شهدت لجنة المقومات الأساسية المنبثقة من لجنة الخمسين لتعديد الدستور جدلًا واسعًا بين أعضاء اللجنة حول مواد الشريعة الإسلامية ومدنية الدولة. وقال حسين عبد الرازق، القيادي بحزب التجمع، إن الباب الأول من الدستور المُعطل المعني بتحديد طبيعة الدولة المصرية يعاني من ضعف شديد، مشيرًا إلى عدم تحديد أبعاد المواطنة. وأشار "عبد الرازق"، إلى أن المادة الثانية عند النظر لمصادر التشريع مقترحًا بأن يكون الإسلام دين الدولة ومبادئ الشريعة الإسلامية وشرائع الأديان الأخرى والقيم العليا للأديان مصدرًا رئيسيًا من مصادر التشريع، بحيث لا يتم حصر العودة للأديان السماوية الأخرى من غير الإسلامية، فيما يتعلق بأحوالهم الشخصية. وفيما يتعلق بالمادة الخاصة بالأزهر الشريف، الممثلة في المادة الرابعة، قال إنها وضعت لغرض ما وبعد حذف شق منها في تعديلات لجنة العشرة لوضع الدستور أصبحت مفرغة من معناها، مشددًا على ضرورة أن يكون هناك مواد دستورية لازمة في الدستور. فيما تسأل الدكتور محمد غنيم، عن إمكانية إضافة حدود الدولة المصرية في صدر المادة الأولى للدستور، وذلك لردع أي محاولات لتجزئة الدولة، كما حدث سابقًا على حد قوله بجانب تساؤله حول عما إذا كان الدولة لها دين وفقًا لنص المادة الثانية، مقترحًا دمج المادتين الثانية والثالثة، مشددًا على عدم إلغاء المادة الخاصة بالأزهر، لكنه اقترح نقلها إلى باب الأجهزة المستقلة فليس موقعها الباب الأول. واقترح غنيم، أن يدرج جزء من تعريف الجنسية في الدستور مع ترك باقي محدداتها للقانون، بحيث يقتصر النص الدستوري على التعريف والذي يكون مفاده "تمنح الجنسية المصرية لكل من ولد لأب وأم مصريين وتنسب في الأحوال الأخرى وفقًا للقانون ولا يجوز التجريد من الجنسية إلا بحكم قضائي"، واصفًا هذا التعريف بالمرن. وعلق الدكتور شوقي علام، مفتي الديار المصرية، على تساؤل الدكتور محمد غنيم حول دين الدولة وما يترتب عليها، بقوله إن النص على دين الدولة لا يعني نسب الدين للدولة إنما يعني أنه دين أهل الدولة. وأكد علام، على أهمية الإبقاء على النص الخاص بالأزهر الشريف، وإن كان محذوفًا منها الجانب الخاص بأخذ رأي هيئة العلماء في التشريعات وفقًا لمقترح لجنه العشرة، قائلًا: "منهج الأزهر ضمانة للمجتمع، ويعد أكبر هيئة لا تتساوى مع الهيئات الرقابية، فهو عمق وقلب الدولة، لذا أرى أنه يجب أن تظل في الباب الأول وعدم نقلها لباب الأجهزة المستقلة". وقال الدكتور بسام الزرقا، القيادي بحزب النور السلفي، إن الدستور الذي قيل إنه سلق عملنا عليه لمده 6 شهور ليلًا نهارًا، وكان شيئًا صعبًا، لذا علينا أن نحدد منذ البداية عما إذا كنا سنتحدث عن تعديلات أم دستور جديد، مضيفًا "ليس من حقي أن أفرض شيئًا على أعضاء اللجنة لكني أرى أن ننظر للمفاصل الأساسية التي تحتاج إلى تعديل، فالشعب يريد أن نخرج بمنتج من شأنه إصلاح ما حدث في ال 3 سنوات الماضية"، وعندما قاطعه أحد الأعضاء قال المستشار محمد عبد السلام مقرر اللجنة: "أرجو عدم الحديث في خارج إطار المناقشة، وألا يقاطع أي عضو آخر". فيما قالت الدكتورة ليلة تكلا، إنه لا لخلاف على المادة الثانية للدستور، لكن إذا كنا جادون في بناء دولة ديمقراطية حديثة لابد ألا يكون فيها الدستور "خامن"، يجب النص على أن يكون الدستور مصدر من مصادر التشريع كذلك المواثيق والاتفاقات الدولية، وذلك لا ينتقص أبدًا من فكره أن مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع. وأكدت تكلا، على أهمية المادة الرابعة الخاصة بالأزهر الشريف دون إلغائها، مشيرة لدور شيخ الأزهر الشريف في تغير الصورة الذهنية المغلوطة بالخارج عن الإسلام. وقال المخرج خالد يوسف، إن الدستور الجديد محكوم بما خرج ليطالب به الشعب في 25 يناير و 30 يونيو،وتمثل صراحة في شعاراته "عيش .. حرية.. عدالة اجتماعية"، و"رفض الدولة الدينية والمطالبة بالاستقلال الوطني"، مشيرًا إلى أن الشعارات تكلمت بشكل جيد عما يريده الشعب، لذا علينا أن نعبر بشكل واضح عن تلك المطالب التي خرج الشعب ليطالب بها من تحقيق العدالة الاجتماعية والمواطنة والكرامة الإنسانية، ورفض الدولة الدينية وعدم وجود نص يميل ولو بالإيحاء للكهنوت أو سيطرة رجال الدين على القرار السياسي. وتابع يوسف: إذا لم يحقق الدستور الجديد رغبات المصريين، وقام بتغير جذري حقيقي على أرض الواقع فسيسقط هو الآخر، مشيرًا إلى أن المزاج النفسي للشعب المصري تغير فلن يصبر لمدة طويلة لدرجة أن شعارات "يسقط الرئيس القادم" خرجت، قائلًا "الشعب هو القائد والمعلم فهو من سيعطي صكًا للدستور أو يسقطه، وإذا لم يكفل الدستور العدالة الاجتماعية، فإننا سنكون بنهزر". وأكد يوسف مدنية الدولة والمواطنة، وعدم التكريس لما سبق لأن أتباع نفس الطريق سيضع البلاد على قضيب قطار سيوصلنا لنفس النتائج. فيما طالب الأنبا أنطونيوس أن يناقش الدستور ويتمسك بعموميات الأمور وليس تفاصيلها، معززًا رؤيته بقول "فالشيطاني كمن في التفاصيل"، وأكد ضرورة أن يجد الأقلية حقوقهم في الدستور المصري حتى لو كان الأقلية شخصًا واحدًا وحيدًا. وتساءل: "هل كل مصري على وجه الأرض سيجد حقوقه بالدستور طبقًا لمبدأ المساواة وعدم التمييز الذي نتحدث عنه وسيتضمنه الدستور؟، مؤكدًا أن دستور 2012 ودستور لجنة العشرة ليسوا مقدسين، وما نتفق عليه سيكون هو دستور مصر". بسام الزرقا تدخل بشأن الحوار والجدل الدائر حول دينية أو مدنية الدولة قائلًا: " جزء كبير مما نتحدث فيه عن جدلية قديمة وهي العلاقة بين الإسلام والدولة، أو الإسلام والعلمانية، ومن الطبيعي أن يكون لكل منا وجهة نظر، مشيرًا إلى أن الإسلام به عدة أجزاء تخص العقيدة وهي علاقة الإنسان بربه، والأخلاق التي تنظم علاقة البشر بعضهم البعض، والدين الأسمى الذي يشمل نواحي عديدة. فيم طالب المخرج خالد يوسف، عضو اللجنة، بضرورة تأمين الدعوة للدين دون ملاحقات أمنية، مشيرًا إلى أن تأمين مسار الدعوة لابد أن يكفل لأي مواطن شريطة أن يكون تحت إشراف الأزهر الشريف، داعيًا لصياغة ذلك في الدستور. وأوضح أن هذا أحد ضمانات ابتعاد الدعوة باسم الدين عن الأفكار المتطرفة والإرهابية.