يلقي الرئيس محمد مرسى، خطابًا غداً قبل أقل من أسبوع على مظاهرات 30 يونيه التي دعت إليها قوى معارضة لسحب الثقة منه وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، فيما ينتظر أن يكشف عن تفاصيل خطيرة بشأن ما قالت مصادر مقربة من مؤسسة الرئاسة بأنها "مؤامرة تتعرض لها مصر من الداخل والخارج". وقالت إن مرسي سيكشف خلال الكلمة التي سيلقيها من قاعة خوفو بالمركز القومي للمؤتمرات "معالم المؤامرة التي تستهدف قلب نظام الحكم وإشاعة الفوضى مع عرض تسجيلات صوتية وتقارير مقدمة من أجهزة أمنية سيادية تثبت ضلوع هؤلاء في مؤامرة تستهدف إشاعة أجواء الاضطراب وإثارة الفتن في الثلاثين من يونيه". وألمحت إلى أن الرئيس قد يصدر أوامر للأجهزة الأمنية بشن حملة اعتقالات موسعة على عشرات من الإعلاميين ورموز جبهة الإنقاذ والتيار الشعبي، وفي مقدمتهم إبراهيم عيسي وتوفيق عكاشة وعمرو أديب ويوسف الحسيني وعبد الرحيم علي. وستضم قوائم مَن سيتهمهم الرئيس في خطابه عددًا من أصحاب من القنوات الفضائية ورموز حركة تمرد والداعمين لها حيث سيطالب الرئيس النائب العام باتخاذ خطوات جادة ضد المتهمين. ووجهت رئاسة الجمهورية دعوات لقادة جبهة الإنقاذ لحضور خطاب الرئيس الأربعاء، والذي سيتم بحضور كبار رجال الدولة، والقوى السياسية، والأزهر والكنيسة، وممثلى النقابات المهنية. وقالت الدكتورة باكينام الشرقاوى، مساعد رئيس الجمهورية للشئون السياسية، إن الرئيس مرسى سوف يقدم خلال خطابة للشعب كشف حساب عن حصاد عام منذ توليه السلطة حتى الآن، مشيرة إلى أنه تقليد ديمقراطي يعبر عن إعلاء قيم الشفافية والمسئولية من رئيس منتخب. وقال على عبد الفتاح، القيادي بجماعة الإخوان المسلمين، إن الخطاب سيسير في اتجاه المصارحة السياسية بالمعوقات التي تقابل مؤسسة الرئاسة، مشيرًا إلى أنه سيكون مماثلا لخطاب ستاد القاهرة، عقب انتهاء المائة يوم الأولى من حكمه. وأشار إلى أن الرئيس قد يكشف خلال الخطاب عن المؤامرات التي تحاك ضد النظام الحالي، والإعلان عن الشخصيات الممولة من الخارج بعد أن وصلت الأوضاع لهذه المرحلة المتأزمة. ورجح جمال نصار، رئيس منتدى السياسات والاستراتيجيات البديلة والمستشار الإعلامي للمرشد السابق لجماعة "الإخوان المسلمين"، أن يعلن الرئيس موافقته على إجراء استفتاء شعبي حول استكمال مدة رئاسته، معتبرًا على أن القرارات الجريئة والجديدة هى الوحيدة الكفيلة بالخروج من الأزمة الحالية. وأضاف أن الإعلان عن إجراء استفتاء شعبي سيلقى استحسان باقي القوى السياسية، وسيحد من موجة العنف المتوقع اشتعالها يوم 30 يونيه. في المقابل أعلنت قوى ثورية رفضها لأي اقتراحات يقدمها الرئيس محمد مرسى لإجهاض فعاليات يوم 30 يونيه، مشددة على إصرارها على خطة التظاهر لإسقاطه. وتوقع هيثم الشواف، منسق عام تحالف القوى الثورية، أن تتضمن خطة مرسى عددًا من نقاط التهدئة لإجهاض يوم 30 يونيه، مؤكدًا أن الرئيس لن يقدم أي تنازلات ترضى القوى الثورية خلال خطابه. واعتبر أن الرئيس يمارس نفس أسلوب النظام السابق في آخر أيام له بل تفوق عليه، حيث استطاع إشعال الفتن بين جميع أطياف الشعب، على حد قوله، مطالبًا جموع الشعب المصري بالتواجد في ميدان التحرير خلال الخطاب للتعبير عن رد فعل وقتي على الخطاب. الأمر ذاته أكدته عبير سليمان، عضو المكتب السياسي لتكتل القوى الثورية الوطنية، متوقعة أن تفشل إجراءات الرئيس لاحتواء موقف المعارضة وإجهاض فعاليات 30 يونيه. وأكدت رفض القوى الثورية أي محاولات لاستمراره في الحكم، مشددة على مطلب إجراء انتخابات رئاسية مبكرة. وأشارت إلى تواجد القوى الثورية بميدان التحرير لسماع الخطاب، للرد عليه، لافتة إلى أنها بدأت بالفعل في تطهير الميدان، وتشكيل لجان شعبية من مختلف القوى السياسية. يأتي هذا في الوقت الذي كشف القيادي الجهادي البارز محمد أبو سمرة، عن وجود اتصالات سرية بين مؤسسة الرئاسة وشخصيات داخل جبهة الإنقاذ بوساطة من شخصيات رفيعة المستوى داخل المجلس الأعلى للقوات المسلحة للبحث عن تسوية للأزمة قد تتمخض عن إقالة هشام قنديل وإحالة أمر النائب العام لمجلس القضاء الأعلى وغيرها من الخطوات الساعية لتسوية الأزمة. يأتي هذا فيما ترددت شائعات قوية أيدها الصحفي مصطفى بكري في تغريدة لها على موقع "تويتر" عن توقيع الرئيس الدكتور محمد مرسي قرارًا بإقالة وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي في إطار غضب الرئيس على التهديدات التي أطلقها خلال اللقاء التثقيفي له بضباط وصف القوات المسلحة. وزادت هذه الشائعات من أجواء الغموض التي تسود العلاقة بين الرئيس محمد مرسي ووزير دفاعه في ظل رفض الرئاسة لأي احتمالات لعودة الجيش للساحة السياسية أو لعبه دورًَا سياسيًا خصوصًا بعد أن رجحت مصادر أن تصريحات السيسي وتحديد مهلة لجميع القوى السياسية للتوافق لم تتم بالتنسيق مع الرئاسة. غير أن الدكتور طارق فهمي أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاهرة، أكد أن العلاقة بين الرئيس مرسي ووزير دفاعه تبدو طبيعية جدًا ولا توجد أي معلومات مؤكدة عن إقالة الرئيس لوزير دفاعه، مشيرًا إلى أن الجيش يترقب فقط التطورات على الساحة السياسية دون أن يسعي للتدخل في المشهد بصورة مباشرة. وشدد على أن الجيش لن يتدخل في المعادلة السياسية ولكنه سينحاز للشعب في حالة وجود حشود بالملايين في الشارع تطالب بانتخابات رئاسية مبكرة أو في حالة اقتراب البلاد من احتراب أهالي، مشددًا على أن الجيش لن ينحاز لفصيل على حساب الآخر. وشدد فهمي على أن خطاب الرئيس مرسي اليوم الأربعاء سيكون مؤثرًا جدًا على المشهد السياسي، مشددًا على أهمية أن يتضمن هذا الخطاب إجراءات تغيير جذرية في أسلوب إدارة الدولة وليس خطوات مثل إقالة هشام قنديل وإبعاد النائب العام عن منصبه بل إجراءات تحد من هيمنة جماعة الإخوان وتشكيل حكومة ائتلافية تضم جميع القوي الوطنية. ونبه إلى أنه وبدون حدوث تغييرات دراماتيكية فلن يكون خطاب الرئيس مؤثرًا في الساحة السياسية ولن يتمكن من تغيير قواعد اللعبة بل سيزيد الوضع تعقيدًا.