(ملكنا فكان العفو منا سجية // فلما ملكتم سال بالدم أبطحُ) لا أريد أن يكون لسان حال بعض أبناء مصر هذا البيت الشعري، الذي يحمل شطره الأول صفة "العفو" الجميلة جدًا، والتي لها أثرها الكبير جدًا في لم شمل المجتمع، والحفاظ على أرواحه ودمائه ومنشآته، ويحمل شطره الثاني صفة "الانتقام" القبيحة جدًا، والتي لها أثرها السيئ جدًا في تفريق وتشتيت المجتمع وإزهاق أرواحه وإسالة دمائه، وجعل أبنائه مثل "الإخوة الأعداء". وإن كان المشهد السياسي يترجم هذا البيت بتمامه الآن في الاشتباكات بين المؤيدين لمرسي والمعارضين له، والمظاهرات الحامية الوطيس أيضًا في التحرير وماسبيرو، والنهضة، وفي الإسكندرية والمنصورة وقنا والأقصر والسويس وبورسعيد والإسماعيلية وبني سويف ومحافظات عديدة في الجمهورية المتسعة الأطراف. إن نقطة دم واحدة أراها تسيل على ثرى مصر لأي ابن من أبناء مصر، توجع قلبي، وتقلق نومي، وتنزف دمعي حزنًا وأسى؛ لأن الدم الغالي وجب أن نوفره للوقت الغالي، أمام العدو الحقيقي الخارجي الذي لو غار علينا فجأة وجد دماءنا وأرواحنا تصده وتهزمه وتهده وتدحره.. وقد أثبت التاريخ أن الحفاظ على روح وحدة الشعب في الداخل مكنته من الحفاظ عليها في الحروب الخارجية، وكم شكل جميع أبناء وأصناف الشعب حائط صد أمام العدو، وإن بذلت فيه الأرواح والدماء رخيصة فداء للوطن. والأسباب التي تؤدي إلى سيلان الدم المصري على يد أبناء الدم المصري، أولها خلق التشفي، وهون خلق ذميم كريه، لا يتحلى به إلا من فقد دينه أولاً ووطنيته ثانيًا وحرصه على أن تعيش الإنسانية كلها بسلام ووئام.. ويبدأ ذلك بالكلام قولاً وكتابة، ورسمًا كاريكاتوريًا، وصورة مختارة مستفزة أو مقززة، وقد رأيت الكثير من العبارات والرسومات التي تترجم هذا التشفي، لم يسلم منها مثلاً جماعة أو تيار من أبناء الوطن، بل طالبت رئيس البلد "المحتجز" الذي لا تزال تظاهرات كثيرة من أبناء الشعب تنادي في الميادين بأنه لا يزال الرئيس الشرعي للبلاد، وأن محاولة عزله في دار الحرس الجمهوري، بأمر القوات المسلحة، بهذا الشكل، أمر لا يليق بمن كان له أمر تسيير البلاد بشرعية لا لبس فيها وصندوق "لا يكذب ولا يتجمل". ومن سياسة التشفي التي تدل على انحطاط كبير في أخلاقنا التلفظ بألفاظ بشعة، تنقل المسلم الإنسان المكرم من قبل الله الخلاق العليم، الذي خلقه بيده، ونفخ فيه من روحه، وأسجد له ملائكته الكرام، من هذا التكريم الرباني كله إلى كلمات سب وشتم مثل "كلب" أو "ابن كلب"، بعد أن تعدت الشتائم والبذاءات زريبة البهائم (الخرفان) إلى عائلات الكلاب، وذلك لأن الشاتم يختلف معه في توجهه وفكره، وعندما تهدئ من روعه وتذكره بأن يوحد الله ويبصر كلماته يصر على تكرراها معتمدًا، وقد امتلأت صفحات "فيس بوك" بذلك والفضائيات أيضًا بذلك، وهي ترجمة لخلق التشفي البذيء.. وقد قلت في لقطة فيسبوكية سريعة - لم تسعفني بها المقالة التي ستتأخر يومين لموعد نشرها – كلامًا تذكيريًا أسجله هنا أيضًا لعل وعسى: "ليست من أخلاق الشرفاء أن يصف بعض أبناء الشعب، بعض أبناء الشعب أيضًا، بأنهم "كلاب".. وهم "ينبحون" بها في كل كتابة فيسبوكية، وكل تويتة تويترية.. أعتقد أن "النباح" من البشر عيب، لأنه سيترجم للدنيا كلها أنكم ومن وصفتموهم بهذا الوصف سواء.. أي أن الشاتم يشترك مع مشتومه في إخراجه من الإنسانية التي كرمه الله بها إلى "الكلابية" التي يصف بها، ولا يحب أن يصفه بها أحد. أذكركم جميعًا بقول الله لكم ولكل مسلم على وجه الأرض مهما كان انتماؤه الحزبي أو السياسي أو الديني، ومهما حبك أو كرهك له: {ولا تنابزوا بالألقاب، بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان، ومن لم بتب فأولئك هم الظالمون} . هل تحتاجون إلى أن أوضحها لكم؟! هي مقولة رب العالمين، من خلق الإنسان في أحسن تقويم، ذكرها في سورة الحجرات، وتأبى أنت أن تخرجه إلى خلقة غير خلقة الله الكريمة الشريفة". ولما رأيت البعض يصر على أن يردد "النباح" نفسه، عن عمد وترصد، سجلت لقطة أخرى سريعة تقول: "أحبب من شئت فإنك مفارقه، واكره من شئت فأنت أيضًا مفارقه، وليكن خلافك معه خلاف المحب الناصح له، لا خلاف الكاره الحاقد عليه الذي يتمنى زواله من الدنيا.. إن كل ما قلته فيه أو كتبته فيه محسوب عليك، وقد سجل عليك الملكان (رقيب وعتيد) كل ذلك، وصعدت به ملائكة الله الكرام إلى الله العلي الكبير، فوق عرشه العظيم، يشهدون به عليك، فتجمل مع رسل ربك الكرام البررة، واملأ صحيفتك بالقول الحسن المأمور به من قبل الله تعالى، بقوله للناس جميعًا، كافرهم قبل مسلمهم وطالحهم قبل صالحهم: {وقولوا للناس حسنًا}. وأختم هنا مذكرًا: هل نلتزم بآداب الله تعالى في كتابه الخالد ونكون مسلمين بحق إخوان في الإنسانية فلا نخرجها إلى الحيوانية؟ أم سنظل نتناحر ونتقاتل ونعود للحالة التي حذر منها رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا تعودوا كفارًا يضرب بعضكم رقاب بعض"؟! *************************************************** ◄◄عزاء واجب ◄أتقدم بخالص العزاء إلى الشعب المصرى فى فقيدهم الغالى (الإعلام الصادق) حيث صارع الفقيد المرض فى الخمسة أيام السابقة، ولكن شاء الله أن يرفع روحه إليه ليحاج الناس به يوم القيامة.. ملحوظة: العزاء بخيمة الحيادية.. شارع الصحافة.. ميدان الحرية. = أحسن الله عزاءكم – الصحفي هاني أنيس - والبقاء لله وحده، ولا أراكم الله مكروهًا في إعلام عزيز عليكم. ◄◄قالت الحكماء "إذا كرهت أحداً فلا تبدي كرهك، فربما تحبه غداً.. وإذا أحببت أحداً فلا تفشي له بسرك فربما تكرهه غداً". دمتم بحب عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.