مقال الأسبوع الماضى الذى خصصته للحديث عن تبرع شاعرنا الكبير عبدالرحمن الأبنودى بما يمكن أن ينتفع به من جسده بعد رحيله، كان موضعا لعدد كبير من التعقيبات، وأول تلك التعقيبات هى تعقيب الأبنودى نفسه الذى عاتبنى على العبارة الأخيرة من المقال التى قلت فيها " يا خال أطال الله عمرك وأبقاك لنا ولأسرتك، ولا تردد على مسامعنا هذا الكلام مرة أخرى، لأنه وإن يكن نبيلا، لكنه مؤلم "... قال لى الأبنودى : " هذه العبارة قد أفسدت كل شىء!!، ولقد كان الأوْلى بك، بدلا من أن تطلب منى أن أكف عن هذا الكلام ، كان الأوْلى ، أن تتوجه بخطابك إلى كل من يهمهم الأمر من المسئولين ، لكى يترجموا هذا التبرع إلى إجراء عملى ، ولكى يتخذوا من الإجراءات ما يكفل تنفيذه دون إبطاء لحظة الوفاة" ...وأنا أتفق مع الخال عبدالرحمن فيما يتعلق بضرورة وضع آلية دقيقة تكفل تنفيذ تبرعات المتبرعين، وأهيب بالسيد وزيرالصحة أن يضمّن اللائحة التنفيذية لقانون نقل الأعضاء مثل هذه الآلية، ومع هذا فإننى متمسك بالعبارة التى وردت فى نهاية مقال الأسبوع الماضى ، ولا أرى تعارضا بينها وبين ما يطالب به شاعرنا الكبير، وما أطالب به أنا أيضا ، بل وما يطالب به كذلك عدد كبير من أصحاب التعقيبات التى تلقيتها بعد نشر المقال والتى يتساءل أصحابها عن كيفية التبرع ( على سبيل المثال الدكتور شريف عبدالعزيز الذى كتب إلىّ معلنا تبرعه بجميع أعضائه ، ولكنه يتساءل عن الطريقة التى يمكن من خلالها وضع هذاالتبرع موضع التنفيذ) ...وللأبنودى أقول : لا تعارض إطلاقا بين الأمرين ..نحن نتمنى أن يطيل الله انتفاعنا بك عقلا وفكرا وإبداعا متجددا ..، أما الإنتفاع بك جسدا فإنه بغير شك يؤلمنا حتى وإن كنا نقدر ما فيه من النبل الإنسانى ( وهذا فى حد ذاته مصدر آخر للألم )...ومن الأبنودى إلى الولاياتالمتحدة وإلى الإيميل الذى ذيلته صاحبته بتوقيع: "ماجدة من أمريكا"، والذى قدمت فيه اقتراحا جديرا بالدراسة والتنفيذ ، تقول الأخت ماجدة " هنا فى أمريكا ، عندما تتقدم للحصول على رخصة سيارة ، فإنه يتعين عليك فى طلب الترخيص، أن تجيب فى الخانة المحددة على سؤال محدد، ألا هو : هل تقبل التبرع أم لا ؟ أى هل تقبل التبرع بأعضائك إذا لا قدر الله تعرضت لحادثة أودت بحياتك ؟؟ ، وتضيف الأخت ما جدة : إن الكثيرين فى أمريكا يجيبون على هذا السؤال بالإيجاب، وهم بذلك يقدمون آخر مايمكن أن يقدموه من النفع لإخوتهم فى البشرية، واقتراخ الأخت ماجدة هو اقتراح جيد بغير شك ولا أظن أن تنفيذه بمعرفة الإدارة العامة للمرور فى مصر يمثل مشكلة من أى نوع ، ومن الأبنودى والدكتور شريف عبدالعزيز والأخت ماجدة إلى الكاتبة الفاضلة: " أم الصابرين " ، وأم الصابرين هو اسم مستعار لكاتبة فاضلة من محافظة الدقهلية ، وهى ترتبط بصلة قرابة وثيقة إلى زميلنا وصديقنا العزيز عالم الآثار الجليل الأستاذ الدكتور عوض الإمام الذى رحل عن عالمنا فى الأسبوع الماضى ، ومن ثم فإنى أنتهز هذه المناسبة لكى أتقدم لسيادتها بخالص العزاء، كما أتقدم به أيضا لكل أفراد أسرته وتلامذته ومحبيه، ثم أعود إلى تعقيبها الذى سجلت فيه تقديرها لمبادرة الأبنودى ولسائر المبادرات التى يبادر إليها من يعرض التبرع بما يمكن أن ينتفع به من أعضائه ، وإن كانت الأستاذة أم الصابرين قد زادت على ذلك ن بأن التبرع لا ينبغى أن يكون بعد الوفاة فقط، إذ أنه مما يحمد لأى إنسان أن يتبرع بما يمكن الإنتفاع به من جسده حال حياته بشرط ألا يترتب عليه إيقاع ضرر بصحته هو . وبتعقيب الأستاذة أم الصابرين نكتفى بما أوردناه من التعقيبات مع إشادتنا مرة أخرى بهذه المبادرة من جانب شاعرنا الكبير ومع خالص اعتذارنا لمن لم يسمح الحيز المتاح بإيراد تعقيباتهم، ولعلنا نعود إذا سمحت لنا الظروف إلى عرض جانب منها . [email protected]