حذرت الصحف الغربية من أن دعوات الإحتشاد في الشوارع والميادين، اليوم الجمعة، ستسفر عن إشتباكات وأعمال عنف حتمية نظراً لحالة الإحتقان في الشارع المصري وشحن كل فريق أنصاره بكراهية غير إنسانية لأنصار الفريق الآخر. قالت صحيفة "كريستيان ساينس مونيتور" الأمريكية أن دعوة الإحتشاد في الشوارع التي أطلقها الفريق اليسيسي تفاقم من خطورة الوضع السياسي والإجتماعي في البلاد. وأشارت إلى أن لغة الخطابة داخل مصر الآن من كلا الفريقين المؤيد والمعارض لمرسي أصبحت أكثر عنفاً وتهديداً، فمعارضي الإخوان المسلمين أصبحوا يستخدمون لغة غير إنسانية لوصف معارضيهم مثل "الحثالة الإرهابيين" و "الخونة" و "دمى الغرب"، وفي المقابل يطلق مؤيدي مرسي دعوات "للجهاد" من أجل إعادة مرسي لمنصبه. وبحسب الصحيفة، فأنه من الصعب رؤية أي نتيجة للمظاهرات الحاشدة التي ستشهدها البلاد يوم الجمعة سوى المزيد من الإنقسام داخل المجتمع المصري والمزيد من القتلى. وأشارت إلى أن لغة الحرب على "الإرهاب" التي يستخدمها الجيش تحمل تهديد للإخوان المسلمين ليبقوا مؤيديهم بعيداً عن الشارع في ذلك اليوم نظراً لأن "الإرهاب" أصبح الوصف المفضل للجماعة في وسائل الإعلام الحكومية وعلى لسان النشطاء العلمانيين. وعلى الرغم أنه من المحتمل أن يكون رهان الفريق السيسي على أن تجبر المظاهرات الحاشدة وما تحمله من تأكيد على الدعم الشعبي الغير مسبوق للإنقلاب الذي أطاح بحكم مرسي جماعة الإخوان المسلمين على التراجع، إلا أن الجماعة أصبحت محاصرة في زاوية ويتملكها الشك والغضب. وترى الصحيفة أنه إذا ما التقت الحشود من الجانبين في الشارع فإن النتيجة الحتمية ستكون إندلاع عنف يدفع الجيش لقمع الإخوان المسلمين، ولكنها أشارت إلى أن جماعة الإخوان تظل الحركة الشعبية الأكبر في مصر، وعلى الرغم من انها فقدت دعم الملايين من المصريين إلا أنها لا تزال تحظى بدعم ملايين آخرين وتتمتع بمهارات تنظيمية يفتقدها منافسيها. وحذرت الصحيفة من أنه في حال إقتنع الإخوان المسلمين بأن الخيار الوحيد المفتوح أمامهم هو الإستسلام السياسي فإن إحتمالات إتجاههم لعنف أكبر ستتزايد. ووفقاً للصحيفة فإن الخطوة القادمة للفريق السيسي على الأرجح ستكون إطلاق حملة إعتقالات جماعية لرموز الجماعة في أعقاب مظاهرات الجمعة، ولكنها لفتت في الوقت نفسه إلى ان الجماعة تمكنت على مر عقود من الصمود في وجه التعذيب والإعتقالات التي قام بها الجيش المصري. وأشارت الصحيفة إلى الإنتشار الواسع لنظريات المؤامرة في وسائل التواصل الإجتماعية في مصر والتي تصور أعضاء جماعة الإخوان بأنهم عملاء لجهات خارجية مثل الولاياتالمتحدة أو حماس أو إيران أو حتى في بعض الأحيان للثلاثة معاً. بل وأن المشاعر المعادية للأجانب وصلت إلى حد أصبح معه تعريف "المصري" على ما يبدو هو "ذلك الذي يتفق معي" فيما "الأجنبي" هو "كل من لا يتفق معي". وإنتقدت الصحيفة أيضاً ما وصفته بمظاهر "تبجح" جماعة الإخوان، ودعوة القيادي بالجماعة محمد البلتاجي المتظاهرين للإستعداد للجهاد رداً على دعوة السيسي لجموع الشعب المصري للإحتشاد في الميادين. وعلى الرغم من حث البلتاجي للمتظاهرين على الإلتزام بالسلمية، إلا أن الإختيار الديني للكلمات لا يمكن تجاهله. وتعتبر الصحيفة أن وقوع إشتباكات أمراً حتمياً، وأن العنف سيجعل مهمة مصر الحقيقية في إيجاد توافق وطني والخروج من حالة الشلل التي أصابت الشوارع أكثر صعوبة حتى مما هي عليه منذ الإطاحة بحكم مبارك في 2011. بدورها، قالت صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية أن الدعوة التي وجهها قائد الجيش المصري للجماهير للإحتشاد في الشوارع والميادين اليوم الجمعة في مواجهة ما وصفه ب"العنف الإسلامي" صرف من حوله عدد من الداعمين الرئيسيين للإنقلاب العسكري الذي أطاح بحكم محمد مرسي. وأشارت إلى أن عدد من الليبراليين والإسلاميين واليساريين الذين إنضموا إلى إحتجاجات 30 يونيو المطالبة بإنهاء حكم مرسي يعارضون الآن دعوات الجيش للتظاهر في مواجهة "الإرهاب" معربين عن قلقهم من أن تكون هذه محاولة من قبل الجيش للعودة إلى أساليب عهد مبارك القمعية وإفشال التجربة الديموقراطية التي بدأتها ثورة 2011. وأضافت بأن تصاعد الأصوات المعارضة من التيارات اليسارية والإسلامية وحتى بعض العلمانيين يضر بشده برواية الجيش أن الإطاحة بمرسي وإستمرار تمسك الجيش بالسلطة كان إستمراراً لثورة 2011 وليس محاولة لعودة الحرس القديم مدعومة من قبل الليبراليين والعلمانيين الذين فشلوا في هزيمة الإسلاميين في الإنتخابات. وقال وائل عباس، المدون والناشط الحقوقي، للصحيفة أن "الأمر مخيف، ويجلعني أشعر بأننا عدنا إلى الخمسينيات والستينيات" عندما إعتقل جمال عبد الناصر آلاف الإسلاميين واليساريين وحول مصر لديكتاتورية عسكرية. ويرى عباس أن ما يحدث يعزز موقف الجيش وقد يقود لنظام ديكتاتوري كنظام الرئيس المخلوع حسني مبارك، مشيراً إلى أن ذلك سيكون "كارثة بالنسبة لحقوق الإنسان، والحريات المدنية، والديموقراطية".