صودف يوم الجمعة الماضي 6/9/2013، أن شاهدت مظاهرة مرت من أمامي، في شارع مكرم عبيد.الحشود كانت على مرمى البصر، وفي تقديري أنها لم تكن تقل عن 10 آلاف متظاهر، وما أن جاوزت تقاطع ما قبل محل "التوحيد والنور"، إلا ولحقتها تظاهرة بحشود ضخمة مماثلة. لفت انتباهي أمران: الأول أن كافة المتظاهرين، كانوا يحملون "لوجو" رابعة المعروف بالكف الرباعي دون الإبهام ذات اللون الأصفر، فيما اختفت صور الرئيس السابق د. محمد مرسي إلا ما ندر، على النحو الذي يكاد لا يلفت انتباه أحد. الأمر الثاني: الوجوه التي شاركت في التظاهرة، لم تكن في مجملها من أبناء التيار الإسلامي، بل لفت انتباهي، وجود فتيات متبرجات، بدرجات متفاوتة من بينهن صبابا يرتدين "الجينز" الضيق و"البديهات" والشعر المرسل بلا غطاء، وشباب آخرون لا يبدو عليهم أية دلالة على أنهم من الإسلاميين. انتظرت طويلا إلى أن تمر المظاهرة، وفي غضون ذلك دفعني فضولي الصحفي على أن أقترب إلى الظاهرة الجديدة "الوجوه المدنية" للتعرف عليهم عن قرب.سألت الشباب والفتيات ..كلا على حدة، بشأن السبب الذي حملهم على المشاركة، في البداية نفي الشباب "الذكور" أية علاقة لهم بالجماعة أو بالإسلاميين عموما، وقالوا نشارك فقط لأن نظام مبارك عاد ب"توحش" أكثر من ذي قبل. الفتيات قلن: إنهن يشاركن احتجاجا على استرخاص دم المصريين.. واعتراضا على ما وصفنه ب"مذابح" رابعة. أحد الشباب "المدني" قال لي: إنهم يساندون الإخوان.. وإذا نجحت في إنهاء حكم العسكر، فذلك يعتبر توبة للجماعة من الذنوب والكبائر التي ارتكبوها في حق البلد منذ نشأة الإخوان وإلى أن حكموا البلد لمدة عام بشكل سيء. قطعت بالسيارة بعد ذلك طرقا وميادين أخرى، في أكثر من مكان في مدينة نصر، وخاصة كل الطرق المؤدية إلى ميدان رابعة.. وفوجئت بوجود حشود متفاوتة في مناطق متفرقة، وفيما كان المشاركون من جماعات سياسية مختلفة من عوام الشباب المدني غير الأيديولوجي. يبدو لي أن شباب الجماعة، بدأ يدرك أن ثمة تحولا في المزاج العام في الشارع وأن "الوحشية" على حد تعبير الببلاوي نفسه التي حدثت في رابعة والنهضة.. وعودة زوار الفجر، والتوسع في الرقابة على النشطاء السياسيين، والتضييق على شباب ثورة يناير، وتسريب التقارير القديمة و"المضروبة" عن حصولهم على تمويل خارجي، والتنصت على الهواتف بشكل فاق كل العهود السابقة.. كل هذا أفضى إلى تكوين حراك شعبي جديد، مناهض لخطاب 30 يونيو، ومناوئ له.. فيما يتدخل "الاقتصاد" المتردي ، لتوفير غطاء شعبي للحركة الجديدة التي بدأت تختمر في الشارع الآن. المهم.. أن الجماعة يبدو أنها "فهمت" أخيرا.. أن الاستعلاء على الآخرين، أودى بها إلى التهلكة.. وبدأت تشعر أن "أخطاء" السلطة الجديدة، تضيف إلى رصيد الجماعة في الشارع.. المهم أن تختفي صور مرسي.. لأن البلد الآن في مأزق حقيقي، أكبر من مرسي وأهم من جماعة باتت عبئا على الجميع عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.