قال ماكس رودينبيك في تقريره بمجلة ذي إيكونومست البريطانية: إنّ رياح التغيير في مصر ربما بدأت تلوح في الأفق، وإنّ المرارة بدأت تتسلل إلى أحاديث الناس الذين يعانون منذ وصول الرئيس المصري حسني مبارك إلى سدة الحكم قبل 29 عامًا. وأضاف الكاتب تحت عنوان "الانتظار الطويل" أنّ الزائرين إلى القاهرة ربما يجدون صعوبة في معرفة ما إذا كانت الأوقات التي تمر بها البلاد والعاصمة المصرية هي الفضلى أم أنّ الحقيقة هي العكس. وبينما أشار رودينبيك إلى علامات الدهشة والاستغراب الّتي قد تعلو وجوه المصريين العائدين من الغربة الطويلة إزاء ما تعانيه بلادهم من ازدحام مروري وفوضى وضوضاء، قال إنّ انطباع الزائرين ربما يكون عكس ذلك في ظل جمال المكان ولطف أهله وجودة بضائعه وخدماته. مضيفًا أن كلا الانطباعين ربما يكون صحيحًا. وأما في الشأن السياسي، فقال الكاتب: إنّ المرارة ربما تسللت إلى حديث الناس بعد أن كان يتصف بالسخرية وبشكل لاذع، وذلك في ظل عدم حدوث أي تطور في سياسات البلاد منذ وصول الرئيس المصري حسني مبارك إلى سدة الحكم قبل 29 عامًا. وأوضح رودينبيك أنّ حالة المزاج المتعكر التي يعيشها المصريون ما هي إلا انعكاس للتناقض بين التطلعات المتزايدة الصعاب التي لا تنتهي، وسط الشعور المتزايد بالاغتراب عن الدولة والانتظار المتعب والترقب لما وصفها بالنهاية الحتمية التي تلوح في الأفق القريب لعصر معين. وعزا الكاتب التوقعات بحدوث تغيير سياسي يكاد يكون ملموسًا في مصر بكونها لا تعود للأنباء المتعلقة بالحالة الصحية للرئيس المصري، ولكن لأن المصريين الجدد قد تغيروا ولم يعودوا سلبيين كسالف عهدهم في ظل قدوم جيل من الشباب وصفه بأنّه يختلف بشكلٍ كبير عن حال أسلافه من حيث الثقافة والتعليم والإطلاع على العالم الخارجي، وأضاف أنّ الجيل الجديد من المصريين أيضا لا يتصف بالقدرة على الصبر لفترة طويلة. وبينما تساءل رودينبيك عن إمكانية وقدرة الجيل الجديد من المصريين على إحداث التغيير، أشار إلى الفساد المستشري في الأوساط الحكومية، وإلى القسوة وعدم المسؤولية التي تتصف بها الأجهزة الأمنية، وإلى فشل النظام المصري في القدرة على توفير الخدمات الاجتماعية الضرورية كالمدارس والرعاية الصحية وصيانة حقوق الإنسان، وغير ذلك مما يتطلع إليه الشعب المصري. وأشار الكاتب إلى أنّ مراقبين وكتابًا مصريين طالما عقدوا مقارنات في أوجه الشبه بين ما تشهده مصر في الآونة الراهنة وما كانت تعيشه في الفترة التي سبقت الإطاحة بالملك فاروق، والتي قال إنها أتت بنظام الحزب الحاكم الأوحد الذي يتقدمه رجل قوي وتحيط به أجهزة أمنيّة سرية وترعاه دبابات في الجوار. كما انتقد رودينبيك حال المدارس والمستشفيات والأوضاع الاقتصادية في مصر عامة، وقال إنّه بينما يتاح للمصريين دخول المدارس والمستشفيات مجانًا، تبقى تتصف بأنها قاحلة ومزدحمة، وأضاف أنّ الفقراء ما انفكوا يصطفون في طوابير طويلة انتظارًا لدورهم في الحصول على خبز بدعم حكومي، وأنّه يتوجب عليهم التقتير والتقشف من أجل توفير ثمن زوج من الأحذية. وقال الكاتب إنّ الحكومة المصرية تسعى لتخليد نفسها عبر الانتخابات التقليدية التي وصفها بأنها هراء، وأضاف أنه طالما ثبت بطلان التوقعات الماضية بحدوث التغيير، باستثناء التوقعات الراهنة التي وصفها بأنها مختلفة. واختتم بالقول إنّ مصر متجهة إلى إحدى ثلاث طرق من حيث نظامها السياسي، وأضح أنها إما أن تتبع النهج الروسي فيحكمها رجل قوي آخر من داخل الحزب الحاكم الأوحد، أو أنها تتبع طريقة إيران فيتولى أمرها نظام رغم الغضب الشعبي العارم، أو أن تنضوي تحت ما يشبه النظام في تركيا بحيث يكون نظامًا أقل هشاشة، ويثير الابتهاج في نفوس جميع المعنيين في البلاد.