إذا كان الهدف الأساسي من القصص التعليم والتوعية بشكل غير مباشر بطريقة محببة للأطفال تلخص العبرة في سطر أو سطرين يسهل تذكرهم على نفس الطفل التي لا تكون غالبًا مستعدة لتقبل النصيحة أو التعليم بشكل مباشر في هذه المرحلة، فإنني أظن أننا بحاجة في هذه المرحلة الخطيرة من تاريخ مصر إلى قصص جديدة تستخلص عبرًا جديدة من واقع جديد بعيدًا عن دائرة الثور الأبيض والثور الأسود.. دائرة تتسع لمزيد من الحيوانات.. الأسطر التالية هي مساهمة بسيطة في هذا الصدد.
حكاية الأرنب والذئب
زعموا أنه كان هناك ذئب متوحش يعيش بأحد الدروب، وكانت الحيوانات تتقي شر هذا الدرب، ولا تسلكه فقال الأرنب يومًا "سوف أسير في هذا الدرب ولن أترك هذا الذئب يفرض مشيئته بالقوة". قالت الحيوانات للأرنب: "أيها الأرنب تعقل لو ذهبت من طريق الذئب فسوف يأكلك". قال الأرنب لهم: "يجب أن ينتصر الحق على الباطل". قالت الحيوانات للأرنب: "وماذا ستفعل لو هاجمك الذئب بأسنانه الحادة ومخالبه الطويلة؟". قال الأرنب: "سوف أواجهه بصدري العاري، لأن الدم أقوى من السيف". قالت الحيوانات للأرنب: "أيها الأرنب الغبي أنت ضعيف وصغير وهو قوي وكبير صدرك العاري سيعلق بين أنيابه الطويلة". رفض الأرنب منطق الحيوانات وسار في الدرب وقال للحيوانات "أنتم منبطحون مخذولون سوف تعلمون عندما أسحب رأس الذئب كيف أنكم كنتم مخطئين اذهبوا لمزبلة التاريخ". دخل الأرنب الدرب وبعد قليل خرج الذئب وألقى بجثة الأرنب ممزقة في الخارج، وقفت الحيوانات بالأرنب يغمرها الحزن وقالت له ألم نقل لك إنك لا تستطيع هزيمة الذئب وأن عليك أن تتقي شره، قال لهم الأرنب وهو يحتضر: "أنتم سبب الهزيمة لو اجتمعتم معي على الذئب لأكلناه، ولكنكم من تسبب في هذه الهزيمة وأنتم من تتحملون دمائي". قالت الحيوانات للأرنب المحتضر: "أيها الأرنب الغبي.. إنك تنسى أن طبائع الأمور لا تتبدل". سوف يظل الأرنب عاشبًا وتظل الحيوانات خائفة ويظل الذئب قاتلًا.
العقرب والنهر زعموا أن ضفدعًا أخضر اللون التقى يومًا عقربًا رمادي اللون بحافة النهر فقال العقرب الرمادي للضفدع الأخضر: "أخي أخي هلا حملتني على ظهرك؟ لنعبر النهر؟" قال الضفدع الأخضر للعقرب الرمادي: "ولكن أنت العقرب وسوف تلدغني". قال العقرب الرمادي للضفدع :"أخي ولماذا أفعل ذلك؟ وأنا إن لدغتك في المياه سوف نغرق سويًا". وإن لدغتك الآن فسوف فلن أعبر النهر وإذا عبرنا النهر فأنت سريع يمكنك القفز والهرب". اقتنع الضفدع بمنطق العقرب وحمله على ظهره وأخذ الضفدع يقفز من ورقة إلى ورقة على النهر وفي منتصف النهر لدغ العقرب الضفدع فقال له الضفدع وهو يغرق والسم ينتشر في جسده: "أخي أخي لماذا الخيانة؟ لماذا لدغتني؟" قال له العقرب وهو يغرق "لأنها من طبيعتي".
قصة النسر الأصلع ووادى الحمير
يحكى أن واديًا بسفح جبل كانت تسكنه عشيرة من الحمير، وكان يسكن قمة الجبل نسرًا أصلع يتخذ من عشيرة الحمير طعامًا فيسمح لهم بالتكاثر والرعي، ثم يأخذ منهم فريسة من وقت لآخر كانت عشيرة الحمير تتصارع فيما بينها من وقت لآخر أيهم أقرب للنسر الأصلع العملاق؟ قال الحمار الأول أنا أقربكم للنسر الأصلع لطالما اتخذني عينًا له عليكم ويدًا له بينكم أنقل إليه الأخبار وأسهل له الصيد. قال الحمار الثاني أنا أقربكم للنسر الأصلع فأنا أمثل الحل في الوادي أنا النظام الجديد والأسلوب الأمثل بوجودي لن تثور الحمير على النسر وسوف يستقر له الوضع وبدوني لن يهدأ الغبار ولن يستطيع النسر الصيد. قال الحمار الثالث.. أنا أقربكم للنسر الأصلع فأنا لست مخططًا مثلكم أنا لوني من لونه ولساني من لسانه ولو أن لي جناحين لطرت معه ولو أن لي مخلبين لاصطدت مثله. ذهب الحمير الثلاثة للنسر الأصلع العملاق وقالوا له "أيها السيد فوق الجبل أينا أقرب إليك؟ من الذي تحبه ومن الذي تبغضه من تقرب ومن تبعد؟" تثاءب النسر الأصلع العملاق ونظر أسفل الجبل فرأى ثلاثة حمير تنهق وقد شردت عن قطيعها ففكر في نفسه.. ماذا تفعله تلك الحمير الغبية بعيدًا عن القطيع وحدها أسفل عشي؟ ثم فكر وهو يهبط من عليائه لينقض على الحمير الثلاثة، لماذا أشغل نفسي بالسبب؟ هذا عشاء جاهز. قال النسر الأصلع العملاق وهو ينهش لحم الحمير الثلاثة.. أيتها الحمير الغبية.. إن طبعكم الرعي في المرعى وطبعي أن أتغذى بكم لأن هذه هي طبيعة الأمور".
حكاية القرد الغبي والقنديل
يحكى أنه كان هناك قنديل يعلقه الصيادون في منتصف الغابة ليضيء لمن يتأخر منهم الطريق. وكان هناك بلبلان يقفان فوق القنديل مساء يشدون بأعذب الألحان كان شدو البلبلان وإنشادهما يزعج القرد الغبي. فقام القرد وذهب إلى القنديل ونظر على الأرض فوجد ظل البلبلين فأخذ يحاول الإمساك بهما دون جدوى حتى أشرقت الشمس، وذهب الظل وطار البلبلان. في اليوم التالي تكررت القصة وكرر القرد فعلته فأشفق أحد البلبلين على القرد وقال لصاحبه: "إن هذا القرد غبي للغاية وإني مشفق عليه وسوف أساعده" قال له البلبل الآخر يا صاحبي لا تشغل نفسك بهذا القرد الغبي فمهما حاولت أن تعلمه لن يتعلم. ولكن البلبل الأول رفض النصيحة ونادى على القرد فانتبه القرد للصوت. فقال له البلبل أيها القرد إن ما تحاول الإمساك به ظلنا على الأرض هذا الظل من ضوء القنديل من تلك الشمعة التي بداخله من تلك الحجيرة الصغيرة التي بها الشمعة.
قال له القرد فهمت الآن فهمت الآن فلما كان من اليوم التالي وقف البلبلان مكانهما ينشدان وظلهما على الأرض وإذا بالقرد قادم ومعه قفص خشبي كبير. ألقى القرد القفص على ظل البلبلين والقنديل وقال لهما بصوت واثق. الآن أمسكت بكما وحبست القنديل الذي يضيء لكما أيضًا.. تبسم البلبل الثاني وقال للبلبل الأول ألم أقل لك أتركه سيظل البلبل ينشد ويظل القنديل يضيء ويظل القرد غبيًا.. لأن هذه طبائع الأمور. تمت