كانت الخناقات في عمارتنا لا تنتهي بسبب انقطاع المياه، فالمعلم ابو اللوف الذي يسكن الدور الارضي لم يكن يكف عن فتح حنفيات الميه عمال على بطال بعد ان يرش هو وعياله الشارع والشوارع المجاورة ويغسلون عربياتهم وعربيات اصحابهم وعربيات الجيران!! وكان طبيعيا في ظل هذا الوضع ان يعاني باقي سكان العمارة في الحصول على احتياجاتهم من المياه مما دفعهم في النهاية لملء جراكن الميه من حنفية الجامع بينما لجأ سكان الدور الاخير الى تخزينها بالأسبوع في براميل!! وذات يوم وقعت خناقة لرب السما حين اشترى عم كحول الذي يسكن في السطوح موتور ميه وقرر تركيبه في المنور فتصدى له المعلم ابو اللوف وعياله وحالوا دون دخول الموتور الى العمارة ووقعت عركة كبيرة وجاءت شرطة النجدة ومكنت عم كحول من تركيب موتوره! وهكذا انقطعت المياه تماما عن الدور الارضي والدوراللي فوقه بعد ان كانت لا تنقطع عنهما أبدا فاشتعلت حرب كلامية لا هوادة فيها بين المعلم ابو اللوف وعياله وعم كحول واولاده وغطت اصوات السباب والشتائم المتبادلة في المنور على صوت الموتور الذي كان يشبه بصراحة صوت وابور الطحين! وبعد اسبوع فوجئنا بالمعلم ابو اللوف داخلا العمارة وخلفه عياله يحملون موتورا اكبر من موتور عم كحول مما كان مؤشرا على اندلاع حرب المواتير بين الطرفين ففوضنا امرنا إلى الله نحن سكان الادوار الوسطانية وقررنا شراء المياه في جراكن من الحاج عبد العال ابو قزازة الذي يجيء يوميا لبيعها من خزان مخروم تحمله عربية كارو يجرها حمار جربان!!! وبعد شهور اكتشفنا ان شراء مواتير ارخص من شراء المية من ابو قزازة الذي رفع اسعاره بشكل مستفز الشهرين الماضيين وهكذا تحولت العمارة الى غابة من المواتير وكان طبيعيا ان تعمل كل المواتير طوال الوقت مما دفع أبنائنا الطلبة للمذاكرة في الشوارع الخلفية هربا من دوشة المواتير واصوات السباب! وفي يوم اسود كئيب شغلت العمارة كل مواتيرها في وقت واحد وتصادف في هذا اليوم المنيل بنيلة أن المياه كانت مقطوعة عن الحي بأكمله فاحترقت المواتير عن بكرة أبيها وسمينا هذا اليوم النحس بيوم المواتير المحروقة وارتفعت سحب الدخان فوق العمارة لدرجة ان سكان العمارات المجاورة اعتقدوا اننا بنشوى كباب !! وباحتراق المواتير عاد سكان العمارة للخناقات والطجرمة وتلقيح الجتت في صراعهم على المية حتى اصبحت الحياة في عمارتنا لا تطاق وذات يوم فوجئنا بعائلة ابو سريع تعزل من العمارة تحت جنح الظلام وتبعتها عائلة ام بدوي ثم عائلة الترللا واخيرا جاء الدور على ابو فصادة وعائلته!! ورغم الهجرات المتلاحقة كان هناك باستمرار سكان جدد يأتون للسكن في العمارة وكان أمرا عاديا أن تشتعل الخناقات بين السكان القدامى والجدد واصبحت السنج والمطاوي والنبابيت والسكاكين والسواطير ومية النار اسلحة لا غني عنها لكل من يسكن في عمارتنا ولا يريد ان يموت من العطش!! وبعد سنوات حافلة بالمقالب وتلقيح الجتت وقعدات الصلح الفاشلة اتفق عم كحول مع سكان الأدوار الخمسة العليا على شراء موتور ضخم لتوفير احتياجاتهم من المية دون التشاور مع المعلم ابو اللوف وجاره ابو بشير اللي ساكن فوقه فتبادل الجميع عبارات السباب وفي لحظة انفعال غير محسوبة قرر ابو اللوف وابو بشير الانسحاب من مجلس ادارة العمارة وخللي السكان يتربوا ويعرفوا قيمتهم الغجر الأوباش!!! لكن الانسحاب لم يحقق شيئا فقد كسر سكان العمارة ربعميت قلة قناوي وراء المعلم ابو اللوف اللي عامل فتوة وشايف نفسه ع الآخر مع انه مش لاقي ياكل وحالته بالبلا وعايش ع السلف والدين وأيضا وراء ابو بشير المشغول بخناقاته مع عياله الصيع اللي خارجين عن طوعه وخلافاته على تقسيم الشقة مع اخيه غير الشقيق! كان واضحا ان حرب المواتير في عمارتنا لن تتوقف حتى يتم وضع نظام عادل لتوزيع المياة يراعي احتياجات الجميع لكن المعلم ابو اللوف تعامل مع المسألة بشكل آخر فقد كان يعتبر نفسه الفتوة الذي يجب ان يخشاه الجميع لكن الحقيقة أن أحدا فى العمارة لم يعد يعترف بهذه الفتونة التي أصبحت جزءا من التاريخ!! وفي يوم اسود كئيب فقد المعلم أبو اللوف اعصابه بسبب انقطاع المياة فدخل هو وعياله في خناقة بالشوم والسكاكين والمطاوي مع عم كحول وجيرانه لكن الخناقة انتهت بتدخل سكان العمارات المجاورة وحضور البوليس والنيابة التي قررت ابقاء الوضع على ما هو عليه واستمرار الموتور الضخم الذي اشتراه سكان الادوار الخمس العليا!!! وحتى كتابة هذه السطور مازالت مشكلة المية في عمارتنا تتفاقم لأن المعلم ابو اللوف راسه والف سيف ما يقعدش مع عم كحول للاتفاق معه على حل وسط بدعوى أنه طماع ومش من مستواه ولامؤاخذة!!!!