بحث وضع آلية محددة لتحصيل الرسوم من المنشآت الفندقية والسياحية بالمحافظات    الضرائب: تجديد العمل بقانون تسوية أوضاع بعض الممولين لتعظيم استفادتهم من التسهيلات    «أنجلو جولد أشانتي» تضخ استثمارات جديدة بمنجم السكري خلال الفترة المقبلة    وزير البترول يتعاقد مع شركتين للبحث عن الغاز والزيت بمنطقة شمال بورفؤاد    رئيس اقتصادية قناة السويس يبحث تعزيز التعاون مع شركة ميرسك    ترامب من داخل قاعدة العديد بقطر: سنحمي الشرق الأوسط ونقترب من إبرام اتفاق مع إيران    مقتل إنفلونسر فى المكسيك خلال بث مباشر.. والسلطات تؤكد إجراء تشريح للجثة.. صور    النائب تيسير مطر: نكبة فلسطين جرح مفتوح فى جسد الأمة    اجتماع الانظباط.. الأهلي وبيراميدز ينتظران مصير نقاط القمة.. والزمالك خارج الحسابات    حشيش وشابو وهيروين.. مباحث الأقصر تنجح في سقوط تاجر مخدرات بنجع الطويل    طقس اليوم الخميس في مطروح.. معتدل غائم جزئيا مع نشاط الرياح واستقرار البحر    كيف نفهم قرار إضافة 20% من درجات العربى والتاريخ لمجموع الثانوية الدولية    إحالة أوراق عامل للمفتي بتهمة إنهاء حياة وإصابة 5 أشخاص بقنا    وزير الخارجية الأمريكى: الدبلوماسية هى الحل للصراع الروسى الأوكرانى    رئيس جامعة بنها يشارك فى المؤتمر العالمى للتعليم الرقمى بالصين    بوكيه ورد وإعادة المعاش.. هيئة المعاشات تعتذر للفنان عبد الرحمن أبو زهرة    محافظ الفيوم: تسريع إنهاء ملفات التصالح وتقنين أراضي الدولة المستردة    شوبير ينتقد اتحاد الكرة ورابطة الأندية بسبب شكل الدوري    جهود لاستخراج جثة ضحية التنقيب عن الآثار ببسيون    خوسيه ريفيرو يقترب من قيادة الأهلي رسميًا.. تصريحات تكشف كواليس رحيله عن أورلاندو بايرتس تمهيدًا لخلافة كولر    «التضامن» تقر تعديل وتوفيق أوضاع جمعيتين بمحافظة القاهرة    الأمين لعام للناتو يعرب عن تفاؤله الحذر بشأن محادثات أوكرانيا وروسيا    ماريان خوري تدير جلسة نقاشية حول فرص التصوير الأجنبي بمصر في مهرجان كان السينمائي    المهرجان القومي للمسرح يعلن فتح باب المشاركة في مسابقة التأليف المسرحي ضمن دورته 18    جامعة بنها تواصل قوافلها الطبية بمدارس القليوبية - صور    محافظ الإسماعيلية يتفقد موقع النصب التذكاري بجبل مريم (صور)    ضبط 45.5 ألف مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    وزير خارجية تركيا: هناك فرصة لتحقيق السلام بين روسيا وأوكرانيا    وزراء خارجية الناتو يبحثون وضع هدفا جديدا للإنفاق الدفاعي في ظل مطالب أمريكية    رفع الحد الأقصى لسن المتقدم بمسابقة «معلم مساعد» حتى 45 عامًا    وزير التعليم يعلن عودة اختبار ال SAT لطلبة الدبلومة الأمريكية في يونيو القادم    وزير الصحة يشارك في افتتاح المؤتمر العلمي الدولي ال13 لجامعة عين شمس    متحف شرم الشيخ يفتح أبوابه لاستقبال الزوار مجانا احتفالا باليوم العالمي للمتاحف الأحد المقبل    «لحاجة معتبرة».. هل يجوز ارتداء الرجل سلسلة من الفضة أو الذهب؟ الإفتاء تجيب    إصابة شخص إثر انقلاب سيارته الملاكي أعلى دائري المريوطية    جامعة بنها تواصل قوافلها الطبية بمدارس القليوبية    حريق هائل يقضي على 2000 دجاجة و3 عجول فى الشرقية    محسن صالح: كولر لم يكن الخيار الأول.. وحسام غالي تصادم معه بسبب موديست    هل يجوز لزوجة أن تطلب من زوجها تعديل هيئته طالما لا يخالف الشرع أو العرف أو العقل؟.. أمين الفتوى يوضح    انخفاض سعر الذهب اليوم في مصر ببداية تعاملات الخميس 15-5-2025    تعرف على مدة إجازة رعاية الطفل وفقا للقانون    رسميًا.. جدول امتحانات الصفين الأول والثاني الثانوي 2025 بمحافظة الوادي الجديد    اليوم.. منتخب مصر في مواجهة صعبة أمام المغرب في نصف نهائي كأس الأمم    رئيس الوزراء يصدر قرارين جديدين.. تعرف عليهما    وزير الخارجية يشارك في اجتماع آلية التعاون الثلاثي مع وزيري خارجية الأردن والعراق    أمين الفتوى: لا يجوز صلاة المرأة خلف إمام المسجد وهي في منزلها    دراسة: أدوية إنقاص الوزن والسكر لا ترتبط بالقلق والاكتئاب    أيمن بدرة يكتب: الحرب على المراهنات    الدكتور حسام موافي يكشف 4 أسباب للأنيميا تهدد حياة الإنسان (فيديو)    نماذج امتحانات الصف الرابع الابتدائي pdf الترم الثاني لجميع المواد (صور استرشادية)    جدول مواعيد مباريات اليوم والقنوات الناقلة    مؤسسة غزة الإنسانية: إسرائيل توافق على توسيع مواقع توزيع المساعدات لخدمة سكان غزة بالكامل    فى فيديو مؤثر.. حسام البدري يشكر الدولة على عودته الآمنة من ليبيا    العقرب «محامي شاطر» والجوزاء «علاقات عامة».. المهنة المناسبة لشخصيتك حسب برجك الفلكي    حكم الأذان والإقامة للمنفرد.. الإفتاء توضح هل هو واجب أم مستحب شرعًا    ريال مدريد يقلب الطاولة على مايوركا ويؤجل حسم لقب الليجا    ريهام عبد الحكيم تأسر قلوب الحضور فى دار الأوبرا بروائع أم كلثوم    «الرقابة الصحية» تشارك بالنسخة الأولى من المعرض العربي للاستدامة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سقوط الثقافة ومأزق النظام
نشر في المصريون يوم 13 - 07 - 2010

حين تسقط ثقافتنا نضل الطريق وتضيع البوصلة ولا يعرف الإنسان من هو، ولا ابن من، ولا من أين جاء، ولا إلى أي حضارة ينتمى ، ولا إلى أين تكون وجهته.
والحديث عن التغيير يكون لغوا لا معنى له ما لم تستعد الأمة ذاكرتها المفقودة باستعادة ثقافتها من الضياع وحضارتها من الاستلاب وشخصيتها من الانسحاق والهوان والتبعية المذلة.
ومن ثم فالدعوة إلى التغيير تحتاج معراجا جديدا تجتاز به الأحزاب المختلفة حدود المأساة التى تعيشها أمتنا، ويتحرر بها الأفراد من أسر الوثنيات السياسية التى تحالفت مع وثنية رأس المال ، تلك التى يعبر البعض عنها بمصطلح زواج السلطة برأس المال ،وهو زواج يفقد شرعيته حين يستبيح مصالح الأمة ويتجاهل صرخات الفقراء والكادحين وينتهك أبسط حقوق الإنسان. ويقسم المجتمع إلى سادة وعبيد ، سادة يستمتعون بكل شئ ولهم أن يأمروا وعلى الدنيا أن تجيب ، وإلى عبيد ليس من حقهم شيئا ولا حتى التعبير عن الرغبة أو الأمل في فك القيود عن أيديهم ورقابهم .
ولا أتجاوز حدود الواقع المر حين أقرر وأعترف بأن الليل قد طال وأن صبح العرب الذي كاد أن يشرق مزهوا بميلاده قد مزقوه بأيديهم حين تخلوا عن دينهم ثم تخلى بعضهم عن بعض وأسلم بعضهم بعضا.
ولا أتجاوز الحد أيضا حين أعترف صارخا أن الظلام قد لف بالفعل كل بقعة من ديار المسلمين لدرجة حولتهم إلى غثاء كغثاء السيل لا يصلح شيئا حتى ولا حطبا للنار ،
تلك مأساة من باب الصدق مع النفس لا بد من الاعتراف بها ،
ففي تضاريس واقعنا يستلفت الانتباه أن الأخطار التي تحيط بأمتنا أكثر من أن تحصى أو تعد، لكن أشدها خطورة و أبشعها تدميرا سقوط الثقافة، وسقوط الثقافة يعنى فقدان الطريق وغياب الانتماء ، ولعل الباحث يلحظ أن فترة السبعينات من القرن الماضى شهدت تحولات كثيرة فبعض الأنظمة في الدول الاسلامية كانت تصلى ولكن لغير قبلتها ، بعضها كان يصلى ويتوجه إلى سماء الكريملين، يستخلفها بحق نجومها الحمراء أن تسقط عليه مزيدا من بركانها في التنوير والعدالة الاجتماعة والتطبيقات الاشتراكية وحماية حقوق الكادحين حتى تتمكن البيروليتاريا من دحض الامبريالية والعملاء والثورة المضادة وتحقق انتصاراتها في الداخل والخارج معا ، وما إلى ذلك من الشعارات التي باتت معروقة وثبت فشلها وسقط مروجوها بعد سقوط الماركسية في البيئة التى ولدت فيها.
شطر أخر من هذه النظم كان ولا يزال يصلى في الاتجاه العكسي فهو يسبح بحمد البيت الأبيض وأهله ، ويهتف بأمجادهم في الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، ويهيم بحبهم في الصباح والمساء ، ويبشر مع المبشرين بانتصارهم في خلق كونية جديدة يصبح العالم فيها قرية متحابة يسودها السلام والأمن ، وينعم الناس فيها بفردوس جديدة يتحقق فيها ما يتمناه الإنسان وأكثر مما يتمنى. وهكذا نام العالم الإسلامي ومنه مصر بالطبع على حلم جميل، بدأت الغفوة الأولى فيه بالانفتاح وما يجلبه من خير ينعم فيه المشردون بالاستقرار ، ويئوب الغائبون عن ديارهم ، وفيه تتحقق أحلام المحرومين والفقراء والبائسين وهكذا امتلات النوتة الموسيقية بمعزوفة حلوة عزفتها صحف الدولة وتبارى كتابها في شرح أنواع النعيم والرخاء الاقتصادى الذى يجلبه الاستثمار والانفتاح والخصخصة، وانخدعت أسماع الحيارى وهفت أفئدة المتعبين وأغمض الشعب عيونه الجريحة بعد حرب طويلة علي أحلام وردية توشك أن تتحقق ، فاذا به يصحو وقد ضاع منه كل شئ في المدائن
والقرى ، الناس و الزرع و الحيوان والبنية التحتية والمستشفيات، فقد وضع الوافد الجديد بماله ومعه بعض الفاسدين أيديهم على كل أساسيات الحياة للفقراء والكادحين بعد أن اغتالوا من الدنيا كل ما يملكه الفقراء والمتعبون، حتى الحلم الذي عاشوه في غفوتهم وغفلاتهم حولوه إلى كابوس من نوع مخيف.
وصحا النائمون من غفوتهم وغفلتهم، والمنساقون وراء خدعة الانفتاح والخصخصة فوجدوا أنفسهم أسرى لصاحب السيادة الذي لا راد لقضائه ولا يعلو صوت فوق صوته. بدأت رحلة جديدة من المعاناة في قيود و أغلال السادة الجدد الذين يقيدون أيدى العالم وأقدامه بسلاسل من ذهب ، يفرح المسجونون بالنظر إلى بريقها اللامع ، كما يتلهون كل يوم بسعرها في السوق
والبورصة بين صعود هبوط ، ثم لا يبذلون جهداً في سبيل الخلاص والحرية لأن سماسرة البنك الدولي وصندوق النقد قد أحكموا ربط الأعناق ومعها الأيدي والأرجل حتى يتمكن السيد من كل شئ في العبيد ، ومن ثمّ يتعامل معهم و كأنهم قطيع من الغنم، فهو وحده الذي يحلبهم متى شاء، ويذبح منهم متى شاء، وهو وحده الذي يمدهم بآلات الحرب ، وهو وحده الذي يرعى لهم السلام،وعصاه دائما جاهزة لأي شاة شاردة.
وقد وصلت بنا حالة الوحل السياسي والثقافي والاجتماعي والاقتصادي وما يصحبها من فساد مستفز حتى أصبحت تمسك بخناقنا وتحدث في جسد الأمة انواعا من الخروق والعاهات التى قطعت روابط الأخوة والأصل الواحد واللغة الواحدة والدين الواحد وجعلتنا نتحاور بالنار بدل الكلمة ، ونمزق إطارنا، ونتحالف مع العدو على حساب الشقيق، ونحكم إغلاق المعابرعن أشقاء فيهم أيتام وأرامل تحت الحصار، وندمر أنفاق التنفس ومحاوت التفلت من هذا الحصار الظالم ونبنى أسوارالعار والكراهية تحت دعاوى وعناوين تسيئ إلى الذات وتسر العدو وتحبط الصديق والشقيق ولا تقنع طفلا غرا فضلا عن حر مدرك لأبعاد الصراع وأهدافه ومجالاته، الأمر الذى يجب أن يدفعنا بقوة إلى البحث عن منفذ للخروج من هذا الوحل، وإلى وسيلة إغاثة وإنقاذ لا لمركبة الوطن فقط، وإنما لسفينة الأمة كلها التى أوشكت أن تغرق لكثرة ما فيها من خروق بفعل أبنائها في الداخل أولا ثم بفعل أعدائها في الداخل الخارج معا.
وسقوط الثقافة يعنى أننا كمصريين نفقد الذاكرة فلا نعرف من نحن ولا أين موقعنا في ذلك العالم المتغير مع كل يوم ،والذى يتحرك في قفزات جريئة نحو المجهول فى مستقبل لاندرى ما اللة فاعل به.؟
فعلى مستوى الداخل هنالك تمرد معلن صدر من رأس الكنيسة يرد أحكام القضاء ويهزأ بالنظام ويعلن في صلف أنه لن ينفذ أحكام القضاء وليس قلقا من أي شئ ، وكان رد فعل النظام مشينا ومخزيا تجاه هذا التمرد، فبدلا من مواجهته بالغ النظام في طمأنة المتمرد وبعث له ببعض رموزه في حالة من استجداء رضاه والبحث له عن مخرج ، ثم كانت الكارثة الكبرى أن المادة الثانية من الدستور والتى حرص النظام على تجميدها طوال فترة حكمه هى التى أنقذته من هذه الورطة ،فعلى مدار ما يقرب من ثلاثة عقود والنظام يعادى مضمون تلك المادة ويعاقب بسجونه ومعتقلاته كل من يدعو لتفعيلها وتحويلها إلى واقع ويطلق كلابه لتصفهم بالظلاميين مرة وبجماعة طالبان مرة ثانية وبدعاة الإمارة الإسلامية تالثة وبالجماعة المحظورة مرة رابعة وخامسة وما إلى ذلك من الأوصاف الأمنية المعروفة في قاموس صحافي الشرطة وكتاب الأمن داخل الصحافة القومية وخارجها، ولم نسمع من العلمانيين تعليقا على هذا التمرد أو وصفا له بالظلامية والدعوة إلى دولة مسيحية دينية كما يصفون الإسلاميين في كتاباتهم، الأدهى والأمر أن السلطة نفسها والنظام ذاته تغاضى عن فعل الكنيسة وكافأها على تمردها بتفعيل المادة الثانية من الدستور وهى المادة التى جمدها النظام واجتهدت الكنيسة كثيرا بالطعن فيها ومحاولة تغييرها باعتبارها تكرس الانقسام والفرز الطائفي، ولنا أن نتخيل مثلا أن مؤسسة دينية كالأزهر رفض حكما لمحكمة بفوائد البنوك بحجة أنها تصادم المادة الثانية من الدستور كيف يكون الحال ؟ ساعتها ستخرج علينا كل أجهزة النظام لتعطيه درسا في التطور والتقدم وضرورة الخروج من كهوف التخلف والكف عن الجمود والتحرر من عقلية البدو ورعاة الإبل، أما إذا كان هذا الحكم يتصل بشأن من شؤون النساء فساعتها سيندب الرجال والنساء معا وستنعى صحافتنا الحرة المستقلة الإسلام كله بمؤسساته التى لا تتماشى مع روح العصر ولا تستجيب لحاجات الناس وتعيش في عزلة عن الزمان والمكان والدنيا،
الواقعة الثانية
كارثة الشاب خالد سعيد
كارثة الشاب خالد سعيد ليست جديدة وإنما هى حلقة في سلسة من المعاناة التى يعيشها الفقراء والكادحون ومن لا ظهر لهم ولا مال لديهم ليشتروا به ذمم البعض وضمائرهم وما أكثرها في اسواق النخاسة والتزوير وتلفيق التهم للأبرياء وبراءة المفسدين إذا تعرضوا لمساءلة أو محاكمة من باب ذر الرماد في العيون ، والقضية بقدر ما تحمل من مأساة بقدر ما تكررت من قبل وذهب الضحايا دون أن تنعيهم بواكي بينما الجناة نعموا بمكافآت وترقيات وشهادات تقدير حتى ولو كانت جرائمهم ضد الشرفاء من بعض رجال القضاء.
في القضية الجديدة لا عبرة بهتاف الجماهير ولا بالتظاهرات ولا بأنات أهل الفقيد ولا حتى بشهادة من رأوا الضحية يقتل في الشارع وفى وضح النهار، فكل هؤلاء لا قيمة لهم وما يصدر عنهم هو عبارة عن عاصفة في فنجان وانتهى الأمر ، ويكفى بيان واحد يصاغ بدقة في التزوير وقلب الحقائق فتتلقفه صحافتهم لتلوث به تاريخ شاب مكافح فتسخر منه وهو بين يدى ربه بشكل فج وممجوج ، ثم يأتى تقرير الطب الشرعى ليؤكد ما صرح به همام الداخلية وليثبت أن الشرطة فى هذه الواقعة بالذات كانت في خدمة الشعب وأنها دائما على استعداد لتحمل كل التضحيات حتى توصله إلى مثواه الأخير، وهذا ما فعلته مع الشاب الفقيد خالد سعيد، هكذا وبلا خجل
وتتوالى أحداث القضية، والحكومة وحزبها الحاكم وكل المسئولين فيها لم يحركوا ساكنا ولم ينطقوا ببنت شفه وكأن أحداث القضية قد وقعت في المريخ . وسكت النظام كالعادة، ألم يطالب أحد نواب الحزب الغضنفر قوات الداخلية بإطلاق الرصاص على المطالبين بحقوقهم أمام مجلس الشعب ؟ فلم العجب إذن في هذا السكوت ؟
غيرأن الرياح قد جاءت هذه المرة بما لايشتهى النظام والحزب والحكومة ، فالدنيا قد ضجت وتحركت منظمات حقوقية ومنظمات مدنية دولية وأصدر الاتحاد الأروبي بيانه المعروف ثم أعربت الخارجية الأمريكية عن قلقها تجاه ما يحدث من انتهاك لحقوق الإنسان، عندها فقط بدأ البحث عن ضحية لإنهاء الضجة والخلاص من هذا الصداع، الرقيب فلان والجاويش فلان هم من ارتكب الجريمة.
حسنا ، وهل تصرف هؤلاء من رأسهم أم أنهم يتحركون بأوامر ؟ وهل كانوا يتجرأون على فهل ما فعلوه لولا شعورهم بأنهم دائما فوق القانون ؟ وأن سادتهم ورؤساءهم لن يسلموهم لشئ ولو كانت إرادة القانون ، ومن ثم كانت المحاولات المستمرة في طرمخة القضية بأساليب متعددة بحثا عن غطاء من التزوير يحمى الجناة ويدين الضحية .
ثم كانت المفاجأة التى لم يتعود الناس عليها أبدا ولم نسمعها من قبل أن لجنة السياسات أصبحت تصرح بأن العدالة لابد أن تأخذ مجراها في قضية خالد سعيد وان الحزب الوطنى لا يقبل بانتهاك حقوق الإنسان.
ونحن طبعا لا نشكك في صدق التصريح ولا في نوايا من أطلقوه ،فقد يكون نجل الرئيس السيد جمال مبارك صادقا ويعمل من أجل تحقيق العدالة ،غير أن المحللين وأغلب الناس يرون أن التصريح جاء باهتا وقد جاء بعد فوات الأوان ولا يحمل غير دلالة واحدة في نظر هؤلاء وهى: أن التحرك لم يأت استجابة لرغبات الجماهير الغاضبة ولم يكن ترضية لأهل القتيل بل ولا حتى نزولا على رغبة المستشارين لكسب ثقة الجماهير في مثل تلك المحن كما أشار الصحفي النابه الأستاذ جمال سلطان في مقال سابق، وإنما جاء تماهيا مع ما صدر عن الخارجية الأمريكية والاتحاد الأوروبي ،ويقدم هؤلاء حجة على ما يقولون بحالات الظلم الفادح الذى تفوح روائحها القبيحة في كل مكان فهل تتحرك لجنة السياسات ومعها الحزب الذى لا يقبل بانتهاك حقوق الإنسان لنصرة هؤلاء ورفع الضيم عنهم ، إن كانوا جادين فليذهبوا إلى ضواحى حلوان وعشوائيات الدويقة وطرب الخفير ومجاهيل المطرية والزاوية الحمراء ومنطقة الرشاح وغير ذلك من الأماكن التى يعيش أهلها عيشة لا يقبها حتى الحيوانات.
وتستدعى الذاكرة على عجل تلك الحكمة العمرية في سياسة الناس حين قال عمر بن الخطاب لولاته " ألا لا تضربوا المسلمين فتذلوهم ، ولا تجمروهم فتفتنوهم1، ولا تنزلوهم الحياض فتهلكوهم2 ،ولا تمنعوهم حقوقهم فتكفروهم "
رحم الله عمر ابن الخطاب وآجرنا في خالد سعيد ورفاقه ومن سبقوه ومن سيلحقون به وكل مصاب أمتنا خيرا .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.