاب بل ودول أجنبية‏,‏ دفعها لبعض مندوبي الصحف ووسائل الإعلام من ذوي النفوس الضعيفة والذمم الخربة‏,‏ لأدركت عمق الاختراق الذي نفذ إلي العمق‏,‏ ومن الوريد إلي الوريد في مهنة تعلمنا منذ البدايات أنها مهنة سامية‏,‏ تعلو فوق الفساد لأن مهمتها الرئيسية فضح الفساد‏,‏ فماذا جري حتى وصلنا إلي هذه الهاوية‏,‏ في وقت يسعى الشرفاء في هذه المهنة إلي تعميق رسالتها وتوسيع حريتها وفك القيود عن جنودها‏..‏ فإن كنا نلوم رجال السياسة والمال علي اختراق الصحافة وإفسادها‏,‏ فلماذا لا نلوم رجال الصحافة‏,‏ علي قبول إغراءات الاختراق واغواءات الإفساد‏..‏ خصوصا وأنه لا يمكن فك الاشتباك الحيوي بين الصحافة والسياسة لا الآن ولا في المستقبل، فهما مترابطان كالتوائم‏!!‏ " .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.
مواضيع ذات صلة