(1) هناك بوادر تلوح في الافق تشى بشيوع ثقافة الكراهية وما يصاحبها من توتر واحتقان في الشارع المصري، ذلك ما دفعني لمناقشة ماهية ثقافة الكراهية وتأثيرها على السلام الاجتماعي وعملية التنمية الشاملة في مصر (2) يشير مصطلح ثقافة الكراهية الى كل ما يتداوله افراد مجتمع ما أو قطاع منه، من خطابات مقروءة ومسموعة ورسوم وإشارات أو أي منتجات ثقافية اخرى؛ اغاني، افلام، مسلسلات، كتب، نشرات تدفع باتجاه تأجيج مشاعر البغض والكراهية تجاه فصيل او حزب أو قطاع في المجتمع أو تجاه مجتمع اخر، وثقافة الكراهية متعصبة ومتطرفة تجنح لشيطنة الاخر وإنزاله منزلة الكافر والعميل والخائن، وتركز على إذكاء الانتماءات الأولية لدى الانسان مثل: الانتماءات القبلية والطائفية والقومية الضيقة، وثقافة الكراهية على هذا النحو ثنائية الاتجاه والتأثير تعيد انتاج نفسها، تفضى لدخول المجتمع في حلقات جهنمية متصاعدة من الكراهية والكراهية المضادة ويؤدى تفشى ثقافة الكراهية في المجتمع على نحو متصاعد إلى صبغ الحياة بمشاعر البغض والتعصب وتمسى مفعمة بالاحتقان والتوتر والارتياب مما يزيد من احتمالات انفجار العنف المجتمعي؛ الطائفي والقبلي والسياسي، كما يؤدى شيوع ثقافة الكراهية لاهتراء النسيج المجتمعي بيد ان اخطر ما ينتج عنها هو إعاقة المعرفة الموضوعية التي تؤمن سلوكيات سوية لأفراد المجتمع، ذلك ان الادراك والمعرفة عملية ذهنية سيكولوجية معقدة تتطلب بيئة سيكولوجية ومادية مناسبة، وبما أن شعور الكراهية والقلق والتوتر …وغيرها من المشاعر السلبية تؤثر على الحالة السيكولوجية للإنسان تأثيرا سلبيا فأنها تؤدى حتما الى خلل في إتمام " process" عملية الادراك والمعرفة؛ وهذا قد يفضى إلى معرفة مزيفة ومضطربة مغايرة للواقع، مما يترتب عليه بالضرورة أن يتخذ الانسان قرارات خاطئة ويسلك سلوكيات غير سوية تضر بنفسه والمجتمع (3) السؤال الان: ما تأثير ثقافة الكراهية على عملية التنمية الشاملة(؟) يقصد بالتنمية السعي لتحقيق زيادة سريعة تراكمية ودائمة في الإنتاج والخدمات بما يؤدى لشعور المواطنين بتحسن وارتقاء حياتهم، أو هي عملية تغيير اجتماعي مخطط يقوم بها الإنسان للانتقال بالمجتمع إلى وضع أفضل وبما يتوافق مع احتياجاته وإمكانياته الاقتصادية والاجتماعية والفكرية. من خلال حسن استثمار الطاقات المتاحة والكامنة . ويتطلب تحقيق تنمية شاملة في المجتمع التخطيط الجيد المبنى علي بيانات ومعلومات حديثة وصادقة، وتوفير التكنولوجيا الملائمة والموارد البشرية المتخصصة، ووضع السياسات الاقتصادية الملائمة، وتوفير الأمن والاستقرار، بيد ان التنمية تتطلب مع ذلك وقبله المشاركة المجتمعية، بمعنى إشراك المجتمع في قرارات التنمية وتنفيذها، وذلك لضمان ايجابية المجتمع وتقبله للتغير وتحمله تكلفة التنمية على المدى القريب، وتنبع أهمية المشاركة المجتمعية من منطلق ان الدراسات التنموية أشارت الى فشل معظم التجارب التنموية التي تمت بمعزل عن الجماهير او بالوكالة عنها، لذلك فقد تطور الفكر التنموي من: "العمل من اجلهم" الى "العمل معهم لتحقيق أهدافهم" وتبنى المشاركة المجتمعية على قاعدة اساسية تتمثل في الثقة المتبادلة بين الاجهزة الحكومية التنفيذية من جهة، والمواطنين ومؤسسات المجتمع المدني من جهة ثانية، والثقة المتبادلة بين المواطنين وبعضهم البعض من جهة ثالثة واقع الحال ان تفشى ثقافة الكراهية يؤدى إلى انعدام الثقة وسيادة مشاعر التشكك والارتياب بين بعض المواطنين وبعضهم، أو بين قطاع من المجتمع وأجهزة الدولة، وهذا يفضى في المحصلة النهائية إلى اهتراء النسيج المجتمعي، وعلى هذا النحو فأن شيوع ثقافة الكراهية يشكل معوق إساسي امام تحقيق تنمية شاملة في المجتمع (4) بناءً على ما تقدم، يتضح انه لا سبيل لتنمية شاملة وحقيقة للمجتمع إلا من خلال تبنى مؤسسات التربية ووسائل الاعلام استراتيجية جادة تهدف إلى ترسيخ ونشر ثقافة التسامح وقبول الاخر، واعتبار التنوع مصدر إثراء للمجتمع، وذلك كله على أرضية إعلاء قيم دولة القانون وقيم حقوق المواطنة عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.