قال جون ماكين وليندسي جراهام، عضوا الكونجرس الأمريكي، إن هناك قوى متطرفة ورجعية داخل السلطة وبين مؤيدي الرئيس المعزول محمد مرسي تحاول جر البلاد إلى نفق مظلم من العنف والقمع والانتقام. وحذر ماكين وجراهام في مقال مشترك بصحيفة "واشنطن بوست الأمريكية" في أعقاب زيارتهما الأخيرة لمصر من أن محاولة قمع مؤيدي مرسي ستخلق جيلاَ جديدًا من المتطرفين الإرهابيين، وأن محاولات استبعاد جماعة الإخوان المسلمين من الحياة السياسية غير منصفة وغير واقعية.
وفيما يلي نص المقال:
"لقد سافرنا إلى القاهرة هذا الأسبوع لدعم الجهود الأمريكية والدولية لمساعدة المصريين في إنهاء أزمتهم السياسية، لقد التقينا بقادة من الحكومة المدنية والقوات المسلحة والأحزاب السياسية والمجتمع المدني والإخوان المسلمين، وعدنا ونحن مقتنعون أن الوقت لحل هذه الأزمة ينفذ بسرعة، ولكن لا يزال هناك فرصة للقيام بذلك إذا اتحد المصريون الشرفاء سويًا من أجل بلادهم التي هي قلب العالم العربي وموطن ربع سكانه.
نحن أصدقاء منذ فترة طويلة لمصر وقواتها المسلحة، وحاربنا بشدة على مدى سنوات عديدة للحفاظ على مساعدتنا الخارجية الحيوية لمصر، لقد كنا من أوائل المؤيدين لثورة 2011 وطالما دافعنا عن التطلعات الديمقراطية للشعب المصري، وكنا من ضمن أعنف الناقدين للتصرفات غير الديمقراطية للرئيس السابق محمد مرسي، وتعاطفنا مع ملايين المصريين الذين نزلوا إلى الشوارع الشهر الماضي للاحتجاج على إساءة استخدام مرسي للسلطة، ولكن كما قلنا مرة أخرى في القاهرة هذا الأسبوع، فإننا نجد من الصعب وصف ظروف الإطاحة بمرسي من الحكم بأي شىء سوى أنه انقلاب، ففي الديمقراطية يغادر القادة غير الناجحين، السلطة عن طريق خسارة الانتخابات.
رسالتنا الرئيسية في القاهرة كانت بسيطة ومباشرة: الديمقراطية هي الطريق الوحيد للاستقرار الدائم، والمصالحة الوطنية، والنمو الاقتصادي المستدام، وعودة الاستثمارات والسياحة في مصر، والديمقراطية تعني أكثر من الانتخابات، فهي تعني الحكم الديمقراطي: عملية سياسية شاملة يستطيع كل المصريين المشاركة فيها بحرية طالما أنهم يفعلون ذلك بشكل سلمي، وحماية الحقوق الأساسية للإنسان من خلال سيادة القانون والدستور، ودولة تعزز وتدافع عن المجتمع المدني الحيوي.
هذا هو نوع المستقبل الديمقراطي الذي نعتقد أن غالبية المصريين يريدونه، ولكن الخطر الآن يكمن في أن بعض القوى المتطرفة والرجعية، والبعض في الدولة المصرية، والبعض في صفوف مؤيدي مرسي في الشوارع يريدون جر البلاد إلى طريق مظلم من العنف والقمع والانتقام، هذا مصيره الفشل للجانبين، وسيجل مشاكل مصر أسوأ بشكل غير متناهٍ، وفي النهاية سيهدد مصالح الأمن القومي للولايات المتحدة وحلفائنا.
في الواقع، يجدر بنا أن نتذكر – خاصة عندما يعاود العقل الأمريكي التركيز على التهديد الحقيقي والمستمر الذي تشكله القاعدة – أن زعيمها أيمن الظواهري هو عضو سابق في جماعة الإخوان المسلمين المصرية الذي اتجه للتطرف أثناء حملة القمع العنيفة والاعتقالات ضد قيادات الإخوان من قبل الأنظمة المصرية السابقة، تكرار أسوأ أخطاء الماضي الآن ستحكم فقط على مصر بمستقبل طويل من عدم الاستقرار والركود، في الوقت ذاته سيخلق جيلاً جديدًا من المتطرفين الذين سينضمون للجماعات الإرهابية مثل القاعدة.
نحن نعتقد أنه لا يزال هناك العديد من الأشخاص الوطنيين من ذوي النية الحسنة من جميع الأطراف يريدون مستقبلاً أفضل لمصر، لقد سمعنا الكثير من الأمور المشجعة خلال لقاءاتنا، ولقد قمنا بحث جميع الأطراف على دعم كلماتهم الطيبة بأفعال بناءة، وأن يفعلوا ذلك بسرعة لأن الوقت ينفد.
من الضروري لجميع الأفراد والأحزاب في مصر أن ينظروا للأمام لحل اختلافاتهم سلميًا من خلال حوار شامل وتقديم تنازلات صعبة وتضحيات مؤلمة ضرورية لإنقاذ بلدهم.
ومن الضروري أن يتقبل مؤيدو مرسي بمن فيهم جماعة الإخوان المسلمين حقيقة أن أفعاله ولدت استياءً شعبيًا جارفًا وأنه لن يعود مرة أخرى رئيسًا لمصر، وأن عليهم الامتناع عن التحريض على العنف، وأنهم سيتوجب عليهم في نهاية المطاف مغادرة الشوارع والدخول في العملية السياسية؛ لأنه لا يوجد بديل جيد أو فعال لتحقيق مصالحهم.
وفي الوقت ذاته، يجب على الحكومة المدنية والقوات المسلحة أن يدركا أنه بعض النظر عن مقدار كرههما لمؤيدي مرسي، فإنهم أيضاً مصريون، وأن محاولة استبعادهم من حياة وطنهم غير واقعية وغير منصفة، وهذا يعني التعامل معهم برحابة صدر وليس برغبة انتقامية، وهذا بدوره يتطلب وضع جدول زمني محدد لتحقيق الانتقال للديمقراطية وتمكين كل المصريين من المشاركة في تعديل الدستور، وضمان تمكين المنظمات الدولية والمصرية ذات المصداقية من مراقبة الحملات الانتخابية والانتخابات المقبلة، وإطلاق المعتقلين السياسيين بمن فيهم مؤيدي مرسي.
ما سيحدث في مصر خلال الأسابيع القادمة قد يكون له تأثير حاسم على مستقبل البلاد، وأيضًا على الشرق الأوسط بأسره، فمصر كانت في أفضل حالاتها زعيمة لجيرانها، ونحن لا نزال نعتقد أن بإمكان مصر أن تكون نموذجًا للديمقراطية الشاملة التي يمكن أن تلهم المنطقة والعالم بأسره، وفي هذا المسعى الكبير فإنه ينبغي على الولاياتالمتحدة أن تواصل تقديم دعمها".