في إطار توجيهات الرئيس مبارك للمحافظين بتطبيق القانون وحماية أرواح المواطنين وتحقيق المساواة للجميع أمام اللوائح ، وهي التوجيهات والتعليمات التي كانت تتصدر صفحات الصحف القومية وتباهي بها الدولة شعبها وتطمئنه إلى أن هناك دولة القانون ، قرر محافظ القاهرة عبد العظيم وزير بدء تنفيذ قرارات الإزالة التي انتهت إليها الجهات الهندسية والقانونية والإدارية في المحافظة والمجلس الشعبي المحلي للقاهرة تجاه مخالفات كثيرة ارتكبها النائب البرلماني عن مدينة نصر المليونير مصطفى السلاب وأفراد من عائلته متحصنين بنفوذهم السياسي والبرلماني والمالي ، وباعتبار أن السلاب من رجال أحمد عز المقربين ، وقد ارتكب أكثر من سبعة عشر مخالفة بناء وتراخيص وغيرها ثقة منه في أن أي مسؤول لن يجرؤ على الاقتراب منه ومن عائلته أو أن يفكر في أن يطبق عليه القانون واللوائح التي وضعت "للرعاع" فقط ومن لا ظهر لهم عند "المماليك" الجدد ، وعندما علم السلاب بمذكرة الجهات الهندسية والقانونية وعزم محافظ القاهرة على تنفيذ قرارات الإزالة والتعديل ، لم يلجأ إلى الجهات المختصة ، الجهات القانونية والقضائية ، وإنما لجأ إلى "أنصاره" وحماته في مجلس الشعب لكي يبسط عليه الحماية من القانون ومن اللوائح ومن القواعد التي قررتها الحكومة ذاتها ، وهيج السلاب الدنيا على المحافظ وأوحى بأنه يتحرش به ويستهدف إيذاءه لرفضه إزالة مخالفات عزبة الهجانة ، وكلام في "الهجايص" على هذا النحو ، وعلى الفور استدعى أحمد عز وزير الإسكان الذي حضر كالبرق إلى البرلمان وطلب عز من الوزير إصدار قرار فوري يلغي قرار المحافظ بإزالة تعديات أسرة السلاب على القوانين والنظم والقواعد ، فخاف الوزير المختص أن يرتكب مثل هذه "الحماقة الإدارية والقانونية" فطلب عز من سرور الاتصال برئيس الوزراء أحمد نظيف ، الذي أصدر أمرا فوريا بتعليق قرارات المحافظ ولجانه الهندسية والقانونية والإدارية ، وطظ في القانون واللوائح والقواعد ، وهل كانت البلد تمشي بالقواعد من قبل ! ، وادعى السلاب أن لديه أحكاما قضائية تبرئ ساحته وأسرته من تجاوز القواعد ، ولم يطالبه أحد بإبراز هذه الأحكام ، كما لم يذكره أحد بالمنطق البديهي ، وهو : إذا كنت تدري أن هذه المسائل يفصل فيها القضاء وتملك كما تقول سندا من القضاء فلماذا حرضت البرلمان على التدخل في شؤون القضاء ، ولماذا لم تلجأ إلى القضاء ، المهم أن الدكتور أحمد فتحي سرور حتى يخفف من الفضيحة ، قال أنهم طلبوا تشكيل لجنة هندسية وقانونية وإدارية لدراسة الملف وتعاين المواقع المشار إليها على الطبيعة وتقديم الصورة النهائية إن كانت هناك تجاوزات وتعديات بالفعل لأسرة السلاب أم أنها تحرش من المحافظ ، ورغم أن هذا الكلام فيه إهانة شديدة وسحب للثقة من المحافظ كانت كافية لعزلة ، لو صحت ، إلا أن الحكاية مرت ، وانتظرنا اللجنة التي شكلها البرلمان والمحافظة ، وفي منتصف مارس الماضي أصدرت اللجنة التي رأستها الدكتورة أميمة صلاح الدين تقريرها الذي أثبت صحة جميع ما ورد في مذكرة محافظة القاهرة من تعديات ومخالفات صارخة لأسرة السلاب ، تتجاوز سبعة عشر مخالفة قانونية وهندسية وإدارية ، ورفعت اللجنة مذكرتها إلى الدكتور فتحي سرور ، وحتى الآن وقد تجاوز استلام المذكرة شهرا كاملا ، وبرلمان عصر القانون يرفض مناقشة التقرير أو عرضه على الأعضاء ، لأنه باختصار ، فضيحة ، ولأن برلمان الحزب الوطني يريد أن يبعث برسالة إلى الجميع ، بأن الحزب فوق القانون ، ومصالح أعضاء الحزب قبل القانون ، وأن القانون واللوائح والقواعد في بلادنا يمكن أن تداس بالأقدام إذا تعارضت مع مصالح رجال الحزب ، بقي أن أشير إلى أن المجلس الشعبي المحلي لمحافظة القاهرة كان قد عقد اجتماعا للنظر في ملف القضية وانتهى إلى ما نصه "أن القرارات التي اتخذتها محافظة القاهرة تجاه مخالفات أسرة النائب مصطفى السلاب وعائلته تستند إلى نص القانون وروحه وأنها مثبتة بالمستندات والصور والتواريخ" ، هذا مجرد ملمح صغير من الفوضى التي تعيشها مصر كدولة الآن ، عندما تشيخ السلطة ، وترتخي قبضتها على الإدارات والمؤسسات المختلفة ، فتتحول البلد إلى عزب ومناطق نفوذ وهيمنة وبلطجة أحيانا لمراكز قوى جديدة خارج إطار القانون ، وخارج منطق الدولة . [email protected]