القضاء في خدمة العسكر: وقف عمومية المحامين "يعمق أزمة استقلالية العدالة في مصر    إير كايرو تعلن عن شراكة استراتيجية مع Acron Aviation خلال معرض باريس    الجيش الإيراني يطالب بإخلاء القناة 14 الإسرائيلية تمهيدا لقصفها    محمد عبدالله يستفسر عن موقفه مع الأهلي بعد استبعاده من قائمة كأس العالم للأندية    «بطريقة مجنونة»... بالميراس يدعو جماهيره لاحتفال غريب بعد الفوز على الأهلي    .رسوب جماعي لطلاب الشهادة الإعدادية ببني سويف ..ودعوات على التواصل لمحاسبة مسئولي تعليم الانقلاب    مينا مسعود ل منى الشاذلي: شخصيتى بفيلم "فى عز الضهر" مليئة بالتفاصيل وتشبهنى    وزير الرى: طرح عقود تكريك نهاية ترعة السويس أول يوليو    صمود مصر رغم التحديات    كارثة تعليمية| رسوب جماعي في مدرسة يثير صدمة.. وخبير يطالب بتحقيق شامل    رئيس "النواب اللبناني": الانسحاب الإسرائيلي فورًا ووقف الخروقات المدخل الأساس للاستقرار    التشكيل الرسمي لمواجهة إنتر ميامي ضد بورتو في كأس العالم للأندية    رئيس الوزراء الصربي: وجودنا في جامعة القاهرة فرصة لتبادل الرؤى والأفكار -(صور)    أمين «البحوث الإسلامية» يتابع سير امتحانات الثانويَّة الأزهريَّة بالمنيا    الدقهلية تناقش اللائحة الجديدة لمركز تدريب الحاسب الآلي    إصابة 7 بينهم 3 فتيات في انقلاب سيارة على الإقليمي بالمنوفية (صور)    تعرف على قيمة الأجرة الجديدة بعد الزيادة المرتقبة بقانون الإيجار القديم    استنوا زوزو.. طرح البوستر الفردي ل غادة عبدالرازق في «أحمد وأحمد»    اللواء نصر سالم: إيران احتوت ضربات إسرائيل وأعادت توازنها وتبادر ضربة بضربة الآن    بعد مطالبات بالترحيل.. مدحت العدل يدعم هند صبري: «شبراوية جدعة»    باحث: 36 سببًا لمرض ألزهايمر    تعيق فقدان الوزن- 6 أخطاء تجنبها عند المشي    غرفة القاهرة تستعد لتوسيع نطاق خدماتها المميكنة لمنتسبيها    مصر تفوز على البحرين وتتأهل للدور الرئيسي ببطولة العالم للشباب لكرة اليد    أفريقية النواب تبحث سبل زيادة الصادرات المصرية إلى القارة    ليفركوزن يفاوض ليفربول لضم مدافعه    خالد الجندى: الكلب مخلوق له حرمة والخلاف حول نجاسته لا يبرر إيذائه    مدبولي يبحث موقف توفير الاحتياجات المالية ل «الشراء الموحد» لتوفير الأدوية والمستلزمات (تفاصيل)    تبادل أسرى بين أوكرانيا وروسيا بموجب اتفاقات إسطنبول    قرارات عاجلة من محافظ أسيوط بشأن حريق مخزن الزيوت المستعملة    ضبط المتهمين باختطاف شخص بسبب تجارة العملة    ملك أحمد زاهر تطمئن الجمهور على حالتها الصحية: "بقيت أحسن"    شيخ الأزهر: الأزهر يولي طلاب باكستان عناية خاصة لنشر المنهج الوسطي    رئيسا روسيا والصين: لا حل عسكرياً لبرنامج إيران النووي    قبل مواجهة بالميراس.. تعرف على انتصارات الأهلي بالمونديال    نائب رئيس الوزراء يترأس اجتماع المجلس الوطني للسياحة الصحية    إسرائيل تقر باستمرار قدرة إيران على إطلاق الصواريخ    محافظ القاهرة: أعلى قيمة لساعة انتظار السيارات 10 جنيهات    «منخفض الهند الموسمي» | ظاهرة جوية تلهب ثلاث قارات وتؤثر على المناخ    انطلاق تصوير فيلم "إذما" بطولة أحمد داود وسلمى أبو ضيف (صور)    مسابقة لتعيين أكثر من 4 آلاف معلم مساعد مادة الدراسات الاجتماعية    فاتتني صلاة في السفر كيف أقضيها بعد عودتي؟.. الأزهر للفتوى يوضح    ما حكم تشغيل صوت القرآن أثناء النوم؟.. أمين الفتوى يجيب    هل هناك مؤشرات إشعاعية علي مصر؟.. رئيس الرقابة النووية يجيب    ننشر نتائج الطلبة المصريين بالخارج من مرحلة الابتدائي وحتى تانية ثانوي    ضبط 7 قضايا مخدرات وتنفيذ 818 حكمًا قضائيًا خلال حملات أمنية بأسوان ودمياط    محافظ أسيوط يفتتح وحدة طب الأسرة بمدينة ناصر بتكلفة 5 ملايين جنيه – صور    إعلام إسرائيلي: الحرب مع إيران ستكلف 100 مليار شيكل تقريبًا    محمد الشناوي: نحلم بالفوز أمام بالميراس وتصدي ميسي لحظة فارقة.. والظروف الآن في صالحنا    عاجل- مدبولي يتفقد أول مصنع في مصر والشرق الأوسط لإنتاج أجهزة السونار والرنين المغناطيسي بمدينة 6 أكتوبر    حمدي فتحي: نسعى لتحقيق نتيجة إيجابية أمام بالميراس    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 19-6-2025 في محافظة قنا    وسط تصاعد التوترات.. تفعيل الدفاعات الجوية الإيرانية في طهران    هل الحسد يمنع الرزق؟.. الشيخ خالد الجندي يوضح    خالد الغندور يكشف صدمة للأهلي بسبب مدة غياب طاهر    سماوي: مهرجان جرش في موعده وشعلته لن تنطفئ    بسبب ركنة سيارة.. حبس شخصين بتهمة التعدي على آخر في النزهة    تامر حسني وهنا الزاهد يتألقان في دور السينما المصرية ب "ريستارت"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإنسانية لا وطن لها
نشر في المصريون يوم 08 - 06 - 2010

" هذا يجب أن ينتهي .. يجب علينا أن نترك كل شئ اخر ونكرس حياتنا للتوصل الي إنهاء هذا الوضع .. لا أظن أن هناك ماهو أشد إلحاحا .. أنا أحب الرقص وأن يكون لي أصدقاء ومحبون وأن أرسم لأصدقائي .. لكن أريد قبل أي شئ اخر أن ينتهي هذا الوضع .. ماأشعر به يسمي عدم تصديق ورعب وخيبة أمل .. أشعر بالإنقباض من التفكير في أن هذه هي الحقيقة الأساسية في عالمنا وأننا جميعا نساهم عمليا فيما يحدث " وأضافت راشيل : " أنا أحبك ياأمي فأنت من صنعتني .. أنت من وهبتني الوجود .. ولكنني الان أصبحت أكبر وأكبر خارج مامنحتني .. دعيني أقاتل هؤلاء الوحوش "
كانت هذه الكلمات المعبرة هي آخر ماأرسلته لأمها قبل أن تدهسها الجرافات الإسرائيلية في قطاع غزة – مخيم رفح – في مارس عام 2003 – إنها راشيل كوري هل تذكرونها
كانت فتاة في عمر الزهور في اوائل العشرينيات من عمرها .. جميلة .. مرحة .. طاهرة لم تدنسها مفاسد الدنيا بعد .. متدفقة المشاعر والأحاسيس .. لم تنشغل منذ طفولتها بما ينشغل به لداتها من البنات لم تشغلها صالات الرقص وعلب الماكياج ..
لم تشتر الدباديب والعرائس ولم تتبع آخر صيحات المودة .. لقد انشغلت منذ نعومة اظفارها بالنضال السلمي ضد الظلم والجبروت وعاشت معنا قضية الفلسطينيين دون أن تكون فلسطينية .. اشتركت في حركة من شباب بريطانيا وامريكا للتضامن العالمي من أجل السلام وخاضت معهم المظاهرات والاضرابات وبذلت في ذلك من وقتها وجهدها الشئ الكثير ولكنها احست بعدم جدوي ماتفعل فقررت أن تذهب الي هناك .. إلي فلسطين .
تركت بلدتها في ريف واشنطن .. وتركت جامعتها – افير جرين – التي اوشكت علي التخرج فيها وتركت اهلها واصدقاءها وحملت روحها الوثابة وقلبها الممتلئ بالحب والنقاء .. حملت شبابها وحماسها وصدقها وانطلقت إلي فلسطين .
طافت بين بلدانها وشاركت في تظاهراتها وحملت جرحاها وسط طلقات الرصاص إلي المستشفيات وحملت بين يديها الشهداء وتضمخت ثيابها بدماهم .. وكانت اخر ايامها في غزة حيث استقرت هناك .. تناضل في الصباح الجبروت الصهيوني مستفيدة من جنسيتها الامريكية ولونها الابيض وعيونها الزرق وتنام ليلها كيفما اتفق علي بلاط احد البيوت التي هدمها اليهود مع اسرة من تلك الأسر التي تفترش حطام تلك البيوت .
ثم وفي ذلك اليوم 16 مارس - كانت قد ادركت عامها الثالث والعشرين - سمعت أن الجرافة الاسرائيلية خرجت لتهدم بيت علي ومدحت الشاعر في مخيم رفح .. انطلقت هي واصدقاءها السبعة ومكبر صوت يدوي ليتصدوا بصدورهم العارية للجرافة .. وبالفعل استطاعوا أن يعطلوا الهدم ساعتين كاملتين حتي ضاق بهم الجندي الذي يقود الجرافة بل قل ضاقت بهم السلطات الاسرائيلية .. واندفع الجندي بجرافته يريد أن يدهسهم .. تفرق اصحابها عنها ونادوا عليها لتبتعد ولكنها رفضت واصرت علي الوقوف ولما دنت منها الجرافة قفزت مسرعة الي ملعقتها وتعلقت بها فحملتها الجرافة مع التراب عاليا ثم ألقت بها وقبل أن تقوم من مكانها اندفعت الجرافة لتدهسها ولم تتركها إلا جثة هامدة .
لم تمت راشيل فاسمها لايزال يضئ في كل بقاع الأرض في مستشفيات باسمها وجمعيات حقوقية ومؤسسات خيرية وقبل ذلك وبعده في قلوبنا جميعا .. قلوب الذين يحبون الخير لكل البشر وينشدون السلام بينهم .. قلوب الذين يرفضون الظلم ويكرهون أن تجلس ساكنا أمامه مكتفيا بمصمصة الشفاه والشجب والاستنكار .
لقد وضعت راشيل مؤسسات الشجب والاستنكار في قفص الاتهام وعلمتهم أن التصدي للظلم يحتاج الي تفاعل وايجابية .. وأن السلاح والقتال ليس هو السبيل الوحيد لذلك .
وهاهي راشيل وبعد سنين طويلة من وفاتها تعود لتخترق حصار غزة بنفس الحماس والايجابية التي بدأت بهما منذ سنوات طوال ..وعلي ظهرها عشرؤن راشيل أخري يحملون المساعدات لأهل غزة لايبالون – كما كانت لاتبالي – بفجور الظالمين وستعود مرة أخري بعشرات أخر حتي تذهب دولة الظلم ويحل السلام ..
شعوب حية
كانت مذبحة بشعة قتل فيها من قتل واصيب من اصيب .. ومن نجا من الموت والاصابة أهين وعذب وتعرض للسجن والامتهان .. وعادوا الي بلادهم بعد ذلك بثياب ممزقة وآثار الدماء عليها .
جلست أمام قنوات التلفاز انظر اثر ذلك عليهم .. الشعب التركي بات هذه الأيام في الطرقات يتظاهرون وينادون بالانتقام وتحاصر جموعهم السفارة الاسرائيلية وقنصلياتها .. وماإن جاءت جثامين القتلي حتي حملها الملايين علي الاكتاف ووقفوا يسدون الأفق يصلون عليهم ثم تهدر هتافاتهم تتوعد بالثأر والإنتقام .
ثم جاء الأسري والمصابون وطوفت القنوات الفضائية تنقل للناس كلماتهم عبر الكاميرات والحوار .. الحماس هو الحماس بل زاد والثبات هو الثبات والاصرار هو الاصرار .. الكل مصر علي العودة حتي ينكسر الحصار .. والكل يقول سنعود بضعف ما ذهبنا به من سفن وعتاد .. بدأوا يعدون من جديد لرحلة اخري لم يوهنهم ماحدث في الأولي وتدفق المتطوعون بأكثر من رحلتهم الأولي حتي قال بعضهم لو اردنا اخذ كل من تقدم لما كفتنا مائة سفينة .
مع وجود هذا الاصرار علي كسر الحصار استطيع أن أجزم أن الحصار قد كسر وأن اسرائيل ستضطر ولأول مرة للتراجع أمام هذا الاصرار .
هنا مكان مصر
لابد لنا جميعا أن نثمن القرار المصري بفتح المعابر وأن نخرجة من دائرة مزايدات المعارضة .. ومهما كان الدافع لذلك فإنه قرار انتظرناه طويلا وطالبنا به وهاقد جاء لذا ينبغي أن يلقي من ترحيبنا بقدر مااستنكرنا غيابه .. وينبغي أن تجتمع جهود الجميع علي المحافظة علي استقرار هذا القرار والحفاظ علي بقائه وتطويره .. وليكن هذا القرار بداية للدفع للعودة بمكانة مصر إلي مكانها الطبيعي في صدارة المدافعين عن أرضنا وابنائنا في فلسطين .. وأن تظل هي الملجأ الذي يأوي إليه كل من احتاج لصدر محب يأوي إليه .. فمصر هي أم العرب والمسلمين لايستطيعون أن ينصرفوا عنها أو تنصرف عنهم .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.