مدبولي: 12 جامعة أهلية جديدة تدخل الخدمة قريباً    مدبولي عن الإيجار القديم: لا ننحاز لطرف على حساب آخر    مدبولي عن شكاوى البنزين المغشوش: من الواضح أن هناك خللًا حدث في لحظة زمنية محددة    السعودية ترحب باتفاق وقف إطلاق النار في اليمن    الصين: الجانب الأمريكي مستعد للدخول في حوار حول التعريفات الجمركية    مارتينيز لاعب برشلونة ينفي قيامه بالبصق على أتشيربي    عمر طلعت مصطفى: ننسق مع وزارة الشباب والرياضة للاستفادة من الفعاليات الكبيرة للترويج لسياحة الجولف    التايكوندو يتوجه للإمارات للمشاركة في بطولة العالم تحت 14 عام    تقرير: دي ليخت يقترب من الغياب أمام أتليتك بلباو    دون إصابات بشرية.. السيطرة على حريق داخل شقة سكنية في الفيوم    محافظ القليوبية يُسلِم ملابس الإحرام لحجاج الجمعيات الأهلية    أبطال «نجوم الساحل» يكشفون كواليس العمل مع منى الشاذلي..غدا    ميرتس وماكرون يدعوان الهند وباكستان إلى التهدئة    «ضربوه لأن رجله بتوجعه ومقدرش يجري».. القبض على والدَي تلميذ اعتديا على زميل ابنهما داخل ملعب المرج    رسميا.. اعتماد جداول امتحانات النقل والشهادة الإعدادية للفصل الدراسي الثاني 2025 ببني سويف    آيساب روكي يكشف سبب حمل ريهانا المتكرر    محافظ أسوان ينيب السكرتير العام لحضور ختام فعاليات مهرجان أفلام المرأة    إنقاذ حياة طفل.. فريق جراحى بأورام المنوفية ينجح فى إجراء عملية استئصال ورم ضخم    رأس المال السوقي يخسر 25 مليار جنيه.. مؤشرات البورصة تهبط بختام جلسة اليوم    ضبط 3507 قضية سرقة تيار كهربائى خلال 24 ساعة    بالصور.. ملك أحمد زاهر تتألق في أحدث ظهور لها    جوندوجان يحلم بأن يكون مساعدًا ل "الفيلسوف"    "الشباب في قلب المشهد السياسي".. ندوة تثقيفية بالهيئة الوطنية للانتخابات | صور    بينها «أخبار اليوم» .. تكريم رموز الصحافة والإعلام في عيد العمال    عدوان الاحتلال الإسرائيلي على طولكرم ومخيميها يدخل يومه 101    "التعليم" تعلن إطلاق مسابقة للمواهب في مدارس التعليم الفني    5 أبراج تُعرف بالكسل وتفضّل الراحة في الصيف.. هل أنت منهم؟    خلافات مالية تشعل مشاجرة بين مجموعة من الأشخاص بالوراق    جوتي ساخرًا من برشلونة: أبتلعوا الأهداف مثل كل عام    الهلال الأحمر المصري يشارك في النسخة الرابعة من منتدى «اسمع واتكلم»    تعرف على وضع صلاح بين منافسيه في الدوري الإنجليزي بعد 35 جولة    محافظ الدقهلية يلتقي المزارعين بحقول القمح ويؤكد توفير كل أوجه الدعم للفلاحين    وزير البترول: التوسع الخارجي لشركة "صان مصر"على رأس الأولويات خلال الفترة المقبلة    ب12 هاتفًا.. عصابة تخترق حساب سيدة من ذوي الاحتياجات وتنهب أموالها    أوبرا الإسكندرية تقيم حفل ختام العام الدراسي لطلبة ستوديو الباليه آنا بافلوفا    كندة علوش: دوري في «إخواتي» مغامرة من المخرج    قطاع الفنون التشكيلية يعلن أسماء المشاركين في المعرض العام في دورته 45    البابا تواضروس يستقبل وكيل أبروشية الأرثوذكس الرومانيين في صربيا    إطلاق صندوق لتحسين الخدمة في الصحة النفسية وعلاج الإدمان    حزنا على زواج عمتها.. طالبة تنهي حياتها شنقا في قنا    طلعت مصطفى تعلن تحقيق 70 مليار جنيه من «ساوث ميد» خلال يوم.. وإجمالي مبيعات المجموعة يرتفع إلى 160 مليار خلال 2025    وظيفة قيادية شاغرة في مصلحة الجمارك المصرية.. تعرف على شروط التقديم    وائل غنيم في رسالة مطولة على فيسبوك: دخلت في عزلة لإصلاح نفسي وتوقفت عن تعاطي المخدرات    وزارة الأوقاف تعلن أسماء المقبولين لدخول التصفيات الأولية لمسابقة القرآن الكريم    مدبولي يُكلف الوزراء المعنيين بتنفيذ توجيهات الرئيس خلال احتفالية عيد العمال    المراجعات النهائية للشهادة الإعدادية بشمال سيناء    آخر تطورات مفاوضات الأهلي مع ربيعة حول التجديد    هل انكشاف أسفل الظهر وجزء من العورة يبطل الصلاة؟.. الإفتاء توضح    «مستقبل التربية واعداد المعلم» في مؤتمر بجامعة جنوب الوادي    مصر ترحب باتفاق وقف إطلاق النار في اليمن مع الولايات المتحدة    زيادة قدرتها الاستيعابية.. رئيس "صرف الإسكندرية يتفقد محطة العامرية- صور    بتكلفه 85 مليون جنيه.. افتتاح مبنى امتداد مركز الأورام الجديد للعلاج الإشعاعي بقنا    عضو مجلس الزمالك: كل الاحتمالات واردة في ملف زيزو    أسامة ربيع: توفير الإمكانيات لتجهيز مقرات «الرعاية الصحية» بمواقع قناة السويس    اليوم.. الرئيس السيسي يتوجه إلى اليونان في زيارة رسمية    ما حكم إخراج المزكى زكاته على مَن ينفق عليهم؟.. دار الإفتاء تجيب    الأزهر يصدر دليلًا إرشاديًا حول الأضحية.. 16 معلومة شرعية لا غنى عنها في عيد الأضحى    عاجل- مصر وقطر تؤكدان استمرار جهود الوساطة في غزة لوقف المأساة الإنسانية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



30 مليار دولار.. فاتورة المعونة الأمريكية لمصر سنويًا
نشر في المصريون يوم 28 - 08 - 2013

* الاقتصاديون: نسبة استفادة مصر من المعونة الأمريكية 2.5% و89% يعود لواشنطن
* السياسيون: انتهاك للسيادة المصرية.. وتدخل فى الشئون الداخلية.. وتحكم فى القرار المصرى
أكد العديد من خبراء الاقتصاد أنه فى الظروف العادية للبلاد، فإن منع هذه المساعدات الغربية والأمريكية من الممكن ألا يكون لها أى تأثير، ومن الممكن تعويضها بطريقه أو بأخرى، ولكن المشكلة أن لدينا نقصًا فى الموارد الداخلية، وإذا تم هذا القطع ليس له أى تأثير، فالمعونات التى تمنحها أمريكا لمصر عبارة عن أسلحة، ومن الممكن أن تعوضنا السعودية بالأسلحة بطريقة أخرى، وفى هذه الحالة يمكننا الاستغناء عن المعونات الخارجية، وإذا كانت هذه المعونات وقطعها ومنحها عبارة عن لىّ ذراع من أمريكا لمصر، فنحن فى استغناء تام عنها، ومصر تستطيع أن تعوض هذه المنح والمعونات بنفسها عن طريق إعادة تنشيط السياحة، لأننا الآن وللأسف الشديد فى انحدار فى مجال الصناعة والتجارة والسياحة، فهذا متوقف على الاستقرار الأمنى فى مصر، مما يؤدى هذا إلى توتر السائحين وقلق المستثمرين فى مصر، ولكن إذا استقرت الأمور سوف ترجع مصر كما كانت، وأهم شىء أن نعوض هذا بالإنتاج، ولابد من رفع الأجور للعمال حتى نرتقى بحال مصر.
فى البداية، يقول الدكتور أسامة غيث الخبير الاقتصادى، إن القضية ليست قطع المعونات عن مصر، فالموضوع لا يرتبط بقيمة المساعدات الأمريكية فى مصر بحجم الاقتصاد الذى يربط بيننا وبين هذه الدول مثل أمريكا وفرنسا وغيرها من الدول الأوروبية، وهذا الأمر بالنسبة للمساعدات الأمريكية، وكذلك القروض الأوروبية لا يرتبط بقيمتها ولا يرتبط بتعويضها من طرف آخر، وخصوصًا إذا كان طرفًا عربيًا، مثل الكويت والسعودية والإمارات، ولكنه يرتبط بوزن أمريكا ودول الاتحاد الأوروبى بالمنظومة الدولية والاقتصاد المصرى بكل تعاملاته ومدى تعاملاتها مع مصر كدولة، وكذلك أمريكا وبريطانيا وفرنسا تملك حصة كبيرة جدًا فى البنك الدولى للإنشاء والتعمير وأيضًا فى صندوق النقد الدولى، وهذه القوة بالتأكيد تؤثر على قرارات البنك والصندوق.
وحديث المفاوضات بين مصر والصندوق وهذه القرارات التى تصدر من قبل البنك أو الصندوق ترجع إلى التعاملات بين مصر وأمريكا، وهل هذا يصب فى صالح مصر أم لا، وبالتالى الأمر لا يجب أن يؤخذ فى سياق تعويض من دول الخليج لمصر والاقتصاد المصرى يكاد أن يكون رهينة لدى الاقتصاد الأمريكى والأوروبى، فدول الاتحاد الأوروبى هى الشريك الأكبر مع مصر كاستيراد وتصدير، واقتصاد أمريكا يحتل الأكبر نسبة فى هذه الشراكة، فالاستثمارات ليست كأموال، ولكن عبارة عن نقل تكنولوجيا متقدمة والأكثر خطورة بالنسبة للاقتصاد المصرى أن شركات التنقيب عن البترول هى شركات أمريكية وأوروبية لها عقود امتياز لاكتشاف البترول، وهذه النقطة مهمة لمصر فى ظل أزمة الطاقة الموجودة.
وبالتالى، فإن الأمر يجب أن يؤخذ بدرجة من العمق والتحليل، ولكن السياسة الأمريكية منحازة إلى الكيان الصهيونى بشكل واضح وفاضح ولا نستطيع أن ننكره، ولكن العلاقات الدولية بين مصر وأمريكا ودول الاتحاد الأوروبى يجب ألا تنقطع ولا يجب أن ندخل فى مواجهة مع أمريكا، ولكننا يجب أن نحافظ على كرامتنا الدولية، وفى نفس الوقت، لا يجب أن ندخل فى إطار العند والمواجهة، ولكن الأزمات التى تمر بها مصر تجبرنا أن نتعامل بدبلوماسية أكثر من اللازم لتحقيق المصلحة المصرية العامة، فالمساعدات العسكرية والاقتصادية التى تحصل عليها مصر من أمريكا تمثل ارتباطًا وثيقًا باتفاقية كامب ديفيد، لأنها التزام أمريكى بتعويض مصر عن خسائرها العسكرية والاقتصادية والتجارية المترتبة عن توقيع اتفاقية كامب ديفيد، وهذه المساعدات تكررت لمصر وإسرائيل عند توقيع الاتفاقية، لأن أمريكا هى الراعى الأساسى والرئيسى لاتفاقية كامب ديفيد، ولا تستطيع الولايات المتحدة الأمريكية إخلاءها عن قطع المعونات، لأنه فى هذه اللحظة تعلن أمريكا انسحابها عن اتفاقية كامب ديفيد، وهذا يعطى مصر الحق فى انسحابها من كامب ديفيد، فهذه التزامات اتفاقية وليست معونات، كما يفهمها البعض.
أما بالنسبة لإعلان بعض الدول العربية عن تقديم مساعدات اقتصادية لمصر تعويضًا لها فى حالة قطع المعونات الغربية والأمريكية، فمساعداتهم لنا هى مجهود مشكور وجيد، ويجب أن نقابله بالسعة والترحاب، ولكن المساعدات التى تقدم لمصر فى صورة قروض يتم سدادها سوف تدخل مصر فى أزمة اقتصادية جديدة، ولكن من المفترض أن دولة السعودية والكويت والإمارات تعطى لمصر المساعدات كمنح بدون رد، لأنهم إذا أعطونا هذه المساعدات على شكل قروض ترد فى وقت معين، فهذا سوف يضع مصر فى أعباء خارجية.
ويقول الدكتور عبدالرحمن عليان أستاذ الاقتصاد بكلية التجارة جامعة عين شمس، إنه فى الظروف العادية للبلاد، فإن منع هذه المساعدات الغربية والأمريكية من الممكن ألا يكون لها أى تأثير، ومن الممكن تعويضها بطريقه أو بأخرى، ولكن المشكلة أن لدينا نقصًا فى الموارد الداخلية، وإذا تم هذا القطع ليس له أى تأثير، فالمعونات التى تمنحها أمريكا لمصر عبارة عن أسلحة، ومن الممكن أن تعوضنا السعودية بالأسلحة بطريقة أخرى، وفى هذه الحالة يمكننا الاستغناء عن المعونات الخارجية، وإذا كانت هذه المعونات وقطعها ومنحها عبارة عن لىّ ذراع من أمريكا لمصر، فنحن فى استغناء تام عنها، ومصر تستطيع أن تعوض هذه المنح والمعونات بنفسها عن طريق إعادة تنشيط السياحة، لأننا الآن وللأسف الشديد فى انحدار فى مجالات الصناعة والتجارة والسياحة، وهذا متوقف على الاستقرار الأمنى فى مصر، مما يؤدى هذا إلى توتر السائحين وقلق المستثمرين فى مصر، ولكن إذا استقرت الأمور سوف ترجع مصر كما كانت، وأهم شىء أن نعوض هذا بالإنتاج ولابد من رفع الأجور للعمال، حتى نرتقى بحال مصر.
من المنطلق ذاته، يقول الدكتور مصطفى النشرتى أستاذ الاقتصاد بجامعة مصر الدولية، إن المعونات الأمريكية لمصر تنقسم إلى معونات اقتصادية ومعونات عسكرية، فهذه المعونات مرتبطة باتفاقية كامب ديفيد ومرتبطة أيضًا بالقوات متعددة الجنسيات بسيناء، فإذا قطعت أمريكا المعونات عن مصر، فهذا سوف يمنع أمريكا من الاتفاقية، لأنه فى هذه الحالة من حق مصر أن تطرد القوات متعددة الجنسيات، وأيضًا من حق مصر أن تمنع السفن الحربية وحاملات الطائرات من العبور من قناة السويس وإلغاء المناورات العسكرية المشترطة أيضًا، لأن معظم الشروط والاتفاقيات الموجودة بكامب ديفيد لصالح أمريكا وليس لمصر، وفى هذه الحالة أيضًا قد تلجأ مصر إلى روسيا للحصول على أسلحة من روسيا، وهذا سوف يزيد من الحرب الباردة بين أمريكا وروسيا، أما بالنسبة للمعونات الاقتصادية التى تمنحها أمريكا لمصر وليس لها أى تأثير، فإن الميزان التجارى بين مصر وأمريكا لصالح أمريكا وليس لصالح مصر، فإن صادرات مصر لأمريكا أكبر بكثير من واردات أمريكا لمصر، فأمريكا تعطى لمصر صادرات اقتصادية عبارة عن 10% فقط، كما أن أعضاء الكونجرس ضد قرارات أمريكا، لأنهم لا يتأثرون بأى شىء ولا بأى قرارات، فإذا قامت أمريكا بقطع المعونات، فهنا يصبح من حق مصر المطالبة بجلاء القوات متعددة الجنسيات لدى مصر، وهذه ورقة ضغط كفيلة بأن تمنع أمريكا من اتخاذها قرار قطع المعونة ومن حقها أيضًا منع عبور السفن الحربية من قناة السويس، فإن ضغط القوة التفويضية من أمريكا لصندوق النقد الدولى ضعيف جدًا، وموقف مصر قوى جدًا، لأنه فى حالة اتخاذ أمريكا لهذا القرار، فهنا من حق مصر إلغاء اتفاقية كامب ديفيد.
ويقول الدكتور مختار الشريف الخبير الاقتصادى وأستاذ الاقتصاد بجامعة المنصورة: لم نعد نقلق من التهديد بورقة المعونات الخارجية، وذلك لأن مصر قادرة على التعامل مع مختلف الأوضاع، وأن العالم واسع ولسنا مكتوفى الأيدي, وأن الأطراف التى نتعامل معها لها مصالح متبادلة، حيث إن مصر لا تحقق أهدافها التنموية بدون الاستفادة من الفرص التى يتيحها الاقتصاد العالمى، فمعدل الادخار المحلى يصل لنحو 15% من الدخل القومى لمصر، فى حين أن الدول التى تنمو بمعدلات سريعة كالصين يتجاوز فيها الادخار نحو 30%، وبالتالى فمعدل الاستثمار فيها عالٍ وقدرتها على النمو وفرص العمل عالية.
أما فى مصر، فمعدل الادخار محدود، ومن ثم فنحن فى حاجة لمزيد من الادخارات الخارجية لكى تنمو وتحقق فرص عمل، أما الجانب الثاني, فيرتبط بالتجارة والأسواق الخارجية ونمو الصادرات، ولا شك أن العالم اليوم أصبح أكثر اعتمادًا على بعض أكثر من أى وقت مضى، إلا أن ذلك لا يعنى أننا نقبل الاندماج فى الاقتصاد العالمى تحت أى شروط تفرض علينا، فيجب أن تتأكد أن هذا الاندماج لا يفرض شروطًا ضارة.
ولا نتوقع أن يحدث أى تأثير على المساعدات أو المعونات أو العلاقات التجارية، فالأطراف جميعها لها مصالح متبادلة، ويجب أن نحمى إرادتنا، وفى الوقت نفسه لا يجب افتراض أن العالم كله يتآمر على مصر، ولا شك أن هناك ثوابت ومؤشرات تتعلق بقدرة الاقتصاد على تخطى الأزمة الراهنة, وتلك الثوابت تضع الاقتصاد المصرى بمعيار إجمالى الناتج المحلى فى المركز الأول بين بلدان شمال إفريقيا ليبيا والجزائر وتونس والمغرب، كما يمثل الاقتصاد المصرى المركز الثالث بعد المملكة العربية السعودية والإمارات، وبمعيار القوة الشرائية للناتج القومى فى مصر وفقًا لتقديرات البنك الدولى يصعد الاقتصاد المصرى للمركز الثانى بين اقتصاديات الدول العربية والاقتصاد المصرى متنوع, ولا يعتمد على مصدر واحد، ولكن على عقول وسواعد أبناء مصر، حيث يشكل قطاع الخدمات 47% من الاقتصاد، ومنها السياحة وقناة السويس ودخول المصريين من الخارج، وما تواجهه مصر حاليًا هو أزمة سيولة ناتجة عن تعطل مسار قطاعات هامة من الخدمات فى طليعتها السياحة إلى جانب عجز الموازنة، حيث الإنفاق يفوق الإيرادات، مما يجعل الحكومة تلجأ للاقتراض الداخلى، وتشير الأرقام إلى زيادة معدلات البطالة وتراجع قدرة الاقتصاد المصرى على تحقيق وظائف وزيادة حجم طبقة الفقراء التى يعيش فيها الفرد على أقل من 2 دولار يوميًا، حيث تحدث اثنان من نواب الكونجرس الأمريكى بصورة بها تهديد لمصر بشأن المساعدات البالغة 250 مليون دولار مساعدات مدنية، إلا أنه يمكننا أن نرصد ما تحدث به أعضاء الكونجرس وأنه يختلف عما تحدثت به الرئاسة الأمريكية والخارجية الأمريكية, حيث أكد الرئيس الأمريكى أن العلاقات مع مصر تتعلق بالأمن القومى الأمريكي, وهذا يغل يد الكونجرس عن اتخاذ إجراءات مضادة لمصر، وبالتالى فالمساعدات الأمريكية قانونًا غير قابلة للمساس، ومع ذلك، فإن إجمالى المساعدات الأوروبية والأمريكية لا يتجاوز 7.1 مليون دولار سنويًا، أى لا يتعدى 7 فى الألف من الناتج القومى المصرى الذى بلغ فى عام 2011 نحو 236 مليون دولار، وبلغ بالقوة الشرائية الحقيقية، كما أن المساعدات الأوروبية البالغة 150 مليون دولار تقوم مصر فى مقابلها باستيراد ما قيمته 19 مليار دولار من أوروبا، أى أن كل دولار مساعدة يقابله 135 دولار مشتريات.
ويقول صلاح جودة الخبير الاقتصادى، إن الولايات المتحدة أصبحت ترى أن حاجة النظام إلى الدعم أصبح اليوم أقل من ذى قبل، بينما أصبحت هناك ضرورات ملحة تدعو إلى دعم نظم أخرى لها دور لا ينكر فى حماية وتنفيذ السياسات الأمريكية (كالنظام الأردنى مثلاً). فالأوضاع الاقتصادية للرأسمالية المصرية تمر بمرحلة من التحسن فى الآونة الأخيرة، فالمعونات لا تعطى للشعوب أو لإطعام الجياع، وإنما لحماية الأنظمة من انتفاضات الجياع ولتقوية شوكة من يستغلونهم.
وأشار جودة إلى أن مصر تلقت وعوداً بالحصول على قروض ميسرة من دول الاتحاد الأوروبى والولايات الأمريكية تصل إلى 30 مليار دولار، ونحو 10 مليارات من دول خليجية من السعودية والإمارات، مشيرًا إلى أن واشنطن كانت تجبر مصر خلال العقود الماضية على استيراد سلع غذائية وصناعية وعسكرية بنحو 30 مليار دولار سنويًا، مقابل استمرار المعونة الأمريكية، وهو ما جعل الاقتصاد المصرى تابعًا للاقتصاد الأمريكي، كما أن واشنطن أجبرت القاهرة على تعويم الجنيه وتنفيذ مشروع الخصخصة كشرط أساسى لاستمرار المعونة الأمريكية لمصر، مما تسبب فى تكبيد الاقتصاد المصرى خسائر بلغت نحو 2 مليار دولار تقريبًا، فضلاً عن تشريد آلاف العمال المصريين. والحقيقة التى لا يدركها هؤلاء المسئولون الأمريكان الذين هددوا بقطع المعونة عن مصر كى ترضخ والتى تحتاج لقرار سياسى عاجل من برلمان الثورة المقبل بالاستغناء عن هذه المعونة بعدما امتلكت مصر إرادتها الحرة المستقلة، هى أن قطع المعونة يضر بأمريكا أكثر مما يضر بمصر، باعتراف الخبراء الأمريكان وتقارير الجيش الأمريكى نفسه الذى يستفيد من المقابل لهذه المعونة، إذ أن قطع المعونة أو التهديد بذلك سيفقد أمريكا نفوذها ويحدث ضربة قاسمة للسياسات الأمريكية، ومن مصلحة أمريكا الإبقاء على المعونة لحماية تحالفها مع مصر، كما أن هذه المعونة تبدو كثمن بخس لأمريكا تدفعه مقابل المخاطر التى تجنبها المعونة لأمريكا بخلاف المكاسب الأخرى، فمنذ عهد مبارك ولا تقدم هذه المنح لمصر شيئًا، حيث إنها كانت تخصص للخبراء وللمكاتب الاستشارية الخاصة بهذه الدول فى مصر، مؤكدًا أن هذه المنح غير مجدية اقتصاديًا.
وفى نفس السياق، يقول الدكتور حمدى عبد العظيم رئيس أكاديمية السادات سابقًا، إنه إذا قامت بعض الدول الأوروبية بقطع المعونة عن مصر وقرض صندوق النقد الدولى، فهناك مجموعة كبيرة من الدول وعلى رأسها روسيا والصين قررت وضع كل التسهيلات والتيسيرات والاحتياجات تحت تصرف مصر ومعظم الدول العربية الكبرى، وعلى رأسها السعودية والإمارات تعهدت أنها ستقف إلى جانب مصر، حتى تستطيع النهوض مرة أخرى ولا ترضخ لمطالب أمريكا، مؤكدًا أن لهذه القروض والمنح والمساعدات الخليجية أثرًا إيجابيًا كبيرًا على زيادة الاحتياطى النقدى الذى قد ارتفع من 15 مليارًا إلى 23 مليارًا، وبالتالى سيساعد على استقرار سعر صرف الدولار، وبالتالى ستنخفض أسعار الواردات بمصر.
وأضاف عبد العظيم، أن هذه القروض التى ستساعد فى رفع الاحتياطى الأجنبى سينتج عنها أن مؤسسات التصنيف الائتمانى ستتوقف عن خفض التصنيف الائتمانى لمصر، ومن الممكن أن ترفعه، هذا بالإضافة إلى أن هذه المنح كلها مقدمة بالدولار، وهذا يعنى ثبات الجنيه المصرى أمام الدولار، حيث خلال هذه الفترة شهدت انخفاضًا فى سعر الدولار، حيث إننا مرتبطون بشكل مباشر، حيث أسعار السوق المصرى وأسعار السلع كلها تتعامل بالدولار، مشيرًا إلى أن أغلب القطاعات الصناعية تعانى بشكل كبير من ارتفاع أسعار الدولار، بالإضافة إلى اختفائه بالسوق المحلى، خاصة أن أغلب المصانع تعتمد فى إنتاجها على استيراد مدخلات صناعية ما بين 60 و90%، ولكن يجب على الحكومة أن تعرف كيف توجه هذه المنح، وخاصة النقدية فيجب استثمارها فى إنشاء مشروعات وليس لسد الدين الخارجى، فهذه المشروعات ستساهم بشكل كبير فى رفع معدل النمو الاقتصادى للدولة، وتوفير فرص عمل كبيرة تساعد على خفض معدلات البطالة، والتى بلغت خلال العام الحالى إلى أكثر من 13%.
فيما قالت الدكتورة عالية المهدى عميدة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية سابقًا، إن قطع المعونة الأمريكية لا تمثل تأثيرًا على الاقتصاد المصرى خلال هذه المرحلة، مضيفة أن الاستقلالية ورفض التبعية أهم بمراحل من المعونة، حيث إن حجم المعونة والذى يقدر بمليار و500 مليون دولار من الممكن الاستغناء عنه، خصوصًا أن بعض الدول العربية ألمحت إلى أنها ستقدم دعمًا كبيرًا لمصر وأن أمريكا من مصلحتها أنها تكون علاقة قوية مع مصر من خلال تقديم تلك المعونة، وذلك بسبب وجود مصالح مشتركة مع مصر، إضافة إلى ضمان مرور سفنها فى قناة السويس، إضافة إلى المزايا العسكرية مع مصر.
وأوضحت المهدى أن أمريكا لو منعت المعونة العسكرية، فيصبح طرف من اتفاقية كامب ديفيد قد خرج من الاتفاقية ويضر بالطبع بحليفهم الأساسى فى المنطقة إسرائيل.
ويقول الدكتور سعيد عبد المنعم وكيل كلية تجارة جامعة عين شمس، إن المعونة الأمريكية مرفوضة من المصريين، حيث تبلغ المعونة 1.3 مليار، لا يصل منها سوى 40% للشعب المصرى، مشيراً إلى أنه فى حالة قطع المعونة الأمريكية، فهناك بدائل كثيرة نستطيع من خلالها تعويض المعونة، فلا ننتظر التلويح بقطع المعونة بل لا بد أن نبادر بقطعها.
وعن موقف الدول العربية الأخير بتعويض مصر عن المعونة الأمريكية فى حالة قطعها، رحب عبدالمنعم بهذا الموقف واصفاً هذا الموقف بالجيدة، وطالب باستثمار هذه المليارات فى مشروعات استثمارية للمواطنين، بحيث يكون العائد على المدى الطويل لهم، بحيث نقضى على مشكلة البطالة وكثير من المشاكل التى تواجه المصريين، فالمعونات العربية تساوى أضعاف المعونة الأمريكية، فلماذا كل الهلع بشأن المعونة الأمريكية وعلى الحكومة المصرية تنويع مصادر السلاح، فلا يقتصر استيراد السلاح على أمريكا فقط، بل يمتد إلى جميع دول العالم، فموقف روسيا بعد ثورة 30 يونيه يرحب بالتعاون مع مصر فى هذا الشأن، فلابد من استثمار هذا الموقف لصالح الشعب المصرى بحيث يحقق عائدًا عليه فى الفترة القادمة.
فيما يقول الدكتور عادل عامر رئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والاقتصادية والقانونية، إن هناك فرقًا بين المعونة الأمريكية والمساعدات الأمريكية، فهى مساعدات وتبادل اقتصادى بين كل دول العالم، فهى عبارة عن مليار و700 مليار من مساعدات عسكرية متمثلة فى مناورات عسكرية، مثل النجم الساطع، وإذا وقفت الولايات المتحدة الأمريكية المعونة هنا ستفقد اتفاقية السلام كامب ديفيد ضرورتها.
وأشار رئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والاقتصادية والقانونية، إلى أن أمريكا لا تريد أن تقطع هذه المعونة، نظرًا لأنها فى حال قطعها هنا ستفقد اتفاقية السلام كامب ديفيد طرفًا أصيلاً فيها، ففى قطعها فهى إعلان حالة حرب بين مصر وإسرائيل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.