دخل الصراع بين القضاء والنظام منعطفا جديدا من التوتر إثر فشل جهود الوساطة المتتالية في إقناع القضاة بالتراجع عن مطالبهم المشروعة ومساعيهم لصيانة استقلال القضاء خصوصا بعد تنامي يقين داخل النادي بعدم وجود نية لدي الحكومة للوصول إلى حل للأزمة وأن حديثها عن محاولات للحل ما هو إلا مسعى لخداع الرأي العام. وكشفت مصادر وثيقة الصلة بالنادي أن القضاء منتبهون لمثل هذه المساعي الخبيثة ومن ثم فقد أصدر مجلس إدارة النادي أمس بيانا أكد فيه تمسك القضاة بمطالبهم المشروعة ، خصوصا أن وزارة العدل مستمرة في نظر قضية إحالة المستشارين مكي البسطويسي إلى لجنة الصلاحية ولم يقدم أي بادرة على تجميد الإحالة . وأكد نادي القضاة في البيان تمسكه بمطالبه وهي " إصدار قانون جديد يكفل استقلال السلطة القضائية وتعديل قانون مباشرة الحقوق السياسية ليضمن إشرافا حقيقيا للقضاة على الانتخابات الرئاسية والبرلمانية والمحلية". وشدد النادي على انه سيواصل "التحقيق في الشكاوى التي وردت إليه بشان (تزوير) الانتخابات". وتعهد النادي أن "يبقى قضاة مصر معبرين عن ضمير أمتهم" مجددا مطالبته "بتحقيق أمل الأمة في العدل وحلمها في الإصلاح وإقامة حياة ديموقراطية حقيقية من خلال انتخابات نزيهة وتداول حقيقي للسلطة وإنهاء حالة الطوارئ وإلغاء كل القوانين الاستثنائية وإطلاق حرية التعبير وحرية تكوين الأحزاب والنقابات". وكانت محكمة الاستئناف قد قررت أمس تأجيل النظر في الطعن بقرار إحالة المستشارين البسطويسي ومكي إلى مجلس التأديب إلى 28 مايو الجاري. ولكن هذا الطعن لا يمنع استمرار جلسات محاكمة القاضيين أمام مجلس التأديب التي بدأت في 27 ابريل الماضي وتستأنف الخميس المقبل. وصرحت المحكمة لكل من مكي والبسطويسي باستخراج صور رسمية من قرار مجلس القضاء الأعلى برفع الحصانة عنهما وقرار وزير العدل بإحالتهم لمجلس تأديب وهو موقف كان قد طالب به المستشار مكي والبسطويسي وهددا باللجوء إلى جهات تحكيم دولية إذا لم يتوافر لهما كافة اشتراطات النزاهة والعدالة في نظير قضيتهما . من جانبها ، أشارت مصادر قضائية إلى أن الحكومة لم تتخذ أي خطوات جادة تعبر عن حسن النوايا سواء بتسريع خطوات إرسال مشروع السلطة القضائية إلى البرلمان أو الكف عن استخدام العنف ضد المتضامنين مع القضاة. ورجحت المصادر فشل اللقاء الذي سيعقده الدكتور فتحي سرور رئيس مجلس الشعب والمستشار عادل قورة رئيس محكمة النقض السابق مع المستشار فتحي خليفة رئيس مجلس القضاء الأعلى للوصول إلى حل للأزمة ، مشيرة إلى أن القضاة لا يعطون لمثل هذه اللقاءات أي أهمية كما أن محاولات الوساطة التي تقوم بها العديد من الأطراف لم يثبت جديتها وأنها لا تتعدي مطالبة القضاة بفض اعتصامهم في مقر النادي بالقاهرة والإسكندرية فقط دون أن تقدم أي تنازلات في المقابل . وأكد المستشار محمود رضا الخضيري رئيس نادي قضاة الإسكندرية أن الرسالة التي تضمنها بيان القضاة الجديد هي أن القضاة مستمرون في صمودهم ومعركتهم من أجل تحقيق استقلالية القضاء عبر إطلاق قانون السلطة القضائية ورفض أي تعديلات أدخلها مجلس القضاء الأعلى على مشروع القانون الذي أعده نادي القضاة كما أنهم متمسكون بالتحقيق في الشكاوى التي وردت إليهم فيما يتعلق بارتكاب وقائع تزوير في عدد من الدوائر الانتخابية. وأضاف الخضيري أن دلالة إصداره مثل هذا البيان في هذا التوقيت يقطع الطريق على أي تكهنات بتراجع القضاة عن مطالبهم مقابل إلغاء القرار الإداري بإحالة المستشارين محمود مكي وهشام البسطويسي نائبي رئيس محكمة النقض لمجلس الصلاحية ، مشددا على أن القضاة في حالة حشد وتعبئة لمواجهة تعنت الحكومة حيال مطالبهم الإصلاحية. من جهته ، استبعد المستشار محمود مكي نائب رئيس محكمة النقض أي انفراجة للأزمة القائمة بين القضاة من جهة ومجلس القضاء الأعلى ووزارة العدل من جهة أخرى ، لأن القضاة لن يتنازلوا عن أي مطلب من مطالبهم بالإصلاح والاستقلال القضائي فهذه خطوط حمراء للقضاة لا يمكن الاقتراب منها ، مهددا باللجوء إلى جهات دولية للتحقيق في قرار إحالتهم إلى مجلس الصلاحية الغير دستوري إذا لم تكن هناك أي ضمانات عدالة وإنصاف في هذه المحاكمة.