بالرغم من مفارقته الحياة منذ 47 عامًا في مثل هذا اليوم 28 أغسطس عام 1966 بجرة يد مقبض مشنقة، إلا أنه لا يزال حاضرًا بين أعضاء جماعة الإخوان المسلمين ومحبيها وكارهيها على السواء، ليؤكد أن حالة الجدل التي خلقها في حياته لم تنتهِ بموته بل تضاعفت في ظل وصول جماعة الإخوان للحكم وعزلها عنه بعد عام، لتتوجه إليه أصابع الاتهام كفاعل رئيسي في سقوط الجماعة وإن لم يكن بجسده وتخطيطه فبأفكاره ومناهجه. سيطرت أفكار سيد قطب، والتي ووصفها البعض بالتشدد بل ومخالفتها لما اتفق عليه جموع أهل السنة والجماعة، على معظم قيادات مكتب إرشاد جماعة الإخوان المسلمين، وهو ما أدى إلى إطلاق عليهم اسم "التيار القطبي" أو "المحافظين" و"صقور الجماعة" وعلى رأسهم محمد بديع مرشد الجماعة المعتقل والذي صاحب قطب في السجن عام 1995، وهو ما أدى إلى تشبعه بأفكاره واعتباره مثله الأعلى، بالإضافة إلى باقي قيادات ذلك التيار وهم: محمود عزت، المرشد المؤقت، وخيرت الشاطر نائب المرشد، ومهدي عاكف المرشد السابق للجماعة وغيرهم، والذين سيطروا على قرارات الجماعة طيلة الفترة الماضية بل وقاموا بإقصاء قيادات التيار الإصلاحي، الذين يتحفظون على بعض أفكار سيد قطب ويصفونها ب"المتشددة" وأبرزهم عبد المنعم أبو الفتوح، وكمال حبيب، وكمال الهلباوي. وتتمثل أبرز آراء سيد قطب التي أثارت الجدل وصفه للمجتمع ب"الجاهلي" بل والكفر في بعض الأحيان، ولقد قال يوسف القرضاوي عن "قطب"، في حوار تليفزيوني، إن سيد قطب خرج عن أهل السنة والجماعة بوجه ما؛ فأهل السنة والجماعة يقتصدون في عملية التكفير حتى مع الخوارج، مؤكداً أن قطب أخطأ في تكفير جموع المسلمين والحكام والأنظمة، مضيفاً أنه يتحمل بعض المسؤولية عن تيار التكفير مثله كشكري مصطفى الذي كفر المسلمين عدا جماعته وهو قائد جماعة التكفير والهجرة التي تعتزل المجتمعات بأثرها. أما عن وقائع اعتقاله فيروي البعض أنه ويوم تنفيذ الإعدام، وبعد أن وضع على كرسي المشنقة عرضوا عليه أن يعتذر عن دعوته لتطبيق الشريعة ويتم إصدار عفو عنه، فقال: "لن أعتذر عن العمل مع الله"، ثم قال: "إن إصبع السبابة الذي يشهد لله بالوحدانية في الصلاة يرفض أن يكتب حرفًا واحدًا يقر به حاكم طاغية"، فقالوا له إن لم تعتذر فاطلب الرحمة من الرئيس، فقال: "لماذا أسترحم؟ إن كنت محكوما بحق فأنا أرتضي حكم الحق، وإن كنت محكوما بباطل، فأنا أكبر من أن أسترحم الباطل".