بالأمس القريب ودع الأهالي 5 شباب في عمر الزهور، وقد نقلوا إلى الرفيق الأعلى، على خلفية أحداث 30 يونيه وما بعدها، كانت في حياتهم أحلام اندثرت ودفنت معهم وقصص يرويها المقربون منهم. خيم الحزن على محافظة أسيوط ثلاث مرات، كانت أولها يوم 30 يونيه، هذا اليوم الذي خرج فيه آلاف المواطنيين مطالبين بإسقاط النظام، وجابت المسيرة التي اشترك بها جموع المواطنين شوارع وميادين المحافظة، واستقرت المسيرة أمام مبنى الديوان العام لمحافظة أسيوط، حتى انهمر وابل من الرصاص من أعلى أسطح العمارات نحو المتظاهرين ليسقط أول شهيد وهو "أبانوب عادل"، والمقيم بمنطقة غرب البلد مدينة أسيوط، والطالب بكلية التجارة والبالغ من العمر 22 عامًا، وبعدها وفي أقل من نصف ساعة، سقط الشابان محمد ناصف شاكر، معيد بكلية الآداب جامعة أسيوط، والبالغ من العمر 32 سنة، والمقيم بشركة فريال، وابن الدكتور ناصف شاكر عميد كلية الآداب سابقًا وجذور عائلته من قرية نجع سبع مركز أسيوط، ومحمد عبد الحميد، محاسب 34 عامًا، ويعمل وأب لطفلين صغيرين، والمقيم بشارع الجمهورية، ولم يفرق الموت بين مسلم ومسيحي، ولم يكن لهم ذنب سوى أنهم اجتمعوا في حب مصر. وتطلق قوات الشرطة القنابل المسيلة للدموع والرصاص الحي على المتظاهرين ليسقط شهيد آخر من محافظة سوهاج، ويدعى جابر أحمد عبد الحافظ، البالغ من العمر 40 عامًا، مدرس فرنساوي بسوهاج وأحد مؤيدي الرئيس المعزول مرسي، كما استقبلت أسيوط جثة لأحد أبنائها، والذي قتل في أحداث الحرس الجمهوري، ويدعى محمد أحمد جابر المجند بسلاح الحرس الجمهوري. "المصريون" عاشت لحظات الحزن مع أقارب هؤلاء الضحايا الذين دفعوا حياتهم دون أن يعرف أحد من الجاني في تلك الأحداث.. لا تعرف والدة "أبانوب" إلى الآن من الجاني، ولماذا قتل ابنها، وقالت الإسلام مش دقن، الإسلام حسن معاملة، الدقون دى مبيجيش من وراها الخير، والنصارى في مصر عايشين كافيين خيرهم شرهم وبيحبوا المسلمين والمسلمين بيحبوهم. وأضافت أنه كان يحب أن يرى مصر حرة مستقلة ويحلم بنظام يرفع أمجاد هذا البلد، ويقيم العدل، قبطى مخلص لترابها، تربى فيها وتعلم في مدارسها، كان هدفه أن يبنى نظامًا سياسيًا يقوم على العدل والمساواة، هذا ما أشعرته به الثورة. وأضاف أيمن ممدوح، صديق الفقيد، قائلاً: في الصباح روحنا قداس الأحد، وأنا هناك قالى ادعي لمصر تبقى بخير وربنا يعفيها من مرضها يا أيمن، واوعدنى إنك هتطلع معايا المظاهرة النهاردة ومش هتسيبنى مهما حصل، قولتله أوعدك يا أبانوب، يا عم احنا هنطلع سلميين ومفيش حاجة، قالى المهم إنك متسبنيش لو حصلى حاجة، وتكمل مشوار مصر بعدى لحد ما ربنا يصلح حال مصر. وأضاف: "ده كان حاسس بكل حاجة من قبل ما تحصل، أول ما وصلنا عند المحافظة كان شايل صورة ومكتوب عليها "ارحل"، لقينا ضرب النار جاى من فوق في كل مكان، قولتله اجرى يا أبانوب وأنا بجرى ملقتهوش جمبي بدور عليه لقيته واقع، رجعت له وحملته ورحت بيه لحد المحافظة، وأخدت تروسيكل وصلنا المستشفى لقيته مات. وفي قرية "نجع سبع" التي اتشحت بالسواد وعم الحزن كل البيوت، وأعلنت القرية الحداد بعد أن شيعت جثمان ابنها الشهيد وسط حالة من الحزن والبكاء. وقال عضو مجلس الشعب السابق عن مركز أسيوط، محمد أحمد حسين عم الضحية، إننا لا نعرف من الذى قتل ابننا حتى نقتص منه لشهيدنا، لذلك قبلنا العزاء حتى لا نظلم أحد. وأضاف عم الشهيد أنه كان من المحبوبين في القرية وفي كل مكان يحبه، كبيره وصغيره، وكان دائم العشق لتراب مصر ولا يهمه إلا أن يراها بخير ومن أول من قاموا بانتخاب الرئيس مرسي، وكان هدفه تصحيح الأوضاع التي انقلبت رأساً على عقب. وقال سعيد محمد أحد أصدقاء محمد عبد الحميد، إنه كان غير منتمٍ لأي تيار سياسي، ولكنه خرج مع الجموع لشعوره بأن ثورة يناير قد سرقت من تيار بعينه فشل في إدارة شئون البلاد، وكان لا بد من الجميع المشاركة في إسقاط هذا النظام الذي لم يختلف قليلاً عن أيام مبارك. أما محمد أحمد جابر، المجند بسلاح الحرس الجمهوري، فقد شيعه الآلاف من أهالي قرية الأنصار ومدينة القوصية والقوى والأحزاب الثورية. وطالب أهالي الشهداء بضرورة كشف غموض مقتل أولادهم الذين حتى الآن لم يعرفوا من قتلهم وما أسباب قتلهم!