واحد من اثنين مدين بالاعتذار للآخر علانية ، الرئيس حسني مبارك أو الوزير أحمد المغربي ، هذا ما خلصت إليه من متابعة الحملة الإعلامية التي يسوقها وزير الإسكان الآن في بعض الصحف القومية لتبرئة ذمته من فضيحة انتهاب أغلى أراضي الدولة بتراب الفلوس واصطفائها لنفسه وأقاربه وأصهاره ، المغربي اختفى من المشهد ، وحرك بعض صبيانه للدفاع عنه بدلا من أن يدخل في مواجهة بنفسه مع الرأي العام ومع الصحافة يعلم مسبقا أنها قد تنتهي به إلى السجن ، بعض أتباعه في مجلات الحكومة وصحفها حاول أن يصور الفضيحة المثارة حاليا حول أراضي جزيرة آمون وغيرها بأنها تتلخص في أن الرأي العام لا يثق ولا يطمئن للطريقة التي وزعت بها بعض الأراضي ، ونسي رئيس التحرير المحترم أن هذا ليس انطباع رأي عام ، وإنما هو قرار رئيس الجمهورية لا يتخذ إلا بناء على تقارير مخيفة من عدة أجهزة سيادية ورقابية ، وكلام هذا الباش كاتب إما أنه ينم عن جهل بما يكتب أو أنه يقصد تهميش قرار رئيس الجمهورية ووصمه بأنه مجرد انطباعات تنصاع لأهواء وخيالات رجل الشارع ، فهل هذا هو المقصود ، الوزير المغربي صدر المحاسب صفوت غانم نائب رئيس هيئة المجتمعات العمرانية للدفاع عنه في صحف الحكومة التي أفردت له مانشيتات في صفحاتها الأولى ، في البداية كان يقول بأن قرار بيع جزيرة آمون لشركة "بالم هيلز" التي يملكها المغربي وصهره تم قبل تولي الوزير للمسؤولية ، في محاولة لإبعاد شبهة بيع الوزير من نفسه لنفسه ، ولكنه اكتشف بعد ذلك أن كلامه تافه وساذج ، لأنه إذا كان الوزير قد "هبر" هذه الأرض بقرار من الوزير السابق فهذا لا يعفيه من المسؤولية عن مشاركة الوزير السابق في الجريمة ، هذه واحدة ، والثانية أنه تولى الوزارة بعد ذلك وهو يعلم علم اليقين أنه أخذ هذه الجزيرة لشركته بدون وجه حق وبالتحايل على القانون ، وكان حريا به أن يتخذ الإجراءات القانونية والأخلاقية بتصحيح الوضع وإعادة الأرض إلى الدولة بعد توليه الوزارة ، لو كان صادقا في ما يقول ، مثلما يفعل مع أي واقعة أخرى يثبت وجود تلاعب سابق في طريقة تخصيصها أو بيعها ، ولكن الوزير "نام" على الموضوع ، ورغم أن الاستجواب بشأنها تقدم في البرلمان وكتبت الصحف عن الفضيحة إلا أنه جعل أذنا من طين وأخرى من عجين ، كأنه غير موجود في البلد ، مستموت على الجزيرة ، حتى فاجأه قرار رئيس الجمهورية الذي أصابه بالرعب ، والآن يصدر صفوت غانم من جديد لكي يدافع عن الوزير من جديد بعد اكتشاف أنه خصص لنفسه ملايين الأمتار من أراضي البناء في السادس من أكتوبر والقاهرة الجديدة تصل قيمتها السوقية الآن إلى عدة مليارات من الجنيهات ، ويقول بأن قرارات بيع الأراضي وتخصيصها التي صدرت في عهد الوزير السابق قام المغربي بعرضها على مجلس إدارة هيئة المجتمعات العمرانية والتي يشارك فيه عدد من الوزارات الأخرى مثل الزراعة والصناعة والنقل والمالية إضافة إلى خبراء ورؤساء بنوك ، فوافقوا ، وأنه تم اعتماد محاضر تلك الاجتماعات من رئيس الوزراء ، وبدون الدخول في تفصيلات على طريقة "من أين أذنك يا جحا" ، فإن محصلة دفاع رجل الوزير تعني أن على الرئيس مبارك أن يشكل لجنة موسعة من عدة جهات رقابية لمراجعة هذا السجل الذي يبدو أنه متخم بالفساد والنهب العام ، وتبادل المنفعة وتسهيلات الهبر على طريقة "شيلني وأشيلك" ، لأن المغربي قال في دفاعه أنه ليس وحده الذي حصل على هذه الأراضي ، وإنما هناك وزراء وشخصيات مرموقة أخرى حصلت هي الأخرى على أراضي مماثلة ، والقائمة تضم الآن إلى جانب المغربي زهير جرانه وزير السياحة وحاتم الجبلي وزير الصحة وأمين أباظة وزير الزراعة ويوسف بطرس غالي وزير المالية وأحمد نظيف نفسه رئيس الوزراء ، البلد أصبحت "نهيبة" يا سيادة الرئيس ، ومن حق المغربي أن يقول لك ولنا بفم ملآن : اشمعنى أنا !! [email protected]