تعيين عبد الناصر عبد الحميد عميدًا لكلية التربية بجامعة المنوفية    اتباع نهج الانتظار والترقب.. لماذا قررت لجنة السياسة النقدية الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير؟    سعر الجنيه السوداني مقابل الدولار في بنك الخرطوم المركزي (آخر تحديث)    وزير الخارجية يؤكد لنظيرته البريطانية رفض مصر لأية محاولات لتقسيم قطاع غزة    الاتحاد الأوروبى: فرض عقوبات على شقيق قائد الدعم السريع على عبد الرحيم دقلو    سر توقف مفاوضات الزمالك لضم حامد حمدان من بتروجت    القبض على صاحب فيديو البلطجة يكشف ملابسات الواقعة في الجيزة    الأعلى للإعلام منع ظهور بسمة وهبة وياسمين الخطيب لمدة ثلاثة أشهر    «سمات روايات الأطفال.. مؤتمر مركز بحوث أدب الطفل تناقش آفاق فهم البنية السردية وصور الفقد والبطل والفتاة في أدب اليافع    عضو الحزب الجمهورى: إسرائيل لا تعترف بأى قرار ولا تحترم أى قرار دولى    في اليوم العالمي للطفل، تعلمي طرق دعم ثقة طفلك بنفسه    وكالة الطاقة الذرية تدعو إلى مزيد من عمليات التفتيش على المواقع النووية الإيرانية    محافظة الجيزة: غلق كلي بطريق امتداد محور 26 يوليو أمام جامعة النيل غدا الجمعة    رئيس كوريا الجنوبية: أحب الحضارة المصرية وشعبنا يحبكم    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 20نوفمبر 2025 فى المنيا    الشيخ رمضان عبد المعز: العمل الصالح هو قرين الإيمان وبرهان صدقه    جينارو جاتوزو: منتخب إيطاليا لا يزال هشا    إيقاف بسمة وهبة وياسمين الخطيب.. الأعلى للإعلام يقرر    محافظ القليوبية يُهدي ماكينات خياطة ل 15 متدربة من خريجات دورات المهنة    وزير الرياضة: نمتلك 55 محترفاً في دوري كرة السلة الأمريكي NBA    الموسيقار عمر خيرت يتعافى ويغادر المستشفى    ارتفاع أسعار العملات العربية في ختام تعاملات اليوم 20 نوفمبر 2025    محافظات المرحلة الثانية من انتخابات النواب وعدد المرشحين بها    شركة مياه القليوبية ترفع درجة الاستعداد للمرحلة الثانية من انتخابات النواب    وزير الصحة يبحث مع سفير المملكة المتحدة تعزيز السياحة العلاجية بمصر    من زيورخ إلى المكسيك.. ملحق مونديال 2026 على الأبواب    الإثنين المقبل.. انطلاق القمة السابعة للاتحاد الأوروبي و الإفريقي في أنجولا    دوري أبطال أفريقيا.. تغيير حكام مباراة الأهلي والجيش الملكي المغربي    الزراعة: تحصين 6.5 مليون جرعة ضد الحمى القلاعية والوادي المتصدع    النائب محمد إبراهيم موسى: تصنيف الإخوان إرهابية وCAIR خطوة حاسمة لمواجهة التطرف    مجلس الوزراء يُوافق على إصدار لائحة تنظيم التصوير الأجنبي داخل مصر    محافظات المرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب وعدد المترشحين بها    صحة الإسكندرية: 14 وحدة و5 مستشفيات حاصلة على الاعتماد من هيئة الرقابة الصحية    يوم الطفل العالمى.. كتب عن الطفولة الإيجابية    لتصحيح الأوضاع.. السد يبدأ حقبة مانشيني بمواجهة في المتناول    حل الأحزاب السياسية في مصر.. نظرة تاريخية    محافظ الأقصر يوجه بتحسين الخدمة بوحدة الغسيل الكلوى بمركزى طب أسرة الدير واصفون    أسهم الإسكندرية لتداول الحاويات تواصل الصعود وتقفز 7% بعد صفقة موانئ أبوظبي    إيقاف إبراهيم صلاح 8 مباريات    حكم صلاة الجنازة والقيام بالدفن فى أوقات الكراهة.. دار الإفتاء توضح    رئيس أزهر سوهاج يتفقد فعاليات التصفيات الأولية لمسابقة القرآن الكريم    التضامن: نخطط لتحويل العاصمة الجديدة إلى مدينة صديقة للأطفال    إيمان كريم: المجلس يضع حقوق الطفل ذوي الإعاقة في قلب برامجه وخطط عمله    الغرفة التجارية بالقاهرة تنعى والدة وزير التموين    الهلال الأحمر المصري يطلق «زاد العزة» ال77 محمّلة بأكثر من 11 ألف طن مساعدات    تأثير الطقس البارد على الصحة النفسية وكيفية التكيف مع الشتاء    جثة طائرة من السماء.. مصرع شاب عثروا عليه ملقى بشوارع الحلمية    تموين القليوبية: جنح ضد سوبر ماركت ومخالفي الأسعار    السبت المقبل.. «التضامن» تعلن أسعار برامج حج الجمعيات الأهلية    جنايات سوهاج تقضى بإعدام قاتل شقيقه بمركز البلينا بسبب خلافات بينهما    الرقابة المالية تصدر ضوابط عمل لجنة حماية المتعاملين وتسوية المنازعات في مجال التأمين    مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبى: سنفرض عقوبات على عدد من الجهات السودانية    طقس الإسكندرية اليوم: ارتفاع تدريجي فى درجات الحرارة.. والعظمى 27 درجة مئوية    وزارة «التضامن» تقر قيد جمعيتين في محافظة الغربية    د. شريف حلمى رئيس هيئة المحطات النووية فى حوار ل«روزاليوسف»: الضبعة توفر 7 مليارات متر مكعب من الغاز سنويًا والمحطة تنتقل إلى أهم مرحلة فى تاريخها    مواجهات قوية في دوري المحترفين المصري اليوم الخميس    أدعية الرزق وأفضل الطرق لطلب البركة والتوفيق من الله    عصام صاصا عن طليقته: مشوفتش منها غير كل خير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ضيوف والله أعلم !! عبد العزيز محمود
نشر في المصريون يوم 06 - 10 - 2010

بصراحة لم يكن احد منا يعرف بالضبط من هو صاحب عمارتنا؟! ولم يكن هذا غريبا فالعمارة عتيقة يرجع تاريخها الى زمن بعيد. لكن القضية كانت بحق مثيرة للجدل والأخذ والرد بين السكان!
فالاسطي بشاي ساكن البدروم يقول ان العمارة مملوكة في الاصل لجده المقدس اسطفانوس، ويستدل على هذا بالصليب المنحوت فوق باب شقته! والحاج محمد ساكن السطوح يقول انها ملك جده الشيخ العاصي مستدلا بالهلال المحفور على مدخل العمارة! أما برعي السمسار ساكن الجراج فيؤمن عن قناعة بان صاحب العمارة هو الخواجة شيكوريل الذي هاجر الى اسرائيل عام 48 وان الخواجة سوف يأتي يوما لاستلام عمارته !!
ووسط كل هذه النظريات كان الأستاذ مرجان مدرس التاريخ العجوز المقيم في الدور الرابع يرى ان عمارتنا اقدم من كل هؤلاء! فقد تعاقب على ملكيتها أروام ويونان وفرس وغجر وقوقاز وأتراك وألبان بل ان نقوشا في مدخل العمارة تشير الى أن ملاكها الاوائل كانوا من أهالي النوبة السمر الطيبين!
ومع احتدام الجدل حول هذه القضية تعامل معنا سكان العمارات المجاورة على اننا جماعة من المعتوهين. فعمارتنا قديمة قدم الزمان ذاته ولا يمكن نسبتها الى مالك واحد!! وبمرور السنين والاهمال وانعدام الصيانة اصبحت آيلة للسقوط. لكن انهيار العمارة لم يكن يقلقنا في ذروة بحثنا الدائم عن هوية صاحب عمارتنا!!
بالطبع لم يكن احد فينا يدفع الايجار، وكنا جميعا نقيم مجانا في شقق توارثناها عن ىبائنا وأجدادنا! ولمن ندفع الايجار اذا كان صاحب العمارة مجهولا وليس له ورثة بالمعني الصحيح؟! ومع ان العمارة ليس لها سجلات فقد كنا نسدد بانتظام الضرائب والعوائد وفواتير الغاز والكهرباء والمياه! بل اننا انتخبنا أكثر من رئيس لاتحاد الملاك لكنهم لم يكلفوا خاطرهم برعاية شئون العمارة لانشغالهم دوما بالسفر والبيزنس والاستمتاع بالحياة!!
لا يخلو تاريخ عمارتنا مثل سائر العمارت من خناقات بين السكان. احيانا بسبب لعب العيال وتفاهات الحريم واحيانا بسبب معاكسات البنات وسقوط مياه الغسيل من البلكونات. لكن الحياة كانت تمضي مملة رتيبة حتى جاء يوم فوجئنا فيه بهروب ابنة الاسطى بشاي في ظروف مازالت غير مفهومة. وكاد الأمر يتحول الى كارثة لولا ان البنت عادت في ظروف غامضة ثم اختفت في مكان مجهول. وبعد شهور فوجئنا بوائل الابن الاصغر للحاج محمد يهرب الى جهة غير معلومة ثم تبين انه هرب الى قريب للاسطي بشاي في تلك المدينة الساحلية البعيدة بعد ان وفر له عملا ومسكنا ووعده بالزواج !
بصراحة تسببت الحادثتان في تعكير الاجواء داخل عمارتنا لكن العقلاء حاولوا التهوين مما جرى باعتباره لعب عيال! وذات يوم كئيب اندلعت خناقة بين زوجة الاسطى بشاي وحرم الحاج محمد حول كوم الزبالة الموجود أمام العمارة، فوقف عم بشاي على بسطة السلم واطلق سيلا من العبارات القاسية. ثم قال: هل نسيتم انكم مجرد ضيوف في عمارة جدنا الراحل المقدس اسطفانوس؟؟!
وكمن اشعل فتيلا في برميل بارود. خرج غالبيتنا نحن السكان بالبيجامات والجلاليب في حالة واضحة من الذهول. أخذنا نتساءل كيف نكون ضيوفا في العمارة التي نقطنها منذ قديم. وثار الشباب وهدد العيال بامور صبيانية وذهبنا جميعا الى البدروم لمعاتبة الاسطى بشاي. فقال لنا بهدوء: نعم انتم ضيوف!!! فالعمارة مملوكة في الاصل لجدنا ونحن نملك المستندات !
كنا نعلم بالطبع ان المقدس اسطفانوس هو أحد ملاك العمارة القدامي لكنه لم يكن بطبيعة الحال المالك الوحيد! فالعمارة كانت مملوكة من قبله لجورجيان الارمنللي الذي اشتراها من يني الجريجي الذي اخذها تخليص حق من عثمان النوبي. وعندما طرحنا هذه الحقائق على الاسطى بشاي قال: ان جده اشترى العمارة من كل هؤلاء بعد ان دفع فيها دم قلبه!! وانها اصبحت منذ ذلك الوقت ملكا خالصا له ولآبنائه واحفاده من بعده!!!
ولما كنا غير متعمقين بشكل كاف في تاريخ عمارتنا وقفنا ساهمين باستثناء حسبو افندي ساكن الدور السابع الذي تساءل : واين المستندات؟!! لقد باع المقدس اسطفانوس العمارة برضاه للشيخ العاصي الذي باعها للمعلم امية الذي خسرها في خناقة مع العمدة عباس ثم استولى عليها الفتوة سليم الاناضولي قبل ان يلطشها منه خواجه فرنساوي في لعبة قمار واخيرا وضع علوة الالباني يده عليها لتنتقل ملكيتها من شخص الى آخر عبر السنين!!
ووسط هذه المتاهة من الحكايات والحواديت قال عم قنديل ساكن الدور الخامس والذي هو حاليا على المعاش: يا جماعة فلنستخدم المنطق ..اذا كانت العمارة مملوكة فعلا للمقدس اسطفانوس فكيف اعطى 94 شقة من عمارته للضيوف ولم يترك غير ستة شقق فقط لاولاده واحفاده؟؟!وهنا اعتدل الاسطى بشاي بعد ان كان متكئا وقال: ان ذلك حدث لأن جده كان كريما غاية الكرم مع الضيوف!
بالطبع الاجابة لم تقنع احدا وهكذا افترقنا على امل الوصول يوما إلى حل يرضي كل الاطراف. لكن سحبا كثيفة من الغضب خيمت على عمارتنا. كانت المشاجرات تشتعل لاهون الاسباب. واصبحت التهديدات والشتائم لغة الحوار الوحيدة. وكان طبيعيا ان نصطبح كل يوم على خناقة بين العيال. وفكر البعض في اللجوء الى القضاء لاثبات ملكيتهم للعمارة لكن المشكلة كانت في غياب المستندات!! وفكر آخرون في الاستعانة بسكان العمارات المجاورة. وانتشرت افكار عبثية من قبيل الانعزال والتفكيك والاقصاء وسيطرت على العمارة حالة من الجنون!
وذات يوم طرح اولاد الاسطى بشاي على ابيهم فكرة التقسيم لكن التنفيذ كان تقريبا شبه مستحيل! فالاسانسير والسلم ومواسير المياة والغاز والمنور والسطوح والجراج منافع مشتركة بين السكان. وحين هدد الحاج محمد باللجوء الى العنف معتمدا على الاغلبية العددية لوح الاسطى بشاي بالاستعانة بالبوليس. وهكذا دخلت العمارة في متاهة من التهديدات المتبادلة والضرب تحت الحزام.
واستمر هذا الصراع المجنون زمنا لا يمكن تقديره حتى فوجئنا يوما برتل من سيارات الدفع الرباعي يقتحم حارتنا مثيرا عاصفة من الغبار، وحين نزلنا بالبيجامات والجلاليب لاستطلاع الموقف وفي مقدمتنا برعي السمسار وجدنا غرباء ذوي عيون زرقاء يقتحمون عمارتنا للاستيلاء عليها بدعوى أنهم اشتروها بعقد بيع رسمي مسجل في الشهر العقاري من الخواجة شيكوريل !!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.