عزيزى الثائر.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. عند عودتى اليوم من صلاة جمعة 25 يناير 2013م. شاهدت هذه العبارة "الإخوان يهود مصر" على أحد المبانى الحكومية بمدينة دمنهور؛ ضمن فعاليات ما يسمونها جمعة الثورة الثانية؛ فهالنى المنظر وجالت فى نفسى هذه الخواطر النازفة: 1-لقد شوهت أيها الثائر مبنى حكوميًا بنى من جيوبنا، ويؤدى خدمة لنا ولأهالينا، فلا يليق أن ندمر كل شىء جميل فى بلدنا. 2-أزعجنى هذا الخط الركيك والأخطاء الإملائية التى تعانون حصاد فساد تعليمى لم يشارك فيه مثلنا ولا الإخوان. 3-وأحزننى أن ترمى إخوانك بتهمة أعلاها يصل إلى حد الرمى بالكفر وأدناها:"وَلا تَنَابَزُوا بِالألْقَابِ بِئْسَ الاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ". [الحجرات11] 4-وأحببت أن أذكرك وأذكر شباب جيلكم بما أعلمه من وقفات مع تاريخ أحداث أمتنا وشخصيات عاصروها وصنعوها، وعن حقائق حول هؤلاء (الإخوان اليهود): (1)فى أربعينيات القرن الماضى عندما فشلت الجيوش العربية المنظمة فى مواجهة اليهود؛ فسارع الجميع فى التطوع لجهادهم فى فلسطين، وكان على رأسهم بل جلهم من الإخوان، واقرأ ما كتبه كامل الشريف عن حرب فلسطين وما قاله اللواء فؤاد المناوى عن بطولاتهم وشهدائهم. فماذا صنع جدكم الكريم أيامها؟. وكيف شارك؟.. وكيف كانت اهتماماته وأهدافه؟. وما الذى جعله مسلمًا وهؤلاء يهودًا؟. (2)فى خمسينيات القرن الماضى وقف الإخوان ضد بطش عبد الناصر وانقلابه على الديمقراطية وتنكيله بمحمد نجيب، وسُجنوا وعُذبوا واُستشهد منهم فى سبيل دعوة الإسلام أفذاذ قال عنهم د. جابر قميحة - رحمه الله -: (سيظل شهر ديسمبر 1954م شهرَ سوادٍ حالكٍ فى تاريخ مصر, وسيظل يوم الخميس التاسع من هذا الشهر نقطةَ عارٍ فى جبين حكومة العساكر التى حكمت مصر، إنه اليوم الذى شنَق فيه عبد الناصر ستةً من أشرف وأنقى رجال هذه الأمة, وهم الشهداء: القاضى عبد القادر عودة - صاحب موسوعة التشريع الجنائى فى الإسلام -, ويوسف طلعت, ومحمد فرغلى، وإبراهيم الطيب، وهنداوى دوير, ومحمود عبد اللطيف، وكان القاضى الذى أدان هؤلاء المجاهدين الأشراف ضابطًا اسمه "جمال سالم"، وطبعًا كان من أجهل الناس بالقانون, مجردًا من أبسط قواعد الذَّوق واللياقة والخلق والنبالة). ترى هل نالوا بهذه الشهادة لقب يهود.. ونال جدكم ميزة الإسلام باهتمامات تفوق اهتمامات هؤلاء الستة وإخوانهم؟. (3)فى ستينيات القرن الماضى شهدت المشانق إعدام عملاق الفكر الإسلامى سيد قطب على يد بطش العسكر، لأنه رفض المساومة على الحق؛ والذى قال يوم تنفيذ الإعدام عندما عرضوا عليه أن يعتذر عن دعوته، ويتم إصدار عفو عنه: لن أعتذر عن العمل مع الله، إن إصبع السبابة الذى يشهد لله بالوحدانية فى الصلاة ليرفض أن يكتب حرفًا واحدًا يقر به حكم طاغية.. فقالوا له: إن لم تعتذر فاطلب الرحمة من الرئيس. فقال: لماذا أسترحم؟.. إن كنت محكومًا بحق فأنا أرتضى حكم الحق، وإن كنت محكومًا بباطل، فأنا أكبر من أن أسترحم الباطل. ولما جاءه رجل دين قال له: تشهد. فقال: حتى أنت جئت تكمل المسرحية نحن يا أخى نعدم لأجل لا إله إلا الله، وأنت تأكل الخبز بلا إله إلا الله. وعندما تفتح مؤلفات هذا الإمام الجليل - رحمه الله -، ولعلك تعرفها وأشهرها (فى ظلال القرآن)؛ فتذكر هل بهذا الإرث العظيم نال لقب (يهود). وذكرنا بإرث جدكم الكريم - رحمه الله - الذى نال به لقب المسلم؟. (4)فى سبعينيات وثمانينات وتسعينيات القرن الماضى؛ سل والدكم الكريم حفظه الله أن يذكرنا بما جعله وجعلكم تنالون شرف الإسلام بإنجازاتكم واهتماماتكم؛ بينما نال الإخوان لقب (يهود) لأنهم عاشوا فى سجون السادات والمخلوع ومحكاماته العسكرية أكثر مما عاشوا أحرارًا مثلكم ومثل والدكم الكريم عافاه الله وعافاكم!؟. (5)عندما تقف فى وجهك أى مسألة فقهية فتفتح أجمل وأبسط كنب الفقه (فقه السنة) للشيخ سيد سابق. وعندما تريد أن تفهم إسلامك برؤية وسطية عصرية فتفتح مؤلفات العلامة د. يوسف القرضاوى أو مؤلفات د. فتحى يكن أو الشيخ سعيد حوى أو إبداعات الشيخ محمد أحمد الراشد أو العالم الجليل صلاح سلطان أو المبدع الشيخ على الصوابى وغيرهم. فتذكر كيف نالوا بهذه الإبداعات الرائعة لقب (يهود). وراجع نفسك وأقرانك الأحباء ماذا صنعوا؟. وماذا تركوا من آثار يحترمه ويقدرها المعاصرون ويتذكركم بها اللاحقون فيترحمون عليكم؟!. أخى الحبيب الثائر ... سامحكم الله ... أرجو أن تراجع نفسك وتتذكر هذا البيت: (أولئك آبائى فجئنى بمثلهم ... إذا جمعتنا يا جرير المجامع) مع تحيات محبكم: د. حمدى شعيب [email protected]