تبدأ غدا "الخميس" أخطر وأعنف مواجهة بين القضاة والحكومة منذ اشتعال الأزمة بينهما في مايو من العام الماضي حيث من المقرر أن تستأنف لجنة الصلاحية محاكمة المستشارين محمود مكي وهشام البسطويسي نائبي رئيس محكمة النقض على خلفية تصريحاتهما المنددة بتزوير الانتخابات ، وهى الجلسة المؤجلة منذ السابع والعشرين من ابريل الماضي. ووسط إصرار من جانب نادى القضاة على حسم الطلب المقدم من مكي والبسطويسي لرد رئيس مجلس التأديب و3 من رؤساء محاكم الاستئناف باعتبار أنهم طرف في الخصومة ، واصل القضاة تحركاتهم القانونية لمواجهة مجلس التأديب فضلا عن بحث الوسائل التصعيدية والاستعداد لوقفة الخامس والعشرين من مايو الجاري في حال عدم استجابة الحكومة ممثلة في وزارة العدل لمطالبهم. ورجحت مصادر مطلعة بنادي القضاة صدور قرار بتأجيل المحاكمة مرة أخرى ، مشيرة إلى وجود اتجاه حكومي لتهدئة الأوضاع مع القضاة خاصة في ظل حالة الإصرار من جانب النادي على تحقيق مطالب المستشارين مكي والبسطويسي برد رئيس المجلس ورؤساء محاكم الاستئناف الأعضاء في المجلس ، فضلا عن تحقيق مطالب القضاة عامة والمتمثلة في إقرار مشروع قانون السلطة القضائية حسبما أعده نادى القضاة . واستندت المصادر في ذلك إلى تأجيل النظر في الاستئناف المقدم من مكى والبسطويسى في قرار إحالتهما إلى مجلس التأديب حتى الثامن والعشرين من مايو الجاري. وفى إطار التضامن مع القضاة ، أعلنت القوى والأحزاب السياسية والحركات المطالبة بالتغيير ومنظمات المجتمع المدني تضامنها الكامل مع القضاة وأكدت على حقهم في قانون يحقق الاستقلال التام للقضاء عن السلطة التنفيذية وحقهم في إبداء الرأي فيما يتعلق بمعايير مهنتهم وفقا للقانون والدستور. وحذرت هذه القوى ، في بيان مشترك لها صدر أمس ووقعت عليه 8 أحزاب سياسية و4 حركات مطالبة بالتغيير فضلا عن نقابتين مهنيتين وجماعة الإخوان المسلمين ، الأجهزة الأمنية من استغلال موقف القضاة والقوى المتضامنة معهم من اجل خلق صدامات بينها وبين الناشطين السياسيين واعتقال المزيد منهم . ودعا البيان المواطنين للتضامن معها في التظاهرة المقرر لها غدا أمام دار القضاء العالى من اجل دعم مطالب القضاة باستقلال السلطة القضائية. على جانب آخر ، لاقت المبادرة التي أعلن عنها مؤخرا سامح عاشور نقيب المحامين ، والتي تقضى بدراسة مشروعي قانون السلطة القضائية الذي تقدم به كل من المجلس الأعلى للقضاء ونادى القضاة وتأجيل النظر في جلسة التأديب إلى أكتوبر القادم لاقت ردود أفعال متباينة سواء في الشارع السياسي أو بين أوساط المحامين أنفسهم. ففي الوقت الذي اعتبرته أوساط المحامين رغبة من النقيب في تصحيح موقفه تجاه أزمة القضاة خاصة بعد أن اتسم موقفه بالسلبية تجاه الأزمة إلى الدرجة التي وصفته بعض الأوساط بأنه ضد القضاة والمحامين على حد سواء فضلا عن الاتهامات التي وجهها له مجلس النقابة بأنه كان سلبيا تجاه أزمة القضاة منذ بدايتها ودللوا على ذلك بإغلاق النقابة أمام المتظاهرين المتضامنين مع القضاة أكثر من مرة. وذهبت مصادر قضائية – رفضت الكشف عن نفسها – إلى حد وصف مبادرة عاشور بأنها "ورقة حكومية" أخرى تلعب بها وزارة العدل مع القضاة بعد أن خسرت الوزارة ورقة المستشار عدلي حسين واستندت في ذلك إلى تأكيد المبادرة على تأجيل نظر طلب تحويل مكى والبسطويسى إلى المحاكمة التأديبية حتى شهر أكتوبر القادم وهو الأمر الذي رجحته المصادر القضائية . وأشارت المصادر إلى أن عاشور يقوم بدور " المحلل" في الأزمة التي اندلعت بين القضاة والحكومة منذ فترة طويلة والتي ظهرت بوادرها في مايو من العام الماضي. واعتبرت المصادر أن رفض عاشور انتخاب أعضاء مجلس القضاء الأعلى هو وجهة نظر تخصه ، مشيرة إلى أن مطالب القضاة بانتخاب أعضاء المجلس ليس بدعة لكن هذا النظام كان معمولا به قبل مذبحة القضاء الشهيرة في عام 69 ، وكان مجلس القضاء الأعلى بالانتخاب ولم يتسبب ذلك في أي انقسامات أو أي خلافات بل كان المجلس يقوم بدوره على أكمل وجه في الدفاع عن مصالح ومطالب القضاة. وشددت المصادر على أهمية أن يأتي مجلس القضاء منتخبا من جموع القضاة حتى يكون معبرا عن مطالبهم ولا ينحاز للسلطة التنفيذية التي قامت بتعيين أعضائه ، وهذا لا يمثل وجهة نظر مجلس إدارة نادي أعضاء القضاة فقط إنما هي مطلب لجموع القضاة الذين وافقوا على مشروع السلطة القضائية في جمعيتهم العمومية في محاكم الجمهورية عندما تم طرحة للنقاش.