جيلنا.. والجيل الذي سبقنا تحملوا دولة الظلم والفساد 30 عامًا، وقبلها أيضا أعواماً عدة، دون أن يثوروا، أو يصرخوا في وجه حاكم جائر، وحكم فاجر، ودون أن يحلموا بتغيير «الرئيس.. الملهم.. والقائد الضرورة.. والموجّه المعجزة».. ولم يسمع أحد لنا صوتًا، إلا عندما ارتفعت الأسعار بحدة فيما سمي بثورة الخبز، والتي أطلق عليها الرئيس الراحل السادات «انتفاضة الحرامية»!! ثم رزق الله مصر بجيل من الشباب الواعي.. الحر.. الأبيّ.. الذي يعرف كيف يستخدم التكنولوجيا الحديثة من فيس بوك وتويتر، ويدرك أنه خلق لزمان غير زماننا، واتصل بعالم كان مغلقًا. أمامنا، منه تعلم معنى الثورة السلمية، والعصيان المدني، ومخاطبة العالم بما يفهم،.. فكانت ثورة 25 يناير.. أول ثورة نعرفها بلا قائد، بل يحركها مجموعات من الشباب الذي أبهرنا نحن الكهول والعواجيز، وأبهر العالم كله معنا، عندما استطاع إزاحة نظام جثم على صدر مصر 30 عامًا، وحولها إلى دولة بوليسية يحكمها زبانية وجلاوزة حبيب العادلي. أعلم أنني أقول ما نعرفه جميعًا.. ويعرفه العالم، ولكن كان لابد من التذكير بحقيقة أن الشباب، والشباب فقط هم من فجروا شرارة الثورة الأولى ثم بدأ السياسيون والإخوان وباقي أطياف الحياة السياسية يحسبون حساباتهم، فمنهم من أيد وشارك، ومنهم من عارض وسارع لتكفير الشباب وواجههم بعبارات مثل.. «ولو جلد ظهرك وأخذ مالك»، ومنهم من انتظر ثلاثة أيام، حتى يظهر «الدخان الأبيض»، أو تصدر له الأوامر من الأمريكان. المهم.. فجأة وفي غفلة من الزمن احتل الإخوان صدارة المشهد السياسي، وشيئًا فشيئًا بدأ «الضرب» المنظم للشباب الفائر المتحمس والذي بلا خبرة سياسية أيضًا،.. وأصبحنا نسمع أن هذا الفصيل عميل للصهيونية العالمية، وذاك التجمع مدسوس يتلقى أموالًا من الخارج، وهؤلاء يعملون وفقًا لأجندات أجنبية، و«صفصف» المشهد السياسي على «الإخوان»، فكانت لهم الحصة الأعظم من البرلمان، يدعمهم من سار في ركابهم، وحذا حذوهم، ثم جاءنا «المجلس العسكري» بالخيار المر، الشفيق فريق أو الحاج مرسي.. وكان الكرسي للمرسي حتى ذقنا ما ذقنا ووصلنا لما نحن فيه. وبعد موجة 30 يونيه، عاد الشباب للواجهة وقلنا عاد الحق لأصحابه، واستعاد الشباب ثورتهم المخطوفة، وتوقعنا أن ترحل «دولة العواجيز» .. بمباركها ومرسيها وموساها وبرادعيها، وكفى مصر ما عانته معهم، لكن العجب العجاب أن تنحصر خيارات رئاسة الوزراء مرة أخرى في: البرادعي والجنزوري والببلاوي و«عم» عبد العزيز حجازي!! وكلهم – بجد والله – قامات باسقة شامخة أجلها وأحترمها، ولكن أين الشباب يا سادة؟!.. أتمنى ومعي ملايين المصريين أن تتنحى «دولة العواجيز» جانبًا، لا أقول أبدًا أن قامات شامخة كهؤلاء تتقاعد، أو تعتزل، ولكن عليهم أن يقفوا خلف الشباب، بالنصيحة والمشورة والمساندة والتصويب، دون أن يسعوا لاحتلال الكراسي، والتسابق نحو السلطة. يا سادة لقد «هرمنا» في عصر مبارك، بسبب وجود قيادات في كافة قطاعات الدولة قبعوا في كراسيهم الوثيرة عشرات السنين كاتمين على أنفاس الشباب خانقين كل فرصة تلوح لهم في الأفق.. كفاية حرام.. أدعو الله أن يرأسني رئيس دولة في الأربعين، ورئيس وزراء في الخامسة والثلاثين، ووزراء في الثلاثين.. «يااااارب نعيش ونشوف اليوم ده»!! وحفظ الله مصر وشعبها من كل سوء.
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته. twitter@hossamfathy66